اطبع هذه الصفحة


حوار مع الدكتور / محمد الحسن عبد الرحمن حول الأوضاع الحالية في السودان بين الواقع والمأمول

حاوره في الرياض: خباب بن مروان الحمد


المدير العام لصندوق إعانة المرضى بالسودان الدكتور محمد الحسن عبد الرحمن يصرح قائلاً:
لن يسكت التنصير عن جنوب السودان حتى ينفذوا مخططهم

مقدمة الحوار:

يعاني السودان ـ الذي يعدُّ عمقاً استراتيجياً في الوسط الإسلامي ـ مأساة حقيقية تحت مطرقة الحروب وسندان التغيير لهويَّة الشعب السوداني المسلم؛ فقد انطلقت معاناة ذلك البلد منذ بدء الاستعمار، واستمرَّ ذلك في ظلّ الحكومات المتعاقبة، مروراً بهجمات الحروب والفقر والتنصير والمخططات الداخلية والخارجية لزعزعة أمنه واستقراره نحو تدحرجات لا تعلم نهايتها!

وفي هذا الحوار الذي نلتقي فيه ضيفنا فضيلة الدكتور محمد بن الحسن عبد الرحمن، المدير العام لصندوق إعانة المرضى بالسودان، نحاول أن نسلّط فيه الضوء على العديد من القضايا التي تهم المتابع للواقع السوداني، وصندوق إعانة المرضى أحد المؤسسات الإسلاميَّة الناشطة في المجال الطبي في جميع أنحاء السودان، ويقدّم خدمات نوعية متميزة.

^: مجلة البيان ـ ترحِّب بكم في هذا اللقاء، الذي نسأل الله فيه أن يوفِّقكم ويفتح عليكم، ونتمنَّى أن تعطونا نبذة عن أوضاع المسلمين في الجنوب السوداني من ناحية دينية واقتصادية وسياسية واجتماعية.

* أهلاً وسهلاً بكم، وأشكركم شكراً جزيلاً على إتاحة هذه الفرصة لإبداء ما لدي حول الواقع السوداني وما يعرض له.

منطقة جنوب السودان لها وضع خاص بالسودان بحكم قضايا تاريخية وسياسية، وتمثل مساحتها ربع السودان تقريباً، وسكان الجنوب يمثلون تقريباً ستة مـلايين نسمـة، ولا توجد للمسلمين إحـصاءات واضحـة ولـكـن تقـدر النسـبة بـ 20% من عدد سكان الجنوب.

وغالب عقيدة الجنوبيين هي الوثنية؛ حيث يقدَّر معتنقوها سابقاً بـ 60%، والآن لا توجد إحصاءات دقيقة لهم بل هم يقلُّون، بسبب التزايد الكبير للديانة النصرانية؛ لأن من ورائها منظمات تنصيريَّة فاعلة أقدم وأقوى من العمل الإسلامي في جنوب السودان، وإن كان المسلمون في زيادة تكاثريَّة في تلك المنطقة.

وللتباين العرقي والديني ونتيجة للاستعمار الإنجليزي الذي كان في السودان، حيث أدَّى إلى حاجز وفجوة بين الجنوب والشمال؛ وذلك بموجب قانون إنجليزي اسمه (قانون المناطق المغـلقة) الذي يمنع التمازج والتداخل بين الشمال والجنوب، فـلم يكن يسـمح للجنـوبي السـوداني أن يدخل لمنطقة الشمال إلا بإذن، وذلك هدف وبرنامج مقصود للإنجليز، ليكون الجنوب مختلفاً ثقافياً واجتماعياً، مع افتعال المشكلات في الجنوب، وهذا عمل بذره الإنجليز في بداية الاستعمار الإنجليزي.

ولهذا تأخرت أسلمة الجنوب والعمل فيه، بجانب الإشكال الكبير وهو الإشكال الأمني؛ فالجنوب منذ 1955م، بدأت فيه أول العمليات المسلحة في العداوة مع الشمال، وكان ذلك بسبب فتنة زرعت من الخارج بأصابع مجرمة.

والجنوب ـ والحمد لله ـ غنيٌ بالموارد الطبيعية؛ ففيه أمطار كثيرة؛ والمناخ استوائي، ولذا فالأرض غنية والأنهار كثيرة جداً، وكذلك الأراضي الصالحة للزراعة، بحيث يتم استغلال الثروات الزراعية والحيوانية، وكذلك في الجنوب ثروة معدنية وهو النفط؛ فالبترول الذي يستخرج في السودان، ويبلغ حوالي 300 ألف برميل يومياً الآن، أكثره موجود في جنوب السودان في ولاية الوحدة، ولهذا فالجنوب الآن من ناحية اقتصادية منطقة حيوية جداً في السودان.

أمَّا العلاقة بين الشمال والجنوب فهي علاقة جيدة، وما يثار من إشاعـات بـأنه لا يوجد توافق بين الجنوبيين والشماليين، فهذا شيء غير صحيح تماماً، بل العلاقة مع الاختلاف والتباين العرقي تتسم بالتعامل والاحترام، ولكن التمازج والتداخل والتعايش والمعاشرة كانت متأخرة نتيجة للموانع السياسية التي وضعها الإنجليز وغيرهم.

فالجنوب جزء عزيز من السودان ولكنه ـ وللأسف ـ يُستغل من جهات في الخارج حتى يكون لقمة سائغة للمفسدين والمغرضين.

^: هل ترى أن الوضع السوداني في هذه الفترة مهدد بالتفتيت والتقسيم، وخاصَّة أنَّ كثيراً من المراقبين يرى أن السودان مهدد بالتجزئة، بفصل الجنوب عن الشمال؟

* التهديد بالانفصال لا زال هذا الأمر وارداً، والسبب الرئيس لوجوده هـو: التـدخـل الخـارجي وبعض الأصوات النشاز التـي تنـادي بالانفصال نتيـجة للتباين العـرقـي والعقدي، ونحن لا نستطيع أن نقول إن الجنوب خاص بديانة معينة؛ لأن فيه مسلمين ونصارى ووثنيين، ومن ثَم لا يوجد دين معين يحكمه.

^: ولكن ألا ترى أنهم يتحاكمون لمبدأ الأكثرية؟

* لا توجد ديانة محددة نستطيع أن نقول هي الأكثرية الغالبة الحاكمة في الجنوب السوداني، بل الوثنية هي الأغلب في تلك المنطقة، ولكن لا يوجد لهم غلبة حتى يُحكَم كل أهل الجنوب بمجموعة معينة لها معتقد معين في جنوب السودان.

وهذه الدعوات التي تدعو للانفصال لها أبعاد أخرى سياسية متعلقة بالصراع حول المنطقة وأهميتها الاقتصادية، واستقرار القارة، وتوجد اتجاهات تحب أن تحصل شروخ بالبلد، ولا زال التهديد موجوداً، فجاءت اتفاقية السلام التي وقعتها حكومة السودان الحالية، مدخلاً نحو التوافق وحل إشكالية الجنوب، إلاَّ أنَّها تمر بفترة تجربة واختبار، وهي الفترة الانتقالية.

^: هل تظن أنَّ هذه التجربة ستنجح؟

* ستنجح في إيجاد شيء من الإيجابيات، ولكن هل تنجح في الاندماج والارتباط أم لا؟ هذا يحدده تنفيذ البرامج العمليَّة المطروحة نحو تنمية قضية الجنوب والارتباط، ولكن في تقديري الشخصي أننا نعيش في محور الانفصال أكثر من محور الاندماج نتيجة لكثرة المنافقين والمغرضين في القيادات الجنوبية من ناحية، وكثرة التدخلات الخارجية والتحريك الخفي في إدارة الصراع الموجود في السودان.

^: للمنصِّرين جهد واضح في السودان فهل من إلماحة سريعة في ذلك؟

* نعم! لهم جهد واضح، وتوجد مجمعات كنسية في السودان، ومنظمات تنصيرية مباشرة، وهي منظمات طوعية وتقدر بالعشرات، ولها دعم كبير؛ ففي سنة من السنين كانت ميزانية إحدى المنظمات التنصيرية العاملة أكثر من 13مليون دولار، ومدخلهم الأساسي للتنصير هي الخدمات التي يقدمونها لمن يريدون تنصيرهم، من قبل المراكز الصحية والاجتماعية وعملهم الأساس في جنوب السودان، ولكن رغم ذلك فإن الجمعيات الدعوية والخيرية الإسلامية إذا نشطت فسيتم ـ بإذن الله ـ إسلام الكثير من السودانيين، وإذا اعتنى الدعاة والمصلحون في ذلك فسيكتب الله على أيديهم خيراً كثيراً، ومن أهم المتطلَّبات العناية بالتعليم؛ لأن من الخدمات التي تقوم بها الجمعيات التنصيرية في السودان مدارس تحت إشراف الكنائس، وبعض الناس الذين لهم وضعية جيدة مثل السفراء يرعون هذه الجمعيات التنصيرية.

^: لماذا يلاحظ أنَّ أداء الجهات الرسمية ضعيف أمام الجهود الكنسيَّة المتوالية؟

* للأسف فإنَّ القوانين الموجودة في السودان لا تقف أمام الكنيسة ونشاطاتها التنصيرية، والسبب تغيير قانون المنظـمات التنـصيريـة الذي ألغـي قـبل 12 سنة، وأما الملابسات التي أدَّت إلى إلغاء هذا القانون؛ فهذا سؤال لا أستطيع الإجابة عنه؛ لأنَّ ذلك أمر غير معلوم لدي، وهو جدير بالبحث والتتبع.

^: «لن أنسـى السـودان أبـدًا، وإن نسيت فأنتم من ورائي» هذه عبارة أطلقها جورج بوش لأعضاء اليمين النصراني بالكونجرس الأمريكي وبحضور صديقه المنصِّر الشهير فرانكلين جراهام. ماذا تحمل تلك العبارة في طيَّاتها، وكيف يواجه مسلمو السودان ذلك التحدِّي؟

* هذه العبارة تحمل في طيَّاتها ما رُفِعَ في شعار المؤسسات التنصيرية منذ عقدين من الزمان أو يزيد، نحو تنصير القارة الأفريقية بمجملها. وتنصير القارة الأفريقية له محاور، ومن أهم محاوره: كسر الحاجز أمام المنصرين، ووضع فجوة كبيرة جداً بين شمال القارة وجنوبها. وشمال القارة ممثل في الشريط العربي بين مصر وبين دول المغرب العربي، فخط الحاجز الأساسي هو السودان؛ فحتى يدخل هذا الشعار، وينزَّل على أرض الواقع فالمخطط فصـل السـودان وقطـعـه عن الجنوب، ولا ريب أنَّ الفصل من شعارات الكنيسة، ولن يسكت دعاة التنصير عن جنوب السودان أبداً؛ لأن هذا مدخل أساسي لهم لتحويل القارة وفصل شمال السودان عن جنوبه، ولهذا فبرامج التنصير في السودان لن تكف، والكنيسة لن تقف عن دعوات التنصير المحمومة، ولن يفتروا عنها.

^: ولكن ماذا عن دعاة أهل السنة تجاه تلك الدوافع التنصيرية المشبوهة؟

* المطلوب من الحكومة السودانية أولاً ثم من دعاة الإسلام ثانياً هو العمل في جنوب السودان، من خلال تنمية وتوفير الخدمات الضرورية التي هي من نواقص الجنوب ويحتاجها أهله، وتقديم النموذج الطيب نحوهم لإدخالهم في دين الإسلام؛ فالجنوبيون يحبون السودان ويُقبلون عليه، وإذا عُرض عليهم الإسلام بالموعظة الحسنة فإنهم يفتحون صدورهم له، وصدِّقني أنَّه يومياً يكثر الإسلام في السودان، ولا توجد تقديرات معينة، ولكن حسب توفير المعاش يكاد يومياًَ يسلم بعض الجنوبيين الوثنيين وحتى ممن كانوا نصارى.

ولكن المطلوب هو العمل التنموي الاجتماعي والإنساني الجاد والمنظَّم، والذي تشارك فيه جميع المؤسسات في تقديم الخدمة والدعوة والخير للجنوب السوداني، والذين هم فعلاً بحاجة ماسَّة لخدمات وإعانة وإغاثة وتثقيف حتى يكون لهم وضع أحسن من وضعهم قديماً؛ لأن الجنوب من خلال الحرب يكاد يكون متخلفاً من ناحية تنموية وخدمية؛ فعلى المؤسسات الحكومية السودانية والمؤسسات الإسلامية بخاصَّة توفير ما يعين أهل الجنوب على الاستقرار، وتقديم الخدمات الإنسانية الأساسية من ناحية أخرى، وعندها سَيَرَوْن كيف يُقبلون على الاهتداء إلى دين الإسلام؛ لأنه دين الفطرة، من غير التعقيد الذي اتسمت به بعض الديانات الأخرى.

^: برأيك بعد تولي (سالفا كير) قيادة الحزب النصراني في الجنوب، كيف ترى الأمور ستسير في الجنوب السوداني، وهل ترى أنَّ ذلك لصالح الأمة السودانية المسلمة؟

* (سالفا كير) ينفذ برنامجاً متفقاً عليه بين الحكومة السودانية وبين الحركة الشعبية، وهذا من ناحية أجندة البرنامج ومكوناته التي هي المشاركة في القسمة السياسية والقسمة المالية، وهي التي تسمى (الثروة والسلطة) في شعارات الكثيرين. أمَّا التشكيل الحكومي فهذا غير متفق عليه، وفي النهاية هذا البرنامج تحكم فيه صناديق الاقتراع في التصويت في حق تقرير المصير، وهل سيكون الجنوب جزءاً من السودان أو يكون دولة مستقلة؛ فالمسألة تحتاج لعمل جاد في مختلف الأوساط والاتجاهات الحكوميَّة بشكل خاص.

والشاهد أن (سالفا كير) يُنقَل عنه أن فيه روحاً انفصالية، ولكن الاتفاقية شعارها الأساس (الوحدة) وهذا يعني أن تقدم الحكومة السودانية والمجتمع السوداني في شمال السودان من دواعي الإغراء والإقناع والتحفيز لأهل الجنوب حتى إذا اجتمعوا فإنهم يكونون جذوةً واحدة لأهل السودان، بيد أنَّ دعاة الانقسام موجودون، والانقسام يغذي روح التباين الكبير بين الجنوب والشمال؛ ولكن إذا صدقت النوايا فإنه يمكن أن يظل الجنوب جزءاً من السودان الواحد مع خصوصية كل جهة، وخاصَّةً أنَّ حقوق الأقليات في الإسلام محفوظة، ولكن الإشاعات والتشويش الذي حصل حول الطرح الإسلامي وصياغة الحكم الإسلامي أدَّت إلى ظهور روح التنافس، وبهذا الاتفاق ينبغي للجهات الحكومية والدعوية والأهلية أن تبرز جدِّيتها بأن يأخذوا بيد أهل الجنوب إلى التنمية والتقارب والتواصل معهم بكلِّ الجهود الممكنة.

^: هل لـ (سالفا كير) تأثير قوي على الجنوبيين؟

* ليس له تأثير قوي كما كان لسابقه (جون قرنق)، وهو قائد الحركة السياسية العسكرية التي قاتلت الحكومة وبالنهاية اتفقت معها، ولكن كما يقال في شرح وضع الحركة بعد (جون قرنق) إنها قيادة جماعية، وفي ظني أنَّ بينه وبين (جون قرنق) فرقاً كبيراً من ناحية قدرات القيادة ومؤهلاتها، فـ (سالفا كير) محنَّك من ناحية عسكرية، ولكنه أقل حنكة من الناحية السياسية، أمَّا (جون قرنق) فكان سياسياً ومحنكاً من ناحية عسكرية، وذا إمكانات أعلى، وكان يبدو مصمماً تصميماً قوياً ليقوم باتفاق الجنوب. أمَّا المراد بالاتفاق فما هو إلاَّ ليكون سبباً في تغيير السودان، تحت شعار: (سودان واحد، ولكن سودان أفريقي جديد).

^: لعلك تابعت أزمة اللاجئين في دارفور، وكثير من وسائل الإعلام ذكرت شيئاً من تلك الأزمة، إلاَّ أنَّ بعض ما فيها يشوبه الغموض؛ فهل تذكر لنا شيئاً من ذلك؟

* دارفور قضية مؤسفة؛ لأنها خلاف وصـراع في بـلاد فيـها وحـدة العـقـيـدة؛ لأنَّ أهل دارفـور كـلـهم مـســلـمـون ولا يـوجــد فيـهـا وثـنيـون أو نصارى، ولكن فيها التباين العرقي، والناس منذ زمن عاشوا سوياً من دون هذه الشجارات؛ ففيها قبائل عربية وقبائل غير عربية أو أفريقية، والتباين الموجود هو في وضعيَّة البيئة، فقد كانت محل خلاف؛ لأن القبائل العربية في دارفور قبائل رعاة وأصحاب مواشٍ وإبل يتحركون بها، والآخرون مزارعون، فكان الاحتكاك يحصل بين الرعاة والمزارعين بسبب اعتداء بعض المواشي على زراعة أحد المزارعين، فيسود الاختلاف وتعاني في ذلك القبيلة ويحكم بين المختلفين أهل الصلح، ولكن دخلت بعض الأصابع التي استفادت من بعض ما حصل من دول الجوار في تشاد وليبيا، فأدخلت السلاح الناري دارفور، فتحركت القضية وتغيرت طبيعة الصراع، ودخلت أصابع أخرى في استغلال هذه القضيَّة بدوافع حزبيَّة مقيتة.

ودارفور تحولت من قضية إنسانية إلى قضية سياسية، أدَّت إلى صراع بين الحكومة والمعادين لها والخارجين عليها في دارفور، والآن تتشكل قضية دارفور وتسير نحو أبعاد مزعجة وخطيرة على قضية السودان، مثل الدعوة إلى فصل دارفور، أو معاملتها كالتعامل مع جنوب السودان، في تقسيم الثروة والسلطة؛ فهذه الأزمة دعوة لتفريق السودان بطريقة غير مباشرة.

والآن دارفور تعيش أزمة إنسانية وهي أزمة اللاجئين، ويعاني فيها مليونا نازح خرجوا من قراهم، ويعيشون الآن في معسكرات النازحين البالغ عددها أكثر من 48 معسكراً، في شمال وجنوب غرب دارفور، ويشكلون 30 ـ 40% من سكان الإقليم وكلهم مسلمون، وهذه المعسكرات تحتاج للكثير من المتطلَّبات المعيشية كالغذاء والعلاج والماء ومخيمات الإقامة.

وللأسف فإنَّ المنظمات العاملة في المجالات الإنسانية في معسكرات دارفور أغلبها منظمات غربية، وبعضها منظمات مشبوهة. أمَّا المنظمات الإسلامية العاملة في هـذه الساحة فهي قليــلة، ونحن لـنا ـ ولله الحمد ـ في صندوق إعانة المرضى مكتب في شمال دارفور وآخر في جنوبها، ويغطيان شيئاً من المعاناة، ونقدم من خلالهما شيئاً من الخدمات والعلاجات، ونشغِّل مجموعة من العيادات، ونقدم الخدمات لبعض النازحين، ومعنا كذلك الهلال الأحمر السعودي وله جهود مقدَّرة ومشكورة، ونرجو أن يستمر في عمله هناك؛ لأن الناس بحاجة لخدماته، لكنَّ الغريب في قضية دارفور غياب كثير من المنظمات الإسلامية التي كنَّا نراها تنشط في مواقع أخرى في سنواتٍ سابقة... فما الذي جرى حتَّى ينحسر نشاطها؟

^: وما الحل في نظركم تجاه هذه المشكلة؟

* الحل في نظري يكمن في جدية الطرح من الأطراف المتصارعة، ونسيان المشكلات القديمة، ومحاولة إيجاد الحلول لها من المتضررين، وتوفير تغطية من الخدمات الأساسية لأهل دارفور؛ لأن دارفور منطقة بعيدة ليس فيها خدمات طبية وتعليمية وإنسانية، فتحتاج لشيء من الطرح السياسي الإيجابي، في أن يعطوا مساحة فيما يناسب إدارة منطقتهم، بالتنسيق مع الحكومة، ولكن ليس بالدعوة إلى الانفصال أو تقسيم البلد عبر هذه العمليات المسلحة والتي وراءها في جزء منها أصابع خفية تهدف لتقسيم السودان.

^: كيف ترى مسار الإغاثة في السودان: هل ترى أن المسلمين قصَّروا في حقِّه؟

* غالب الإغاثة الموجودة في السودان إغاثة غربية، والإغاثة العربية إغاثة ضعيفة جداً، باستثناء بعض الجهود القليلة من بعض المؤسسات العربية، كالهلال الأحمر السعودي، والهلال الأحمر الإماراتي، وبعض جهود الخيرين، ولكن لو رأيت هذا مع حاجة الناس، وجهود الإغاثات الغربيَّة لوجدتها قليلة جداً، وأنا أعتقد أن السودان رغم أنه مميز جداً في المنطقة الإسلامية إلا أنه ما أخذ حقه من الرعاية، والنظرة حول الأخطار التي تهدد السودان ومستقبله، عند بعض الجهود الدعويَّة والخيريَّة والإسلاميين وكُتَّابهم؛ فالسودان يعيش مشكلة البعد في الوجود العربي والإسلامي الذي ينبغي أن يكون بكثافة، لنساعد على ترسيخ هوية البلد؛ فهوية السودان مهددة.

وما يقدم من جهد عربي أقل مما هو مطلوب؛ لأن السودان يمر بفترة حرجة من التباين والتوجيه نحو الهوية النهائية السودانية: هل هي هوية مسلمة أم لا؟ فيجب أن يعطي المسلمون السودان عناية خاصة؛ لأن السودان عمق استراتيجي بالنسبة للأمة العربية والإسلامية.

وبالنسبة للمؤسسات الطوعية أرى أن توجه رعايتها نحو السودان للمساعدة على تنمية صرح السودان، حتى لا يرتبط بالمـد الغـربـي، وهذه دعـوة للحكومات بأن تشجع العمل الطوعي الخيري وخاصة المؤسس؛ لأنَّ المؤسسات الخيرية الإسلامية لم يثبت شيء عليها في دعم ما يسمَّى بـ (الإرهاب).

^: يتـحدَّث بعض المتابعين بأنَّ ما يحدث في السودان ليس أقل خطورة مما يحدث في العراق، وأنَّ الأخطر في المشهد السوداني أنه يتم في صمت؛ فهل يتحقق أمل الصهاينة في كيانهم الممتد من الفرات إلى النيل، وهل يتم تجهيز النيل ليكون الحد الجنوبي لكيان بني صهيون؟

* هذا الكلام فيه جزء من الحقيقة؛ فإنَّ الاهتمام الزائد من بعض المؤسسات الدولية وبعض الدول الغربية، وأمريكا على وجه الخصوص، مع العمل المكثف الذي تقوم به المؤسسات أو المنظمات الدولية والمنظمات الغربية في السودان، والطرح المتزايد نحو التقسيم غير المركزي في الحكم، وكذلك في إيجاد صيغ لنظم تحاول أن تتمرد على طبيعة الحكم في السودان، كدولة ترفع شعار الإسلام، وأن الإسلام جزء من مكونات البلد ودستوره.

وبالنسبة للتصريحات التي ذكرتها عن أماني اليهود؛ فبالتأكيد أن الظاهر في المسألة هو البعد العقدي عند بعض الطغم الحاكمة في أمريكا والدولة الصهيونيَّة حول المنطقة، والتي هي جزء من معتقدهم وتحذيراتهم بأن النيل له علاقة بما يسمَّى (دولة إسرائيل الكبرى) فهذا يبيِّن سبب الاهتمام بالسودان من الأفراد والمنظمات والمختصين والخبراء والجيوش الأجنبية التي تراقب اتفاقات السلام في دارفور، وكذا في جنوب السودان، فهذا جزء من برنامج يبدو أنه معد ومصمم بطريقة مرتبة وهادئة ومعلنة في خلخلة السودان أو تمزيقه أو التدخل في أوضاعه الداخلية؛ فالسودان يشهد تدخلاً كبيراً في قضاياه الداخلية.

^: هل تعتقد أن يحصل في المستقبل ـ لا قدَّر الله ـ شيء من ذلك في ظل الاختلافات والتباينات بين الإسلاميين في السودان، وبينهم وبين غيرهم؟

* ما هو مطروح الآن جزء منه باتجاه ما يمكن أن يكون، والآن الجنوب عنده فرصة مدتها ثلاث سنوات وبعدها سيظهر عبر التصويت: هل سيظل جنوباً للسودان، أم جـزءاً مسـتقـلاً عنه؟ فالـورقـة لا زالت شائكة، والمفاوضات متعـثـرة في اتفـاقيـة قضـية دارفـور، وما يطرح الآن من مجموعة تصورات حول حزام مقسم من مجموعة دول فمقدماتها موجودة، وهذا أمر لا يُستبعد؛ فلا يستبعد أن يكون السودان بعد قليل من السنوات عبارة عن مجموعة دويلات وليس دولة واحدة ـ نسأل الله أن يحفظ السودان وأهله من كيد الكائدين.

^: باعتبار فضيلتكم متابعاً للواقع الدعوي والإغاثي والسياسي؛ فما أكثر ما يسوؤكم في الواقع السوداني، من خلال ذلك، وكيف ترى مسيرة السودان المستقبلية؟

* أكثر ما يسوؤني في الواقع السوداني: غياب الرؤية المتكاملة حول السودان ومستقبله في الحقب السياسية السابقة وإلى الآن؛ فما تمَّ الآن من اتفاقات وما عُمل من أشياء فرضت نفسها كواقع؛ فالسودانيون شمالاً وجنوباً مؤسسات سياسية أو مجموعات اجتماعية أو دينية، ما كان عندهم رؤية متكاملة حول مستقبل السودان كبلد عنده مقومات وإمكانيات فيمكنه أن يكون دولة مميزة.

والشيء الثاني: التمايز والصراع السياسي غير المنضبط في السودان بعدة أشياء مختلفة، وما أدل على ذلك من قضايا التشكيل الوزاري الأخير، والحكومة وصراعاتها، حتى صارت القضية السودانيَّة صراعات وتكتلات، فلا يوجد وفاق ولا تعاون.

ثالثاً: عدم الجدية في البرامج العملية التي تدعو إلى إفساح الأوضاع الاجتماعية والسياسية حول برامج تنموية جادة، وعلاقات قوية ونظم مشجعة، نحو تنمية البلد.

رابعاً: التباين حول الأصوات الإسلامية؛ فنحن نعيش في أشكال تمزق حتى في الشمال، في الكتل السياسية والكتل الدينية؛ لأنها كلها دائرة حول محاور ليست هي الأولوية في مستقبل البلد؛ فهذه الأشياء مزعجة في واقع السودان. فهل يعي عقلاء السودان حجم الكـارثـة المنـتـظرة؛ لا قدَّر الله؟! ويؤلمـني ـ واللهِ ـ أشدَّ الألم هذا التدافع والاختلاف الذي لا يستفيد منه في الغالب كما نرى إلا أعداء الدين.

^: من يتابع الاختلافات بين الجماعات الإسلامية في السودان يصاب بالذهول والاستغراب؛ فلماذا لا تقلل تلك الجماعات من تلك الاختلافات، وخاصة في ظلِّ ما يشهده البلد من الضغوط الخارجية والداخلية؟

* للأسف واقع الجماعات الإسلامية ليس مريحاً نتيجة للتباين والخلافات، وصراع المجموعات الإسلامية العاملة، سواء أكانت أحزاباً أو جماعاتٍ إسلامية عاملة، مع أنَّ الواجب هو التوحد والاجتماع خاصة في هذه المرحلة من تاريخ السودان الذي يتربص به الأعداء من كل جانب، وإذا لم يتم ذلك فلا أقل من أن يتم التنسيق والتواصل الإيجابي لتحقيق مصالح أعلى لخدمة الإسلام في السودان؛ فالأوْلى الآن خدمة الإسلام بالكلية، وقضايا الخلاف يجب أن تناقش بالطريقة العلمية الشرعية الصحيحة، الخالية من الهوى والانتصار للنفس، مع التعاون على البر والتقوى.

^: يزعم بعضهم أنَّ السودانيين لم يستغلُّوا ويستثمروا الأرض والطبيعة في مشاريع تنموية هامَّة، وخاصَّة أنَّ الأرض السودانيَّة تكمن تحتها الخيرات؛ فما رأيكم في مدى صحَّة تلك الدعوى؟ وكيف يفعَّل دور السودانيين لما فيه خدمة البلاد والعباد؟

* السودان بلد مليء بالموارد الطبيعية، ولا زال البلد بكراً من ناحية الثروات الكثيرة: المعدنية والمالية والحيوانية والنباتية والتي لم تستغل، ومن أكبر الأسباب التي أدت لعدم استغلال هذه الموارد عدة أمور، منها:

أولاً: الصراع المتبادل بين الحكومات المتتابعة للسودان؛ وبين جنوب السودان؛ فموارد الحكومة السودانية تذهب للأعباء العسكرية والحربية.

ثانياً: ضعف التخطيط؛ فأغلب الحكومات السودانية المتعاقبة، ما كانت تخطط تخطيطاً سليماً ومتكاملاً، وقد يدَّعون أنهم في ظل الحروب لا يستطيعون التخطيط والإنماء؛ حيث إنَّ الحروب أكلت السودان منذ أن استقل؛ وحرب السودان بدأت عام 1955، ونتيجة لعدم الاستقرار السياسي وتعاقب الحكومات والتردد بين الأنظمة العسكرية والأنظمة المدنية، عاش السودان 38 سنة تحت ظل هذه الحكومات العسكرية، والتي تأتي بعد تجربة ديموقراطية فاشلة، ولذا لم يستقر الوضع السياسي في السودان على نمط معين، حتى تبدو التنمية التدريجية، ولهذا لا يوجد بناء تنموي متواصل، بحيث يبني الأول فيتبعه الآخر بالبناء، بل قد يوجد هدم من دون تواصل للبنية التنموية، ولهذا ضاعت كثير من الطاقات والموارد.

ثالثاً: الإحجام الجزئي من رؤوس الأموال العربية خاصَّة، لكن الذي يحجم يُعْذَر؛ لأنه أحجم عن العمل في بلد غير مستقر أمنياً وسياسياً. نعم السودان بدأ يتجاوز جزءاً من هذا الإشكال بعد اكتشاف النفط، لكنه لا زال مهدداً بعدم الاستقرار الأمني والسياسي، من خلال العديد من القضايا مع الغرب، والصراع مع الجنوب، والصراع بين الأحزاب، هذا وغيره لم يجعل البيئة صالحة لتنمية الموارد وإصلاح أوضاع الناس.

^: لكن المراقب لوضع الجماعات الإسلاميَّة السودانية يلحظُ أنَّ كثيراً منهم يقولون: الواجب الوحدة، فإن لم يكن فالتنسيق؛ فلماذا لا تفعَّل برامج حيوية مشتركة بين الجماعات الإسلامية لتنفيذ ذلك وتوظيفه لواقع عملي تطبيقي لنصرة الجهد الإسلامي؟

* هذا هو المطلوب بتحويل هذا المفهوم للواقع العملي، وإذا أردنا ذلك فالمسألة تحتاج إلى التخلي عن بعض الحزبيات الموجودة عند كثير من المجموعات والأفراد المنتسبين لها، سواء أكانت تحزباً لقيادة أو انتماءٍ أو جماعة أو رموز، ولذا لا بد من مراعاة المصالح العليا للإسلام، من خلال أمور على رأسها: الإخلاص لله، والثاني: الفهم الصحيح وأيُّ المصلحتين أوْلى فتختار المصلحة الأعلى، فمثلاً: أتنازل عن بعض الحق الذي معي بجانب حق أكبر لنصرته ومصلحة أعلى. ودعني أقول: إنَّه وللأسف أن ممن أسهم في إذكاء روح أزمة دارفور، وجزء منها بعض المنتسبين للأحزاب الإسلامية، والتي من أسبابها الصراع بين الترابي والحكومة؛ لأن بعض أتباع الترابي عمل على إذكاء ذلك، والحقيقة أنَّ هذا اختلاف غير محمود وليس خلافاً شرعياً ولا أخلاقياً.

^: يرى بعض المراقبين أنَّ السودان يقدم في الآونة الأخيرة تنازلات كثيرة؛ فما سبب ذلك؟

* الحكومة من خلال برنامج المفاوضات والاتفاق مع الجنوب قدَّمت تنازلات كثيرة، وتلك التنازلات الهدف منها: تحقيق السلام كهدف استراتيجي لترتيب أوضاع البلد نحو إنهاء أوضاع الحرب، ولإقامة برنامج بعد إنهاء الحرب لصالح الوحدة في السودان، فتمت تنازلات كانت ظاهرة جداً، وسببت خلافاً مع بعض الزعامات والقيادات الموجودة، ولذا ترك كثير من القادة والمسؤولين مسؤولياتهم، واستقالوا من الحكومة نتيجة لتلك التنازلات، والحكومة مبررها لذلك هو إتمام اتفاق السلام، ومحاصرة الجنوبيين بمنطق أننا قبلنا بأشياء كثيرة وتنازلنا لأجل السلام، وليظهروا أمام المجتمع الدولي أنهم حكومة غير متعصبة تنازلت عن أشياء كثيرة لأجل السلام والوحدة. والحقيقة أنَّ بعض أجزاء التنازل في بعض منها قد يكون له ما يبرِّره، ولكن هناك بعض التفصيلات غير المعلنة نحتاج لمعرفتها، إلاَّ أنَّه توجد قضايا وقفت عندها الحكومة موقفاً جيداً مثل قضية العاصمة، وعدم علمنة الحكومة، ونحن نرجو أن يكون تطبيق الشريعة واقعاً عملياً في السودان.

^: ما جهود أهل السنة والجماعة في نشر التوحيد في السودان؟

* جهود أهل السنة كبيرة عبر النشاط الدعوي الميداني في المساجد والأسواق وفي الساحات والمنتديات الثقافية، ولكن المطلوب أكثر مما هو موجود؛ فلا زالت هناك في السودان مساحة تحتاج لتغطية من أهل السنة والتوحيد والدعوة إلى الدين الحق، والمساجد مفتوحة للدعاة، وكذا المدارس والجامعات، فيلزم أهل السنة مضاعفة جهودهم والدعوة إلى التوحيد، ومن ذلك نشر الكتاب والشريط الإسلامي، ولا بد كذلك من الانتشار في كل الساحات السودانية، وتوجد ـ ولله الحمد ـ منظمات سنيَّة كثيرة تدعو إلى الله في السودان، ولكن تحتاج إلى من يدعمها ويوفر كل الإمكانات المتاحة لها، حيث إنَّ بعضها تخرِّج طلبة علم ودعاة إلى الله؛ فالواجب تحفيز هذه الجمعيات وتقديم يد المساعدة لها؛ لأن السودان بلد مفتوح للدعوة.

^: للصوفية الغالبة سوق رائجة في بعض أنحاء السودان، ونسمع الآن أنَّ البرعي كان له دور في نشر الشرك في السودان، ومن ورائه تيار يجري وينشر فكره، وهل بعد هلاكه قلَّ أنصاره أم لا؟

* البرعي ظاهرة مزعجة؛ لأن البرعي ليس أول القيادات الدينية الصوفية، إلاَّ أنَّه في هذا العصر كان فتنة لبعض السودانيين؛ فكثير من الناس تعلقوا به تعلقاً لا يجوز، بل هو تعلق حزبي، وكان هذا ظاهراً من خلال الشعارات والعبارات والقصائد والمدائح فيه، ومن أسباب ذلك:

1 ـ الجهل الغالب في المجتمع السوداني وهو سبب رئيس لذلك.

2 ـ أنَّه ـ وللأسف ـ كان للحكومة دور في تنشيط البرعي وتياره وتلميعه؛ فمثلاًُ أول جسر ضخم أسَّسته الحكومة جاءت بالبرعـي ومشـى علـيه لتحـل فيه البركـة ـ كما زعموا ـ كما أنه كان مستشاراً دينياً للحكومة، ولهذا تعلَّق به الناس تعلقاً أشدَّ من تعلق القبوريين بالأموات، وكما هو المعلوم فإنَّ فتنة الأحياء أشد خطراً من فتنة الأموات، ولهذا لما مات بـقي كثـير مـن الـناس متـعلقين به، نسأل اللـه السـلامة. لكن من فضل الـله ـ تعالى ـ أنَّ السودان يُقبِل على عقيدة التوحيد، وهذا يجعلني أؤكد على ضرورة الحرص على عرض الدعوة الإسلامية عرضاً ميسراً محبباً إلى القلوب، مع تكاتف الجهود لتحقيق ذلك.

^: (حتى لا يقال كان السودان بلداً سنياً) هذا عنوان مقال قرأته في مجلة البيان حول انتشار الوجود الشيعي الرافضي في السودان، بل سمعت أنَّه في جامعة دارفور يوجد مدٌّ متزايد من أمثال هؤلاء الذين لهم دور في قلب عقائد أهل السنة إلى العقيدة الشيعية؛ فماذا فعل الغيورون حيال تلك الهجمة الرافضيَّة؟

* للأسف فإنَّ الرافضة لهم دور كبير في السودان ونشاط واسع، ولهم تأثير بين أوساط الشباب، وللسفارة الإيرانية في الخرطوم جهد كبير في ذلك؛ فهم منذ عشرين سنة يستقطبون بعض الطلاب السودانيين ليدرسوا في إيران عبر البعثات الدراسية، وللأسف فإنَّ بعض أبناء السودان اعتقدوا عقيدة الرافضة، وصدرت مؤلفات لبعض كتاب سودانيين، مثل كتاب فاطمة الزهراء، وكتاب الحظيرة الكبرى، ويوجد مشايخ اشتهروا وصاروا يستغلون تجمعات الشباب بدغدغة غرائزهم بمثل: نكاح المتعة، ولكن الروح الطيبة عند السودانيين وخاصة رسوخ حب وتعظيم أصحاب النبي، لعلَّها تمنع من تشيُّع السودانيين أو قبول القدح في صحابة رسول الله #؛ ولكن يجب علينا أن نحذر من بعض الحركات الإسلامية التي لا ترى فرقاً بين منهج الشيعة والسنة إلا بالفروقات الفقهية فقط، فيرقِّعون للشيعة أعمالهم، وينخدع بهم عوام بعض أهل السنَّة.

^: كلمة أخيرة لمجلة البيان؟

* في الحقيقة نشكر لمجلَّة البيان جهودها الكبيرة، وهي إضافة حقيقية للإعلام الإسلامي، ومجلة مفيدة جداً وقدمت الكثير في خدمة قضايا الإسلام الفكرية والمنهجية، والله نسأل لها العون والتوفيق.


ملاحظة:
نشر هذا الحوار في مجلة البيان عدد(223)

 

خباب الحمد