اطبع هذه الصفحة


الأجوبة الرائدة على الأسئلة الواردة

حكم سؤر الحمار والسباع

خبَّاب بن مروان الحمد


وردتني ورقة فيها بعض الأسئلة وفيها سؤال:
روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أنتوضأ بما أفضلت به الحمر؟ قال: (نعم، وبما أفضلت السباع) فمن أخرجه وما صحته، وما القول في سؤر الحمار والسباع؟

والجواب:


هذا الحديث أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، والكبرى، والدار قطني في سننه، وأخرجه الشافعي في الأم، وغيرهم من أهل العلم.
وهذا الحديث ضعيف وقد تساهل الإمام البيهقي فقال: له أسانيد إذا ضم بعضها إلى بعض كانت قوية.
وقوله غلط؛ ففي سنده داود بن الحصين وهو متكلم فيه، وقد قال البخاري وأبو حاتم عنه: حديثه ليس بالقائم، وزاد أبو حاتم ضعيف.
وقال ابن حبَّان: داود بن الحصين حدَّث عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، تجب مجانبة روايته.
وفي سنده: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، قال عنه البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ضعيف، وقال يحيى بن معين:ليس بشيء، وقال الدار قطني: ضعيف.
وفيه كذلك: إبراهيم بن أبي يحيى، كذَّبه ابن معين، والإمام مالك، وقال البخاري: قدري جهمي، تركه ابن المبارك والناس، وقال مؤمل بن إسماعيل: سمعت يحيى القطان يقول: أشهد على إبراهيم بن أبي يحيى أنَّه يكذب، وقال عنه النسائي والدار قطني متروك الحديث.
فالحديث ضعيف، وممَّن ضعفه من أهل العلم : ابن الملقن، وابن حجر، والبغوي، وابن الجوزي، والنووي، والألباني.

وأمَّا عن فقه هذه المسألة:

فسؤر الحمار والسباع مختلف فيها بين أهل العلم اختلافاً واضحا، فقد ذهب الإمام سفيان الثوري وإسحاق بن راهويه إلى نجاستها.
وذهب إلى هذا الإمام أبو حنيفة ولهذا يقول السرخسي في المبسوط :أما سؤر ما لا يؤكل لحمه من السباع كالأسد ، والفهد ، والنمر عندنا نجس!
وذهب الإمام أحمد إلى نجاستها.
وذهب الإمام مالك والأوزاعي والظاهرية إلى طهارة سؤر السباع .
وذهب عطاء والحسن البصري وابن المنذر والشافعي إلى طهارة آسار جميع الحيوانات والطيور، ما عدا الكلب والخنزير، وقاسوها على سؤر الهرة حيث أنها لا يؤكل لحمها ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أنها :(ليست بنجس) أخرجه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح، والحدث صحيح صحَّحه جماعة من أهل العلم منهم ابن عبد البر وابن دقيق العيد والنووي والألباني.
قال ابن المنذر في "الأوسط" :( ثبت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الهرة : « ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات » فحكم أسوار الدواب التي لا تؤكل لحومها حكم سؤر الهر، على أن كل ماء على الطهارة إلا ما أجمع أهل العلم عليه أنه نجس، أو يدل عليه كتاب أو سنة).
وهذا الرأي الذي قال به الإمام الشافعي وقول قاله بعض الحنابلة، أرى أنَّ هذا القول أعدل الأقوال والله أعلم مع ضرورة تقييده بألاَّ تكون هذه الحيوانات من الجلاَّلة التي تأكل العذرة.
وهو رأي كل من المشايخ : ابن باز، وابن جبرين، وسيد سابق ـ رحم الله الجميع ـ.

 

خباب الحمد