اطبع هذه الصفحة


تزايد النزعة الدينية لدى البشر

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد  

محمد حسن يوسف

 
بدأ الحضور المتنامي للظاهرة الدينية في المجتمعات المعاصرة يتجه لكي يصبح اتجاها كونيا، بما في ذلك الدوائر الحضارية للديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. وفي هذا الإطار، يمكننا فهم مقولة الأديب الفرنسي أندريه مالرو: "سيكون القرن الواحد والعشرين دينيا أو لن يكون".[1]
فبعد ما يربو عن قرنين من الزمان، تجد الدولة العلمانية نفسها وهي تحكم مجتمعا يتدين بتصاعد كما كشفت عن ذلك الاستطلاعات والدراسات المتعددة، وهذه مفارقة مقلقة جدا للدولة العلمانية، أثارها أكثر من مفكر ومحلل سياسي ورجل دين، خاصة في المناقشات الدائرة اليوم حول منع العلامات الدينية من الظهور في المدارس والمؤسسات العمومية، فكيف يقبل ويعقل أن يكون المجتمع غير علماني، بل متدينا، في حين أن دولته علمانية بنص الدستور. أما أعضاء الحكومة فيقفون في منزلة بين المنزلتين: بين المجتمع المتدين والدولة غير المتدينة ... ومن المسلم به في الحداثة المعاصرة أن فرنسا هي رائدة فصل الدين عن السياسة منذ ثورتها الشهيرة عام 1789، حيث صاحت الأصوات مرددة بحماس وقوة: "اشنقوا آخر الملوك بأمعاء آخر قسيس"، وفي تلك الأجواء الحامية ظهرت الدولة العلمانية وتطورت ونمت حتى فصلت في الجو المشحون بين الدين والدولة جاعلة ما لله وما لقيصر لقيصر، وتوج ذلك في قانون عام 1905.[2]
لقد كان طغيان الكنيسة الكاثوليكية في المجالين الديني والدنيوي معا هو المحرك الأساسي لاحتدام الصراع بينها وبين أصحاب السلطة من الأمراء والملوك وأصحاب النفوذ والتطلع الفكري من العلماء والأدباء والفلاسفة.[3] ولذلك أخذ هذا الصراع صورة صراع بين طبقة وطبقة، أو سلطة وسلطة. وعلى أساس من الفصل بين الكنيسة والحكومة، حدّد الغربيون معنى الدين، فأرادوا به التوجيه الروحي للأفراد، كما حددوا معنى الدولة والحكومة، فقصدوا بها تنظيم العلاقات بين الأفراد.[4] وظل هذا الفصل قائما دون المساس بالدين، إلى أن أصبحت مع القرن التاسع عشر ثورة على الدين كله بوجه عام، ودعوة صريحة تنادي بعدم حاجة الإنسان إلى وجود إله، وبالتالي فلا ضرورة ولا أهمية للدين في النشاط الإنساني.[5]
بل نكاد نجزم أنه على الرغم من كل هذا الغلو الإلحادي، إلا أنه لم يستطع أن ينزع الدين من حياة الناس. فالدين أمر فطري فطر الله الناس عليه، بل حتى السياسة لم تستغن عن الدين، ولن تستغنى عن الدين، والفصل التام بينهما يكاد يكون مستحيلا. يقول الزعيم الكبير المهاتما غاندي: " لكي يرى الإنسان روح الحق الكبرى التي تخلل كل شيء وجها لوجه، يجب أن يكون في قدرته أن يحب أدنأ صور الخليقة كما يحب نفسه. والرجل الذي يتطلع إلى ذلك لا قبل له بأن ينعزل عن أي ميدان من ميادين الحياة، وهذا هو السبب الذي من أجله دفعني حبي للصدق والحق إلى ميدان السياسة. وأستطيع أن أقول دون تردد، وفي الوقت نفسه بكل ذل وخضوع: إن الذين يقولون إن الدين لا  علاقة له بالسياسة لا يعرفون معنى الدين ".
فهذا الزعيم الكبير ذائع الصيت، والسياسي النادر الوجود، يرى أن طهارة النفس ضرورية لكل عمل إنساني، وبصفة خاصة لرجل السياسة الذي يدير شئون البلاد والعباد. والنفس البشرية لا تتطهر إلا إذا عرفت الله تعالى حق المعرفة وآمنت به، ومن هنا يمكن أن ندرك قوله: " إن الذين يقولون إن الدين لا  علاقة له بالسياسة لا يعرفون معنى الدين ".

والدليل على ذلك: أنه حتى في الموطن الأصلي للعلمانية في مرحلتها الأولى والثانية، انجلترا وألمانيا وفرنسا، لم يستطع أحد أن ينحي الدين عن الحياة:

- فالتاج البريطاني لم يزل حاميا للبروتستانتية – والملكة هي رئيسة الكنيسة فيها –
- وفرنسا لم تزل حامية للكثلكة في صورة علمية
- والدولة في انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا – رغم إعلان أنها علمانية – تساعد المدارس الدينية من ضرائبها الخاصة التي تجبيها من المواطنين، مع علمها باستقلال هذه المدارس في برامجها التعليمية.
-  ولا يستطيع أحد أن يقول: إن نفوذ الكنيسة الكاثوليكية قد تلاشى في أوربا، بل كانت كلمة البابا ولا تزال تسمع بعناية واحترام، لا في الشئون الدينية فحسب، بل حتى في الشئون السياسية. بل إن البابا السابق يعد من أنشط البابوات في التدخل في القضايا السياسية، ولا ينكر أحد دوره الخطير في تقويض العالم الشيوعي بأكمله، وذلك بتضامنه مع حركة التضامن البولندية – موطنه الأصلي – التي هب العمال فيها العمال هبتهم الكبرى ضد النظرية الشيوعية وضد النظام الشيوعي بكامله.
أليس هذا دليلا على تأثير الدين في حياة الإنسان؟[6]

وبالنظر إلى ما يحدث من تطورات في عالم اليوم، نجد جنوح العالم إلى الدين بشكل لافت للنظر، على النحو التالي[7]:

- امتدادات لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية
-  بروز ظاهرة الديمقراطيات المسيحية التي تمكنت من احتلال مواقع متقدمة في هرم السلطة في الكثير من الدول الأوربية المتقدمة
- الاتساع الملحوظ للقاعدة الاجتماعية للكاثوليكية، لاسيما في صفوف الشباب
- السياسة الأمريكية الحالية
-  الديانات الجديدة في آسيا، لاسيما اليابان، التي تعيش أشكالا تجديدية للكونفوشيوسية والبوذية في هذا السياق، لم تكن تصريحات الرئيس بوش في اللقاء الذي جمعه في البيت الأبيض بكتاب وصحفيين محافظين، والذي اعتبر فيها أن الولايات المتحدة تشهد الصحوة الدينية الثالثة في تاريخها، وأن المناخ الثقافي العلماني الذي كان سائدا في الولايات المتحدة في الخمسينات والستينات قد ولى، هي المؤشر الوحيد على التغيرات الثقافية التي يمر بها المجتمع الأمريكي منذ سبعينات القرن العشرين وحتى الآن، والتي يحلو للبعض أن يطلق على هذه الحالة إجمالا واختزالا "عودة أمريكا إلى ربها".[8]
قد يوافق معظم الأمريكيين على أنهم يعيشون في مجتمع علماني secular. ولكننا نشهد اليوم حرباً مشتعلة بين فكرتين مختلفتين عن معنى كون المرء علمانياً. فكلما انطلق المرء باحثاً عن البسيط والواضح في التاريخ الأمريكي، وجد نفسه، بعد وقت قصير، وجهاً لوجه أمام كمٍّ هائل من المفارقات. ولا أكبر من هذه المفارقة: إن الدولة الرائدة – عالمياً – في الإبداعين التكنولوجي والاجتماعي، هي، في الوقت نفسه، الحصن الأساس – عالمياً – للإيمان الديني وممارسته. وقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على مستويات عالية من الإيمان الديني التقليدي والارتباط به، حتى وهي تتهادى في مياه الحداثة modernity الصافية السريعة.[9]
وبالفعل، يوجد شعور متنامٍ بأن الدين قد يكون قوة حيوية دافعة للكرامة الإنسانية والنظام الأخلاقي في عالم تهيمن عليه بيروقراطيات الدولة الشرهة والشركات العابرة للقارات التي تنتشر باستمرار ولا تخضع خضوعاً فاعلاً للقانون القومي أو تُسأل مسائلة فاعلة أمام سنن السلوك الراسخة. فكما يحاجج عالم الاجتماع هوزيه كازانوفا، تُخاطر الحداثة بإمكانية "أن يلتهمها المنطق غير الإنساني المتصلِّب الذي خلقته بنفسها"، إلا إذا استعادت "حواراً خلاّقاً" مع التقاليد الدينية التي تحدتها بنجاح كبير. وتوجد، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، أدلة وافرة على أن المعتقدات والممارسات الدينية قد صمدت، جماهيرياً وبقوة، أمام كل محاولات طمسها أو تجاوزها وأنها الآن صاعدة.[10]
وبعض الأمور لم تتغير أبداً، رغم نجاحات العلمانية المذهلة في المحاكم والأروقة الحكومية والأكاديمية. فلا يزال النطق بالصلوات مألوفاً عند افتتاح دورات الكونغرس، ويظهر اسم الله على أوراق النقد، ويُنطق في القسم الذي نقسمه في المحاكم. ولا يزال الكونغرس والقوات المسلحة يوظفون القساوسة. ولا تزال المؤسسات الدينية تتمتع بوضع قانوني يعفي المتبرعين لها من الضرائب. ولا يزال الإيمان المُعلن بالله طاغياً بشكل مذهل، كما لا يزال معدَّل ارتياد الكنائس المسيحية والمعابد الدينية اليهودية عالياً، في الأقل نسبة إلى معدَّله في بلدان غربية أخرى. وسواء نظر المرء إلى هذه الظواهر موافقاً أو غير موافق، فإن أمريكا ما زالت بلداً غير علماني كلياً، بلداً خالياً من أي جزاء حكومي على الدين.[11]
وكما أن للدين أثر في الحياة الاجتماعية، فإن للدين أثر كذلك في الحياة السياسية، كغيره من العوامل الأخرى التي تؤثر في السلوك السياسي للأفراد كالطبقة الاجتماعية، والعرق، والمنطقة الجغرافية، والآراء حول السياسة الخارجية. كل هذه العوامل لها دور في تحديد السلوك السياسي للناخبين. ولكن التأثير الذي يحدثه كل عامل يختلف عن غيره من حيث الأهمية والامتداد.[12]
وعن القرارات السياسية أيضا: فقد غرقت الأصولية الإنجيلية الأمريكية حتى أذنيها في المشروع الصهيوني " باعتباره تجسيدا للإرادة الإلهية. واعتمد المنطق اللاهوتي لقساوسة هذه الحركة على مبدأ أساسي، تحدد فيما يلي: " إن أرض فلسطين هي الأرض المقدسة، لأن الله جعل هذه الأرض ملكا لشعب مميّز من ذرية داود. ولذلك فإن كل من يحاول فصل شعبها عنها يتعرض لعقاب إلهي ". وقد وجد قساوسة هذه الحركة في احتلال إسرائيل للقدس علامة بارزة من العلامات الممهدة للعودة الثانية للمسيح. ولذلك قال كل من القس بيلي غراهام والقس نلسون بال: " إن سيطرة اليهود على القدس، لأول مرة منذ ألفي عام، يثير في نفس دارس الإنجيل قشعريرة روحانية ويجدد إيمانه بصحة وبصدقية كل ما ورد فيه ".
لم تقتصر هذه المشاعر على القساوسة فقط، ولكنها غمرت سياسيين أيضا، بمن فيهم بعض رؤساء الولايات المتحدة. ولعل الرئيس رونالد ريجان كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين إيمانا والتزاما بعقيدة الصهيونية المسيحية. وكان يؤمن بنظرية هرمجيدون، وكان يقول: " إننا الجيل الذي سيرى هرمجيدون ". ولذلك فإن فترة رئاسته اُعتبرت الفترة الذهبية للصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة.
بهذه الخلفية العقدية، وافق ريجان في عام 1986 على قصف ليبيا لأنه اعتبرها " عدوا لله ". وعندما تمكن التحالف الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي من إخراج القوات الفلسطينية من لبنان في عام 1982، اعتبر ريجان – في خطاب له – ذلك الإنجاز " مفخرة لأمريكا، لأننا معنيون بالبحث عن السلام في الشرق الأوسط، ليس كخيار إنما كالتزام ديني ".
على أن هذا المشهد المنتظر لن يتم في مفهوم الحركة الصهيونية المسيحية ما لم تتهود فلسطين كاملة، ولذلك فإن القس روبرتسون وجّه مذكرة إلى الكونجرس الأمريكي في أبريل 2002، دعا فيها إلى دعم إسرائيل بكل الوسائل ضد الإرهاب الفلسطيني ( أي: الانتفاضة الفلسطينية )!!![13]
وعن البعد الديني للحرب على العراق: قبل الحرب الأمريكية على العراق، صبّ قساوسة الصهيونية المسيحية جام غضبهم على الانتفاضة الفلسطينية، ووقفوا ضد أي تسوية سياسية انطلاقا من إيمانهم بأن السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يتعارض مع مستلزمات العودة الثانية للمسيح، وفي مقدمتها حتمية معركة هرمجيدون.
ودعا القس والتر ريغانز إلى محاربة اتفاقي أوسلو وواي ريفر بحجة أن الاتفاقين يمنحان الشرعية " للطموحات " الفلسطينية في القدس وفي الضفة الغربية. وحذر من أن ذلك سوف يشكل الخطوة الأولى في مسيرة الفلسطينيين " الإرهابيين " نحو القضاء على إسرائيل. وحتى يعطي هذا الموقف السياسي خلفية دينية، أعلن القس ريغانز: " إن اتفاقات السلام هي خيانة لله ولنواياه نحو الشعب اليهودي ... فالسلام كاذب لأن جذوره تنطلق من الشيطان ". ويعرض القس كلارنس الأمر في غاية الوضوح، فيقول: " علينا أن نشجع الآخرين على فهم الخطط الإلهية وليس الخطط التي هي من صنع الإنسان في الأمم المتحدة، أو حتى في الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوربي أو في أوسلو أو في واي ريفر ... الخ. إن الله بعيد عن أي مخطط يعرّض مدينة القدس للصراع، بما في ذلك منطقة جبل الهيكل وجبل الزيتون، وهو أبعد ما يكون عن إعطائها للعالم الإسلامي. إن المسيح لن يعود إلى مدينة إسلامية تدعى القدس، ولكنه سيعود إلى مدينة يهودية موحدة تدعى ( جروزالم ) ".
وعلى الانتفاضة الفلسطينية: تلقي هذه الأفكار اللاهوتية للمسيحية الصهيونية الضوء على المواقف السياسية التي اتخذتها إدارة الرئيس بوش، والتي اتخذها الرئيس نفسه، من القضية الفلسطينية وانتفاضة الشعب الفلسطيني ضد اجتياح الجيش الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة، وارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ذلك أن تلك الجرائم، على بشاعتها، لم تكن لتحرك مشاعر إنسانية أو لتوقظ ضميرا معذبا، طالما أنها يُنظر إليها على أنها من أعمال تُرتكب باسم الله ومن أجل تحقيق برنامجه في الأرض المقدسة.
إن الأدبيات الدينية التي توظفها هذه الحركة الصهيونية المسيحية، تجعل من اليهود المؤتمنين على الخطة الإلهية التي يتحدد بمقتضاها مصير البشر جميعا، وتجعل من إقامة دولتهم المدخل الوحيد الذي لابد منه للعودة الثانية للمسيح، وهي العودة التي تحسم مصير صراع الإيمان والكفر، والتي تنتهي بانتصار المسيح وسيادته على العالم مدة ألف عام، ومن ثم تقوم الساعة.
في ضوء هذه الأدبيات الدينية، يمكن فهم خلفية الموقف الرسمي الأمريكي المعارض لمبدأ عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، والذي يشجّع في الوقت نفسه اليهود على الاستيطان في إسرائيل وفي بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة!![14]

ومع دراسة الأعداء لتاريخنا وفهمهم له والتحرك من خلاله، فإنهم كذلك يأخذون ثاراتهم من هذا التاريخ أيضا. ومن ذلك[15]:

o  أصر المجتمع الدولي على إقامة مفاوضات التسوية النهائية بين فلسطين وإسرائيل بمدينة مدريد في أسبانيا في عام 1992، وهي ذكرى طرد أبي عبد الله محمد الصغير آخر ملوك المسلمين من أسبانيا منذ نحو 500 عام في الثاني من يناير عام 1592 من ميلاد المسيح عليه السلام الموافق للثاني من ربيع الأول عام 897 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. والرسالة واضحة إلى الفلسطينيين: لا تظنوا أن تكون لكم دولة، بل سيكون مصيركم في فلسطين هو نفس مصير أسلافكم في الأندلس!!
o  في عام 1917 دخل اللورد أللنبي في طرقات بيت المقدس قائلا: الآن انتهت الحروب الصليبية. أي إنهم يخططون مدة ثمانية قرون للثأر من هزائمهم التي أصيبوا بها آنذاك. ثم ظلوا يخططون للعودة إلى بيت المقدس طيلة هذه المدة إلى أن تسنى لهم ذلك في آخر الأمر.
وفي عام 1920 دخل الجنرال الفرنسي جرو دمشق، وكان أول مكان يزوره ليس قصره ولا معسكرات جيشه ولا مكان ضيافته، وإنما إلى قبر صلاح الدين الأيوبي. فقال لجنوده: امضوا بي إلى قبر صلاح الدين الأيوبي، فقد اشتقت إلى المقابلة! ولما ذهب إلى هناك، وقف أمام قبره ليقول: ها قد عدنا يا صلاح الدين!! فهل من صلاح؟!
o  قرر الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أن معركة بلاده مع المسلمين في أفغانستان والعراق هي امتداد للحروب الصليبية!! ولما أخبره مستشاروه بخطورة هذه المقولة، خشية إيقاظ المسلمين من سباتهم، عاد واعتذر وقال إنها زلة لسان!!
o  قام الشيعة بإعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في فجر أول يوم من أيام عيد الأضحى، لكي يرسلوا رسالة للسنة أنكم كالخراف التي تُذبح يوم النحر!!!
ومن مظاهر تزايد النزعة الدينية في حياة البشر كذلك، ما نشهده من جديد من عودة الحجاب في مصر التي بدأ فيها المشروع التغريبي، رغم أن العصا غليظة. وهاهي الجماهير تقف كلها مع التيار الإسلامي في كل الدول الإسلامية والعربية منها على وجه الخصوص، وها هي الجماهير تتعاطف مع ما يحدث في العراق وأفغانستان والشيشان وتكسر بذلك الحواجز الجغرافية المصطنعة. بما يعني أن المشروع ( الإصلاحي ) لم يعد يصلح. بعدما كذََّبَه الواقع وانكشف عواره أمام الجماهير.
ومن مظاهر تزايد تلك النزعة مؤخرا كذلك، هو ما تشهده تطورات الصراع الإسلامي اليهودي الدائرة الآن في قضية فلسطين. وتتفرع من هذه القضية كل القضايا الأخرى التي تدور على الساحة من حين لآخر. وما لم يتم حشد الأمة لكل مواردها وإمكانياتها لمواجهة هذه القضية، فلن يتم حل هذا الصراع وانتهائه، وهو الأمر غير الوارد حدوثه في ظل النظم العربية القائمة.[16]
إن طريق العودة إلى فلسطين ... لن يكون من خلال المحافل الدولية ... التي لم تستطع يوما أن تفرض على اليهود تنفيذ قرار واحد! ولن يكون من خلال الاستعانة بالدول الكبرى، لأنها ضالعة مع اليهود في التآمر، والاستعانة بمثلها كمثل المستجير من الرمضاء بالنار!
ولن يكون من خلال أنظمة حاكمة تقف اليوم حارسة لحدود اليهود من أن يقتحمها مجاهدون سموهم بالمتطرفين، أو وصموهم بالإرهاب! إنما سوف تكون من خلال من ذكرهم الله في كتابه، وذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه، ونراهم اليوم بعين الحقيقة لا بعين الخيال، وإن الطريق إلى فلسطين لابد أن يمر بعواصم أربع أو خمس دول قبل أن يصل إلى القدس بإذن الله![17]
لقد أصبح عبء إدارة المعركة يقع الآن على عاتق الشعوب العربية، التي يمكنها أن تتبنى استراتيجيات بديلة لهزيمة المشروع الصهيوني، وذلك على غرار ما يفعله الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين، وما يفعله الشعب اللبناني في أرض لبنان، وما يفعله الشعب العراقي في أرض العراق، وما تفعله بقية الشعوب الإسلامية على أراضيها.

------------------------------
[1]  منصف المرزوقي، من الخراب إلى التأسيس. منشور على الشبكة العنكبوتية على الموقع:
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=68397
[2] حسن السرات، تجديد العلمانية الفرنسية بين الديني والسياسي، موقع الجزيرة نت، الأربعاء 17/5/2006.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8828F65F-B30D-4B00-9854-E95D762AA83C.htm
[3] ، د/ عبد الشافي محمد عبد اللطيف، العلمانية في الفكر الإسلامي. القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2006. ص: 50.
[4] د/ محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي. القاهرة: مكتبة وهبة، 2005. ص: 197.
[5] العلمانية في الفكر الإسلامي، ص: 50، نقلا عن: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، ص: 333.
[6] العلمانية في الفكر الإسلامي، ص ص: 60 - 66.
[7] محمد مالكي، هل انحسر الانتماء الوطني والقومي لصالح الانتماء الديني؟ تأملات في ترتيب أولويات الانتماء، شئون عربية، العدد 128، شتاء 2006. القاهرة: جامعة الدول العربية. ص: 51.
[8] هل عادت أمريكا إلى نصرانيتها؟، موقع الشبكة الإسلامية، الاثنين 2/10/2006.
http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=136147
[9] McClay, W M. "Two Concepts of Secularism", Journal of Policy History, Volume 13, Number 1, 2001, pp. 47-72.
[10] المرجع السابق.
[11] المرجع السابق.
[12] د. فارس بريزات، ما أثر العامل الديني في الانتخابات الأمريكية؟ الإنجيليون والحزب الجمهوري ... التحالف المعلن. المجلة، 3/11/2006.
http://www.al-majalla.com/ListNews.asp?NewsID=1088&MenuID=25
[13] محمد السماك، الدين في القرار الأمريكي. بيروت: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، 1424هـ، ص ص: 39 - 46.
[14] المرجع السابق، ص ص: 75 - 78.
[15] راجع في ذلك: محمد حسن يوسف، وفي التاريخ دروس وعبر. منشور على الرابط:
http://saaid.net/Doat/hasn/38.htm
[16] راجع في ذلك: محمد حسن يوسف، تحولات خطيرة في الصراع الإسلامي اليهودي. منشور على الرابط:
http://saaid.net/Doat/hasn/79.htm
[17] علي جريشة، احذروا الطوفان، دار البشير للثقافة والعلوم، ص: 157.
 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية