صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مقتطفات من كتابي ( شكوى أئمة السلف من حال أهل زمانهم )

جهاد حِلِّسْ
‏@jhelles

 
بسم الله الرحمن الرحيم


إِنَّ الحمدَ للّه، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللّه من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالِنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إِله إِلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
"يا أيُّها الذينَ آمنوا اتَّقوا اللّه حقَّ تُقاتِه ولا تَموتُنَّ إلا وأنتُم مُسلمونَ " آل عمران: 102.
"يا أيها الناس اتَّقوا ربكم الذي خَلَقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَها وبَثَّ منهُما رِجالاً كثيراً ونساءً واتَّقوا الله الذي تساءَلونَ به والأرْحامَ إِنَّ اللّه كانَ عليكم رَقيباً" النساء:1.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتَقوا اللّه وقولوا قولاً سَديداً. يُصْلحْ لكُم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لكم ذُنوبكم ومَن يُطِع اللّه ورَسولَه فقد فازَ فوزاً عَظيماً" الأحزاب: 70- 71.
"أما بعدُ؛ فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللّه، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمورِ محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكل بدعة ضلالةٌ ، وكل ضلالةٍ في النار"
وبعد:-
فقد كانت تراودني نفسي القاصرة بين حين وآخر، لجمع درر وجواهر من أقوال السلف -رحمهم الله- والتي تصور غربتهم وشكواهم من حال أهل زمانهم، ذلك لمقارنتها بحالنا وحال أهل زماننا !
ولأهمية مثل هذا الموضوع - ولا سيما في هذا الزمان !- فقد عزمت على جمع مثل تلك الآثار وتقييدها وتوثيقها ، وها أنذا أنشرها رجاء ما عند الله تعالى ولِيعُمّ نفعها .
ولقد حرصت على ترتيبها حسب تسلسل سِنِي وفاة قائليها، بدءًا بالقرون المفضلة، فما بعدها من القرون ، واكتفيت بالنقل دون التعقيب غالباً ، لوضوح دلالة تلك النقول ومعانيها
وكأني أعقب نهاية كل أثر أسوقه بعبارة : (كان هذا في زمانهم -رحمهم الله- ، فكيف بهم لو أدركوا زماننا !)
راجياً - من الله العلي القدير- أن تلقى هذه الدرر آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، وهمماً عالية، ونفوسًا زاكية .
وأسأل الله العليم الرحيم أن يتقبل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله موجبا لرضوانه العظيم، وأن يثيبني وكل من يساهم في نشره أجزل الثواب وأن ينفع به من قرأه، وأن يجعله زادًا لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
إنه سميع قريب جواد كريم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ـــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب مخطوط ، فيه قرابة ثلاثمائة أثر ، أسأل الله أن ييسر طبعه ونشره ، ليعم نفعه.
 



عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها -:
قالت: لما كان عام الفتح ( سنة 8 هـ) ونزل رسول الله ذا طوى، قال أبو قحافة لابنة له كانت من أصغر ولده: أي بنية اشرفي بي على أبي قبيس -وقد كف بصره- فأشرفت به عليه فقال أي بنية ماذا ترين ؟
قالت أرى سواداً مجتمعاً، وأرى رجلاً يشتد بين ذلك السواد مقبلاً ومدبرًا، فقال: تلك الخيل يا بنية وذلك الرجل الوازع (1)، ثم قال: ماذا ترين ؟ فقالت: أرى السواد انتشر، قالت: فقال: فقد والله إذًا دُفِعت الخيل فأسرعي بي إلى بيتي، فخرجت سريعًا حتى إذا هبطت به إلى الأبطح (2)، لقيتها الخيل وفي عنقها طوق لها من ورق فاقتطعه إنسان من عنقها،
فلما دخل رسول الله المسجد خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله قال: «هلا تركت الشيخ في بيته حتى أجيئه؟» فقال: يمشي هو إليك يا رسول الله أحق من أن تمشي إليه، فأجلسه بين يديه، ثم مسح رسول الله صدره وقال: «اسلم تسلم» فأسلم
ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال: أنشد بالله والإسلام طوق أختي، فوالله ما أجابه أحد ثم قال الثانية، فما أجابه أحد، فقال: يا أخية احتسبي طوقك فوالله إن الأمانة اليوم في الناس لقليل .(3)
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الوازع: الذي يدبر أمور الجيش، ويرد من شذَّ منهم.
(2) وصف لكل مكان متسع من الوادي، ثم غلب على الأرض المتسعة.
(3) «مسند الإمام أحمد» (44/517)، «سنن البيهقي» (9/121)، «صحيح ابن حبان» (16/187).
 



قال عمر بن الخطاب - توفي سنة (23 هـ) - رضي الله عنه -:
إنَّ حديثَكم شرُّ الحديث، إنّ كلامكم شرّ الكلامِ، فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل: قال فلان وقال فلان، ويترك كتاب الله، من كان منكم قائماً فليقم بكتاب الله وإلا فليجلس.
عقب ابن حزم - توفي سنة (456هـ) -رحمه الله -:
فهذا قول عمر لأفضل قرن على ظهر الأرض، فكيف لو أدرك ما نحن فيه من ترك القرآن وكلام محمد -صلى الله عليه وسلم- والإقبال على ما قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون .(1)
عقب ابن القيم - توفي سنة (751 هـ) -رحمه الله -:
فهذا قول عمر لأفضل قرن على وجه الأرض، فكيف لو أدرك ما أصبحنا فيه من ترك كتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة لقول فلان وفلان فالله المستعان .(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «الإحكام» (6/97) ، «ذم الكلام وأهله» (4/242).
(2) «إعلام الموقعين» (2/194).
 



قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
لقد أتى علينا حينٌ وما نرى أن أحداً يتعلم القرآن يريد به إلا الله تعالى، فلما كان ههنا بآخرة خشيت أن رجالاً يتعلمونه يريدون به الناس وما عندهم، فأريدوا الله تعالى بقراءتكم وأعمالكم، فإنا كنا نعرفكم إذ فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، فأما اليوم، فقد مضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وانقطع الوحي، وإنما أعرفكم بما أقول: من أعلن خيراً أحببناه عليه، وظننا به خيراً، ومن أظهر شراً أبغضناه عليه، وظننا به شراً، سرائركم فيما بينكم وبين ربكم عز وجل .
عقب محمد بن الحسين- توفي (261 هـ) رحمه الله -:
فإذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قد خاف على قوم قرأوا القرآن في ذلك الوقت بميلهم إلى الدنيا، فما ظنك بهم اليوم ! . (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)«أخلاق حملة القرآن» (ص 23)
 



قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - :
قدم رجل على عمر، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا .
فقال ابن عباس: فقلت: والله ما أحب أن يتسارعوا يومهم في القرآن هذه المسارعة . فزبرني(1) عمر، وقال: مه(2) .
فانطلقت إلى منزلي كئيبا حزينا، فبينا أنا كذلك، إذ أتاني رجل، فقال: أجب أمير المؤمنين .
فخرجت فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي وقال: ما الذي كرهت ؟
قلت: يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقوا (3)، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا .(4)
قال: لله أبوك ! والله إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها .
ــــــــــــــــــ
(1) زبره : انتهره وزجره.
(2) مه : كلمة زجر بمعنى كف واسكت وانته.
(3) أي يقول كل واحد منهم الحَقُّ بِيَدِي .
(4) «مصنف عبد الرزاق» (11/217) «سير أعلام النبلاء» (11/283) ، « الإصابة في تمييز الصحابة» (4/145) .
 



قال عبد الله بن مسعود - توفي سنة (32 هـ) - رضي الله عنه -:
ذهب صفو الدنيا وبقي كدرها ، فالموت اليوم تحفة(1) كل مسلم .(2)
ــــــــــــــــــــــــ
(1) التحفة : هي البر واللطف
(2) «مصنف ابن أبي شيبة» (7/102) ، «حلية الأولياء» (1/131) ، «المعجم الكبير» (9/154)
 



قال أبو الدرداء - توفي سنة (32 هـ) - رضي الله عنه -:
لو خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليكم اليوم ما عرف شيئاً مما كان عليه هو وأصحابُه إلا الصلاة !
قال الأوزاعي - توفي سنة (157 هـ) -رحمه الله -:
فكيف لو كان اليوم..؟!
قال عيسى بن يونس - توفي سنة (187 هـ) -رحمه الله -:
فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان..؟!(1)
ـــــــــــــــــــــ
(1) «البدع والنهي عنها» (ص 68) ، «الإعتصام» (1/26)
 



دخل أبو الدرداء - رضي الله عنه -على أم الدرداء وهو مغضب :
فقالت:ما أغضبك؟
فقال: والله ما أعرف من أمَّة محمد شيئاً إلا أنهم يصلّون جميعًا .
قال الحافظ ابن حجر - توفي سنة (852هـ) -رحمه الله -:
وكأنّ ذلك صَدَرَ من أبي الدرداء في أواخر خلافة عثمان، فيا ليت شعري إذا كان ذلك العصر الفاضل بالصفة المذكورة عند أبي الدرداء !
فكيف بمن جاء بعدهم من الطبقات إلى هذا الزمان ؟!(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «فتح الباري» (2/138) وأصله في «صحيح البخاري» (1/131).
 



وسأل رجل أبا الدرداء -رضي الله عنه-:
فقال : رحمك الله ، لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، هل كان ينكر شيئاً مما نحن عليه؟
فغضب أبو الدرداء واشتد غضبه، وقال: وهل كان يعرف شيئاً مما أنتم عليه؟!.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إغاثة اللهفان (1/206).
 



قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -:
ما لي أرى علماءكم يموتون، وجهالكم لا يتعلمون، ولقد خشيت أن يذهب الأول، ولا يتعلم الآخر .
ولو أن العالم طلب العلم لازداد علمًا وما نقص العلم شيئًا، ولو أن الجاهل طلب العلم لوجد العلم قائمًا ؟
فما لي أراكم شباعًا من الطعام جياعًا من العلم ؟!.(1)
ــــــــــ
(1) «جامع بيان العلم وفضله» (2/388)
 



قال أبو الدرداء -رضي الله عنه -:
وجَدْتُ الناسَ اخْبُرْ تَقِلَهْ (1).(2)
ـــــ
(1) يقول: جَرِّب الناس فإنك إذا جَرَّبْتَهم قَلَيْتَهم، وتَركْتَهُم لمِا يَظْهر لك من بَواطِن سَرائِرهم، لَفْظه لفظُ الأمر ومعناه الْخَبر: أي من جَرَّبَهم وخَبَرهم أبْغَضُهم وتَركَهم .
(2) «الزهد لابن المبارك» ( ص61) ، «العزلة» (ص7) ، «النهاية في غريب الأثر» (4/166).
 



سمع حذيفة بن اليمان- توفي سنة (36 هــ) - رضي الله عنه -رجلاً يقول:
اللهم أهلك المنافقين، فقال: يا ابن أخي لو هلك المنافقون لاستوحشتم في طرقاتكم من قلة السالك .(1)
ـــــــــــــــــــــــ
(1) «مصنف ابن أبي شيبة» (21 / 163) ، «مدارج السالكين» (1/358)
 



قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -:
المنافقون اليوم شرٌ منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانوا يومئذ يكتمونه ، وهم اليوم يُظهرونه.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «مسند الطيالسي» (1/327) ، «حلية الأولياء» (1/280) ، «مساوئ الأخلاق » (ص 146)
 



قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -:
لوَدِدتُ أنَّ لِي إنساناً يكونُ في مالي ، ثم أغلق عليَّ بابًا فلا يدْخلُ علَيَّ أحدٌ حتى ألحق بالله.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «الزهد لهناد» (2/582) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (13/379) ، «حلية الأولياء» (1/278) ، «العزلة والانفراد» (ص 19).
 



قال أبو مسعود، عقبة بن عمرو- توفي سنة (40 هـ) - رضي الله عنه -:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا (1) فى الصلاة ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلنى منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» .(2)
قال أبو مسعود : فأنتم اليوم أشد اختلافاً .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) جمع مَنْكِب وهو ما بين الكتف والعنق ، يسويّها بيده الكريمة حتى لا يخرج بعضها عن بعض في الصف
(2) صحيح مسلم (2/30)
 



قال عُبادة بن قُرْط - توفي سنة ( 41 هـ) - رضي الله عنه -:
إنكم لتعملون اليوم أعمالاً هي أدقُّ في أعينكم من الشعر ، كنا نعدُّها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المُوْبِقَات.(1)
فقال حميد بن هلال - توفي سنة (120هـ) -رحمه الله - لأبي قتادة:
فكيف لو أدرك زماننا هذا.؟!
فقال أبو قتادة:
لكان لذلك أَقْوَل. (2)
ــــــــ
(1) المهلكات.
(2) «مسند الإمام أحمد» (34/354)، «المستدرك» (4/290)، وأصله في «صحيح البخاري» (8/103).
 



قال عثمان بن أبي العاص - توفي سنة (51هـ) -رضي الله عنه-:
لولا الجمعة وصلاة الجميع؛ لبنيتُ في أعلى داري هذه بيتاً ثم دخلته ، فلم أخرج منه حتى أُخرَج إلى قبري .(1)
ـــــــــــــــــــــ
(1) «الزهد لأحمد» (ص 151) ، «العزلة والإنفراد» (ص42)
 



قال عِمرانُ بن حُصَيْن - توفي سنة (52 هـ) - رضي الله عنه -:
ذهب المُطْعِمُون (1) وبقي الْمُسْتَطْعِمُون ، وذهب الْمُذْكَرُونَ وبقي الْمَنْسِيُّونَ.
عَلَّقَ الحسنُ البصري - توفي سنة (110هـ) -رحمه الله –:
أما والله لو كان عمران حيًا لكان لها أقول وأقول .(2)
ـــــــــــــــــــــ
(1) كناية عن العلماء.
(2) «المعجم الكبير» (106/18) ، «الزهد لأحمد» (ص 318)
 



قالت أم المؤمنين عائشة - توفيت سنة (57 هـ) - رضي الله عنها -:
رحم الله لبيدًا إذ يقول:
ذَهَبَ الذينَ يُعَاشُ في أكنافِهِم ... وَبَقِيتُ في خَلفٍ كجلدِ الأَجربِ(1)
يَتَأَكَّلُونَ َخِيَانَةً وَمَلَامًةً... وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ
فقالت: رحم الله لبيدًا، فكيف لو رأى زماننا هذا !
قال عروة: رحم الله أم المؤمنين؟ فكيف لو أدركت زماننا هذا .
قال هشام: رحم الله أبي، فكيف لو رأى زماننا هذا !.(2)
قال الذهبي- توفي سنة (748هـ) -رحمه الله -:
سمعناه مسلسلاً (3) بهذا القول بإسناد مقارب .
عَلَّقَ أبو نُعَيْم ، الفضلُ بن دُكَيْن - توفي سنة (218هـ) -رحمه الله – فقال :
لكني أقول:
ذهب الناس فاستقلوا وصرنا ... خلفاً في أراذل النسناس(4)
في أناس نعدهم من عديد ... فإذا فُتِّشُوا فليسوا بناس
كلما جئت أبتغي النيل منهم ... بدروني قبل السؤال بياس
وبكوا لي حتى تمنيت أني ... منهم قد أفلت رأسا براس.(5)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأكناف: الجوانب والنواحي والأطراف، والخَلْفُ، والخَلَفْ: ما جاء من بعد، يقال: هو خلْفُ سوء من أبيه بتسكين اللام، وخَلَفُ صدقٍ من أبيه بتحريكها.
(2) «التاريخ الأوسط» (1/81) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (8/514) ، «المجالسة وجواهر العلم» (8/143) ، «سير أعلام النبلاء» (2/198).
(3) ذكره العلائي في المختصرات المسلسلة (2/46) بلفظ:
قالت عائشة رضي الله عنها: يرحم الله لبيدا فهو الذي يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
يتأكلون خيانة ومذمة ... ويعاب قايلهم وان لم يشغب
قال عروة: قالت عائشة: يرحم الله لبيدا كيف لو أدرك زماننا هذا .
وقال عروة: يرحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا .
قال هشام: يرحم الله أبي كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال وكيع: يرحم الله هشام كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال علي بن عبد المؤمن: يرحم الله وكيعا كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال أبو بشر: يرحم الله عليا كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال ابن خشنام: يرحم الله أبا بشر كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال: ابن بدران يرحم الله ابن الابنوسي كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال السلفي: يرحم الله بن بدران كيف لو أدرك زماننا هذا .
قال جعفر: يرحم الله شيخنا السلفي كيف لو أدرك زماننا هذا .
قلت: يرحم الله شيخنا أبا الفضل كيف لو أدرك زماننا .
وهذا أيضا صحيح التسلسل، وقد وقع كذلك أيضا من غير ما وجه، ووقع غير مسلسل أعلى من هذا الطريق .
(4) النسناس : خلق على صورة الناس .
(5) «تاريخ بغداد» (12/351) ، «تهذيب الكمال» (23/216) ، «سير أعلام النبلاء» (10/157).
 



قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها -:
لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساءُ لمنعهنَّ المسجد، كما مُنِعَهُ نساءُ بني إسرائيل.(1)
ويروى عن سفيان الثوري أنه كره اليوم الخروج للنساء إلى العيد .
قلت: وذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- عن الإمام أحمد -رحمه الله- أنه سُئل عن النساء يخرجن في العيد ؟ قال: لا يعجبني في زماننا هذا، إنَّهُنَّ فتنة .
قال الشيخ: وهذا يعم سائر الصلوات .
قال ابن دقيق العيد - توفي سنة (702 هـ) -رحمه الله -:
وإذا كان هذا قول عائشة، وابن المبارك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، في نساء زمانهم، فكيف لو رأى صنيع المتبرجات في زماننا ؟.(2)
ـــــــــــــ
(1) «صحيح البخاري» (1/173) ، «صحيح مسلم» (1/329).
(2) «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (15/285).
 



قال معاوية بن أبي سفيان - توفي سنة (60 هـ) - رضي الله عنه -:
أما أبو بكرٍ فلم يُرِد الدُنيا ولم تُرِده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يُرِدْها، وأمّا نحن فتمَرَّغْنَا فيها ظهْرًا لبطن .(1)
ـــــــــ
(1) «تاريخ دمشق » (44/288) ، «تاريخ الإسلام » (3 /267).
 



قال جُندب بن عبد الله البَجَلِيُّ - توفي سنة (60 هـ) - رضي الله عنه -:
كنا فتياناً حَزاوِرَةٌ (1) مع نبينا -صلى الله عليه وسلم- فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً ، وإنكم اليوم تَعَلَّمُونَ القرآن قبل الإيمان. (2)
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) الحزاورة: مفردها: حَزوَرَّ: وهو الغلام القوي
(2) السنن الكبرى (3/120)
 



قال بُرَيْدَة - توفي سنة (63 هـ) - رضي الله عنه -:
شهدتُ خيبر، وكنتُ فيمن صعد الثُّلْمَةَ (1)، فقاتلت حتى رُئيَ مكاني وعَليَّ ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبتُ في الإسلام ذنباً أعظم عليَّ منه – أي: الشهرة .(2)
عَلَّقَ الإمام الذهبي- توفي سنة (748هـ) -رحمه الله -:
بلى، جُهَّالُ زماننا يَعدُّون اليوم مثل هذا الفعل من أعظم الجهاد، وبكل حال فالأعمال بالنيات، ولعل بريدة - رضي الله عنه – بإزرَائِه(3) على نفسه ، يصير له عمله ذلك طاعة وجهاداً ! وكذلك يقع في العمل الصالح، ربما افتخر به الغِرُّ(4)، ونَوَّهَ به، فيتحول إلى ديوان الرياء .
قال الله -تعالى -: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"(5). (6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الثُّلْمَةَ: الثغرة في الحائط.
(2) «الكامل» (2/34) ، «ميزان الإعتدال» (1/351) ، «سير أعلام النبلاء» (2/470).
(3) الإزراء : التواضع وهضم النفس.
(4) الغِرُّ : الغافل الذي لم يجرب الأمور فخلا من آثار التجربة.
(5) الفرقان: 23
(6) «سير أعلام النبلاء» (2/470).
 



قال معاذ القارئ(1) توفي سنة (63 هـ) -رضي الله عنه- في قنوته:
اللهم قَحُطَ المطر، فقالوا: آمين !، فلما فرغ من صلاته قال قلت: اللهم قَحُطَ المطر، فقلتم: آمين ! ألا تسمعون ما أقول، ثم تقولون: آمين .(2)
ــــــــــ
(1) معاذ القارئ صحابي صغير -رضي الله عنه-، وهو ممن أقامه عمر يصلي بالناس التراويح .
(2) «مصنف عبد الرزاق» (4/259).
 



قال مِسْوَرُ بن مَخْرَمَة - توفي سنة (64 هـ) - رضي الله عنه -:
لقد وارت الأرضُ أقواماً ، لو رأوني جالساً معكم ، لاستحييتُ منهم .(1)
ــــــــــــــــــ
(1) «زهد ابن المبارك» (ص60) ، «تاريخ دمشق» (58/171) ، «المجالسة وجواهر العلم» (2/241).
 



قال عبد الله بن عمرو - توفي سنة (65 هـ) - رضي الله عنه -:
لو أنَّ رجُلين من أوائل هذه الأمة خَلَوَا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية ، لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئاً مما كانا عليه.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «زهد ابن المبارك» (ص 61)

 



ال عبد الله بن عباس - توفي سنة (68 هـ) - رضي الله عنه -:
لولا مخافة الوسواس، لدخلت إلى بلاد لا أنيس بها، وهل يفسد الناس إلا الناس ؟ !.(1)
ــــــــــــــــــ
(1) «العزلة والإنفراد» (ص 53) ، «الصمت» (ص 101).

 



قال عبد الله بن عباس-رضي الله عنه -:
ذهب الناسُ وبقي النَّسْنَاس ، قيل له: وما النَّسْنَاس ؟ قال: الذين يشبهون الناس وليسوا بالناس .(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «حلية الأولياء» (1 / 328) ، «المجالسة وجواهر العلم» (3/21) ، «مساوئ الأخلاق» (ص 147)

 



قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -:
يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقولون: قال أبو بكر وعمر ؟. (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «مسند أحمد» (1/337) ، «الفتاوى» (20/215) ، «إعلام الموقعين» (2/238).
 



قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -:
من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك،
وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا ! وذلك لا يجدي على أهله شيئًا .(1)
ـــــــــــــــــــــــ
(1) «زهد ابن المبارك» (ص 120) ، «حلية الأولياء» (1/302)
 



كان عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -يتمثل بهذا البيت:
فَمَا النَّاسُ بِالنَّاسِ الَّذِينَ عَهِدْتَهُمْ ... وَلَا الدَّارُ بِالدَّارِ الَّتِي كُنْتَ تَعْرِفُ
علق أبو عبد الله ابن بطة - توفي سنة (387هـ) -رحمه الله -:
هذا يا إخواني رحمنا الله وإياكم قول أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عبد الله بن بُسْر، وأنس بن مالك، وأبي الدرداء، وابن عباس، ومن تركتُ أكثر ممن ذكرتُ،
فيا ليت شِعري كيف حال المؤمن في هذا الزمان، وأيُّ عيش له مع أهله، وهو لو عاد عليلا لعاين عنده، وفي منزله، وما أعده هو وأهله للعلة والمرض من صنوف البدع ومخالفة السنن، والمضاهاة للفرس والروم وأهل الجاهلية ما لا يجوز له معه عيادة المرضى، وكذلك إن شهد جنازة، وكذلك إن شهد إملاك رجل مسلم، وكذلك إن شهد له وليمة، وكذلك إن خرج يريد الحج عاين في هذه المواطن ما يُنكِره ويُكرِبه ويسؤه في نفسه وفي المسلمين ويغمه ،
فإذا كانت مطالب الحق قد صارت بواطل , ومحاسن المسلمين قد صارت مفاضح , فماذا عسى أن تكون أفعالهم في الأمور التي نطوي عن ذكرها , فإنا لله وإنا إليه راجعون , ما أعظم مصائب المسلمين في الدين , وأقلَّ في ذلك المُفَكِّرِين
الطُّرُقُ شَتَّى وَطُرُقُ الْحَقِّ مُفْرَدَةٌ ... وَالسَّالِكُونَ طَرِيقَ الْحَقِّ آحَادُ
لَا يُطْلَبُونَ وَلَا تُبْغَى مَآثِرُهُمْ ... فَهُمْ عَلَى مَهَلٍ يَمْشُونَ قُصَّادُ
وَالنَّاسُ فِي غَفْلَةٍ عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ ... فَكُلُّهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ حُوَّادُ
غَمَرَ الناسَ يا إخواني البلاءُ , وانغلقت طرقُ السلامة والنجاء ومات العلماء والنصحاء وفُقِدَ الأمناء , وصار الناس داء ليس يُبْرِيه الدواء نسأل الله التوفيق للرشاد والعصمة والسداد.(1)
ــــــــــــــــــــ
(1)«الإبانة الكبرى» (2/574)
 



قال عدي بن حاتم - توفي سنة (68 هـ) - رضي الله عنه -:
إنكم في زمانٍ معروفُه مُنْكَرُ زمان قد مضى، ومُنْكَرُهُ معروفُ زمان لم يأت .(1)
ـــــــــــــــــــــ
(1) «مصنف ابن أبي شيبة» (13/559) ، «البدع والنهي عنها» (ص 70) .
 



قال عبد الله بن عمر - توفي سنة (73 هـ) - رضي الله عنه -:
لقد عشنا بُرْهَةً من دهرنا وإنَّ أحدنا لَيُؤْتَى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد -صلى الله عليه وسلم- فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم .
ولقد رأينا اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ويَنثُره نَثْرَ الدُّقَل(1) .(2)
ـــــــــــــــــــــ
(1) تمر رديء لا يتلاصق، فإذا نثر تفرق وانفردت كل تمرة عن أختها؛ يريد أنه يهذُّ القرآن هذًّا .
(2) «السنن الكبرى» (3/120) ، «المستدرك» (1/91) ، «تاريخ دمشق» (31/160).
 



سُئل عبد الله بن بسر توفي سنة (88 هـ) -رضي الله عنه -:
كيف حالنا مِنْ حال من كان قبلنا
قال: سبحان الله: والله لو نُشِرُوا من القبور ، ما عرفوكم إلا أن يجدوكم قياماً تصلون .(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «المعجم الأوسط» (1/152) ، «الإبانة الكبرى» (2/573) ، «تاريخ الإسلام» (5/102)
 



قال أنس بن مالك - توفي سنة (92هـ) - رضي الله عنه -:
لو أنّ رجلاً أدرك السّلف الأوّل ثمّ بُعِثَ اليوم ما عرف من الإسلام شيئاً قال: ووضع يده على خدّه ثمّ قال: إلّا هذه الصّلاة.
ثمّ قال: أمّا واللّه على ذلك لمن عاش في النّكر (1) ولم يدرك ذلك السلف الصالح فرأى مبتدعاً يدعو إلى بدعته، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه، فعصمه اللّه من ذلك، وجعل قلبه يحنُّ إلى ذلك السلف الصالح، يسأل عن سبلهم، ويقتصّ آثارهم، ويتّبع سبيلهم، ليعوّض أجرا عظيما،
وكذلك فكونوا إن شاء اللّه .(1)
ــــــــ
(1) زمن المنكر
(2) «الاعتصام للشاطبي» (1/ 26) ،وورد بنفس اللفظ من كلام الحسن البصري في «البدع والنهي عنا لابن وضاح» (2/129)
 



قال ابن شهاب الزهري –رحمه الله-:
دخلتُ على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك؟! فقال : لا أعرفُ شيئاً مما أدركتُ إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاةُ قد ضُيِّعَت.(1)
علق أبو بكر الطرطوشي - توفي سنة (520 هـ) –رحمه الله-:
فانظروا - رحمكم الله - إذا كان في ذلك الزمان طُمِس الحقُ وظهر الباطل حتى لا يعرف من الأمر القديم إلا القبلة؛ فما ظنك بزمانك هذا؟ !والله المستعان.(2)
ـــــــــــــــــــــــ
(1) «صحيح البخاري» (1/112)
(2) «الحوادث والبدع» (ص 42)
 



وقال - رضي الله عنه -:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا، فإني أراكم من وراء ظهري .(1)
قال أنس: لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه، ولو ذهبت تفعل ذلك - اليوم - لترى أحدهم بَغْلٌ شَمُوس(2).(3)
ـــــــــ
(1) الشمُوس:هو الفرس يستعصي على راكبه.
(2) «صحيح البخاري» (1/146)
(3)«مصنف ابن أبي شيبة» (3/211) ، «مسند أبي يعلى» (6/381) ، «فتح الباري» (3/78).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
جهاد حِلِّسْ
  • فوائد من كتاب
  • درر وفوائد
  • الصفحة الرئيسية