مكتبة في كل حي

محمد حسن يوسف

 
في مقال سابق بعنوان " إعانة طلبة العلم ضرورة "، تحدثنا عن ضرورة توفير الدعم المادي لطلبة العلم من أجل عدة أمور، يأتي على رأسها تكوين مكتبة خاصة به. فإمام المسجد لابد له من توافر مراجع تحت يديه حتى يستطيع تكوين عناصر خطبة يشد بها أذهان من يستمعون إليه. أما إذا لم يجد الخطيب مراجع رصينة، فسوف يبحث – لتحضير مادة خطبته – في الجرائد والمجلات!! فهو مكلف بمهمة، ولابد له من إنجازها على أي حال!!

والاقتراح الذي أقدمه اليوم، هو قيام الغيورين على دينهم في كل حي بانتقاء مسجد معين لتكوين مكتبة دينية علمية فيه. فنحن أمة اقرأ، ولا سبيل أمامنا للتقدم والنهوض من عثرتنا إلا بالقراءة العلمية المنهجية الرصينة.

لو سألت أي شخص عن مكان يذهب إليه للإطلاع على المراجع الدينية، فلن يجد مكانا يذكره لك. إن المكتبات العامة التي تتوافر بها هذه المكتبات قليلة، كما أن شروط الإعارة فيها من الصعوبة بمكان. وإذا ما أردت تصوير جزءا خاصا من مرجع معين، فستكون تكلفة تصويره بهذه المكتبة باهظة.

لذا أدعو أهل الخير – وهم كثر ولله الحمد – إلى توفير مكتبة دينية علمية في كل حي، بحيث تخدم طلبة العلم وأئمة المساجد الموجودة في هذا الحي. كما أنها سوف تفتح شهية البسطاء من الناس على القراءة والإطلاع والتفقه في أمور دينهم.

كذلك فحيث إن الأجازة الصيفية على الأبواب، وتستعد المساجد للدورات الصيفية لتحفيظ القرآن للنشء والشباب، فاقترح قيام كل مسجد بتكوين مكتبة بسيطة من كتب الأطفال الدينية الخاصة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسير الصحابة والتابعين، وغيرها من الموضوعات الشيقة التي تجذب انتباه الأطفال وتشجعهم على القراءة.

أتذكر وأنا ادرس اللغة الإنجليزية في المعهد البريطاني، فإنهم كانوا – لتشجيعنا على القراءة باللغة الإنجليزية – يأتون إلينا بصندوق ورقي يضعون فيه العديد من القصص المبسطة والمختصرة لكبار الكتاب العالميين والمكتوبة باللغة الإنجليزية.

لذا فيمكننا اقتباس هذه الفكرة في مساجدنا. أي نقوم بتجهيز صندوق ورقي – كأن يكون كرتونة كبيرة لأحد منتجات الأطفال – ونضع فيها عدة سلاسل من القصص الشيقة للأطفال بهدف استعارتها وقراءتها. ويمكن أن نقيم مسابقات بين الأطفال عمن يحكي أفضل قصة قرأها، أو عمن يقدم أفضل تلخيص لقصة قرأها ... الخ.
لقد كان وقف أهل الخير في صدر الإسلام هو السبب في نهضة المسلمين العلمية والحضارية. وما لم نسلك نفس السبيل، فلن نبرح مكاننا. على أهل المال أن يجودوا بأموالهم، ويوقفونها على أعمال البر والخير. وأفضل أعمال البر هي نشر العلم بين المسلمين. فعلى أمة اقرأ العمل على تحقيق أول أمر نزل بحقها، وتشجيع شبابنا وأطفالنا على ذلك.

14 من ربيع الثاني عام 1428 ( الموافق في تقويم النصارى الأول من مايو عام 2007 ).