اطبع هذه الصفحة


كيف نواجه خطر الخوارج؟

حسين بن سعيد الحسنية
@hos3030


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي بيده مقاليد الأمور، وبقدرته تدور الأهلة والشهور، نحمده على ما أنعم به علينا وأسدى، وعلى ما رزقنا من فضله وأعطى، له الحمد في الآخرة والأولى، وله الحمد إذا رضي وله الحمد بعد الرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله العلي الأعلى، شهادة ندخرها إلى يوم اللقاء، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله الأتقياء وصحبه الأنقياء وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فاتقوا الله – أيها المؤمنون – والزموا جادة الحق واحذروا الانقياد خلف الشهوات والشبهات وتعاملوا مع خالقكم بالإخلاص والصدق، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة 119
أيها الموحدون:_
لقد خرج من أبناءنا ثلة تنكبوا طريق الحق، وانحرفوا عن السبيل الصحيح، وحادوا عن جادة الشرع، فتلبّسوا بثياب الاستقامة ليستروا بها خبث نواياهم، وأدعو أنهم أهل الجهاد والدفاع عن الإسلام ليغرروا بإخوانهم وأبناء جلدتهم، وهم ليسوا إلا أداة سلطها أعداء الإسلام على من كانوا لهم أهلاً وسنداً، وعلى بلاد كانت لهم المأوى والسكن، فاستباحوا المحرمات واغتصبوا الممتلكات وأزهقوا الأرواح، وكفّروا أهل الملة والعقيدة، وتمرّدوا على علماءهم وأولياء أمورهم وسعوا في الأرض لينشروا الفساد، وليغرروا بالأبناء والبنات .
هم – والله – على ضلالات متراكبة، وجهالات متتابعة، أثقلتهم قلوبهم المليئة بالحقد والكراهية، وحركتهم أهدافهم الدنيوية الباطلة، وأخرجهم عن الهدى الشعارات البراقة الكاذبة، يفتخرون بخارجيتهم، فهم الخوارج والقتلة، والمجرمون المردة، والضلاليون الفسقة.
بغّضوا الدين الحنيف عند بعض أهله، وأدخلوا الرعب في قلوب كل أب يخشى على ولده، وسعوا بالقتل في كل أرض كانت ترفل بثياب الأمن والاستقرار، يدّعون أنهم على الحق، وهم يتخبطون في مستنقعات الباطل وحفر الضلال، ويستشهدون بآي الكتاب ويتقنون قراءته وهم أبعد الناس عن تدبر آياته، ويستدلون بسنة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، وهم أكثر الناس مخالفة لمدلولاتها وتفسيرها.
قدوتهم رجل غائر العينين، مشرّف الوجنتين، ناشز الجبهة، كثّ اللحية، محلوق الرأس، مشمّر الإزار، ظنّ انه على علم، وركن إلى حماسته الرعناء، وجرأته الحمقاء، وادّعى بأنّ إمام العدل ورأس التقوى عليه الصلاة والسلام لم يتّقي ربه في توزيعه للمال ولم يعدل في ذلك، قائلاً له بصوت مسموع: ( اعدل يا محمد, فقال عليه الصلاة والسلام: ( وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ) ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ : ( دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ ) رواه البخاري ومسلم
عباد الله:
لقد أدرك الجميع أن خطر هؤلاء في انتشار عجيب وتحرك مستمر مريب وأن لديهم القدرة على تغيير الرؤى وتحويل المفاهيم خاصة عند صغار السن، من خلال شبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي،
أقول هذا الأمر لا للترويع أو الاستسلام؛ بل للبدء في العمل والتحرك لمقاومة هذا الفكر الضال وفضح كل من يتبناه أو يدعو إليه، والجميع مسؤول أمام الله تعالى عن ذلك ابتداء من الأسرة ثم المسجد والمدرسة ثم مؤسسات المجتمع المختلفة.
ولعلي هنا أذكر بعضاً من الإجراءات التي يجب علينا البدء في اتخاذها لمقاومة كل خارجي قد يكون بيننا بفكره الأخرق وانتماءه المشبوه ومن أهمها:
• أن نستشعر جميعاً خطر فكر الخوارج ومآلاته التي تفتك بالأمة جمعاء، وأن لا نهوّن من ذلك الخطر بل علينا أن نوليه اهتماماً خاصاً من ناحية التعريف به وتحذير الناس منه وكشف مخططات من يروج له ويشوق لمبادئه.
• ومنها أيضاً الالتفاف حول ولاة الأمر والعلماء، وبناء الصف الداخلي على أسس رصينة وقواعد متينة، والبعد عن التشتت والفرقة والتنازع والتشرذم؛ لأن ذلك كله طريق للفشل والضعف: ( ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار)
• وعلى الآباء والأمهات تفعيل المراقبة الجادة على أبناءهم وبناتهم خاصة أثناء جلوسهم على مواقع الانترنت، وأجهزة الألعاب الالكترونية والجوالات وغيرها، والتي اعتبرت أنها المغذي الأول والناقل الرئيس لفكر الخوارج لعقول أبناءنا وبناتنا،
• وعلينا أيضا أن نتعاون في إقامة البرامج الهادفة والمشاريع التربوية المتقنة والتي تنمّي عقول شبابنا بالفكر الوسطي الذي ربى محمد صلى الله عليه وسلم أمته عليه، ومن أهمها حلقات التحفيظ القرآن الكريم والمراكز الطلابية التي تقام في المدارس أو في اللجان الاجتماعية والجمعيات الخيرية المعتمدة، إلى غير تلك الإجراءات الفعلية والتي متى ما سعينا لإقامتها فإننا نساهم بشكل مباشر وقوي في دحر فكر الخوارج وطرد كل من يتبناه أو ينتمي إليه.
أقول ما سمعتم، واستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين، واشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أجمعين، وبعد:

عباد الله:
اعلموا جميعاً أننا نرفل في نعم كثيرة أجلها وأعظمها أن جعلنا من عباده المسلمين، وحبانا بأمن وأمان نحسد عليه من قبل الكثيرين، فاحفظوا نعم ربكم بشكره عليها، وقدروا ما وهبكم الله به عن غيركم، واحذروا من الطغيان والعصيان ومن التمرد والكفران.
جعلني الله وإياكم من عباده الشاكرين الذاكرين، ووقانا وبلادنا شر الشانئين المعتدين، وحفظ علينا أمننا وأماننا وبلادنا وأعراضنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمي حوزة الدين، وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين، اللهم أصلح حال إخواننا أهل السنة والجماعة في كل مكان وحين.
اللهم أحفظ جنودنا على حدودنا وانصرهم على عدوك وعدوهم وعدونا، وأيدهم بتأييدك، وكن لهم معيناً وظهيراً يا رب العالمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين،،.


حسين بن سعيد الحسنية
h_alhasaneih@
26/12/1436هـ

 

حسين الحسنية
  • مقالات
  • كتب
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية