اطبع هذه الصفحة


اطمئن

أبوأنس-حسين بن سعيد الحسنية
@h_alhasaneih


بسم الله الرحمن الرحيم


ـ اطمئن،،

ما دمت بالله مؤمناً، وله عابداً، وعليه متوكلاً، وبأسمائه وصفاته ذاكراً، ومن أجله عالماً وعاملاً، " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ  ".
 
ـ اطمئن،،

ما دمت للقرآن الكريم مرتبطاً، ولآياته تالياً، ولما فيها من عظات وعبر متدبراً، ولمعانيه وأسراره شارحاً ومفسراً، " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا  ".
 
ـ اطمئن،،

مما دمت محافظاً على صلاتك، وعلى اداءها في أوقاتها، وحاثاً أهل بيتك وولدك على القيام بها، ومهتماً بأركانها وشروطها وواجباتها وسننها، فهي أمان عند الكرب؛ فقلد كان محمد صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وكان يقول لبلال رضي الله عنه " أرحنا بها يا بلال ".
 
ـ اطمئن،،

مادام مستقبلك بيد الله، وأن ما كان ويكون وسيكون قد كتب قبل أن تخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة، وأن قادم الأيام فيها الطيّب والجميل، وأن سعيك وبذلك لن يضيع عند الله، وأن من أهم أسباب الاطمئنان البذل والعطاء.
 
ـ اطمئن،،

وإن عثرت قدماك، أو ترددت نفسك، أو انحرفت عن القصد، أو آلمك الواقع، أو تركك الصحب، فكل ذلك من المصاب الذي تؤجر عليه، وإذا لاح لك نور الأجر، هان عليك ظلام التكليف، قال تعالى: " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ  "، وقال تعالى: " قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ  " فلا تيأس من روح الله وإن طال الألم والعناء، قال تعالى: " مْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " البقرة 214.
وقد قيل:

كذا المعالي إذا ما رمت تدركها      ---        فاعبر إليها على جسر من التعب

ـ اطمئن،،
مادام الله معك، ومن فضلأ انه يدعوك للقرب منه، يدعوك لتأمن من داخلك وخارجك، وتطمئن بكل أحاسيسك وجوانحك وجوارحك، من عدة مقامات، ومنها مقام الدعاء، قال تعالى: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "، ومنها مقام الذكر، حيث قال تعالى: " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ  "، ومنها  مقام إقام الفروض، والتقرب إليه بالنوافل، قال تعالى في الحديث القدسي: " ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها بي يسمع بي يبصر بي يبطش وبي يمشى، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه " رواه البخاري.
 
ـ اطمئن،،

واسمع لهذه الوصايا الثمينة، التي أوصى بها المعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم تلميذه الصغير، وطالبه النجيب، عبدالله بن عباس رضي الله عنهما حين قال: " يا غلام، إني أعلمك كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف "؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيحٌ.
 
ـ اطمئن،،

واقرأ معي قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

إِذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْيَأْسِ الْقُلُوبُ ---     وَضَاقَ لِمَا بِهَا الصَّدْرُ الرَّحِيبُ
وَأَوْطَنَتِ الْمَكَارِهُ وَاطْمَأَنَّتْ      ---    وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الْخُطُوبُ
وَلَمْ تَرَ لِانْكِشَافِ الضُّرِّ وَجْهًا       ---     وَلَا أَغْفَى بِحِيلَتِهِ الْأَرْيبُ
أَتَاكَ عَلَى قُنُوطٍ مِنْكَ غَوْثٌ      ---      يَمُنُّ بِهِ اللَّطِيفُ الْمُسْتَجِيبُ
وَكُلُّ الْحَادِثَاتِ إِذَا تَنَاهَتْ       ---     فَمَوْصُولٌ بِهَا الْفَرَجُ الْقَرِيبُ
 


 

حسين الحسنية
  • مقالات
  • كتب
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية