اطبع هذه الصفحة


التحذير من رواية الأحاديث الضعيفة والمكذوبة

أبو أنس العراقي ماجد البنكاني

 
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[.([1])
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد  صلى الله عليه وسلم ، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار  .
إن الأحاديث الضعيفة والمنكرة والتي يكثر انتشارها بين العوام ، والتي تدور على ألسنة الناس ، إلا من رحم الله ، وينسبونها إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  ، ولم يُتيقن ثبوتها عنه  صلى الله عليه وسلم  .  
عن أبي قتادة قال ، قال  صلى الله عليه وسلم  : "إياكم وكثرة الحديث عني فمن قال علي فليقل حقا أو صدقا،ومن تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" .([2])
قال المناوي : كان أكابر الصحب – أي الصحابة - يتحرون عدم التحديث ، قال علي  رضي الله عنه  :  لأن أخر من السماء أحب إليّ من أن أحدث عن رسول اللّه  صلى الله عليه وسلم  بما لم أسمعه . اهـ .([3]) 
وعن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم  يقول : " من يقل علي مالم  أقل فليتبوأ مقعده من النار" .([4])
وفي رواية لمسلم عن أنس بن مالك  رضي الله عنه  أنه قال : إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : "من تعد عليّ كذباً فليتبوأ مقعده من النار" .([5])
وقد حذر النبي  صلى الله عليه وسلم  من هؤلاء الذين يحدثون ويكذبون عليه  صلى الله عليه وسلم  .  
فعن أبي هريرة رضي الله عنه  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال : "سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم" .([6]) قال الطيبي : ففيه إشارة إلى أن الحديث ينبغي أن لا يتلقى إلا عن ثقة عرف بالحفظ والضبط وشهر بالصدق والأمانة عن مثله حتى ينتهي الخبر إلى الصحابي ، وهذا علم من أعلام نبوّته ومعجزة من معجزاته فقد يقع في كل عصر من الكذابين كثير ووقع ذلك لكثير من جهلة المتدينة المتصوفة .([7]) 
عن مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه  يقول : قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم  : "يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنوكم" .([8])
عن طاوس قال : جاء هذا إلى بن عباس - يعني بشير بن كعب - فجعل يحدثه ، فقال له بن عباس : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد له ثم حدثه ، فقال له : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد له ، فقال له : ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا ، أم أنكرت حديثي كله وعرفت هذا ، فقال له بن عباس : إنا كنا نحدث عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذ لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه.([9])
وعن مجاهد قال : جاء بشير العدوي إلى بن عباس فجعل يحدث ، ويقول : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، فجعل بن عباس لا يأذن لحديثه ، ينظر إليه ، فقال : يا بن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله   صلى الله عليه وسلم   ولا تسمع ، فقال بن عباس : إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم ينفذ من الناس إلا ما نعرف .([10])
وقال عبد الله ابن مبارك  : "في صحيح الحديث شغل عن سقيمه"، ومن هذه الأحاديث الضعيفة التي ذكرناها للتنبيه على وهائها  وضعفها ، كي لا يُنسب للنبي صلى الله عليه وسلم شيء لم يُتيقن ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم ؛ وقد قال  صلى الله عليه وسلم  :"اتقوا الحديث عني فإن كذباً عليّ ليس ككذبٍ على أحد".([11])
فليتق الله كل من ينشر كلاماً وقد يكون ركيكاً وينسبه إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فيكون كاذباً بنص حديث النبي  صلى الله عليه وسلم  المذكور آنفاً ويستحق بذلك دخول النار والعياذ بالله فاتقوا الله ولا تتجرأوا على النبي صلى الله عليه وسلم  ، وعلى كل من يريد نشر شيء أو روايته يسأل أهل العلم عنه ، جعلنا الله ممن يذب الكذب عن النبي صلى الله عليه وسلم  وأن نحافظ على هذا الدين العظيم. والله الموفق .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين . وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك . وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 

وكتب
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي
2/محرم/1425هـ .
 23/2/2004م
 


-----------------------------
([1]) الأحزاب الآية (70-71).
[2]) ) صحيح الجامع حديث رقم (2684) ، "السلسلة الصحيحة" رقم(1753) .
[3]) ) فيض القدير .
[4]) ) أخرجه البخاري الإمام في صحيحه (1/52) برقم (109) .
[5]) ) صحيح مسلم برقم (2) .
[6]) )  أخرجه مسلم في مقدمته عن أبي هريرة رضي الله عنه  .
[7]) ) فيض القدير .
[8]) ) صحيح مسلم (1/12) ، حديث رقم (7) ، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها .
[9]) ) أخرجه مسلم في المقدمة (1/12) .
[10]) ) صحيح مسلم (1/12) ، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها .
[11]) ) أخرجه البخاري برقم (1229) ، ومسلم برقم (4) .

 

أبوأنس العراقي
  • الكتب
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية