اطبع هذه الصفحة


ولكم في القصاص حياة

محمد حسن يوسف
باحث دكتوراه في الإدارة العامة


قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) – سورة البقرة: الآية 179. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: وفي شرع القصاص لكم وهو قتل القاتل حكمة عظيمة لكم، وهي بقاء المهج وصونها، لأنه إذا علم القاتل أنه يقتل انكف عن صنيعه، فكان في ذلك حياة النفوس. وفي الكتب المتقدمة: القتل أنفى للقتل، فجاءت هذه العبارة في القرآن أفصح وأبلغ وأوجز.

وقال أبو العالية: جعل الله القصاص حياة، فكم من رجل يريد أن يقتل، فتمنعه مخافة أن يقتل .

إن كفالة تحقيق القصاص من الجاني تؤدي لهدوء النفوس واستقرار المجتمع. فلو تكفل كل فرد بأخذ القصاص بيديه، لأدى ذلك الى تشتت جهود الجميع، وضياع الحقوق بين الأفراد. أما حين يتكفل المجتمع، ممثلا في شخص القائم على أمره، بأخذ القصاص من الجناة، فإن ذلك يؤدي لإشاعة الطمأنينة بين الأفراد وتفرغهم لأجل معاشهم وأعمالهم.

كما أن عدم القصاص يؤدي بأهل الضحية لكي يصبحوا فريسة الأوهام الطائشة الناتجة عن حزنهم الذي سيظل مكبوتا. وهكذا من الممكن أن يقعوا فريسة سهلة لأي تنظيمات عصابية تلقي في روعهم إمكانية الإتيان بحقهم إذا ما انضووا تحت لوائها. ومن هنا تتمدد التنظيمات الإرهابية وتكتسب أراضٍ جديدة سهلة، لم يكن من الممكن الحصول عليها إذا ما قام المجتمع بتطبيق القصاص العادل.

وليس من شك في أن ما تحياه مصر خلال السنوات الأربع المنصرمة إنما هو نتاج عدم تطبيق قصاص عادل لما يحدث من قتل وإصابات وسرقات لم يُعرف فاعلها الحقيقي على وجه اليقين حتى الآن. وهكذا نظل ندور في هذه الحلقة المفرغة من الأحداث الدامية التي تمتد كل يوم لتحتل مكانا جديدا لم تسبق إليه من قبل، وتخطف في طريقها أبرياء جدد.

إذا أردنا لهذا المسلسل العشوائي الانتهاء فلابد لنا من إقامة قصاص عادل يضع نهاية لهذه الدماء المتناثرة بلا ذنب جنته أو جريمة اقترفتها. حين يبدأ القصاص ممن تتلطخ أيديهم بالدماء – أيا ما كانوا – فسوف تهدأ النفوس ويستقر المجتمع، ويتجه نحو البناء بدلا من الهدم والتشرذم الذي نعاني ويلاته طيلة الأعوام السابقة.

(16 فبراير 2015م – الموافق 27 ربيع الآخر 1436هـ)

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية