اطبع هذه الصفحة


الشعائرالإسلامية في السعودية في نظر بعض الساسة الأوربيين وأنها من أساسيات إستقرار الحكم السعودي وإحترام الآخرين له

خالد بن عبدالله الغليقة

 
بسم الله الرحمن الرحيم


قبل البدء . يقول الملك عبدالعزيز (رحمه الله) : " تكلم معي كثير من الأوربيين ، وقالوا لنا : إن حكوماتنا تكرّم الرجل الصادق الذي يقوم بحقّ بلاده ، فإذا صدقنا في أعمالنا، وقمنا بحقوق بلادنا احترمنا البعيد والقريب " (محيي الدين القابسي، المصحف والسيف، ص١١٩).

صحيح أننا نختلف مع هؤلاء الساسة الأوروبيين دينًا وحضارةً وثقافةً وأنظمة حكم ، لكننا نتفق معهم في تحليلهم السياسي لأسباب الاستقرار السياسي لدولة مسلمة ، تحكم شعبًا مسلمًا له مقدساته وشعائره الخاصة.

جوليو أندريوتي، وهو سياسي إيطاليّ تولى رئاسة الحكومة في إيطاليا ثلاث مرات: (17 فبراير 1972 - 7 يوليو 1973)، و(29 يوليو 1976 - 4 أغسطس 1979)، و(22 يوليو 1989 - 24 أبريل 1992)، وعُيّن عضوًا في مجلس الشيوخ الإيطالي، حتى وفاته في 6 مايو 2013م، في روما.

يقول عن لقائه بالملك فيصل (رحمه الله) :
"وخلال لقائنا على مائدة الغداء التي شارك فيها كبار الشخصيات السياسية والعسكرية ، إضافة إلى الشخصيات الثقافية المرموقة ، جلست إلى جانب الملك فيصل لكي أستأنف حواري الذي كنت قد بدأته أثناء المباحثات . وعدنا للحديث بصورة خاصة عن المسجد الإسلامي في روما الذي ارتأينا أن يكون محل عبادة للمسلمين المقيمين ، أو محطة ترانزيت في روما ، إضافة إلى اعتباره مركزًا للحوار ما بين الأديان . وكان الملك يخشى أن يقول لي بأن الاعتراض (الذي كان قد سمع عنه) حول عدم توافر المقابلة بالمثل بالنسبة للكاثوليك في الأراضي السعودية ، لكي يفهم في إطار تاريخي من الحماية الغيورة لتلك الأماكن المقدسة . ففي الوقت الحاضر وربما لفترة طويلة لم تنضج أية فكرة للتغيير . فالبلدان العربية الإسلامية الأخرى كانت قد استضافت في أراضيها الكنائس والمؤسسات الكاثوليكية . فالمسألة لم تكن مسألة اعتراض فكري . ولكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الوضع الحساس والاستثنائي الذي هو فيه بصفته (خادمًا للحرمين الشريفين) ؛ ولهذا السبب ثـمّن من جانبه وبدرجة كبيرة موافقة البابا بولص السادس على تشييد المسجد الإسلامي في روما ". (جوليو أندريوتي ، رأيتهم عن كثب، ص١٥٥).

وقال عن الملك فهد (رحمه الله) : "الملك فهد : عرفته من خلال مواقفه وسلوكه الدقيق مع الآخرين، ووجدت فيه السياسي الحريص على مصالح شعبه ، وأنا أكنّ للسعودية كثيرًا من الاحترام ، وأعتقد أنهم يستحقون ذلك من قبل كل الذين يعرفون أهمية هذه الدولة في الشرق الأوسط والخليج" (جوليو أندريوتي، رأيتهم عن كثب، ص٢٣).

وقال أيضًا في أثناء زيارة الملك فهد لإيطاليا : "وأذكر أن مقر إقامته كان بجوار كنيسة صغيرة مهجورة، وقد اقترح عليّ المهندسون يومئذ إقامة (نقطة الحراسة) تكون مقرًّا لإقامة الحراس . وقد صدرت منه بادرة ذكية عندما حرص على عدم إعطاء الموافقة من جانبه قبل أن يتأكّد من وجود ضمانات دقيقة بأن إقامة نقطة الحراسة داخل الكنيسة لن تترتّب عليه التزامات مقابلة ، بحيث يمكن في يوم من الأيام أن نمسّ مقدسات بلاده إذا ما نشأ وضع مشابه...، بمعنى أن لا يكون هناك تعامل بالمثل في مثل هذه الحالة" (جوليو أندريوتي، رأيتهم عن كثب، ص١٥٧).

تكلّم أندريوتي في كتابه أيضًا عن شاه إيران ، وأعطى انطباعًا يدلّل على عنوان هذه المقالة القصيرة ، من حيث عدم الاحترام له ، وذكر سببًا من الأسباب المهمّة في سقوط إمبراطوريته ، من ذلك استهانة الشاه بمقدسات الشعب الإيراني ، وما ترتّب على ذلك من نتائج كارثية.

يقول أندريوتي : " بعد أسابيع عدّة من الثورة الشعبية (ثورة الخميني) التي كانت قد خفّت حدّة مقاومة الجيش لها ، في وقت نشطت من الناحية الأخرى على يد طبقة دينية مسلمة ثارت ضد ما هو غائب بصورة واضحة من احترام شعائر شهر رمضان ، وكذلك ضد الاستهانة بالمحرمات الإسلامية . وبتأثير وضغط من الشعب الغاضب اضطر الشاه وعائلته أن يغادر أرض الوطن، وبدأ بذلك رحلته الطويلة في المنفى ، فأصبح الفرار بالنسبة له أكثر ألـمًا من السرطان الذي دمّر خلال فترة قصيرة خلايا وأنسجة الإمبراطور المخلوع ، فلم تنفعه قواته المسلحة الكامنة البرية والجوية والبحرية ، التي أثبتت بأكملها عدم جدواها رغم كلفتها العالية جدًّا ". ((جوليو أندريوتي، رأيتهم عن كثب، ص٢١٧).

أما الرئيس إدوارد هيث، وهو سياسيّ بريطانيّ من حزب المحافظين (9 يوليو 1916- 17 يوليو 2005م)، تولّى رئاسة الوزراء في بريطانيا (19 يونيو 1970- 4 مارس 1974)، وكان رئيس حزب المحافظين (1965 – 1975)، وتوفي في 17 يوليو 2005م.

فقد قال في مقالة كتبها في صحيفة الــ(تايمز) بمناسبة زيارة الملك خالد (رحمه الله) إلى بريطانيا ناصحًا الساسة الغربيين ، وعلى رأسهم ساسة بريطانيا : " فإنه من الحماقة أن تعتبر الدول الغربية صداقة السعودية لها مضمونة في كل الأحوال ، والحقيقة أن درجة صداقتها للغرب هي بمقدار ما يقدّمه الغرب من تفهم للقضايا التي تهم السعودية . ويجب أن لا نبقى حبيسي الاعتقاد القائل بأن مصلحة السعودية أن تحافظ على سياسة الصداقة للغرب ، بغضّ النظر عن تصرفات الغرب ".

وضرب لذلك مثلًا لما يجب أن يفهمه الغرب عن السعودية ، حيث قال : " تجنب سياسات يقصد منها التقليل من قدر السعودية ، ومن الأفكار التي تحملها السعودية ، مثل إخلاصها للوحدة العربية . وفوق ذلك كله ، علينا أن نتقبّل تصميم الملك خالد وشعبه للإبقاء على تقاليد الحياة الإسلامية في بلاده، وممارسة شعائرها ، مهما كنا مختلفين معهم في هذه الناحية". (من كتاب ناصر المنقور، أشواك السياسة وغربة السفارة ، محـمد السيف، ص٣١٩).


 

خالد الغليقة
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية