اطبع هذه الصفحة


تذكير المسلمين
 وولاة أمورهم
بعقوبة الصمت على تدنيس كتاب رب العالمين

الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم و بعد :
لقد هالني كما هال كثير من أفراد الأمة و جماعاتها هذا التجرؤ الغريب و العجيب على كتاب الله سبحانه وتعالى من أعداء الله و من دول و جماعات التي تتسمى بأسمائنا ، و تدعي الإسلام بل ، و الدفاع عنه أيضاً .
أن يدنس القرآن الكريم في دار الكفر و في عرينهم هذا غير مستغرب بل متوقع لذلك نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نسافر بالقرآن إلى أرض العدو .
 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو " [1]*
 و في رواية أخرى للإمام مسلم – رضوان الله عليه - عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسافروا بالقرآن ، فإني لا آمن أن يناله العدو "[2]
و لا شك أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم – خاف على القرآن من التدنيس المادي والمعنوي من هؤلاء الذي لا يحترمون دينا ولا معتقدا و هذا الذي حصل ويحصل في معتقلات الولايات المتحدة الأمريكية و الدولة الصهيونية و أمثالهما من الذي اتخذوا عداء الله و المؤمنين منهجا ومسلكا .
قال الحاكم الفرنسي في الجزائر - أيام الاحتلال - بمناسبة مرور مائة عام على احتلالها : يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ، و نقتلع اللسان العربي من ألسنتهم، حتى ننتصر عليهم .
وقال المبشر وليم جيفورد بالكراف : متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه.
وقال المبشر تاكلي: يجب أن نستخدم القرآن، وهو أمضى سلاح في الإسلام، ضد الإسلام نفسه، حتى نقضي عليه تماماً، يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديداً، وأن الجديد فيه ليس صحيحاً.
بيد أن كل خططهم – بفضل الله - في إزاحة القرآن فشلت ، فالمسلمين مازالوا يقدسون القرآن ، و يعتبرونه المصدر الأول في التشريع و الحياة رغم كل المحن ، و الكوارث التي تحيط بالمسلمين و عالمهم .
ففي أي انتخابات فيها أي نوع من الحرية و أي شكل من الضمانات يفوز بها أصحاب المنهج الديني بنسب ساحقة ( انظر في فلسطين نجحت حماس و في الجزائر فازت الجبهة و في تركيا فازت الأحزاب ذات المنج الإسلامي ) مما يعني أن الغرب و من يسير بركابهم قد فشلوا بإزالة القرآن الكريم من طريق و حياة المسلمين بل ظل القرآن الكريم في قلب المسلمين و منهاجهم القولية والفعلية و القلبية .
و أمام الهجوم الشرس على الإسلام و المسلمين  دون تحقيق أي نصر حقيقي و اقعي تجرأ بعض أعداء الإسلام على كتاب الله بالتمزيق و التدنيس ، ولكن أبشر المسلمين بقرب انهيار هؤلاء و أتباعهم و مناهجهم ، لأن من تجرأ على كتاب الله مزقه شر ممزق .
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى - : أن المسلمين يوم كانوا يحاربون الروم ، فتستعصي عليهم بعض الحصون و يصعب عليهم فتحها ، حتى إذا وقع أهل الحصن في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشروا خيراً بقرب فتح الحصن .
قال الله سبحانه و تعالى : ( يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ) سورة محمد ، الآية 7 .
و قال جل جلاله : : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ} [الصف:14]
 ونحن يجب أن نستبشر بقرب خلاصنا من ملة الكفر ، و حكمهم و مناهجهم ، بتجرئهم على كتاب الله و سنة رسول الله و ثوابت الأمة ، و مقدساتها.
لكن علينا مساندة أهل الجهاد سواء بالحرب أو بالكلمة بكل ما يلزم من مساندة مادية ومعنوية حتى يزل الله تعالى عنا هذا الكابوس من القهر و الظلم و الكفر و الطغيان .
و الجدير بالذكر أن الاعتداء على القرآن الكريم ليس حديث عهد بل قديم قدم الكفر ، و الزندقة وقد حدثنا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله عليه – أن هناك من المنتسبين إلى أهل القبلة يعتقدون : أن القرآن معنى قائم بذات الله فقط ، و إن الحروف ليست من كلام الله ، بل خلقها الله في الهواء أو صنفها جبريل أو محمد ، فضموا إلى ذلك أن المصحف ليس فيه إلا مداد وورق ، وأعرضوا عما قاله السلف من أن ذلك دليل على كلام الله ، فيجب احترامه لما رأوا أن مجرد كونه دليلا لا يوجب الاحترام ، كالدليل على الخالق المتكلم بالكلام ، فإن الموجودات كلها أدلة عليه ولا يجب احترامها فصار هؤلاء يمتهنون المصحف حتى يدوسوه بأرجلهم ، ومنهم من يكتب أسماء الله بالعذرة إسقاطاً لحرمة ما كتب في المصاحف و الورق من أسماء الله و آياته .
وقد اتفق المسلمون على أن من استخف بالمصحف مثل أن يلقيه في الحش أو يركضه برجله إهانة له ، أنه كافر مباح الدم .
فالبدع تكون في أولها شبرا ثم تكثر في الإتباع حتى تصير أذريا و أميالا و فراسخ ) .[3]
ذكر القرطبي - رحمه الله  - والله سبحانه وتعالى يُمهل أهل الظلم والعدوان ولا يهملهم سبحانه، قال جل جلاله:   ( وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } [القلم:45]،
قال القرطبي: "أمهلهم وأملي لهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجله يعني بنصره النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين".اهـ.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) :  إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قَالَ ثُمَّ قَرَأَ { وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } » رواه البخاري.

وروى الترمذي من طريق سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:« قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ (
قول { وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } [الحج:18]؛ فقد حُرموا منّة الهداية فلا يكادون يفقهون القرآن أو يشعرون بلذّته ولا يقّرون بعظمته، مع أنه جاء بالأخبار الصادقة والحقائق الغائبة والأحكام المصلحة العادلة، وأحتوى صوراً عظيماً من الإعجاز، ولكنهم لا يدركون. ويصدق فيهم قول الله تبارك وتعالى: { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } [محمد:24]، لأن عليها أقفال أقفلها الله عز وجل عليهم فهم لا يعقلون..

و أود أن أنبه المشتغلين بالقانون و حقوق الإسلام و أشباههم إلى ضرورة قرع باب القانون لحماية القرآن الكريم و ثوابت الأمة لأن هناك نصوص قانونية واضحة في عقوبة المعتدين على الأديان فلماذا لا نستفيد من تلك النصوص بل يجب علينا أن نستعمل جميع الأسلحة الممكنة للدفاع عن كتاب ربنا وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم.
جاء في أحد قرارات محكمة النقض برقم  653 / 1941 - :  ( وان كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه.
 فإذا ما تبين انه إنما كان يبتغي بالجدل الذي أثاره المساس بحرمة الدين والسخرية منه فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد. وتوافر القصد الجنائي هنا كما في كل الجرائم هو من الأمور التي تستخلصها محكمة الموضوع من الوقائع والظروف المطروحة أمامها.
ولا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم بل يكفي أن يكون في مجموع عباراته ما يفيد ذلك.) [4]
 
و أختم مقالتي بتذكير القارئ الكريم بحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : "إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمّهم بعقاب من عنده".
و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


للتواصل مع الكاتب :
 abokotaiba@hotmail.com
خاص
بموقع قاوم
 الحملة العالمية لمقاومة العدوان
http://qawim.net

----------------------------------
[1] - رواه الشيخان ، صحيح البخاري برقم 2849 و مسلم برقم 3565 .
[2] - صحيح مسلم ، برقم 3566.
[3] - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، مج8/425.
[4] - قرار محكمة النقض برقم  653 / 1941 - أساس بدون - محكمة النقض - الدوائر الجزائية – مصر  قاعدة 1555 - الموسوعة القانونية الجزائية - انس كيلاني

 

مسلم اليوسف
  • بحوث علمية
  • بحوث نسائية
  • مقالات ورسائل
  • فتاوى واستشارات
  • الصفحة الرئيسية