اطبع هذه الصفحة


رسائل الشيطان لك حينما تُصاب وتُبتلى ..

أبوأنس-حسين بن سعيد الحسنية
@h_alhasaneih


بسم الله الرحمن الرحيم



للشيطان الرجيم أدوات وخطوات، ورسائل وإشارات يهدف منها إلى إغواء بني آدم، والسير بهم إلى كل دون وهوان، وإشغالهم عن ربهم وخالقهم، وكل ما قوي إيمان العبد كل ما كان الشيطان حريص على إضلاله وإفساده،

ومتى ما أصيب المؤمن في دينه أو دنياه استغل الشيطان ذلك المصاب بوسائل عدة وأساليب خبيثة، ومن ذلك:


1.
أنه يفسد عليه دينه بأن يزهده في أمر العبادة، فيلهيه عن الصلاة، ويشغله عن الذكر، ويصرفه عن الدعاء، حينما يشعره بأن مثل هذه العبادات لا تنقذه من مصابه ولا تخرجه من دائرة أحزانه قال تعالى: " إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ".

2.
ومن استغلال الشيطان للمؤمن حين مصابه وبلاءه أن يوهمه أن السعادة في المعاصي وأن الفرج في التمرد والانحراف، فيضيع العبد في ميادين الذيلة ومستنقعات الخطايا، بل إنه يشعره أن الأمان النفسي والروحي في العقوق والقطيعة والفواحش والمخدرات وغيرها، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ " النور:21.

3.
ومن استغلال الشيطان للمؤمن أيضاً، أنه يخوّفه من أقدار الله ويثبّطه عن التعامل معها بشكل صحيح، ويشعره بضعفه ووحدته وعجزه، فيسهل عليه إغوائه وإضلاله، ويكن بعدها تبعاً له، ومن نتائج ذلك أن يعيش المؤمن حياته متألماً حزيناً، متردداً خائفاً، يسيء الظن بربه، ويعجز عن القيام بفعل الأسباب التي تنقذه من مصيبته، وكل ذلك من نفسه وشيطانه، والعياذ بالله.

4.
ومن طرق استغلال الشيطان للعبد المؤمن حال مصابه إرسال تلك الرسائل السلبية التي تزيد المؤمن ألماً على ألم مصابه، فتجده يحدث نفسه بأنه عاجز، أو ضعيف، أو مريض، أو غبي، وغيرها، وتجده يوبخها بقوله: حظي عاثر، أو حياتي كئيبة، أو قدري ناقص، أو أنا غير كفو، أو لا استطيع أو ... الخ.

ولا شك أن مثل هذه الرسائل مصدرها الشيطان الرجيم، وأنها من أقوى الأسباب التي تجعل صاحبها تابعاً للشيطان الرجيم عاجزاً عن فعل أي شيء مهما كان، لذا فإن على المؤمن الذي أصيب بمصيبة ما أو ابتلي بأمر ما أن يحذر من خطوات الشيطان الكثيرة، ومن استغلاله لذلك المصاب والابتلاء؛ لأنه العدو الأول له ولإيمانه على الإطلاق، قال تعالى: " وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ " البقرة 208.

وعلى المؤمن أن يعي أن وعد الشيطان باطل، وأنه سبب لكل حزن وخوف وغيرها تدخل إلى قلبه، وأنه لا يأمر إلا بالسوء والشر من الفواحش وغيرها، قال تعالى: " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "، وأن رسائله السلبية لا تنتهي ويجب الحذر منها والحرص البالغ من وسواسه وتلابيسه.

ومن سُبُل النجاة من الشيطان كثرة الذكر، والاستغفار، وصدق اللجأ إلى الله، والاستعانة به، والتوكل عليه.

أصيب ابن الجوزي بمصيبة وبلاء، فدعا ربه الفرج فتأخرت الاجابة فقال: تأخر الاجابة من البلايا والمحن، فجاءه شيطان الوسواس فقال – رحمه الله – " اخسأ يا لعين ما جعلتك قاضياً "، وقال الحسن – رحمه الله – " ارض بما قسم الله لك ولا تسخط فالشيطان غنما يظفر بالإنسان عند السخط وعند الشهوة ".

وأذكر قبل سنوات أن دخل عليّ بمكتبتي أحد الأصدقاء مسودّاً وجهه، هزيلاً جسده، مهترئاً ملبسه، عليه آثار التعب والسهر، وقد جلس على الكرسي متثاقلاً متأوهاً، فسألته ما بك؟ فقال: ما نمت البارحة من الوسواس، تمكن منّي شيطاني فأعجزني وأقعدني حتى عن العبادة، أشعرني بأن المرض يدبّ في جسدي كله، ولم يجعل لي فرصة حتى لذكر الله أو الدعاء، بل والله أنه أوصلني إلى أن أخاف من مستقبلي، وأخاف على أبنائي وبناتي، ثم قال: والله العظيم أنه جعلني أفكر في الانتحار؛ لأنه قال لي: أن الانتحار هو الوسيلة الوحيدة للراحة مما تشكو منه.


إن من عداوة الشيطان لك أن يتحيّن مصابك، فيستغل ضعفك، فيرسل لك ما تظن أنه نجاتك، وهو في حقيقة الأمر طريقك إلى هلاكك.

 

حسين الحسنية
  • مقالات
  • كتب
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية