اطبع هذه الصفحة


رأي في مشروع: «السلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ»
الجمعة 05/10/2012

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه


بسم الله الرحمن الرحيم


هذا المشروع شُرع فيه منذ بضع سنوات، بكافة تفاصيله، بما في ذلك الآثار النبوية؛ من مقتنيات خاصة ونحوها، وقد زاره جمع من العلماء الراسخين في الإيمان، وحسن الاعتقاد، وأثنوا عليه نصًّا لفظًا ومعنىً، حتى عرفه أكثر المختصين الشرعيين إمّا رؤية، أو سماعًا، فلم يكن خافيًا على أحد، وهو من الضخامة بحيث إنّه يمثل جامعةً كبيرةً، تُعنى بأدقِّ أحوالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وحين شارف على الظهور والبروز، ظهر الاعتراضُ عليه، إمّا بعمومه، أو بخصوص محاكاة المقتنيات النبوية، ولا شك في سلامة قصد الجميع: مؤيّدين، ومعارضين. فكلُّهم سلفيون، وكلُّهم يهمّهم تحقيق التوحيد، وقطع عروق الشرك، فإذا اختلفوا فاختلافهم في تحقيق المناط: هل هذا يؤدّي إلى الشرك، أم هو ظن لا يتجاوزه إلى اليقين؟.

فحدُّ الشركِ معلومٌ، هو: افتعالُ شريكِ اللهِ فيما اختص به. وذرائعه المؤدية إليه، منها المحققة كـ: التبرّك. وهذه يمنع منها، ومنها المظنونة كـ: التوسل بالجاه. وهذه محل اختلاف للظن، ومنها الموهومة كـ: زيارة القبر النبوي. وهذه ينبغي ألا يختلف في منع الاعتداد بها. ففي أيّها يكون محاكاة المقتنيات النبوية؟. فبالقطع ليست شركًا، ولا يقول بهذا أحدٌ؛ لأنه لا ينطبق عليها تعريف الشرك، لكن هل هي ممّا تفضي إلى التبرّك، ثم الشرك، أم نوع من التوسّل المختلف فيه، أم مجردة لتذكر النبي صلى الله عليه وسلم؟.

هذا هو ما يحتاج إليه البحث بأناة شديدة، وباتخاذ أدوات المنهج العلمي الصادق، للتوصّل إلى تحديد موضعها من الذرائع، ثم يكون الحكم وفق المتحصل من النتائج، وهذا لا يتم إلاَّ بعرض القضية بتفاصيلها المؤثرة في الحكم على المختصين المختلفين، لينظر كل فريق في حجج الآخر، ويفهمها حق الفهم، ويدرك ما يحيط بالمسألة من كل جوانبها، وحصوله متأخرًا خيرٌ من عدم حصوله أصلاً.

نعم.. قد كان من الأحسن المبادرة بما يلاحظ على المشروع منذ بدايته، ولم يكن يمنع منها شيء، ففي ذلك الحين كان من السهل وضع خططه، وتحديد حدوده، أما وقد استقر وشاع، وكسب تأييد كثيرين من الموثوقين، فقد يكون التراجع عنه أو جزء منه، فيه شيء من الثقل، أو حتى التعذّر بحسب الواقع، لكن المظنون بالمؤمن الرجوع إلى الحق متى تبيّن له، سواء كان من هذا الفريق أو الآخر، ولو أنفق عمره وماله. فإن الحق لا يدور مع أحد كيف دار، بل قد يخطئ الحريص على تحقيق التوحيد، فيبالغ، فيقع في التشديد فيما حقه التيسير، وربما أخطأ فسهّل ويسّر في أمر كان ينبغي أن يُشدّد فيه، وهذا تعبير عن حال العجز البشري، وقد طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذات أنواط، كما طلب أصحاب موسى عليه السلام، ونهى الله تعالى عن سبِّ المشركين، وفاعله قاصد من وراء ذلك تعظيم الولاء لله تعالى، فليست كل أفعالنا وآرائنا بالضرورة صائبة، فاطلاع المختلفين على أدلة واستدلالات بعض، يعين على تلمس الحق وإصابته، وهذا يختص بالمتجردين للحق، الذين يطلبونه حتى في أقوال مخالفيهم، وليس الذين يصرون على مواقفهم، ويفرضون إصابتها -ابتداءً- قبل النظر الشامل، ويجعلون من أنفسهم حماة الحق، والعارفين به أصالة دون غيرهم، وهذه آفة تعصف بطوائف كثيرة لا تكاد تستثني.

http://www.al-madina.com/node/405445/risala 



 

د.لطف الله خوجة
  • محمد صلى الله عليه وسلم
  • المرأة
  • التصوف
  • الرقاق
  • الآخر
  • معالجة
  • وصية
  • قطرة من الروح
  • الصفحة الرئيسية