اطبع هذه الصفحة


وقفات مع الأذكار والدعوات
(12)
دعاء الكرب

د. مهران ماهر عثمان


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  كَانَ يدعو عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» ([1]).
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ
لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله.
العظيم: الذي لا شيء يعظم عليه، هو صاحب العظمة والكبرياء، قال تعالى: }وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{. أي: يعظمه أهل السماء وأهل الأرض.
الحليم: الذي يؤخر العقوبة مع القدرة.
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
من المحتمل أن يكون العظيم نعتا لله تعالى، أو نعتا للعرش، والثاني أولى؛ لأن وصف ما يضاف للعظيم بالعظيم أقوى في تعظيم العظيم كما قال ابن حجر رحمه الله.
ولأننا لو جعلناه نعتا لله فهذا تكرار لما قبله، بخلاف ما لو جُعل نعتا للعرش ففيه زيادة معنى، والتأسيس خير من التأكيد.
فما معنى أن العرش عظيم؟
يوضح المعنى حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة» ([2]).
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ
قال ابن كثير رحمه الله: "الكريم: الحسن البهي. فقد جمع العرش بين العظمة في الاتساع والعلو، والحسن الباهر؛ ولهذا قال من قال: إنه من ياقوتة حمراء" ([3]).
وأما إذا كان الكريم نعتا لله تعالى فمعناه: المعطي فضلا.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان يدعو.. فأين الدعاء؟
الدعاء الذكر، فكل الذكر دعاء، قال  صلى الله عليه وسلم : «أفضل الدعاء الحمد لله»([4]).
ولذا قال أمية ابن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ---  حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يومـا  --- كفاه عن تعرضه الثنــاء

وذلك أن العبد إذا شغل بذكر الله عن دعائه أعطي أفضل مما يُعطى السائلون، فيترتب عليه ما يترتب على الدعاء من نيل الكرامتين والفوز بالدارين.


----------------------------------------------------------
[1] / البخاري ومسلم
[2] / قال الألباني في "السلسلة الصحيحة (1 / 174): "رواه محمد بن أبي شيبة في كتاب العرش ( 114 / 1 )".
[3] / تفسير ابن كثير (5/490)
[4] / الترمذي.

 

د. مهران ماهر
  • الخطب المنبرية
  • المقالات
  • البحوث
  • الردود
  • برامج إذاعية
  • المواعظ والدروس
  • الصفحة الرئيسية