اطبع هذه الصفحة


أوباما واستراتيجية الخروج من أفغانستان

الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين حامي وموفق المؤمنين وصلى الله على نبينا و إمامنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه و آله وسلم وبعد :

أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن بلاده بحاجة إلى استراتيجية للخروج من أفغانستان بعد الفشل العسكري والدبلوماسي والاقتصادي للتصدي لحركة طالبان ومن معهم .

فقد قال أوباما الرئيس و الأمريكي خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة سي بي اس الأمريكية الأحد : أن إدارته تضع استراتيجية شاملة للتعامل مع الملف الأفغاني ، ويشمل هذا خطة للانسحاب من أفغانستان مع وضع بدائل تنقذ الوجه الأمريكي المهشم ، وتورط دول أخرى أكثر شهية وعدوانية لمحاولة تحطيم طالبان والمارد السني المتربع في أفغانستان و باكستان .

ومن هذه البدائل التي سوف يبرزها أوباما :


1- زيادة كبيرة في عدد القوات الأفغانية لكي تعمل رأس حربة وترع دفاع عن الولايات المتحدة ، وحلفائها فيكون القتال والتقاتل بين الأفغان أنفسهم ، وبسلاح أمريكي إيراني مرحبا بالسلاح الهندي الباكستاني .
2- ترميم حكومة كابل الضعيفة التي يسودها الفساد ، وذلك عن طريق إدخال قادة قبليين لهم سمعة حسنة ، وقابلية للتعاون مع المنطق الأمريكي و حلفاؤه .
3- محاولة التفاوض مع بعض قادة طالبان لشق صفوفهم .
بيد أن هذه المحاولة فشلت وستفشل في بلد جعل الجهاد منهجه ومرضاة الله مبتغاه .

قال ذبيح الله مجاهد : إن غرض التفاوض عديم المعنى ، وإن طالبان المعتدلة لا وجود لها في أفغانستان ، وإن إجراء محادثات مع حكومة كابول تكون ممكنة إلا إذا وافقت حكومة كرزاي على شروط طالبان بشأن سحب القوات الدولية من البلاد .
4- عزل طالبان باكستان عن طالبان أفغانستان :
حيث ينشط مجاهدي طالبان في المناطق القبلية في شمال غربي باكستان وفي وادي سوات .

لذلك قال أوباما : طالما هناك ملاذات آمنة في هذه المناطق الخارجية عن سيطرة الحكومة الباكستانية الموالية سيبقى هناك خروقات على الجانب الأفغاني من الحدود .

وربما يكون هناك اتفاق باكستاني هندي إيراني لمحاولة القضاء على مجاهدي طالبان وبدعم مادي ومعنوي ديبلوماسي أمريكي غربي .

وأعتقد أن خطة أوباما الجديد ة ستفشل كما فشلت الخطط الأمريكية السابقة إلا إذا كان هناك خطة جادة للتفاوض مع طالبان لترتيب الانسحاب الأمريكي الغربي من أفغانستان بأقل الخسائر وبمبادرة طالبانية .

وأعتقد أن سبب ذلك ما يلي :


1- الانتماء العقدي لطالبان : طالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفي وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكماً واحداً لا يحتمل الأخذ والرد ، ومن ثم تصبح الأحكام الشرعية لدى طالبان واجباً دينياً لا مفر من تنفيذه .
2- الانتماء العرقي : حيث ينتمي معظم أفراد حركة طالبان إلى القومية البشتونية مما يعطي للحركة تناغم عرقي عقدي زادها صلابة وقوة في وجه التحديات التي تواجهها .
3- الصفات النفسية لأفراد الحركة : يتميز أفراد الحركة بعدة صفات نفسية أهمها الصلابة وتحمل المشاق إضافة إلى الإخلاص لدينهم وعقيدتهم والعمل الجاد على تنفيذ أوامر قادتهم وعلى رأسهم أميرهم الملا عمر مجاهد .
4- انتشار الفساد : فقد انتشر الفساد في حكومة كرزاي من أدنى موظف حتى أعلى مرتبة فيها .

أما حكومة طالبان فقد استطاعوا بفضل الله تعالى بمكافحة الفساد والانفلات بكل أشكاله وصوره وبدءوا ببناء دولة إسلامية عصرية وفق ما استطاعوا لولا تكالب الأمم عليها من الولايات المتحدة وإيران وغيرها من الأنظمة الفاسدة والعملية للغرب ، لكان هناك دولة عصرية على المنهج النبوي بقيادة أمير المؤمنين الملا عمر مجاهد .
5- التنظيم الجيد للحركة : على الرغم من أن الحركة لا تتمتع بتنظيم عصري ، فليس عندهم هيكل إداري أو لوائح تنظم شؤونهم الداخلية ومع ذلك فإن لهم هيكلاً فريد من نوعه يشتمل فيه :

أ- أمير المؤمنين : الملا عمر مجاهد والذي يتمتع بصلاحيات واسعة اختاره طالبان أميراً عليهم بعد أن بايعه 1500 عالم من علمائهم وله حقوق شرعية فلا يجوز مخالفته أوامره كما لا يجوز عزله إلا إذا خالف الأوامر الدينية أو عجز عن القيام بمسؤولياته ويبقى في منصبه حتى الموت .

ب- مجلس الشورى المركزي للحركة : ليس لهذا المجلس عدد ثابت وأعضاء معنيون وإن كانت الحركة قد أعلنت أنه بضم 7 أعضاء .
ج- القيادات العسكرية ودار الإفتاء ومجالس الشؤون في الولايات والقيادات العسكرية .

وختاما فإن حركة طالبان استطاعت بفضل الله تعالى التماسك والصمود أمام كل هذه العواصف والهجمات لبنائها العقدي المتين وإخلاص رجالاتها الفريد من نوعه في هذا العصر الذي سيطر عليه بشكل كبير الفساد ورجالاته وأبواقه فستفشل سياسات الغرب و أمريكا مهما كانت خططهم ومكرهم إن شاء الله تعالى و الله ولي المؤمنين .

والله المستعان .

المحامي الدكتور مسلم اليوسف
 

مسلم اليوسف
  • بحوث علمية
  • بحوث نسائية
  • مقالات ورسائل
  • فتاوى واستشارات
  • الصفحة الرئيسية