اطبع هذه الصفحة


ابني شديد الحساسية

مبارك عامر بقنه

 
إذا كان ابنك حساساً فليس هذا بالضرورة أمراً سيئاً ومقلقاً. فبعض الباحثين النفسانيين يرون أن حساسية الأطفال أمراً طبيعياً، ومن الخطأ أن نرى ذلك نقصاً محضاً؛ فهم يرون أن الطفل الحساس يمارس الحياة بمستوى أعلى من الأطفال الآخرين. الطفل في السنتين الأولى في حاجة دائمة للتفاعل المستمر وإحساسه بالعطف والحب الدائم، حتى وهو يلعب لوحده تجده ما بين الفينة والأخرى يقطع اللعب ويسألك أن تنظر إليه لترى ماذا يعمل، فلديه في هذه المرحلة العمرية حساسية من جهة اهتمام والديه به.

وهنا بعض الإشارات المهمة في كيفية التعامل مع الطفل الحساس:


أولاً: أضبط سلوكك ، يبدأ الوالدان بتدليل طفلهما مع الحماية الزائدة له، فتجد الطفل عندما يصرخ أو يبكي تسرع الأم لإسكاته وتهدئته وتقديم له الألعاب وقد يتبادلان الوالدان حمله خوفاً أن يتركاه على الأرض فيعاود البكاء والصراخ. وللأسف إن هذه الإجراءات تجعل الابن أكثر اعتماداً على والديه وأكثر عجزاً، لذلك تجد الاستجابة لأوامر الوالدين بطيئة، وعندما يرى الوالدان أن طريقتهما في الدلال غير مجدية وينفذ صبرهما ويزداد غضبهما فيصرخان في الطفل باستمرار وربما قد يضربانه، وبعض الآباء يكون لهم انسحاب بدلاً من إظهار الغضب، فيكون لعبهم واحتضانهم ومداعبتهم للطفل أقل، والنتيجة واحدة، يشعر الطفل بالقلق وعدم الأمان، وهذه أحد المسببات التي تجعل الطفل أكثر حساسية وهو بالمجمل التعامل الخاطئ مع الطفل وعدم إدراك نفسيته ومشاعره. فحساسية الابن قد يشارك الوالدان في تنميتها وذلك من خلال التذبذب في التعامل مع الطفل؛ لذا من المهم جداً أن ندرك أن الطفل في هذه المرحلة العمرية ليس لديه القدرة للتميز بين التناقض السريع في المعاملة.

ثانياً: ألمس برفق ولا تدفع، الطفل الحساس بحاجة إلى العاطفة ومزيداً من الاهتمام، وهو قد يكون ذكياً نبيهاً ولا ينقصه شيء سوى أنه لا يستطيع أن يسيطر على أحاسيسه، فالوالدان عليهما أن يعملا كفريق لتهيئة الجو المناسب للطفل، فهو بحاجة إلى العاطفة وتشجيعه على المبادرة، وفي نفس الوقت هو بحاجة إلى انضباط وحزم وذلك بأن يتعامل معه بنوع من التهذيب الجاد لأن هؤلاء الأطفال يشعرون أحياناً بعدم التحكم في مشاعرهم فهم بحاجة إلى إيقاظ لإحساسهم كي يتحكموا بأنفسهم؛ إلا إن الأمر المهم أن يكون هذا الحزم يكون بهدوء دون انفعال وصراخ كي لا يزيد الأمر سوءاً.

ثالثاً: ابحث عن المثيرات له وابتعد عنها، فأسأل نفسك: هل البيت مريح وهادئ أم أنه مزعج؟ فقد تثير الطفل الأصوات أو شدة الإضاءة أو أشكال الملابس، لاحظ ما الأمور التي تجعله يكون أكثر حساسية ثم حاول أن تبتعد عنها.

رابعاً: ابن علاقة إيجابية مع ابنك، أجلس مع طفلك يومياً، حدثه ولاعبه وأعطه انتباه كاملاً عندما تكون معه، وإذا لعبت معه أجعله يتخذ القيادة، أشكره واثني عليه دوماً وأجعل الثناء عشرة أضعاف النقد واللوم، لاحظ الأعمال الجميلة له أكثر من الأعمال الخاطئة. ولا تحاول أن تخضع ابنك لكل شيء تريده أنت، دعه يعبر عن ما يريد ويفعل أحياناً ما يريد إذا لم يكن هناك محذور أو ضرر عليه أو على الآخرين، دعه يشعر أنه يتخذ القرار بنفسه مع شعوره بالأمان.

خامساً:
لا تنزعج كثيراً من سلوكه وإحساسه الزائد، أقبله كما هو كي يعيش بارتياح، لذلك من المهم جداً أن تراقب أفكارك، فسلوكك تتأثر بأفكارك، فما تحمله من أفكار سيحدد طريقة عملك وتفاعلك مع ابنك، فإذا رأيت أن طفلك دائماً صعب، فقل لنفسك مثلاً هو يريد أن يرضيني.. حاول أن يكون تفكيرك إيجابياً تجاه وابتعد عن الإحباط بقدر الإمكان، إذ مع الوقت ينعكس ذلك على طفلك دون أن تشعر. والله أعلم وأحكم.


للتواصل: Mubarak200@hotmail.com

 

مبارك عامر بقنه

  • مقالات شرعية
  • مقالات تربوية
  • مقالات فكرية
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية