اطبع هذه الصفحة


خواطر وتأملات في إصلاح البيوت

(العبودية في البيوت7)
قلب واحد في بيت واحد!

خالد عبداللطيف

 
قلوب.. وعجائب!
عندما تضطرب الغايات؛ تصبح قلوب أفراد البيت الواحد شتى، تجمعها الجدران، وبعض العادات، في حين تفرّقها الأهواء في ميادينها يمنة ويسرة!
أما إذا ائتلفت القلوب على وجهة واحدة - وإن تعددت السبل إلى هذه الوجهة -؛ فإن قلوب أفراد البيت تكون على قلب واحد؛ من والد ووالدة وإخوة وأخوات، فهذا في سعيه يشبه ذاك في صمته، وهذه في نصحها تشبه تلك في مرحها..!
فالمنبع واحد يستقون منه جميعاً.. والمرجع واحد يتجهون إليه جميعاً..!
إنها عجائب القلوب إذا اتحدت وجهتها إلى مقلّبها ومصرّفها جل وعلا!

وفي العَشْر ميدان..!
صورة للقلب الواحد في البيت الواحد.. لا نفتقدها في أزمنتنا؛ فالخيرية باقية إلى قيام الساعة:
أن ترى الوالد في العشر الأواخر - أو ما تيسّر له منها - معتكفاً في المسجد؛ تالياً وذاكراً ومصلياً، تأسياً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، بعد أن أعدّ لأهل بيته ما يلزمهم، واطمئن عليهم. وفي بيته امرأة صالحة عاكفة في دارها على مصحفها، حال فراغها من شؤون بنيها، يحيط بها قرة عين ورياحين؛ يحاكون الصلاح، ويمسكون بمصاحفهم، ويتسابقون في الختمات!
وهكذا يكون حالهم في العبودية.. على قلب واحد؛ يتجه إلى رب واحد، يرجو غاية واحدة.. ولسان حالهم في هذا الموسم الكريم إيمان واحتساب لما أخبرت به الصدّيقة عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: "كان إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله" (متفق عليه).
لا تتعجب.. إنها العبودية!!
عندما ترى رجال البيت الواحد جميعهم في الصف الأول خلف الإمام كل يوم في صلاة الفجر،؛ فلا تتعجب.. وعندما ترى أو تسمع عن صور فائقة من البر العظيم لأبناء هذا البيت بوالديهم؛ فلا تتعجب.. وعندما ترى المساكين لا يرجعون عن هذا البيت إلا بوجوه تتهلل سرورا فلا تتعجب.. ومهما سمعت أو رأيت من أحوال الخير والصلاح وحسن الخلق ونفع الناس والإصلاح بينهم.. مما ينسب إلى أهل هذا البيت فلا تتعجب..
إنها العبودية لله رب العالمين؛ تهون معها مشقة العبادة، وتترك من أجلها المضاجع، ويبذل بسببها الجاه والمال. وتُجمع بفضلها قلوب أهل البيت جميعاً على قلب واحد..!

حروف الختام..

من روائع القصص في عجائب العبودية ووحدة القصد والغاية للمولى جل وعلا:
ما جاء في أخبار غزوة أحد، في تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}:
أنه كان لعبد اللّه بن عمرو بن حرام أبي جابر بن عبد اللّه – رضي الله عنهما - سبع بنات سوى عبداللّه، فقال لعبداللّه: يا بني, انه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن, ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول اللّه على نفسي, فتخلّف على أخواتك!
فتخلف عبد اللّه, وخرج أبوه، واستشهد في هذه الغزوة. ثم بشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها جابراً أن الله تعالى كلم والده عبدالله كفاحاً من غير حجاب!
وروي عن الإمام أحمد: هل يؤثر الرجل أباه بمكانه في الصف الأول؟
فقال: لا، لا إيثار في القربات، لا تؤثر أحدا بحظك من الله!

 

خالد عبداللطيف
  • إصلاح البيوت
  • نصرة الرسول
  • زغل الإخاء
  • استشارات
  • أعمال أخرى
  • الصفحة الرئيسية