اطبع هذه الصفحة


لم يقتلون السنة ؟!!.

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه

 
من كان يتوقع ما يحدث في العراق؛ من تهجير وقتل أهل السنة في بغداد اليوم، والبصرة بالأمس ؟!!!.
حتى أكثر الناس تشاؤما من الشيعة، ومن ينظر إليهم بعين الريبة وعدم الاطمئنان إلى صدقهم، ويبالغ في الحذر والتحذير منهم.. حتى الذي يعتقد كفرهم وخروجهم من الملة..
حتى الذي يعتقد أن التشيع وسيلة لأحياء المجد الفارسي القديم، في صورة شيعية:
ما كان ليظن أبدا، أبدا أن مصير السنة في بغداد - نفوسهم، وأموالهم، وبيوتهم - القتل والتهجير..!!.
وأن المساجد بيوت الله  مصيرها الحرق، والتدمير، والاحتلال ؟!.
فالذي يحصل لم يفعله الأمريكان في العراق، ولا اليهود فلسطين، وفعلته الشيعة في السنة..!!.
تقولون: بل فعله الأمريكان واليهود ؟.
لكم ذلك، فأي شرف في أن يصطف هؤلاء معهم، فيكونوا مثلهم في العداوة للإسلام ؟!.
يقولون: ليسوا كل الشيعة يفعلون ذلك.
وبالطبع ليسوا كلهم يفعلون ذلك، إنما يفعله بعضهم؛ من المنتسبين للأحزاب الشيعية، من الميليشيات وفرق الموت، والمغاوير.
والآخرون إما ساكتون لم يستنكروا، بَلْهَ أن يقفوا ضد هذا العدوان اللعين، حتى مراجعهم لم يفتوا بتحريم هذا الذي يحصل، مع وافر سلطتهم على هذه الميليشيات، وخضوعها لفتاواهم.
وآخرون لا يملكون من الأمر شيئا، وربما نال بعضهم ما نال السنة، لكن محنة السنة أكبر وأعظم، لا يقارن بغيرهم.. فلم كل هذا ؟!!.
وما الذي يدفعهم لمثل هذا الفعل الشنيع المشين ؟!!.
والساسة الشيعة: ينكرون علاقة الشيعة بهذه المجازر. بل وينسبونها إلى المقاومين.
والأمر قد كبر وعظم، حتى لم يعد إنكارهم يحتمل تفسيرا سوى الكذب الصراح البراح.؟؟!!!.
يفعلون ذلك أمام  عينيك، وبحضرة شهود يزيد على أربع، ومراقبين يزيدون على طائفة، وملاحظين كعدد الحجيج يوم عرفة، وبشرا بقدر رمل عالج: ثم يقولون وبكل ثقة، وبفم مليء، وعين جاحظة:
لم نفعل، ولم نأت شيئا، ونحن برءاء، وإنما هم إخوانكم الإرهابييون، هم يفعلون بكم هذا.!!.
وإياكم، ثم إياكم أن تنسبوها إلينا، وإلا فأنتم طائفيون؛ دعاة فتنة، تريدون إشعال نارها في بلد ينشد الأمن والاطمئنان، متحاب ليس بين طوائفه إلا الود والاحترام، ولا أدل على ذلك من مشاركة السنة في العملية السياسية، فهذا نائب الرئيس ورئيس البرلمان وغيرهم هم من السنة.
فما رأيكم ؟!!.
أهل السنة يقبرون، ويطردون من بغداد والبصرة على أيدي المقاومين للاحتلال !!.
من يصدق هذا، ويكذب شهادات كافة السنة، بلا استثناء، على اختلاف توجهاتهم: الإسلامية، والليبرالية، والقومية، والعلمانية. من داخل الحكومة, وفي بغداد وما حولها، وفي العراق وخارجا عنها.
حتى الذين كانوا على وئام مع الشيعة، اليوم يصرخون بهذا الواقع المرّ.
حتى تقارير المحتل الأمريكي، والمنظمات الإنسانية تقول: إن الميليشات الشيعية هي التي تقتل وتهجر.
حتى المراسلين الصحفيين، من غربيين وعرب يقولون هذا.
فمن نصدق ؟!!!.
لم يفعل المقاومون هكذا بإخوانهم السنة، وليس لهم بعد الله من عضد وناصر سواهم ؟..
أمجانين هم ؟.. وهل في قدرتهم قتل وتهجير مئات الآلاف ؟.
وأين جيش الحكومة والشرطة عن حماية السنة ؟.
الأمر أوضح من أن ينفى، فكل شيء مكشوف حتى للأعمى، فلم يفعلون هذا بالسنة ؟!!!..
لم هذا الحقد، والانتقام البشع، فجثث القتلى ممزقة، مثقبة، مهشمة.. ماذا صنع السنة لهم ؟.
طوال تاريخ العراق والسنة يحكمون العراق، ولم نسمع بأن أهل السنة قتلوا الشيعة، فضلا أن يمثلوا بهم تعذيبا وتشويها، أو أن يسلبوهم أرضا أو مالا.
فمن أين جاء هذا الثأر المنظم، وما سببه وما دواعيه ؟.
إن المرء ليحار، فالشيعة على الدوام يدعون إلى الوحدة بين المسلمين، لكننا اليوم نراهم يمزقون الأمة، أهي حيلة بالقول للتسلط بالفعل، أم ماذا ؟.
العظائم التي يصنعها الشيعة في العراق فتحت أعين السنة، حتى الذي كان يحسن الظن بهم زمنا.. حتى الذي كان يدعو إلى التقارب، ويرفض نقدهم: اليوم انقلب ناقدا، متهما، أسفا على وحدة كهذه، متسائلا عن سبب هذا الظلم، وتغير المواقف ؟!!!.
وتعجب أنهم لا زالوا بالنفس ذاته، والقدرة ذاتها في التنصل والبراءة من دم السنة، كبراءة الذئب من دم يوسف.. (بالأمس أحدهم في مؤتمر في دمشق بين السنة والشيعة، يتحدى من حضر: أن يأتوه بواحد من السنة في سوريا قد تشيع. فهل حقا لا يدري ؟!!) أهكذا هي التقية ؟!.
ولا زلنا نفتش عن هذه النفسية الشيعية، التي ملئت بكل هذا الحقد تجاه السنة، وبكل هذه القدرة على التنصل والمناورة، دون تحرج، حتى إنهم لا يتلعثمون حين يكذبون، ولا يُرْتجون.؟؟.

في كتبهم آثار لا يجهلونها، ولا يجهلها الناظر فيها، تفسر هذا الحقد:
إنهم يجعلون من السنة أعداءً لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحلمونهم وزر قتل الحسين رضي الله عنه، ويسمونهم نواصب، كفار يستحقون اللعن والقتل.[1]
فربما كان هذا هو السبب، وربما استغلت الأحزاب الشيعية السياسية هذه الروح والتعاليم؛ الموجودة في المصادر الشيعية فوظفتها لاستبعاد السنة وإضعافهم، لتحصل لهم السلطة والسيطرة كاملة، فالساسة يستغلون التشيع لمصالح سياسية. وهذا هو معنى قول من يقول: هي فتنة سياسية، ليست بطائفية.
وربما كان هدفا سياسيا طائفيا، فهم يريدون هيمنة التشيع على البلاد والعباد، ويريدون الحكم كذلك.
ولا شك أن هناك من ليس له هدف إلا طائفي، من عدوانه على السنة؛ بقصد تحقيق الوصايا والآثار الآمرة بقتل أهل السنة؛ لأنهم نواصب، كفرة، أعداء آل البيت. ليس له غاية إلاها.
وهؤلاء أهدافهم قريبة غير بعيدة، وأولئك أهدافهم بعيدة، يوظفون هذه الوصايا لتثمر لهم سلطة وثروة.
كل هذا وارد، ومفسر لهذا الإقصاء الشنيع البشع لأهل السنة.
ولا زلنا في حيرة، فليس الأمر مجرد انتقام، إنه حقد أعمى، يحمل على التهجير من بغداد والبصرة، والقتل والفتك بوحشية، تدل عليها آثار التعذيب البشعة !!.
من أين لهم كل هذا الحقد ؟.. أكل هذا لمقتل الحسين عليه السلام ؟.
فهل السنة قتلوه رضي الله عنه ؟!!.. السنة يلعنون قتلته، ويتمنى أحدهم لو فداه بنفسه، وأهل، وماله جميعا. ما قتله ألا المجرمون. وما أسلمه للقتل إلا الذين دعوه لنصرته، فخذلوه، ومن عساهم غير الشيعة. فلم يحمّلون غيرهم وزر عمل هم تسببوا فيه، ولهم فيه يد ؟!!.
ثم، تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، فلم يحمّلون أجيالا جريرة ذنب تحمله ثلة من المجرمين، صلتهم بهم بتراء ؟!!.
هذه العاطفة الثأرية ليس لها ما يبررها إلا دعاوى الجاهلية، التي كانت تحمل ثأرها معها بمر الليالي والأيام والسنون، فتظل تذكر ثأرها كذكر الله أو أشد ذكر، صباح مساء، فتثأر من كل القبيلة لأجل واحد. تماما كما يفعل الشيعة اليوم، وهم يرددون لعن أبي بكر وعمر والسنة صباح مساء، وعند العبادات.
جاء الإسلام فأبطل هذه العادة الجاهلية، وحصر الانتقام من الظالم عينه، لا يتعداه إلى غيره، حتى لو كان ولد أو زوجا. فالمظلوم من السنة على يد هؤلاء الشيعة يتساءل: أي ذنب جنيته ليفعلوا بي هذا ؟.

وأين مراجع الشيعة العظام، لا نسمع له حسا، ولا منعا، ولا فتوى يحرم دم السني، وهم قادرون على منع هذا الظلم ؟!!..
وأين دعاة الوحدة منهم، لا نسمع له رأيا، إلا كلاما يزيدنا شكا؛ أنهم متواطئون مع بني ملتهم في هذا العدوان.. فالأحزاب تقتل، ودعاة الوحدة يدعون إلى نبذ الطائفية، ويشهرونها تهمة في وجه كل من صرخ فيهم: داعيا إياهم أن يقفوا بحزم تجاه من يقتل السنة منهم.
هل بدأن نصدق: أنها ثارات مجوسية فارسية، مغلفة بحب آل البيت، والانتصار لآل البيت ؟!.
كم حدثنا في كتب التاريخ: أن الفرس أضمروا حقدا على الصحابة، خصوصا أبا بكر وعمر وعثمان؛ أن دولتهم فارس سقطت، وفتحت بأيديهم، فزالت الدولة العظمى. فهم حاقدون عليهم، يحملون حقدهم وثأرهم عبر الأجيال، على أناس كانوا سببا في دخول الإسلام بلادهم.
والأخبار تقول: إن في مدينة كاشان في إيران مزارا معظما لأبي لؤلؤة المجوسي، قاتل عمر رضي الله عنه، يعظمونه، ولهم احتفال به وتقليبه بـ: بابا شجاع الدين.
وهم يحتفلون بعيد النوروز احتفالا يليق بعظمته أيام المجوس، بينما لا يأبهون لعيد الفطر، كما يأبه له المسلمون، مع مخالفتهم للسنة في هذا اليوم على الدوام. وقد قيل: ربما ذلك لاختلاف المطالع؛ دخول الشهر وخروجه. لكنهم يخالفون على الدوام، وكأنه من المحال اتحاد المطالع لو لعام في قرن.
مع ذلك لو التمسنا لهم عذرا في هذه المخالفة، بفرض أنها من المطالع، هي التي فرقت هذه الوحدة !!.
لكن ما بالهم يخالفون في عيد الأضحى، فيحتفلون به يوم الحادي عشر، وقد علم أنه يوم لا يختلف فيه بحال.. كل هذا الحرص على مخالفة السنة، حتى مع توفر دواعي الاتفاق: علام يدل ؟.

في كتبهم أخبار عن تعلقهم بآثار الفرس، ومقتهم آثار العرب، وهذا أمر يشعر به حتى الشيعة العرب، والتفرقة بين الشيعة الفرس والشيعة العرب. يعرفه الشيعة العرب، وعرب الأحواز في إيران خصوصا يعرفون ذلك، لما نالهم من الظلم على أيدي الفرس، مع كونهم جميعا من الشيعة. [2]
فهؤلاء الفرس المتلبسون بالتشيع ومحبة آل البيت؛ يتخذون من محبة آل البيت، ومن شيعة العرب وسيلة وذريعة لتحقيق الطموح الفارسي في استعادة المجد الضائع القديم، ويستعملون الشيعة العرب والعوام منهم في الانتقام والثأر من العرب الأوباش، كما يسمونهم.

وكثير من هؤلاء الشيعة غير مدركين هذه اللعبة الفارسية، مع ظهور دلالتها، وبروز شواهدها؛ لا زالوا في سكرة التنشئة والتربية الخاطئة: أن أهل السنة أعداء آل البيت !!. [3]... فلينظروا إذن في:
- أسماء السنة وأولادهم؛ ذكورا وإناثا، كم هي مليئة بأسماء الأئمة من آل البيت، ونساء آل البيت.
- وفي تاريخهم كيف ترجموا بالعظمة، والتبجيل، والتقدير لأئمة آل البيت.
- وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كيف كتب على جدرانه أسماء أئمة آل البيت.. من كتبها غير السنة ؟.

ما من بيت سني إلا ويربي أهله على محبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته، ولن تجد في بيت واحد غير ذلك. لن تجد بيتا سنيا يربي أهله على عداوة آل البيت.
هي أوهام غرست في أذهان طوائف الشيعة، فصدقوها، ولم يمحصوها، فاستعمل منهم لأذى السنة، بأيدي من في قلبه حقد على الإسلام كله.
فليتفطن الشيعة المحبون صدقا لآل البيت لمثل هذا، فلا يكونوا وقودا لحرب لن يكون الضحية فيها السنة وحدهم.
وليعرف السنة حقيقة ما يدور، ونظرة الشيعة إليهم، لا ليعتدوا عليهم، بل لدعوتهم، ونصحهم، وحماية أنفسهم. فإنه وإن وجد في الشيعة معتدلون، غير أن خططهم وأفعالهم تجاه السنة يسيرها الغالون..
 

-------------------------------------
[1] - في الكافي عن أبي جعفر قال: "والله إن الناس كلهم أولاد بغايا، ما خلا شيعتنا" الكليني/ الروضة من الكافي ص135، ط: لكنو 1886م. بحار الأنوار 24/311.
في زيارة قبر علي رضي الله عنه يقولون: "لعن الله من خالفك، ولعن الله من افترى عليك وظلمك، ولعن الله من غصبك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ، لعن الله أمة خالفتك، وأمة جحدتك، وجحدت ولايتك، وأمة تظاهرت عليك، وأمة حادت عنك وخذلتك، الحمد لله الذي جعل النار مثواهم" من لا يحضره الفقيه2/354.. والمقصود بكل ذلك السنة.
[2] - يقول ميزرا حسن الحائري الإحقاقي: "إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين، والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين، الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة: أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب، وشريعة العرب، فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة، والأراضي العامرة، في الشرق والغرب، وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية والإمبراطورية..". رسالة الإيمان ص323، ميرزا حسن الحائري، مكتبة الصادق، الكويت1412/ط2.
وهم يعظمون أولاد الحسين دون الحسن، لأن أخوالهم من الفرس من زوجته شهربانو بنت يزدجرد. انظر: بحار الأنوار45/329 للمجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت 1403ط2.
ويعظمون سلمان الفارسي رضي الله عنه لفارسيته. انظر: رجال الكشي 21.
ويروون في كتبهم عن علي رضي الله عنه أنه قال عن كسرى: " إن الله خلصه من عذاب النار، والنار محرمة عليه". انظر: بحار الأنوار 14/41.
[3] - روى المجلسي في بحار الأنوار 52/ 318: أن المنتظر يسير في العرب بما في الجفر الأحمر، وهو قتلهم".        
وروى أيضا 62/ 349 : "ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح"    .
 

د.لطف الله خوجة
  • محمد صلى الله عليه وسلم
  • المرأة
  • التصوف
  • الرقاق
  • الآخر
  • معالجة
  • وصية
  • قطرة من الروح
  • الصفحة الرئيسية