اطبع هذه الصفحة


نجاح المشروع "الصفوي" الفاشل

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
@khojah10


بسم الله الرحمن الرحيم


ملخص لفكرة الصفويين الشيعة في إيران لاستعادة امبراطورية آل ساسان، وطرقهم لإنجاحها.
بالنظر إلى الغرور والسكر الذي أصيب به قادة المشروع الفارسي، لم يعد مستبعدا إعلانهم قيام الامبراطورية الفارسية المجوسية الثانية في غضون سنوات قريبة، فحالة الانتشاء العارمة جراء الانتصارات المحدودة، حملتهم على الإعلان عن قرب اتخاذ بغداد عاصمة لهم، كما في تصريح مستشار روحاني، ( قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، وذلك في إشارة إلى إعادة الامبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمةلها). http://www.alarabiya.net/ar/iran/2015/03/08/مستشار-روحاني-ايران-أصبحت-امبراطورية-عاصمتها-بغداد.html
وأن أربع عواصم عربية باتت تتبع طهران، كما قال "مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي: أن العاصمة اليمينة صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران، بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، مبيناً أن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية".
http://www.slaati.com/2014/09/22/p235285.html

وأنهم غدوا سادة البحر المتوسط، كما قال محمد صادق الحسيني في محاضرته في جمعية مراكز الإمام الخميني الثقافية بلبنان في 10/ 2/ 2014 :" فجبهة المقاومة والجمهورية الاسلامية اصبحوا سادة البحر وسلاطينه الجدد.وهذا ما يقلق الامريكيين وحلفاءهم من الاعراب والصهاينة".

وواصل يقول: "وثمة معركة تدور بشراسة وبقوة للسيطرة على باب المندب وصولا للبحر الأحمر، فما يحصل اليوم في اليمن (والكثير منّا يستنكر لماذا لا ترد جبهة المقاومة على الجرائم التكفيرية عند ال سعود وبندرهم ؟) نقول:
لأول مرة منذ قرون تعود اليمن زيدية يمنية حضارية ثقافية وتطرد آل الاحمر (أمراء ال سعود) المتخفين تحت عباءة حاشد من "دماس"[كذا]! والجربة وعمران، وقد سيطروا على المنافذ السبعة لصنعاء؛ ليسيطروا على العاصمة متى ما تهيأت الظروف والبيئة الحاضنة السياسية والدبلوماسية والنفسية التي تغير موازين القوى ، ما سيؤثر على باقي دول الخليج وباب المندب وصولا للبحر الاحمر". http://imamcenter.net/essaydetails.php?eid=253&cid=54

وهكذا يسفر هؤلاء ويصرحوا بكل ما كانو ينكرونه سابقا ويمارسونه على عادتهم تقية، فاليوم لم يعد للتقية معنى، ولا حاجة لتسعة أعشار الدين، ولا حاجة للدين نفسه لو أوجب التقية (في أحاديثهم: لا دين لمن لا تقية له). يقول الحسيني في محاضرته الآنفة في المصدر ذاته:
"وللحصول على تقدير وتحليل صحيحين لا بد أن نتقن أمورا ثلاثة: أ – تقديرسليم للموقف ب- حساب دقيق لموازين القوى- ج- تحديد البوصلة بشكل صائب وسليم. أما الكلام عن تقدير الموقف فنحن نعتقد أننا في عصر خيبر وبدر، ولسنا في عصر شعب ابي طالب . حيث يعتقد الكثيرون أننا - وفي لحظات التفاوض العسيرة والصعبة سواء في جنيف 2 السورية او جنيف 3 الايرانية النووية- أننا نفاوض من موقع ضعف أو تحت الضغط، وهم في موقع قوة ولهم اليد العليا, بل العكس ,اليد العليا لنا ,وموقفنا موحد في جبهة محلية في كل أقطارنا العربية والاسلامية".

فالاتفاق النووي مع الغرب وشيك، والولايات المتحدة وضعت ثقتها في طهران، ورغبت عن تحالفاتها مع دول الخليج، بل وعن العالم السني برمته، فالشيعة أحلى وأوفق؛ للتشابه في الطباع والتقارب في الأهداف، ولهم عنوان يمكن الاستدلال عليه، كما قال بول بريمر حاكم العراق إبان الاحتلال الأمريكي، وسمعناه من الدكتور عبدالله النفيسي في لقاءات متعددة، ولأجله عطلت مع شركائها في الغرب وروسيا كل قرار يدين أو يعيق إيران، ويردعها عن أطماعها الفارسية الساسانية؛ فمجلس الأمن غلب عليه الصمت والخرس والعمى عما يجري في: العراق، وسوريا، واليمن. وهو الذي يكشف دبيب المجاهد السني في أقصى جبال الهمالايا، أو تحت بحر المانش، فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا واجتهد في إحصائها، لو ما تعلقت بالسلفية الوهابية والإخوانية والسنية عموما، فهو معني بحصر وحصار السنة أجمع في أي مكان وزمان.

وهيئة الأمم ترسل المجندين سياسيا للعون تقدمه لطهران في اليمن (بنعمر) وسوريا(دي مستورا)، أما حقوق الإنسان في العراق وسوريا فلا شأن لها به! فأما دول الخليج بخاصة السعودية، فتحت المجهر ليل نهار، والبيانات معدة سلفا وجاهزة للإدانة، فشيء ما يدار في أروقة الهيئة لتغيير الأوضاع القائمة في المنطقة.

وفي ظل هذه الأوضاع المتقلبة والمنقلبة لصالح مشروع الدولة المجوسية الصفوية، فمن الحماقة ألا تستغل لخدمة وإتمام المشروع، ولو كره من كره، ولو فقدت جزءا من مؤيديها والمتعاطفين معها من العالم السني، فهذا حسن نصر الله الذي لم يأبه لجماهير السنة؛ التي هتفت له قائدا محررا مخلصا من سطوة اليهود في حرب 2006، هكذا أملت، فغدر بها في موقعة سوريا، فوقف إلى جانب النظام المجرم ينصره، ويقول بصفاقة لا تخلو من تقية: إنه ذهب ليحمي مرقد السيدة زينب من الإرهابيين. كما هو دعوى جميع الميلشيات الشيعية أول الأمر، ثم ما لبث أن أفصح: أن المشروع الصفوي مرهون نتائجه ببقاء الأسد، فالمعركة مصيرية، ولا يمكن الحياد فيها إرضاء للجمهور السني، فلتذهب التقية والدعاية إلى الجحيم، فإذا ما أمكن الجمع بين تحقيق المشروع مع تخدير الجمهور بدعاوى الأخوة والوحدة، وبذل شيء من التضحيات الصورية، فبها ونعمت، فإن تعذر فلا بأس من الكشف عن القناع، والسفور عن طائفية شيعية رافضية تعلن كفر السنة واستباحة دمائهم وأموالهم، قرباناً للمرشد الأعلى والآية العظمى. لا بأس بذلك ولو أدى لهدم فكرة التقارب من أساسه الذي بني على أيديهم لعقود خلت، وقد هان على إيران العظمى التضحية بدار التقريب التي عملت عليه زمنا، وأنفقت فيه مالا، وأغرت به شخصيات سنية علمية ودعوية، جلها من أعضاء الاتحاد العالمي وجماعة الإخوان ومن نحا نحوهم، فآمنوا بها، وقاتلوا عليها باللسان والقلم، فاستباحوا أعراض السلفيين لذلك، فقاطعوهم ورضوا بانتقاصهم، والحط عليهم في عقولهم وعلومهم بل ودينهم، حبا في "الإخْوة" الرافضة السابين الشاتمين للصحابة وأمهات المؤمنين، وإذا غابت المباديء تسفلت الوسائل واشّوشوت الأهداف، فما راعهم إلا إيران وهي تقلب عليهم ظهر المجن، فلم تقدر لهم قدرا، ولم تحفظ حرمة دار التقريب، حين صارت تعلن نجاح المشروع الصفوي الشيعي وهو يتمدد، تحت جنح ظلام الأخوة، وستار التقريب، وبتحصين سني بالغ كبت الألسنة وأخرسها أن تتكلم بكلمة واحدة فيها تبيين لموقف الشيعة من السنة، فلم تصدق فيهم دعوى إلا بعد أن سالت دماء السنة في العراق الطاهرة بيد أرجاس أوباش رافضة، وبعد أن شرعوا في قضم بلاد السنة بلدا تلو البلد، فانكشفت سوءاتهم وبانت عوراتهم، فصار يقول من خدع بهم زمنا (=القرضاوي): كان مشايخ السعودية أنضج مني في موقفهم من الرافضة!، لم تكن فكرة التقريب والوحدة إلا ذريعة لتكبيل السنة عن مقاومة التشيع عقائديا وفكريا، إلى حين إتمام بنود السيطرة، الذي كاد أن يكون لولا..؟.

كيف ينجح مشروع فاشل أصلا؟

المشروع المجوسي الساساني الصفوي الملتبس بالتشيع لآل البيت، ليس في مضمونه قيما بناءة، ولا هدفا ساميا يخدم البشرية، بل قيما هدامة هي للفتنة أقرب، وبالحقد والغل والثأر والانتقام ألصق، طبعت ثقافته على هذا، وله ترى الحسينيات ملئت كآبة ونحيبا ولطما، واتشحت بالسواد، ولبست المسوح والأغلال، وقلدت الأبدان علامات الثأر بالمدي والخناجر والسيوف، كما تقلد الأنعام قربانا وضحايا، فلا يزال الشيعي يتقلب في أحزان الماضي، ويستذكر أحداثا خلت لأمة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ولن يسأل اللاحق عما فعله السابق، لكن عقل الشيعي صنع على الأسى والعذابات، ليتهيأ له تحمل ما سيقترفه يداه من جراحات بحق ذرية من حملوا خطيئة قتل الحسين رضي الله عنه في زعمهم وهم كل سني طفلا أو شيخا هرما أو امرأة، وبخاصة إذا كان عمرا وعائشة!

لقد جمع هذا المشروع بين الحقد والثأر من السنة، والكبر والبطر على طريق آل ساسان، فلا يثمر إلا حكما فرعونيا، نمروذيا، نيرونيا، وعلى طريقة إيفان الرهيب والرفيق ستالين، فإن هؤلاء يتوقون لعصر العبودية والرق والسخرة، واعتقاد أن الولي الفقيه ما هو إلا من سلالة إلهية، ليس لأحد منازعته لا في حكم ولا ملك، وطموحهم عودة القسمة الشعوبية؛ فالفرس هم الأحرار، ومن عداهم فهم العبيد، وأما العرب فليسوا سوى مجموعة أوباش، فلتعد المدائن من جديد عاصمة للإمبراطورية الساسانية، ولتعد النار المقدسة والدهاقنة، وأعياد النوروز، ولتسترد كنوز كسرى وتاجه وسواراه، ولو بالتعويض بالمليارات الخليجية جزاء ما اقترفه الآباء من جريمة بحق فارس العظيمة! فتلك ثارات لم تقض حتى يفنى العرب أو يداسوا بأقدام الأحرار؛ ليعرف كل قدره ومرتبته.

إنه مشروع همجي بدائي شيطاني القياس والقانون، فلم يعرف هؤلاء سنن التاريخ وأحكام القدر في البشر، ولم يفيدوا من تجارب الأمم على كثرتها، عموا عنها بالهوى الذي ملك نفوسهم، والحقد الذي أكل قلوبهم، ولم يقرؤوا أن الإنسان انخلع من طور العبودية للحاكم والإمبراطور إلى غير رجعة، بعد إدراكه لطعم الحرية، والمجتمعات لن تقبل بعد اليوم بنظام كالولي الفقيه، ففي إيران مهد النظام، يتهدده من الأخطار ما قد علم ما كان حين الولاية الثانية لنجاد من المعارضات والمظاهرات، فكيف بغيرها؟.

لكن المغرورين لا تعنيهم كل هذه الرؤى والتطورات السياسية والثقافية، كل ما يهم لديهم هو ملك القوة الحربية والمال لإتمام السيطرة على النقاط الدولية المحددة: هرمز، المندب، السويس، البحرين. وبعد ذلك من لم يرض فليس له إلا القمع والحرب، ولو لزم الأمر تدمير حماه أو الأحواز أو سوريا كلها بل وإيران، فليس ممتنعا ذلك عليهم، بل كله وارد ضمن الخيارات وإن كانت متأخرة في ترتيبها، فقوم لهم مشروع، لتحقيقه ليس ذا بال عندهم تدمير دول بأكملها، بمن فيها وما فيها، ليس مشروعهم سوى أبواب الجحيم إلى عذاب سرمدي، تنتهك فيه حقوق الإنسان، وكرامته، وعرضه، ودمه.

لا قيمة للإنسان عندهم لو كان شيعيا فارسيا دع عنك عربيا، ولا تذكر سنيا؛ إذ هو المستهدف الأول، وهو أحط مرتبة عند الحاقد الرافضي، فما مثلهم إلا كمثل صهاينة اليهود، غير ممتنع التضحية بملايين اليهود في هولوكوست لأجل خطة صهيونية عالمية، كذلك هؤلاء لا يزالون يستهدفون الناس، حتى يستهدفوا أنصارهم من الشيعة لو لزم، فيضحوا بهم إما بذريعة الجهاد لأجل آل البيت، أو ليكون موتهم ذريعة للفتك بالسنة، كما كان في تفجير مرقد الإمامين في سامراء، فلم يفعله إلا المخابرات الشيعية والأرجح أنها إيران، وهي التي قتلت في تفجير سابق المرجع محمد باقر الحكيم خوفا من سيادة الشيعة العرب في العراق، فلإحياء حكم يزدجرد وأنو شروان تهون دماء الأقربين، فالصفويون والصهاينة ذرية بعضها من بعض، تشابهت قلوبهم وأعمالهم، واستحقوا لقبا جامعا مانعا مشتركا: صفيونيون. فليستعد شيعة الفرس ليكونوا وقود المعركة، فقد لا يفي بها شيعة العرب، فلا بد منه إذن، نصرة للحسين ظاهرا، وباطنا لقيام دولة آل ساسان مرة أخرى، ولن تقوم أبدا:( إذا هل كسرى فلا كسرى بعده).

ذلك هو سر فشلهم؟!

إنه مشروع ساقط إنسانيا، ليس له معلم كرامة ولا حقوق؛ إنه زمن الرق والأغلال في الأعناق، واستباحة الفروج المحرمة باسم المتعة، وأكل أموال الناس بالباطل باسم الخمس، وهو قدر لا يؤخذ إلا من الغنائم حقاً كما في الشرع نزل، ونظرة هؤلاء للاتباع أنهم غنائم، فله ضربوا عليهم هذا القدر.

هو مشروع مدمر لكل ما هو جميل، لقد دمروا سوريا والعراق، ولهم قصد في تدمير اليمن، إنه الانتقام من الأرض والبشر، فهو رمز للفشل، ولم يلق نجاحا إلا في شيء واحد هو: السيطرة والحكم بالحديد والنار. هذا ما نجح وينجح فيه لا شيء غيره.
ونجاحه في هذا مرهون بالمقابل أن يسلم ويخضع دون مقاومة، أو يهادن طلبا للسلامة والسلام، متى فعل كذلك مع هؤلاء، فقد ارتكب خطأ قاتلا، فليعتبر نفسه منذاللحظة المشؤومة أسيرا في دولة مجوس!.
وعوامل النجاح الذي يرتكز عليه المشروع الصفوي الشعوبي أربعة هي: العقيدة، والمال، والخطة، والتنفيذ.

فبالعقيدة يستميل قلوب الدهماء للانسياق والتساوق مع فكرة المشروع، بغطاء حب ونصرة آل البيت والانتقام من النواصب، فهذه عقيدة موضوعة مصنوعة للشيعة خاصة، أما الموضوع للسنة فإظهار عداوة:

- أمريكا؛ التي تبيت معها إيران وتستيقظ في فراش واحد كل ليلة.
- وإسرائيل؛ التي تتبادل معها تجاريا بما يزيد على مئتي مليون دولار سنويا.
- واليهود؛ الذين لهم في طهران معابد، والسنة ليس لهم فيه مسجد واحد.
مع ذلك ومع كل جرائم المليشيات الشيعية في العراق وسوريا، وفضائح حزب اللات، واستفزازات الحوثي وسعيه الحثيث لأكل أرض اليمن، مع ذلك فلا يزال في السنة من يلبي دعوات الشيعة ويشرف نواديهم بمحاضرات عن الأخوة ومحاربة الغلو والتطرف، دون وعي منه أنه بين أهل ملة دينها الإرهاب والعصبية الشعوبية، ليس لهم ولاء إلا لمرجعياتهم، وله لا ينبس أحدهم ببنت شفة نقدا لجرائم إيران في الأحواز، وعصائب الحق في العراق، وحزب الله ولواء الفضل في سوريا. وفي كل الأحوال، فإن المشروع الصفوي يعول على السنة المخدوعين في تخدير الجبهة السنية، ويعتمد مساندة الشيعة المتعصبين للنصرة بالقلم وباللسان وبالسلاح، ويعمل على ضمان المسالمين بالسكوت والحياد.

أما المال، فإن إيران النفطية تملك منه ما يخدم المشروع، فإن نقص فعلى الشعب كافة لزوم التضحية والصبر، رضا أو كرها، لا سبيل له غير ذلك، فالشعب يحتمل اليوم من المعاناة الاقتصادية، ما حمله على الخروج في تظاهرات منددة، تطلب تحقيق الفوز للمرشح الإصلاحي مير موسوي، ورفض أحمدي نجاد، لكنه قمع بشدة وهمجية.

فهذا سر استمرار المشروع وتمدده بغير توقف، مخالفا كافة التوقعات السياسية والاقتصادية، ومعاكسا لنتائج الحصار الغربي المضروب عليه منذ شروعه في البرنامج النووي، وانخفاض أسعار النفط المفاجئ، كل ذلك لم يردع إيران؛ إذ جعل المشروع أولوية مطلقة، وهدفا استراتيجيا، حتى لو اضطر معه أن يأكل من خشاش الأرض.

كذلك لا ننسى الأخماس التي تجبى من جميع أتباع المذهب، وهي أموال طائلة، كافية في تغذية النشاط التبشيري الشيعي لعقود، بل على الدوام.

وفي خطة المشروع أجاد الصفويون في وضع خطة خمسينية للتمدد الإيراني في المنطقة، كنا قد قرأنا عنها منذ ما يزيد على ثلاثين سنة، فلم يكن أحد ليتصور جدية هذه الخطة، حتى رأينا بنودها تنفذ على الأرض بكفاءة، ساعدها على النجاح التدخل الأمريكي في العراق، واختلال الميزان السياسي في المنطقة لهذه الحروب المتعاقبة، واستفادت إيران من التخدير الذي زرعته في العالم السني بشعارات الأخوة والوحدة، بواسطة نخب سنية علمية شرعية ودعوية وأخرى علمانية وليبرالية، فاطمأنت الشعوب إلى حسن جوار الشيعة وسلامة مقاصدهم، إلى أن امتطى الشيعة مقاليد الحكم في العراق، فكشفوا عن حقد عميق، ونفوس تترقب الثأر المصطنع بأية ذريعة، فانكشف الشيعة عن حقيقة طالما أضمروها.

إذن، لم يكن للشيعة أن ينفردوا بالحكم في العراق وسوريا – والنصيرية معدودة في فرق الشيعة الغالي – ويضمنوا سيطرة على القرار في لبنان، لو أن النخب السنية، ومن ورائها الأمة السنية، كانت واعية لحقيقتهم، وذلك لم يكن إلا بدراسة سلوك هذه الطائفة عبر التاريخ في مواقفها مع الدول السنية، وبخاصة غدر مقدمهم العلقمي والطوسي بخليفة المسلمين وأهل بيته، حين كشف لهلاكو المغولي الهمجي نقاط الضعف في بغداد، فكان من ورائه قتل الخليفة وسبي بناته وأولاده، وتدمير بغداد وقتل ألفي ألف مسلم (=مليونين) وإحراق المكتبة الشهيرة، كل ذلك يحتمل وزره الشيعة، ولا يزالون إلى اليوم على استعداد للتعاون مع كل غازٍ لبلاد السنة، وما احتلال بغداد وإسقاط صدام حسين عنا ببعيد.

كذلك مما ساعد الخطة الفارسية على النجاح، ظهور ما يسمى بالربيع العربي، وتحلل رؤساء وقيادات عربية من الوطنية، وتشبعها بالمصالح الشخصية والطائفية، فقد رأينا كيف رضي رئيس اليمن المخلوع على عبد الله صالح ببيع البلاد للحوثيين، انتقاما ممن الذي خلعوه من الحكم، فسهل لهم التمدد بما أعطى من أوامر للموالين له من الجيش والعسكر بتسليم المواقع لهم من دون مقاومة، حتى وجدناهم دخلوا صنعاء العاصمة بلا أدنى قتال، واحتلوا الحديدة، وقبل عمران وصعدة غيرها، وصاروا يطمعون في عدن والسيطرة على كافة اليمن، مما استدعى دول الخليج أن تأخذ طريق الحزم، بعد نفاذ كافة السبل السياسية لمنع هذه المراهقة الحوثية، فاتحدت - ما عدا عمان – لمنعهم من التمادي في تنفيذ مشروعات فرسنة اليمن، فكانت عملية "عاصفة الحزم" في ليلة الخميس 6/6/1436هـ.

وقد كنت شرعت في كتابة هذا المقال قبل بدء هذه العملية بيومين، مدفوعا بقصد تنبيه السنة حكاما وشعوبا، وكان هذا الديدن منذ زمن، لكن هذه العملية جاءت مباغتة للعدو، مفاجأة لنا جميعا، فلم يكن أحد يدري بهذا أو يتوقع، فاستبشر المسلمون شرقا وغربا، وباركها وأيدها كافة السنة في كل مكان، وانضمت عشر دول للتحالف مع السعودية ومن وراءها الكويت، وقطر، والبحرين، والأمارات، يساندها: السودان، والمغرب، ومصر، والأردن، ثم الباكستان، وتركيا. وكثير من دول العالم وقفت إلى جنب هذا الحلف المبارك، إلا إيران بطبيعة الحال، والعراق الذي ملك أمره إخوان الصفويين، ولبنان المختطف قراره بيده حزب الله وكيل الصفويين هنالك، التي روعها هذا العمل السني المبارك، وسنعود لاحقا بعون الله تعالى إلى الكلام عن هذه التطور السني الذي حمل معه البشارة للسنة كافة.

فأما الشخصية التي دفعها المصالح العائلية لنصرة المشروع الصفوي، فهو بشار الأسد حاكم ما تبقى له من سوريا، فإنه رضي لأجل بقائه وأسرته في السلطة أن يقدم الدولة كلها على طبق خالص من ذهب لقادة الحرس الثوري، ليقوموا بمهمة حفظ حكمه من السقوط، ولو آل الأمر لارتهان البلد لإرادة آيات قم، وكان قد نحا هذا الاتجاه حتى قبل الثورة؛ إذ فتح الأبواب لكافة النشاطات الشيعية والتشيعية بما لم يفعله أبوه من قبل.

وقد اعترض المشروع عوائق جمة، بعضها كانت كفيلة بإجهاضه مرة واحدة، غير أن رعونة الدول السنية، وعدم جديتها في الوقوف أمام المد الشيعي، ضيع عليها الفرصة؛ أعني إسقاط بشار الأسد - بعد قيام الثورة عليه - سريعا، فلو أن الثوار دعموا بما يكفي ابتداء، لما بقي الأسد يوما، وسقوطه يعني ضرورة سقوط حلم الهلال الشيعي وذبول الذيل في لبنان، بعد انقطاع شريانه المغذي، لكن التردد كان سمة بارزة في التعاطي مع هذا الملف، وانفردت السعودية وحدها بمواجهة هذا المشروع سياسيا وماليا وإغاثيا، وكم رأينا وسمعنا التصريحات القوية ضد بقاء الأسد، لكنها كانت وحيدة، مدركة خطر المشروع، في وقت كانت فيه الدول الأخرى إما مترددة، أو تنظر بعين الريب في الثورة، فتخشى تبعاتها عليها.

لقد كان الحظ والقدر في صالح المشروع، بطول أمد الثورة، الذي أعطى فرصة للتخطيط من جديد، ودخول عناصر الميليشات الشيعية لنصرة النظام، فانقلبت بذلك الموازيين أو كادت، فطال أمد النظام، ولاح الأمل في الأفق اكتمال الهلال الشيعي.

ما هو مهم أن طهران استعملت كافة أدوات النجاح وعوامله لإنجاح المشروع، وعملت على ذلك بكل طاقتها وإمكاناتها، وكل مجتهد له نصيب، لكنها إلى هذا الحد لم تصل إلى نهاية أهدافها، بما يعني أن ثمة فرص أمام الدول السنية، لإعادة المشروع في مربعه الأول، والإجهاض عليه، فما لم تنته المعركة ففرص الربح والخسارة واردة للمتقدم والمتأخر، فالنتائج معرضة للانتكاسة في لحظات دقيقة، وقد يخسر الذي كان في طريقه للتويج.

فالدول الخليجية السنية معنية بالمشروع قبل غيرها؛ فخطته تنفذ في منطقتها وحماها، وهي المستهدفة أولاً، فهذه البحرين كادت أن تكون الضحية بعد العراق، لولا لطف الله بها، حين تدخلت قوات درع الجزيرة بقيادة السعودية، فطارت عقول الآيات في قم غضبا وحنقا، فإنهم أضعف من أن يدخلوا في مواجهة مباشرة، ولو بدا أنهم متفوقون. والكويت على شفا جرف، مما يبدو من نفوذ شيعي فيها، والأمارات تشكو من احتلال جزرها الثلاثة، وشخصيات شيعية تعلن وتكشف عن طموحاتها في احتلال مكة والمدينة، وآخر ذلك تصريحات جماعة الحوثي على لسان الخيواني المقتول بأيدي جماعته على الأرجح، ومحمد البخيتي أحد أعضاء المكتب السياسي للحوثي، وهو من أسباب قيام السعودية ودول الخليج معها بهجومها المباغت على الحوثيين في عملية "عاصفة الحزم"، بعد أكد الحوثيين مطامعهم بأجراء مناورات استفزازية على الحدود السعودية قبل أسابيع من العملية.

فلم تعد بنود المشروع خفية على أحد، فكيف يمكن مواجهته بجدية لتعويقه وإفشاله وإسقاطه من أساسه، بعد ثبوت فشله وسقوطه إنسانيا؟.

لا شك أن عملية "عاصفة الحزم" مرحلة مهمة للغاية في قلب المشروع رأسا على عقب، وقد وقع كما أسلفت أثناء كتابتي لهذا المقال الطويل نسبيا، لكنه غير كاف، فلا بد من مقابلة عناصر السيطرة بعناصر مثلها:

- فالعقيدة تقابل بالعقيدة.
- والمال بالمال.
- والخطة بالخطة.
- والتنفيذ بالتنفيذ.

مقابلة عناصر إحياء المشروع الفارسي بعناصر إثبات وإحياء المشروع السني، مثلا بمثل، وسواء بسواء هو الكفيل في القضاء على هذا الطغيان الإيراني الصفوي في المنطقة.

فسقوط المشروع عقائديا وفكريا أول وأهم خطوة في الاتجاه الصحيح للانخلاع من ربقة السيطرة المجوسية على المواقع التي فاز بها حتى الآن، وهذا لن يكون إلا باعتقاد مقابل، فعلى ماذا اتكأ هؤلاء المجوس في القيام بمشروعهم فكريا وعقائديا؟.

إنهم جعلوا من الحسين وآل الحسين إلى آل البيت محورا في كل تحركاتهم، فأول زعمهم أن آل البيت قد ظلموا، والظالمون لهم هم النواصب، وهم كل سني في نظرهم؛ أي حوالى مليار وأربعمئة مليون شخص هو متهم بنظرهم، يبقى مائة مليون هو تعداد الشيعة على أكثر تقدير هم البرءاء المظلومون!، هذا العدد الهائل ينظر إليه الشيعة على أنهم مغتصبون حق آل البيت ظالمون لهم، وله يقوم عملهم على قاعدتين:
الأولى: تشييع من يقدرون عليه من السنة.
الثانية: الانتقام ممن لا يقدرون على تشييعه، أو يقع تحت سلطتهم قبل أن يحظى بدعوتهم!

فهذا المشروع تبشيري يراد منه نصرة آل البيت، بنشر التشيع في كل مكان، فهذا الهدف المعلن، وقد عرفنا الهدف غير المعلن، فهذا المعتقد قد آمن به الشيعة، وآمن به من تشيع، ويؤمن به بعض السنة الذين لا يفقهون من التاريخ وتراث الفرق والشيعة شيئا، فمن الذي يقوم لهذا المعتقد المضلل بالتفنيد والإبطال: علميا، ومنهجيا، وتاريخيا، وواقعيا؟.

حقيقة الأمر أن كافة الدول السنية مقصرة في هذا بل محلقة، فلم تقف الدول عند تغييب حقيقة الشيعة، إما بإهمال دعم مصادر المعرفة ومراكز البحث في الشأن الشيعي إهمالا تاما، أو بمنع نقد الشيعة والتشيع كليا، حتى غفل معظم السنة على خطر يتهدد عقائدهم.

وهذا خطأ فاحش، فلن يوقف هذا المد العقائد الفكري إلا فكرة وعقيدة مضادة، يريح عموم السنة من تبني المعتقدات الشيعية في آل البيت وتصديقهم فيها بلا دليل غير العاطفة، ويزعزع ثقة الشيعة بمعتقداتهم هذه، فإذا عرف الشيعة أنها معتقدات مضللة كاذبة لا أساس لها صحيح، فأثر ذلك فتور في نصرتها والقيام بها، فلا ندري كيف يغفل السنة عن هذه المعالجة المحورية للبطر الشيعي وسعيه نحو السيطرة، فكيف لهذه الجموع الشيعية أن تتحرك خدمة لهذا المشروع، وكيف لطائفة من السنة أن تتعاطف، وتلزم الحياد في معركة هذا المشروع، لولا الأثر العقائدي الذي سيق لخلق مثل هذا التعاطف والحماسة؟

فالمقابل للعنصر العقدي للمشروع الفارسي، لا يقوم له إلا الشرعيون المختصون بدراسة العقيدة والفرق والأديان والملل والنحل، وهم الذين في أقسام: العقيدة، وأصول الدين. في الكليات الشرعية، فبد من العناية بهؤلاء، وإنشاء مراكز للإفادة من قدراتهم البحثية والعلمية في باب الفرق والأديان، فهم الأقدر على فهم التشيع وغيره، والأعرف بمواضع الضعف في فكرتهم، والخلل في مفاصل اعتقاداتهم، وعليه فعندهم الإدراك التام بطرق الرد والنقض لكل تلك المعتقدات بالدقة والحجة البالغة.

وهؤلاء هم أنفسهم الذين كانت لهم مواقف متميزة من الشيعة في مرحلة مبكرة، منذ أن ظهر ونشأ نظام ولاية الفقيه في إيران على يد الخميني عام 1979م، فحذروا الأمة منه، وكتبوا كتبا فيها بيان حقيقة هذا الفرقة، لكن كان صوتهم غريبا وحيدا، حتى إن أحدهم كان ليخشى على نفسه، فيصدر الكتاب باسم مستعار، ككتاب "وجاء دور المجوس"، وهو كتاب شهير في ذلك، تلقاه الناس ما بين مصدق ومكذب بما فيه، ثم " أحوال أهل السنة في إيران"، ثم كتاب "أمل والمخيمات الفلسطينية"، وغيرها، لم تجد رعاية تليق بالحقائق التي تضمنتها، حتى حللنا في العقد المنصرم، بعد خمس وعشرين سنة من الثورة الخمينية، فإذا بكل ما في الكتاب من حقائق تتجسد على الأرض واقعا مرا يلحق بكيان الأمة وعظمتها.

حتى عام 2006م وهو العام وقعت فيه الواقعة ما بين حزب الله وإسرائيل، فتبرع جمع من الكتاب السنة، وبعضهم مشربه سلفي، وإن تبرأ منه لاحقا، بالدفاع عن الحزب وأمينه، حتى أدى بهم الحماسة بغير روية ولا عقل، أن يحقروا ويضعوا من شأن من عارضهم في هذا الشأن.

وبناء على حقائق ووقائع سابقة، مثل الأعمال المشينة التي قامت بها إيران في حج عام 1406هـ، ثم عام في 1411هـ، والتفجيرات في الخبر، وما تعرض له قبل ذلك أمير الكويت من محاولة اغتيال، وأمور كثيرة: دلت دلالة واضحة على تحركات شيعية في صدد إنجاح المشروع، وأن عموم الشيعة صاروا أداة فيه، إما بالمشاركة المباشرة، أو بتأييده بالقلم بتصريح أو من طرف خفي، أو بالسكوت وعدم انتقاد المشروع بشيء إلا من رحم الله.

ثم إن الأيام كشفت حقيقة حزب الله وأمينه حسن نصر الله، وقدر ما بهم من عداوة السنة، حين انخرط في القتال مع النظام السوري ضد السنة عامة، فتبين للناس ما كان يريد العقديون بيانه وتوضيحه بإلحاح فيما سبق، متحملين جراء ذلك كثيرا من الهجوم الجاهل.

أما وقد أدرك الناس والنخب والمسئولون نصح المختصين بأصول الدين والعقيدة، ومعرفتهم التامة الحاذقة بحقيقة هذه الفرقة وغيرها، فلا مناص من رعاية هذه النخبة، وتوليتها مراكز للبحث تناظر وتتفوق على مثيلاتها الشيعية، التي لبعضها حجم وإنفاق الجامعات، كمركز السيستاني، والمركز الذي في لندن، عدا مراكزهم في مدنهم المقدسة عندهم: قم، ومشهد، والنجف، وكربلاء، وفي لبنان أيضا. أنهم ينفقون عليها المليارات لتوطيد الفهم والفكر والعقيدة الشيعية، ونقد ونقض العقيدة السنية، يقابلهم إنفاق سني لم يتجاوز حتى الآن: الصفر الرقمي (0). نقول هذا بكل مرارة وأسى على السنة وبالأخص من ملك أمرهم وبسط عليهم سلطانه، فإن الأيام تظهر لنا جليا أن الحروب عقائدية بالدرجة الأولى، تستغل فيها العقائد لتحريك جموع العموم لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، فما لم نكن متفوقين في فهم عقائد الآخرين، وبناء سياساتنا وفق بحوث جدية صحيحة، ثم عرض لعقائدنا الإسلامية السنية؛ لتكون هي البديل للبشر عامة، ولمن هم في المنطقة الإسلامية والعربية خاصة، ما لم نفعل ذلك، فنحن نخسر كثيرا، ونحتاج إلى جهود ونفقات باهضة، وتكاليف مرهقة لنتجاوز المشكلات التي تعترض طريقنا جراء جهلنا بطرق التفكير عند الآخرين، والمواد الفكرية التي توجه تصرفاتهم وأهدافهم.

ماذا علينا لو أدركنا في مرحلة مبكرة، طرق الشيعة في عقائدهم، ونظرتهم إلينا؟.

لما كنا اليوم في هذا الحال من الاضطراب والسياسي والأمني، والتهديد الخطير الذي نواجه به، ممن خدعنا يوما، ولا يزال، بالوحدة والأخوة، يمد يدا للسلام، ويخفي يدا للطعن.

إن المشروع الصفوي القائم على العقيدة الرافضية الاثني عشرية، والمحتضنة جموعا من البشر بفكرة وعقيدة حب ونصرة آل البيت، هم وقود معركته الخاسرة: لا يقابل إلا بمشروع مماثل، يهدم زيف تلك العقيدة، ويكشف عداوة أربابها لآل البيت، ويؤكد هدمه للإسلام نفسه حين يؤلف مرجعياته وآياته كتبا في تحريف القرآن ككتاب الطوسي: "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب". وتبلغ رواياتهم في إثبات التحريف ما يزيد على ألفي رواية، فليس قولا مهجورا عندهم، بل لأي شيء قال به بعضهم؟!.
كم هائل من التراث الشيعي يطعن في القرآن المصدر الأول للدين عند المسلمين، لم اختصوا بهذا، واشتهروا به، حتى أعلنوا عن مصحف فاطمة بديلا؟!

ثم الطعن كذلك في المصدر الثاني للإسلام وهو السنة؛ ذلك بتكفير عامة الصحابة إلا خمسة أو نحوهم، مما يعني هدم الصحيحين، والصحاح، والسنن، والمسانيد، فأي إسلام بقي بعدئذ، وأية عقيدة أو شريعة نجدها بعد هذا، وما هو الفقه الذي نرجع إليه، أهو فقه الجعفرية، المليء بالتناقضات، والمحيرات، والأكاذيب، والغرائب، ويكفي لمعرفة ذلك: النظر في صلاتهم، وحجهم، وعباداتهم. ففيها من المضحكات المستغربات ما ينفي نسبته إلى الوحي، وما هو إلا من وضع البشر.

ثم مع هذا نرى عقائد مغرقة في الغلو في الأئمة، بنسبة علم الغيب المطلق إليهم، والتأثير في الكون بقدرات إلهية خارقة، مع ممارسة الشرك بحقهم، واللطم، والتطبير، والعويل والصياح، في حسينياتهم الكئيبة، متشحين بالسواد، مع لعن خيار الأمة وصفوتها كالخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم. واتهام أمهات المؤمنين بتهم قبيحة رضي الله عنهن صباح مساء. فماذا بقي من الدين المنزل إلا دين وضعي وضعه دهاقنة فارس، ممتزجا بالحقد والثأر والكراهية والانتقام؟.

وذلك يولد أمة وجيلا يحمل معه أزماته وعذاباته النفسية الناتجة عن المظلومية، واعتلالته الاجتماعية من وراء المتعة وأبناء المتعة؛ بما فيها من اختلاط الأنساب والأزواج، مع فقر جره عليهم تسلط المعممين على خمس مدخراتهم، فإذا تولى حكما أو ولاية، جاء بكل هذه التعقيدات ممتزجة بمعتقدات زرادشتية ومانوية، مضافا إليها بذور يهودية وشيء من النصرانية، فلن تجد من وراء كل هذا الخليط الفاسد إلا حكم فاسد تجلى في إيران والعراق.

إن هذا لهو طرف مما قد يكشف عنه مفصلا المختص بدراسة العقيدة والأديان والفرق، فهم الأقدر على مواجهة هؤلاء المجوس عقائديا وفكريا، ولقد سبقت تجربة في ذلك على قناة المستقلة قبل أعوام رمضان، بعنوان: "الحوارالصريح". وقد وجد المعممون أنفسهم في ورطة، فبعد الحماسة والدعوة للحوار، أصدرت المراجع فتاوى بتحريم الدخول في مناظرات المستقلة، لما انكشف فيها مواضع الخلل في فكرهم وعقائدهم، وكان المتولي لذلك المختصون بدراسة العقيدة.

على السياسيين والنخب والتجار أن يدعو الحذر، الذي ولدته فيهم شكوك لا أساس لها، فتجربة لجان النصيحة بوزارة الداخلية السعودية أثبتت كفاءة بالغة في معالجة فكر التكفير، حتى لقد حاصره تماما، بغير سلاح ولا عنف، بل بالفكر الصحيح وحده، وقد قام به المختصون، فكذلك سيكون للمراكز المختصة بالبحوث العقدية والفكرية دور رائد ومهم معرفة حقيقة المعتقدات الشيعية وأثرها في توجيه سلوكياتهم، وأهدافهم، وتحركاتهم، وما يترتب من آثار مدمرة على السنة، وكيفية المعالجة الصحيحة، بل أكثر من ذلك تبصير الشيعة بحقيقة مذهبهم، ومخالفته للمنطق والعقل والدين، ونتائج هذه العملية انحسار الخطر الشيعي الرافضي على الأمة، فلن يجد الصفويون بعدها مضللين يمتطون ظهورهم ليصلوا بهم إلى أهدافهم الخفية الخاصة، ولن يقتاتوا بعد اليوم على جهل هؤلاء العامة من الشيعة، ليكونوا وقودهم في معركة خاسرة عليهم.

 

د.لطف الله خوجة
  • محمد صلى الله عليه وسلم
  • المرأة
  • التصوف
  • الرقاق
  • الآخر
  • معالجة
  • وصية
  • قطرة من الروح
  • الصفحة الرئيسية