اطبع هذه الصفحة


أليس في الإسلام خلاص البشرية؟!!!

محمد حسن يوسف

 
ألم يأنِ لنا أن نعود إلى الإسلام؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
ألم يأنِ لنا أن نتحلى عن النظم الاقتصادية المقتبسة التي أثبتت فشلها بعدما أدت إلى تدمير القيم الإنسانية وفنائها؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
ألم يأنِ لنا أن نقف مع أنفسنا ونحتكم إلى العقل في الاختيار؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
أسئلة وتساؤلات حائرة تتردد في النفس كثيرا، بعدما استشرى الفساد وغاب الحق وضاعت القيم. ماذا حدث لعالم الإنسانية اليوم؟ لقد أصبحنا في عالم تحكمه المادة بدلا من أن يتصف بالوفاء، وتموج فيه الرذيلة بدلا من أن تسود فيه الفضيلة‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
حقا ما أتعسنا نحن عالم اليوم، لقد بعدنا عن الحق وتباعدنا عن الدين، وأخذنا نلهث وراء قيم غريبة لا تمت إلينا بصلة، وأصبحنا نرددها بحماس. وكان الأولى بنا أن نرجع إلى الفطرة المتأصلة فينا!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
حقا ما أبعد الشقة بين عالم المسلمين اليوم وعالم المسلمين أبان ظهور الإسلام. لقد بدأ الإسلام وانتشر على أنقاض إمبراطوريتين عظيمتين في ذلك الوقت، هما إمبراطورية الروم وإمبراطورية الفرس. ولم يكن ذلك إلا بفضل التمسك بالقيم الجديدة التي كانت تُخضع الفرد لمحاسبة النفس قبل محاسبة الآخرين، وتضع كرامته فوق كل اعتبار.
أما اليوم، فإننا نسعى لتطبيق النظم الاقتصادية المقتبسة سواء الاشتراكية أم الرأسمالية، بكل ما يحملهما هذان النظامان من قيم وأفكار. وهذا ما حدا بأحد المستشرقين الإنجليز المعاصرين، وهو البروفيسور " جب "، للقول: " الواقع أن الإسلام كعقيدة لم يفقد إلا قليلا من قوته وسلطانه، ولكن الإسلام كقوة مسيطرة على الحياة الاجتماعية قد فقد مكانه، فهناك مؤثرات أخرى تعمل إلى جانبه، وهي – في كثير من الأحيان – تتعارض مع تقاليده وتعاليمه تعارضا صريحا، لكنها تشق طريقها – بالرغم من ذلك – إلى المجتمع الإسلامي بقوة وعزم ".
لقد مر علينا وقت ما رددنا فيه الشعارات الاشتراكية. ثم أتى وقت آخر تمسكنا فيه بالرأسمالية وسعينا وراءها. فماذا حدث لتلك الثقافتين في عقر دارهما؟
لقد تقوضت الشيوعية وانهارت النظم الاشتراكية التي كانت تدعو لتطبيقها. فقد دعت الاشتراكية إلى السيطرة الجماعية على وسائل الإنتاج باعتبار أن ذلك هو أفضل السبل للانتاج المادي وزيادته. وبذلك كان الإنتاج يتم في ظل رقابة الدولة، ويتم التوزيع وفقا لمبدأ " من كلٍ بحسب قدرته، ولكلٍ بحسب عمله "، حيث اُعتبر ذلك هو المرحلة الدنيا للاشتراكية، التي تتطور فيما بعد لتصبح " من كلٍ بحسب طاقته، ولكلٍ بحسب حاجته ".
ولكن لم تتحقق مطلقا مثل هذه المبادئ، بعد أن ظن الفرد أن فيها خلاصه. وعلى العكس من ذلك، فقد كان الركن الأساسي الذي بُنيت عليه تلك النظرية، هو العامل الرئيسي وراء انهيارها واندحارها. وتكشف معدلات الدخل الفردي عن تحقيق أدنى مستوياتها في دول الكتلة الاشتراكية السابقة. وكان الإنسان في ظل هذا النظام من أكثر الأفراد بؤسا وشقاء في العالم، وهذا ما دعاه للثورة عليها والتحول إلى نظم أخرى بديلة عنها.
أما النظام الرأسمالي – رغم ابتهاجه بتلاشي عدوه اللدود " الشيوعية " واختفائه – فلا أعتقد أنه سيصمد للبقاء طويلا. وتدلنا التجربة التاريخية على تعرض النظام الرأسمالي للتصدع بالفعل، وأنه كان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار – قبل أن يحدث ذلك للنظام الاشتراكي بوقت طويل – وذلك خلال أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات من القرن العشرين، فيما عُرف أثناء ذلك بالكساد الكبير.
وبعد أن استعد العالم بالأكفان والحنوط لتشييع النظام الرأسمالي إلي مثواه الأخير، وتم تجهيز مقالات التأبين التي ستُلقى في ذكراه، إذا به يُبعث من جديد، ولكن لأسباب لا تمت للإنسانية بصلة. فقد لاحت تباشير الحرب ودارت عجلة المصانع، بعد طول توقف، لإنتاج أسلحة الدمار. وهكذا كان انبعاث النظام الرأسمالي سببا في شقاء البشرية. أما الآن، وبعد انتهاء الحرب الباردة وإغلاق مصانع المعدات الحربية، فإن الرأسمالية تترنح في عقر دارها.
لقد دخل النظام الرأسمالي في مرحلة انكفاء أخرى لا أظن أنه سيستعيد توازنه سريعا منها، إن كان له أن يخرج منها على الإطلاق. ويتصدع اقتصاد أعتى الدول الرأسمالية الآن من جراء معدلات التضخم المتسارعة التي تأكل معها زيادات الأجور المتباطئة. وتتزايد معدلات البطالة إلى مستويات لم تصل إليها من قبل. فتطالعنا الصحف بأنباء تسريح آلاف العمال في أكبر مصانع إنتاج السيارات في الولايات المتحدة، وفي الصناعات المغذية لصناعة السيارات – مثل الحديد والصلب والمطاط ... الخ. وفي هذا ما يشير لشقاء قطاعات واسعة من البشر في دول النظام الرأسمالي.
ومن المؤكد أنه لا خير لنا في أيٍ من هذه النظم جميعا. فلكل منها عيوبه الفاحشة، كما أن له حسناته الواضحة. وقد نشأت هذه النظم في بيئة غير أرضنا، لأوضاع غير أوضاعنا، ومجتمعات فيها غير ما في مجتمعاتنا. فضلا عن أن بين أيدينا النظام الكامل الذي يؤدي إلى الإصلاح الشامل، في توجيهات الإسلام الحنيف، وفيما وضع للاقتصاد القومي من قواعد أساسية لو علمناها وطبقناها تطبيقا سليما لانتهت كافة مشاكلنا، ولظفرنا بكل ما في هذه النظم من حسنات، وتجنبنا كل ما فيها من سيئات، ولعرفنا كيف ترتفع مستويات المعيشة، وتستريح جميع الطبقات، ولوجدنا أقصر الطرق إلى الحياة الطيبة.
فإلى متى سنظل في سباتنا نائمين؟!
وإلى متى سنظل في أماكننا قابعين؟!
وإلى متى سنظل في ضلالنا ماضين؟!
لقد آن الأوان لكي نفيق ونصحو. ولعل ما يحدث حولنا يدق لنا ناقوس الخطر المحدق بنا. إن المؤامرات تُحاك من أجل تدمير العالم الإسلامي، من خلال العوامل الاقتصادية بالأساس، ولكن ليس هناك من يريد الانتباه لذلك.
إن العلاج يكمن فينا نحن – في أنفسنا. لقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ َلا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ ] الرعد: 11 [. فهل سنعمل على إصلاح ذات بيننا؟!! ليبدأ كل منا بنفسه ... ليتحلى كل منا عما دأب عليه من كسل وتراخٍ، وليبدأ مرحلة جديدة من النشاط والجد. لنتخلى عما وقر في أنفسنا من إتباع لقيم وأفكار تبعد كل البعد عن ثقافتنا وديننا، ولنبدأ في تطبيق تعاليم وأوامر ديننا، الذي أثبت أنه صالح لكل زمان ومكان، ولكننا مع الأسف مستمرون في هجرانه والبعد عنه!!
 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية