اطبع هذه الصفحة


من تقارير أرامكو غير المنشورة
تعليم البنات وتطور المرأة في المملكة العربية السعودية

د.مازن بن صلاح مطبقاني
‏@mazinmotabagani


بسم الله الرحمن الرحيم


تقديم: هذا تقرير آخر أعده أيضا الكولونيل (العقيد) هـاري روسكو سنايدر بعد افتتاح مدارس البنات بعدة سنوات، وفيه تفاصيل طريفة وتطلعات أرامكو لوضع المرأة في المملكة ويلاحظ الوظائف التي عملت فيها المرأة في أرامكو التي كانت أول المؤسسات في اختلاط المرأة بالرجال، وأترككم مع التقرير.

التقرير:

قبل افتتاح المدارس الحكومية للبنات كان كثير منهن يدرس في الكتاتيب القرآنية حيث كانوا يتلقون تعليماً دينياً، وكثير من البنات كن يتلقين التعليم الخاص في بيوتهن أو في مدارس خاصة صغيرة تدار من قبل نساء سعوديات أو أجنبيات حاصلات على بعض التعليم.

لقد قام بعض المواطنين التقدميين بحملة من أجل فتح مدارس للبنات على عدة أسس:
1- لبناتهم الحق في التعليم
2- سوف يزداد طلب الشباب السعودي على زوجات متعلمات من الدول المجاورة ما لم يحصلوا على مزايا مماثلة.
ولكن المحافظون والمجموعات الدينية في معارضتهم العنيفة وزيادة على ذلك أصدر الملك سعود في أكتوبر 1959م بشجاعة مرسوماً لفتح مدارس البنات في كل أنحاء المملكة. ومن أجل إرضاء العناصر المحافظة والدينية فقد أمر أن يكون تعليم البنات تحت إدارة المفتي العام وليس وزارة المعارف.
وتم استئجار ستين منزلاً بميزانية بلغت مليوني ريال{أليس المبلغ كبيراً} عام 1959 لتكون مقرات للمدارس الابتدائية، وتم توظيف المعلمات من بين السعوديات اللاتي حصلن على تعليم خاص أو درسن في مدارس خارج المملكة وكذلك زوجات بعض الأساتذة العرب. وقد بدئ أولاً في توظيف كل المواطنات السعوديات أو المتجنسات اللاتي كن متوفرات، وعينت الكثير منهن مديرات. وقبل نهاية العام الأول افتتحت سبع مدارس إضافية كان ثلاث منها مدارس متوسطة للصفوف السابع والثامن والتاسع. وأضيفت فيما بعد دورات تدريبية أضيفت على منهج المدارس المتوسطة لتخريج معلمات. وبالإضافة إلى ذلك فقد تم تمويل تسعة وثلاثين مدرسة خاصة في المملكة من قبل الحكومة لمواجهة الطلب المتزايد على التعليم.
وعلى الرغم من أن مدارس البنات كانت خاضعة للسلطة الدينية فإن كثيراً من المتطرفين اعترضوا على أي تعليم للبنات مهما كان. ففي بريدة استدعت قوات الجيش لجعل فتح مدارس البنات ممكناً، وكان هناك مشكلات في الهفوف كذلك.
وبغض النظر عن المعارضة فإن تعليم البنات تطور بسرعة في فترة الخمس سنوات منذ إنشاء المدارس؛ فقد كان هناك زيادة تقدر بعشرة أضعاف في نشاطات معظم المدارس. فقد ازدادت الميزانية من مليونين إلى خمس وعشرين مليونا ومائتين وعشرين ألف ريال، وزاد عدد المدارس الابتدائية من إحدى عشرة إلى مائة وثمانية عشر وازدادت المدارس المتوسطة أربعة أضعاف من 3 إلى 13 وزادت أعداد خريجات المرحلة الابتدائية من 120 إلى 1024، وعلى الرغم من العديد من المدارس التي فتحت فإنه ما زال هناك المئات من البنات اللاتي ينتظرن أن يقبلن.
ماذا يحمل المستقبل. سيكون هناك طلب متزايد على المدارس الثانوية، ولا يوجد أي منها الآن، والثلاثة خريجات في الدمام غير مستعدات للتوقف عن التعليم من أجل العمل في التدريس. وقد تقدمت إحداهن للحصول على منحة من أرامكو للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت. وما لم يتم فتح فصول ثانوية فإن الخريجات سوف يذهبن إلى دول عربية أجنبية{ انظروا كيف يطلق الأمريكان على الدول العربية أجنبية وماذا تسمى الدول الأوروبية وأمريكا؟}فهناك الآن أكثر من مائة بنت يتلقين تعليماً عالياً في مصر وحوالي 15 في لبنان.
وقد قدمت صحيفة الندوة تقريراً يوم 10 مايو أن الرئاسة العامة تنظر في مسألة فتح مدارس ثانوية حيث تستطيع الفتيات اللاتي لا يرغبن في دراسة المرحلة الثانوية أن يدرسن في بيوتهن اقتصاد منزلي لسنتين أو ثلاث ليكن أمهات جيدات.
وفتحت مدارس لتخريج مساعدات ممرضات في الرياض وفي جدة عام 1961م وقد أغلقت المدرسة في الرياض وليس هناك معلومات عن مدرسة جدة. ويمكن أن يكون عدم النجاح بسبب فتح المدارس قبل الأوان حيث إن الفتيات كان ينقصهن التعليم الكافي، ومجال التمريض لم يجذب الفتيات السعوديات حتى الآن.
وقد فتحت معاهد تدريب المعلمات من قبل الحكومة في الطائف وفي الرياض حيث كانت المعلمات يلتحق بدورات صيفية وقد استفادت المدرسات من برنامج منح أرامكو في كلية بيروت بلبنان خلال أشهر الصيف. ومنح أرامكو مقتصرة على البنات المولودات في السعودية والمتجنسات منذ خمس سنوات أو أكثر.
ومن المفهوم أن جامعة الملك سعود قد قبلت بصفة غير رسمية الطالبات للالتحاق بالدراسة المنتظمة في كلية الآداب ولكنهن لا يدرسن في القاعات التي يدرس فيها الأولاد، ولكن يدرسن في فصول خاصة وامتحانات خاصة.
وعندما فتحت المدارس الابتدائية عام 1960م التحقت كثير من الطالبات المتزوجات ولسوء حظهن لم تستمر هذه الميزة أكثر من سنة حيث ازدادت أعداد الطالبات زيادة كبيرة مما منع قبولهن، واستطاعت بعضهن مواصلة الدراسة من بيوتهن مع دفع رسول للتعليم بينما أقنعت بعضهن بعض المديرات والمعلمات لعقد فصول لهن بعد الظهر أو في المساء لمجموعات صغيرة مقابل رسوم قليلة. ومثل هذه الفصول لا تزال مستمرة وفتحت مدارس في جدة وفي مكة والطائف لمحاربة الأمية بين النساء. وفي عدد من المدارس الخاصة فتحت فصول لمحو الأمية لدى الأمهات ولتعليم رعاية الأطفال والعناية المنزلية لتمكين الأمهات من الدراسة مع بناتهن.
وبهذا التعليم والتقدم لدى النساء قامت مديرتان متحمستان ومعلمات في الدمام بإنشاء جمعية للمرأة السعودية وهي الأولى في المنطقة الشرقية، وكانت الرئيسة هي الست حياة عبد الحميد عنبر مديرة المدرسة السادسة، وبمساعدة عضوات اللجنة التنفيذية الست استطاعت تنظيم فصول دراسية للنساء السعوديات في المدارس الحكومية الثلاث من الخامسة والنصف حتى السابعة والنصف يومي الاثنين والخميس، وتتدرج الفصول من الصف الثالث حتى السابع وتتضمن دراسات في القرآن واللغة العربية والرياضيات والتعليم الصحي ورعاية الطفولة والاقتصاد المنزلي ويصل عدد الطالبات الآن 25 طالبة.
وتوجد الآن جمعيات شبيهة في الرياض وفي جدة وقد أدخلت الجمعية في الرياض تدريس اللغة العربية على طريقة برل من أجل أن تستطيع بعض العضوات تأسيس مدارس للمكفوفات، وترعى جمعية جدة مركز رعاية الحوامل ورعاية الطفل وتفتح خمسة أيام في الأسبوع، وعينت وزارة الصحة أطباء يساعدون على أساس تطوعي.

إن زيادة تحرر المجتمع السعودي الذي يجعل من الممكن للنساء السعوديات أن يسهمن في الحياة العامة قد تسبب في تطور ملحوظ في مكانتهن. وبالتعليم المتوفر لهن فإن فرصاً غير محدودة سوف تتوفر لهن لاستغلالها وليقدمن خدمة أكبر لبلادهن. والوظائف المتوفرة للنساء السعوديات الآن هي:
- مديرات ومعلمات في مدراس البنات.
- موظفات في الضمان الاجتماعي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
- كاتبات نصوص ومذيعات في برامج الإذاعة في وزارة الإعلام.
- وظائف معينة في وزارة الزراعة.
- محررات صحفيات وكاتبات متخصصات.
- موظفات في العلاقات العامة في أرامكو وفي الإدارة الطبية حيث يقمن بكتابة مقالات لمجلة قافلة الزيت، وعمل جولات في مدارس البنات لمعرض صناعة الزيت وتعليم التعليم الصحي في المدارس الحكومية والخاصة وفي لقاءات النساء.
وفي هذا التطور المذهل في وضع النساء في المملكة العربية السعودية يجب أن لا ننسى دور الرجال التقدميين حيث إن تعليمهم وسّع مداركهم فقد أصبحوا متعاطفين وأكثر تفهماً وأكثر حماسة لتقوم نساءهم وبناتهم ليكن رفيقات ومساعدات. وفي دراسة صدرت قريباً تقدم هيلين ميتز Helen Metz الملاحظة الآتية: هناك اعتراف من قبل الكتّاب الرجال في الصحافة السعودية بالدور الذي تلعبه النساء زوجات وأمهات في تطوير الوضع العام للأمة من خلال معرفتهن بأمور مثل التغذية ورعاية الأطفال.ووسائل الطب الوقائي بإدراكهن للمثل العربي :" الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق" (بيت لحافظ إبراهيم وليس مثلاً)
لو استمرت الوزارات والمؤسسات و أرامكو والمواطنون السعوديون في تقديم جهودهم التعاونية في تطوير التعليم لشعب السعودية فلن يمر وقت طويل قبل أن تمر البلاد بعصر ذهبي.
أعدّ في 30 مايو 1969م
سنايدر

 

د. مازن  مطبقاني
  • الكتب والبحوث
  • المقالات
  • مقالات حول الاستشراق
  • تقارير المؤتمرات
  • دراسات الغرب - الاستغراب
  • للتواصل مع الدكتور
  • الصفحة الرئيسية