اطبع هذه الصفحة


عجبا عجاب

الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف

 
بسم الله الرحمن الرحيم

عجبا عجاب من أمة نظرت بأعجوبة و ابتهاج و فرح وسرور وتهليل و تكبير و تطبيل و تذمير و خطب و مهرجانات و مؤتمرات من رجل ضرب أو حاول ضرب رئيس دولة – قالوا عنها عظمى – بحذائه .

فقاموا و قعدوا ووصفوا و نعتوا : هذا بطل هذا شجاع مقدام صنديد بل هو بطل الأبطال و أشجع الشجعان .

فلمن حاول ضرب بوش بالحذاء أرقى الأوسمة و أعلى الرتب و المراتب بل هو أبو العرب – كما قالوا و نعتوا – فهو من أعاد للعرب عزتهم بحذائه بعد أن انتهكت كرامتهم بأحذية بوش و رجاله لسنين عديدة وما زالوا .

هذا لمن حاول ضرب بوش الذي له من الله ما يستحق في الدنيا و الآخرة .

ترى ما نقول و ماذا يجب أن نقول وماذا نفعل وما يجب علينا فعله لمن دافع عن شرف الأمة و دينها و كرامتها و أرضها و عرضها .

ماذا نصف من قدم دمه و لحمه و ماله و كل ما يملك من غال و نفيس .

ماذا ننعت من ضرب العدو و رجاله و ذيوله بالصواريخ و القنابل و ما توفر له من أسلحة وروح وجسد .

ماذا نقول للصغير قبل الكبير الذي يرى ما يرى من مفارقات و أمام هذه التناقضات العجيبة : نصف ضرب أو محاولة ضرب عدو بالحذاء : بالبطل و المقدام و نمد له يد المساعدة المعنوية والمادية .

و لمن يضرب الأعداء بالدم واللحم و النار : نصفه بالإرهابي و المجرم ، أو نصمت عن وصفه والدفاع عنه ، و كأن شيئا لم يكن .

عجبا من أمة وصلت حالها إلى ما وصلت إليه .

ماذا نقول لرب العزة في الموقف العظيم ؟ و هو القائل في حق هؤلاء :( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) .

ماذا نقول لمن يضحي بنفسه و ماله وولده و هو عند الله مكرم بل يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ليقتل عشر مرات ، لما يرى عند الله من الكرامة .

وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما في الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة . ( متفق عليه ).

ماذا نقول لأنفسنا و ما تبقى من ضمائرنا أمام هذه المقارنة و المفارقة العجيبة .

ماذا نقول و ما نقول فهل يحق عليها القول بأننا أمة فقدت حتى موازين الأقوال الأفعال بعد أن وصلت بها الحالة المزرية من أفراد و أمة إلى ما وصلت إليه .

لقد فقدنا الموازين و الأقوال و الأفعال ولم يعد لدينا أي شيء لنفقده حتى تمسك بعضنا بالحذاء ليعيد له كرامته و مجده الذي داسه كثير من أفراد الأمة قبل عدوها فهان عليه تقدير و إجلال مجاهدي هذه الأمة و رجالها ، فمجدوا الأحذية و قاذفيها و سخفوا الجهاد و طالبيه فعجبا عجاب .

و لا أرى أفقه من قول موسى الذي طلب من قومه أن يقتلوا أنفسهم لعبادتهم العجل فيتوبوا إلى بارئهم .

أما كثير من أفراد هذه الأمة فلم يتركوا شيئا لا يعبد إلا وعبدوه ، وربما لا استغرب أن نجد من يطالب بعبادة حذاء الزيدي بعد كل هذا التمجيد و التعظيم .

قال تعالى :
( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) .
حسبنا الله ونعم الوكيل


المحامي الدكتور مسلم اليوسف
Abokotaiba@hotmail.com

خاص بموقع :
http://qawim.net

 

مسلم اليوسف
  • بحوث علمية
  • بحوث نسائية
  • مقالات ورسائل
  • فتاوى واستشارات
  • الصفحة الرئيسية