اطبع هذه الصفحة


الدراسات الإسلامية عند المستشرقين
من خلال
بعض قضايا الدراسات الإسلامية في الغرب

د.مازن بن صلاح مطبقاني
‏@mazinmotabagani


مقدمة

الحمد لله حمداً كثيراً طيباُ مباركاً فيه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين وبعد:


فأتقدم إلى معالي الدكتور راشد الراجح رئيس نادي مكة الثقافي الأدبي بالشكر الجزيل على كريم دعوته لي لإلقاء هذه المحاضرة ، وكم كنت أود أن تتاح لي فرصة أطول للإعداد لهذه المحاضرة أو لاختيار أدق لعنوانها أو موضوعها فالدراسات العربية الإسلامية عند المستشرقين موضوع واسع جداً ويمكن أن تلقى فيه عشرات المحاضرات .فهذه الدراسات بدأت منذ قرون عديدة ولا يمكن الحديث عنها في محاضرة واحدة . وقد عقد منذ أسبوعين مؤتمر دولي في تطوان بالمغرب نظمته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع جامعة عبد المالك السعدي بعنوان : (الاستشراق والدراسات الإسلامية ) وألقي فيه أكثر من ثلاثين بحثاً على مدى ثلاثة أيام.

ومع ذلك فإنني حين راجعت أوراقي وجدت أن هناك قضايا في الدراسات العربية الإسلامية يمكن أن تكون جديدة وذلك أنني خلال زيارة قمت بها بدعوة من وكالة إعلام الولايات المتحدة الأمريكيـة في صيف عام 1416 (سبتمبر 1995) حرصت أن أطلب من بعض الجامعات تفاصيل المـواد التي تُدْرس في أقسام الدراسات العربية الإسلامية أو مراكز دراسات الشرق الأوسط أو أقسـام الدراسات الشرق أوسطية. وحصلت على بعض المعلومات من كل من جامعة جورجتاون، وجامعة انديانا، وجامعة نيويورك،ومعهد الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكـنز بواشنطن كما أن متابعتي للنشاطات الاستشراقية في الغرب وفرت لي بعض المعلومات عن هذه الدراسات . وستتكون المحاضرة من ثلاثة محاور هي:

أولاً: الدراسات العربية الإسلامية في بعض الجامعات الأمريكية من خلال بعض المواد الدراسية والنشاطات الأكاديمية من محاضرات وندوات .

ثانياً: تمويل الدراسات العربية والإسلامية في بعض الجامعات الغربية .

ثالثاً: أساتذة الدراسات العربية والإسلامية نماذج من السير الذاتية لعدد منهم.

ولكن قبل الحديث في هذه المحاور الثلاثة أود أن أقدم تعريفاً موجزاً بقسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. فقد بدأت فكرة هذا القسم عندما أنشأت الجامعة في مركز البحوث بالرياض التابع لعمادة البحث العلمي وحدة الاستشراق والتنصـير . وقد عمل فيها أساتذة متخصصون في مجالات مختلفة ومنهم الدكتور محمد فتحي عثمان والدكتور إبراهيم عكاشة . وقد أصدر الدكتور عكاشة في أثناء عمله في الوحدة كتابه مـلامح التنصير في العالم العربي كما عمل في هذه الوحدة الدكتور قاسم السامرائي صاحب كتاب الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية، وقد قام في فترة عمله بالوحدة بترجمة كتاب: المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية )لعبد اللطيف الطيباوي ، كما قام بإعداد فهرس وصفي لعدد كبير من الكتب الاستشراقية التي صدرت في القرون الماضية. وجاء إلى الوحدة الدكتور السيد محمد الشاهد وشارك في العديد من النشاطات العلمية في مجال الحوار مع المستشرقين بتوجيه من معالي الدكتور عبد الله التركي الذي كان مديراً للجامعة حينذاك.

ثم تطورت فكرة هذه الوحدة على يدي معالي الدكتور عبد الله التركي والدكتور عبد الله الرحيلي والدكتور محمد عثمان صالح -أول رئيس لقسم الاستشراق- إلى إنشاء قسم الاستشراق بالمدينة المنورة بالرغم من وجود معارضة لهذا الاتجاه وذلك لأن البعض رأى أنه يمكن دراسة الاستشـراق من خلال كليات الجامعة وأقسامها المختلفة . وكان الخير في إنشاء القسم الذي بدأت الدراسة فيه عام 1403/1404 وقد تخرج فيه العديد من الدفعات من حملة شهادة الماجستير في مجالات الاستشراق المختلفة فكان منهم من درس الاستشراق في مجال الدراسات القرآنية أو الحديثية أو الفقهية أو اللغوية أو مراكز الاستشراق أو التنصير.

وقد منح القسم لكاتب هذه السطور أول درجة دكتوراة عام 1414 عن رسالة بعنوان منهج المستشرق برنارد لويس في دراسة الاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي ، ومنحت الدرجـة الثانيـة عن دراسة حول الجوانب العقدية في دائرة المعارف الإسلامية للزميل الدكتور حميد بن ناصر الحميد ، والثالثة حول مناهج المنصرين البروتستانت في تنصير المسلمين في النصف الثاني من القرن العشرين للزميل الدكتور علي الحربي.

وصدر عن القسم الكتاب الدوري الأول ، كما نشرت أول رسالة دكتوراه بعنوان الاستشراق والجوانب الفكرية في التاريخ الإسلامي - دراسة تطبيقية على كتابات برنارد لويس عن مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض عام 1415. وقد أصدر الدكتور إسماعيل عمايرة عدداً من الكـتب حول الدراسات اللغوية عند المستشرقين. ويقوم كاتب هذه السطور بكتابة زاوية أسبوعية في جريدة المدينة المنورة منذ خمس سنوات ونصف يتناول فيها بعض القضايا الاستشراقية كما حضر بعض المؤتمرات الدولية والندوات في مجال الدراسات الإسلامية في الغرب في كل من نيويورك ، وتونس وليدن، وتطوان ومهرجان الجنادرية الذي تناول علاقة الإسلام بالغرب.وقد حضر بعض المحاضرين عام 1407 هـ الندوة التي أقامها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية حول الدراسات العربية والإسلامية في فرنسا.

كما أن القسم أتاح لبعض معيديه ومحاضريه الفرصة للقيام برحلات علمية إلى كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية . وقد ابتعث القسم بعض المعيدين لإكمال دراستهم في بريطانيا وفي أمريكا . وقد واصل بعض خريجيه الدراسة في الجامعات البريطانية وحصلوا على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية هناك.

أعرف أن القسم يستحق أكثر من هذا التعريف الموجز ولكنّي أختم هذا التعريف بدعوة الجامعات الأخرى في المملكة وفي العالم الإسلامي للقيام بدراسة إمكان فتح أقسام شبيهة وتطوير الفكرة لننتقل من مجرد دارسين لما كتبوه عن الإسلام والمسلمين إلى دراسة الغرب نفسه في محاولة لمـعرفته معرفة حقيقية فإن التعامل مع الغرب ينبغي أن يسبقه علم منهجي بهذا الغرب ، وبخاصة أننا مأمورون أن ننشر دين الله الذي ارتضاه للناس أجمعين ولا يتحقق ذلك إلاّ بمعرفة بيئة المدعوين .

 

د. مازن  مطبقاني
  • الكتب والبحوث
  • المقالات
  • مقالات حول الاستشراق
  • تقارير المؤتمرات
  • دراسات الغرب - الاستغراب
  • للتواصل مع الدكتور
  • الصفحة الرئيسية