|  | 
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
		 
		الحمد لله رب العالمين ، الصلاة والسلام على رسول لنا الكريم محمد بن عبد 
		الله صلى الله عليه وسلم و بعد :
		بحث الإنسان منذ خلق الله تعالى و أنزله الأرض عن المسكن الملائم الذي يجد 
		فيه الأمن ، و الآمان ، و لكي يحافظ على نفسه ، و أهله ، و يدفع عنهم ، و 
		عن نفسه شتى أنواع المخاطر التي تحدق به من كل جانب .
		بيد أن التطور الذي أحاط بكل مسائل الحياة  ، وتشعباتها قد طالت بما طالت 
		سكن الإنسان أيضاً ، فالإسلام  نظر إلى المسكن بأنه أحد أسباب السعادة في 
		دار الدنيا حتى اعتبره الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – من سعادة 
		المرء كما ورد عن الإمام أحمد بن حنبل عن نافع بن عبد الحارث – رضي الله 
		عنه – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : من سعادة المرء الجار الصالح ، 
		والمركب الهنيء ، والمسكن الواسع ) .[1]
		وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن ابي وقاص عن أبيه عن جده  – رضي الله عنهما 
		– قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( من سعادة الدنيا ابن آدم ثلاثة 
		ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة . من سعادة ابن آدم  : المرأة الصالحة ، و المسكن 
		الواسع ، و الجار الصالح ، و المركب الصالح ، و من شقاوة ابن آدم المرأة 
		السوء ، و المسكن السوء ، و المركب السوء).[2] 
		و في صحيح ابن حبان قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ( أربع من 
		سعادة المرأة الصالحة ، و المسكن الواسع ، و الجار الصالح ، و المركب 
		الهنيء . و أربع من الشقاء : المرأة السوء ، و الجار السوء ، و المركب 
		السوء ، و المسكن الضيق ).[3] 
		كما شرع للمسلم أن يسأل ربه تعالى السعة في المسكن ، لما روى الترمذي عن 
		أبي هريرة – رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – دعا في ليلة ، 
		و قال : ( اللهم اغفر لي ذنبي ، ووسع لي في داري ، وبارك لي فيما رزقتني ) 
		[4].
		وتجمع آراء الفقهاء وأهل العلم المعتبرين على أن المسكن يعتبر من إحدى 
		مفردات مستوى المعيشة الحسنة شأنه شأن الزوجة الصالحة ، و المركوب الحسن .
		ومن الأهمية أن أبين ما أصاب السكن من العماني الواسعة التي أدت إلى تطوير 
		مفردات نظامه من الجذور ، وجعله يتصدر المكونات التي يشتمل عليها مستوى 
		المعيشة . وهي المعاني التي تقع فيما يلي :
		أ- المأوى : و هو يعتبر من أرقى المفاهيم باعتباره المكان الذي تتحقق فيه 
		معاني الأمن ، و الآمان ، لإقامة العلاقات الأسرية ونشاطاتها المختلفة لذلك 
		عبر الله تعالى عن الجنات بأنها جنات المأوى قال تعالى : ( أما الذين آمنوا 
		وعملوا الصالحات فلهم جنات الماوى نزلا بما كانوا يعملون ) [5].
		ب- الحماية : لأن المسكن يحقق الأمن الذاتي لقاطنيه ، فيحمل إليهم شعورا 
		بالانتماء إلى المجتمع ، و إلا فسيسارع هؤلاء إلى الانتقال إلى مكان آخر 
		تحقيقا لهذا الهدف .
		ت- المرافق العامة : من الضروري أن تتوفر في المبنى السكني المرافق و 
		الخدمات العامة ، التي تكفل سهولة ، واستمرار الحياة فيه .
		و عليه فإن السكن يجب أن تتوفر فيه جميع المعاني سالفة الذكر حتى يستقر ، و 
		يتطور ، و تدوم الحياة فيه .
		و علاوة على ما سبق ، فإن هذا القطاع يحتاج إلى مكونات أخرى لعل أهمها 
		البيئة البشرية ، و البيئة الطبيعية : 
		1-  البيئة البشرية : وهي التي تشمل العوامل الديموجرافية مثل إعداد السكان 
		، و توزيعهم ، و قيمهم الثقافية ، و عاداتهم ،       و تقاليدهم . ومن هنا 
		فإن المنطقة السكنية المراد إنشاؤها يجب أن تراعا فيها العوامل 
		الديموجرافية حتى تكون هناك بيئة سكنية مناسبة للنمو ، و الاستقرار .
		2-  البيئة الطبيعية : و هي التي تتعلق بالأرض ، و المناخ ، وأمثالهما ، 
		فالبنيان السكني يجب أن يتلاءم مع البيئة الطبيعية المتوفرة من تراب و حجر 
		و أمثالهما .
		وانطلاقا مما قلنا ، فإن المشروعات السكنية يتوقف نجاحها من عدمه بقدر 
		مراعاتها للبيئة البشرية ، و الطبيعية للمشروع دون أي تقليد أعمى للأساليب 
		الأجنبية في البناء ، و تنشئة المجمعات السكنية .
		 
		إن أي إنتاج اقتصادي يحتاج إلى عناصر ، فما هي عناصر إنتاج المساكن 
		المتعارف عليها عند أصحاب الاختصاص ؟.
		
		عناصر إنتاج المساكن :
		
		أولا – الأرض : تعتبر الأرض من أهم عناصر 
		إنتاج المساكن ، قال تعالى : ( الذي جعل لكم الأرض فراشا ) [6] والأرض 
		المعدة للبناء  يجب أن تتوفر بالمقادير التي تحتاج إليها العمليات 
		الإنشائية على اختلاف أنواعها . وهنا يظهر دور المجالس البلدية و أمثالها 
		لتحضير الأراضي المعدة للبناء السكني .
		فتحديد الكمية المعروضة من الأراضي للاستعمالات المختلفة من أولى المهام 
		التي يجب أن تقوم بها السلطات المختصة ، و ذلك بأسلوب علمي يتلاءم مع 
		احتياجات سكن وتطوره ، و الذي يحصل بكثير من الأحيان أن فساد المجالس 
		المحلية أدى إلى عدم تطور هذا الركن الهام ، فربما نجد قطعة أرض يسمح فيها 
		بالبناء بينما نجد قطعة مجاور تماثلها بكل شيء بل قد تتفوق عليها بالشروط و 
		الاركان الملائمة للبناء لا يسمح فيها للبناء إلا بعد دفع مبالغ طائلة من 
		الرشاوي ، و العمولات .
		ولعل السبب في كل ذلك غياب سلطة حقيقة للتخطيط ، و التنفيذ  ، و المحاسبة 
		أيضا .
		أيضا يجب أن يكون هناك سوق حقيقة لبيع الأراضي الصالحة للسكن بحيث يسهل لكل 
		من يريد الحصول على أرض للبناء مسكنه وفق امكانياته و احتياجياته ، فعلى 
		السلطات المختصة توفير أراضي ، و البنية التحتية لهذه الأراضي بما يتلاءم 
		مع احتياجات السوق مع مرعاة دخول من يرغب بالشراء ، و البناء و السكن .
		
		ثانيا – المنافع و الخدمات العامة : تعتبر المنافع الخدمات العامة 
		من عناصر إنتاج المسكن ، و يمكن إجمال هذه المنافع ، و الخدمات بما يلي :
		1-  المياه : تعتبر المياه من الأركان الأساسية التي يجب أن تتوفر في 
		المباني السكنية ، و تقع مسؤولية توفير المياه الصالحة للاستعمال ، أو 
		الشرب ذلك على عاتق البلديات ، و أمثالها كما تقع عليها مسؤولية الصرف 
		الصحي .
		2-  الكهرباء : كما تعتبر الكهرباء أحد الأكان الأساسية التي يجب أن توفرها 
		الدولة في المبني السكنية أضف إلى ذلك الهاتف ،  و الغاز ، و أمثال ذلك .
		3-  المواصلات : فمن الضروي توفير المواصلات الملائمة ، والكافية لاحتياجات 
		السكان ، و عددهم .
		
		ثالثاً – إعداد التصاميم الهندسية : وهي من الأنشطة التي يتولاها 
		رجال الهندسة ، و يجب أن يتم وضع التصاميم وفقا لحاجات ، و إمكانات الأفراد 
		المقرر إقامة المشروعات لهم .
		  وهناك مباديء يجب أن تأخذ بعين الاعتبار منها ما يلي : 
		1-  يجب أن تراعي تلك التصاميم احتياجات السكان وطريقة معيشتهم .
		2-  يجب أن تراعي التصاميم كلفة التنفيذ و إمكانات السكان ومن يرغب بالسكن 
		.
		3-  يجب أن تكون التصاميم في متناول ذوي الدخول المحدودة ومن يستطيع أن 
		يترفه .
		4-  يجب أن تكون التصاميم تتوافق مع الموارد الاقتصادية المحلية المتاحة ، 
		و تقليل الاعتماد على الاستيراد بقدر المستطاع .
		 
		رابعا – توفير المواد البنائية : 
		يعتبر توفير المواد البنائية من الأشياء الهامة جدا في عملية توفير السكن ، 
		و علاوة على ذلك ، فإن إيجاد مواد البناء بالمقادير المطلوبة ،  و الأسعار 
		الملائمة يعتبر من أهم مفرادات السياسة الإسكانية للأجهزة المختصة .
		خامساً – تنفيذ المشاريع السكنية : 
		وهو النشاط الذي تقوم به شركات البناء أو الأفراد ، و المقاولات لإنجاز ما 
		تم تصميمه  ، و هناك نوعين من نظم تنفيذ هذه المشاريع :
		1-  نظام المقاولات المتكامل : فيه تتولى الشركة تنفيذ جميع الشروط الواردة 
		في المناقصة لإنشاء أحد المشروعات السكنية . وما أن يتم ترسية العطاء على 
		أحد المقاولين حتى يبدأ في تنفيذ العمليات الخاصة بالمشروع ، و إقامة 
		البيوت ، و المنازل المطلوبة ، و توفير المرافق ، و الخدمات العامة المنصوص 
		عليها في العقد .
		2-  نظام المقاولات الفرعية : و هو النظام الذي تتولى فيه الجهة الإدارية 
		المسؤولة إحالة أحد المشروعات الإسكانية إلى المقاولين لتنفيذه . و يتولى 
		كل مقاول على انفراد القيام بما يعهد إليه من الأعمال الإنشائية .
		 
		سادسا – توفير اليد العاملة الخبيرة :
		تعتبر القوى العاملة من العناصر الانتاجية الهامة التي لا يمكن الاستغناء 
		عنها في أي مرحلة ، و الحمد لله يوجد لدينا في كل العالم العربي فائض من 
		اليد العاملة الخبيرة لكل الإنشاءات المطلوبة للبناء بكل مراحله وصوره .
 ومن الطبيعي أن هناك مجموعة من العوامل التي تعمل على نمو العمالة ، و تحسنها 
		في هذا القطاع لعل أهمها : 
		1-  سياسة الدولة الإسكانية المتعلقة ببناء المساكن .
		2-  مدى توافر مواد البناء في الأسواق ، و سهولة الحصول عليها .
		3-  حجم التسهيلات الائتمانية التي تقدمها المؤسسات المصرفية .
		 
		و بناء على ما تقدم ، فإن توفير المساكن اللازمة لمطلبات السوق بالأعداد ، 
		و المستويات المطلوبة للسكان أمر يتوقف على كثير مما يلي :
		1-   توفير القيادات الإسكانية الخبيرة الأمينة : مصداقا لقوله تعالى في 
		سورة القصص : ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ). [7] فيجب توفير القيادات 
		الإسكانية الخبيرة الأمينة التي تستطيع القيام بواجبات الإدارية ، و الفنية 
		على نحو يدعو إلى إشباع حاجات الأشخاص مما يحتاجون إليه من المساكن ، و 
		المرافق . 
		2-   إتباع الأساليب العلمية : يجب إتباع الأساليب العلمية في جميع مراحل 
		البناء من إجراء دراسات ميدانية لحاجات السكان ، و الأخذ بالتخطيط الإقليمي 
		و تخطيط المدن . كما يجب القيام بالأبحاث العلمية للتأكد من جدوى تلك 
		المشاريع ، لتطوير المنطقة ، و تلبية حاجات السكان  .
		3-   توفر البيانات الديموجرافية : يجب توفير بيانات ديموجرافية التي تتعلق 
		بالتوزيعات السكانية المختلفة قبل البدء بأي مشروع سكاني . 
		4-     توفر دارسة علمية متكاملة لجعل المسكن بمتناول الجميع : يجب أن يكون 
		هناك دراسات علمية متكاملة تجعل المساكن في متناول أغلبية الشعب للحصول على 
		أحدها ، أو على الأقل القدرة على دفع القيمة الإيجارية في حالة الرغبة 
		بالاستئجار .
		5-     توفر خطة شاملة لإقامة الوحدات السكنية : يجب أن يكون هناك نظرة 
		شاملة في دارسة الاحتياجات السكن ، و إقامة الوحدات السكنية باعتبارها من 
		المفردات الهامة التي تقوم عليها الخطة الشاملة للتنمية الاقتصادية ، و 
		الاجتماعية .
		6- اعتماد الموارد الاقتصادية المحلية : إن الاعتماد على الموارد 
		الاقتصادية المحلية الموفرة أمر يجب أن يستحوذ على اهتمام الحكومات العربية 
		، و هي تعمل على وضع التصاميم الهندسية ،  و المعمارية ، أو عند الاستفادة 
		من الموارد الذاتية للمنتجات الإنشائية .
		وبعد كل ما أوردت وبينت و أظهرت يتبين لنا أن المسكن في عالمنا العربي هو 
		الشغل الشاغل لكل فرد من أرادها سواء يريد أن يؤسس أسرة أو أن يطورها ، 
		لذلك أتمنى على يرد التنمية الحقيقية إعطاء هذا الأمر حقه من الاهتمام و 
		الدارسة و التطوير .
		و الحمد لله رب العالمين
		
		المحامي الدكتور مسلم اليوسف 
 
		----------------------------
		[1] - مسند الإمام أحمد ، برقم 15409 ، و قد صححه الألباني في صحيح الجامع 
		برقم 3029.
		[2] - رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح و الطبراني و البزار و الحاكم وصححه 
		إلا أنه قال : و المسكن الضيق . وقال عنه الشيخ اللألباني صحيح ( صحيح 
		الترغيب و الترهيب ).
		[3] -  صحيح الترغيب و الترهيب و قال عنه الشيخ ناصر الدين : صحيح لغيره .
		[4] - صحيح الجامع للشيخ ناصر الدين الألباني رقم ( 3029 ) .
		[5] - سورة السجدة ، الآية 19.
		[6] - سورة البقرة ، الآية 22.
		[7] - سورة القصص ، الآية 26 .