اطبع هذه الصفحة


من آيات النبوة

د. مهران ماهر عثمان

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 

الحديث الثالث
من آيات النبوة
 
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يَسنون عليه ([1]) ، وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنه كان لنا جمل نَسني عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه :«قوموا»، فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فقالت الأنصار يا رسول الله قد صار مثل الكلب نخاف عليك صولته قال :«ليس عليَّ منه بأس»، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه يا رسول الله هذا بهيمة لا يعقل يسجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك قال:«لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظمِ حقِّه عليها».
 
الحديث أخرجه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ونقف مع هذه الفوائد:
 
الأولى : الواجب علينا أن نعرف حق نبينا صلى الله عليه وسلم فالحيوان والجماد تعرف حقه
عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ رَأَيْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَهُ إِذْ مَرَرْنَا بِبَعِيرٍ يُسْنَى عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ الْبَعِيرُ جَرْجَرَ وَوَضَعَ جِرَانَهُ ([2])  فَوَقَفَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:« أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ»؟ فَجَاءَ، فَقَالَ: «بِعْنِيهِ». فَقَالَ: لَا بَلْ أَهَبُهُ لَكَ. فَقَالَ:«لَا، بِعْنِيهِ». قَالَ: لَا بَلْ أَهَبُهُ لَكَ؛ وَإِنَّهُ لِأَهْلِ بَيْتٍ مَا لَهُمْ مَعِيشَةٌ غَيْرُهُ. قَالَ :«أَمَا إِذْ ذَكَرْتَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ شَكَا كَثْرَةَ الْعَمَلِ وَقِلَّةَ الْعَلَفِ فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ».
قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَنَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الْأَرْضَ حَتَّى غَشِيَتْهُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ:« هِيَ شَجَرَةٌ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهَا».
قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَمَرَرْنَا بِمَاءٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا بِهِ جِنَّةٌ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَنْخَرِهِ فَقَالَ:«اخْرُجْ إِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ». قَالَ ثُمَّ سِرْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ سَفَرِنَا مَرَرْنَا بِذَلِكَ الْمَاءِ فَأَتَتْهُ الْمَرْأَةُ بِجَزُورٍ وَلَبَنٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرُدَّ الْجَزُورَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَشَرِبَ مِنْ اللَّبَنِ فَسَأَلَهَا عَنْ الصَّبِيِّ فَقَالَتْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْنَا مِنْهُ رَيْبًا بَعْدَكَ. [أحمد وصححه الألباني] .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ» [مسلم] .

الثانية : ليس من حبه الغلو فيه :
وعنَّ الرُّبَيِّعَ بنتَ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ، قَالَتْ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ عَلِيَّ صَبِيحَةَ بنيَ بِي، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٍ يَضْرِبْنَ بِدُفٍّ لَهُنَّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَنْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ:«دَعِي هَذَا وَقُولِي الَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ» [البخاري].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه : أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :«أَجَعَلْتَنِي وَاللَّهَ عَدْلًا، بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» [أحمد وحسنه الألباني] .
 
الثالثة :
لا يصحُّ صرفُ شيءٍ من العبادة لغير الله ولو كان هذا الغير نبينا صلى الله عليه وسلم . فصرف العبادة لغير الله هو الشرك الذي بعث نبينا صلى الله عليه وسلم لاجتثاثه .
 
الرابعة :
في كثير من الأحاديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم ما للزوج على زوجته وما لها عليه لأن الحياة الأسرية لا يمكن أن ينعم أهلها بالراحة والسكينة إلا بقيام كل طرفٍ بواجباته .
 

------------------------
[1] / يستقون .
[2] / الجران: باطن العنق .

 

د. مهران ماهر
  • الخطب المنبرية
  • المقالات
  • البحوث
  • الردود
  • برامج إذاعية
  • المواعظ والدروس
  • الصفحة الرئيسية