اطبع هذه الصفحة


السؤال المرير الذي وقف حاجزا بينك وبين النجاح !

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله وكفى والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أما بعد
فكثير من المشاريع العلمية والتربوية والخيرية التي يعزم الشخص على القيام بها وعلى تنفيذها يقتلها سؤال نُلقيه على أنفسنا أو يلقيه علينا غيرنا !
هذا السؤال يقول : من سيستفيد من هذا العمل أو يُعبر عنه أحيانا بكم حجم الاستفادة من هذا العمل؟!

هذا السؤال المرير ينبغي أن نحذر منه أشد الحذر وأن لا نُميت أفكارنا في أنفسنا أو أفكار غيرنا بهذا السؤال !
هذا السؤال يصح أن نُطلق عليه اسم :( الوأد الخفي للأفكار والنجاحات والانجازات ).

لأننا إذا أوردنا هذا السؤال على كل فكرة فقلَّ أن تسلم منه فكرة ؛لأن هذا السؤال له امتدادات عجيبة واستطرادات طويلة !

وتأمل هذا الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ:خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ ، وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ).
فالله سبحانه وتعالى مع علمه بعدم استجابة أولئك الأقوام بعث إليهم رسلهم .
والرسل عليهم السلام لم يتوانوا في بذل الجهد .
تأمل :رسول كريم وزمن طويل والمستجيب رجلان !وتأمل أكثر :رسول كريم وزمن طويل والمستجيب رجل واحد !
وتأمل أكثر وأكثر :رسول كريم وزمن طويل ولم يستجب أحد !
لم يقل هؤلاء الرسل : كم حجم الاستفادة من هذه الدعوة ؟
ثم لماذا يزهد أحدنا في العمل إذا كان المستفيد منه قليل !
فالقليل في ميزان أرحم الراحمين كثير وكبير وعظيم.
ومع هذا فمتى تسأل نفسك هذا السؤال ؟
لنجعل هذا السؤال منظما للعمل لا منهيا له !
هذا السؤال يصلح إذا كنت توازن بين أعمال معينة لا يمكن أن تؤدي إلا أحدها !
أما إذا كنت إذا لم تعمل هذا العمل فلن تعمل غيره فلا حاجة لهذا السؤال أصلا ؛ بل بادر بعمله .
ثم إذا كان العمل الذي ستقوم به مثلا تأليف كتاب فأنت تعلم أنك لا تكتب للعلماء ولا لطلبة العلم المحققين وإنما تكتب لغيرهم فلا تقل ماذا سيقول هؤلاء عنه وأي فائدة فيه !
وإذا كنت ستلقي كلمة فأنت لم تلقيها لإمام الجامع أو لإمام المسجد فلا تهتم بمستواها بالنسبة لمستوى هذين الشخصين فليست لهما !

وإذا أرادت أن تصنع طعاما للفقراء فلا تفكر في قول الأغنياء عنه وعن بساطته فأنت لم تصنعه لهم .

ولا أخفيكم أن ما حرك المشاعر لكتابة هذا المقال هو رسالة وردتني لا أعرف كاتبها يذكر صاحبها استفادته من كتيب كتبته قبل ست سنوات تقريبا وهو بعنوان :( أحاديث في الحب) .
وأسوق لكم نص الرسالة :
( د. مصلح بن زويد العتيبي .. اجتهدت حتى احصل على بريدك الإلكتروني ، ليس لشيء إنما لشكرك فقط ..
انا لا أعرفك وانت لاتعرفني ، قد تكون نائماً او مجتمعاً مع صحبك او في طريقك للدوام ولاتعلم حجم الدعوات المرسلة للسماء من أجلك ، لي ايام ليست قليلة وآنا ابحث في أحاديث الحُب الواردة في الصحيحين من أجل تقديم مشروع بحثي لنيل درجة الماجستير يتناول موضوع الحب في السنة النبوية ، وفي خضم بحثي اكرمني الله من غير حول مني ولاقوة بكتابك ( أحاديث في الحُب ) ، لاتعلم الهم الذي فرجته عني بكتابك هذا والوقت والجهد الذي وفرته عليّ ، ومن باب قوله ﷺ ( من لايشكر الناس لايشكر الله ) .. اقول لك شكرًا من اعمق نقطة في قلبي ..
واسأل الله ان يرويك بفرح الحياة ويمطر عليك السعاده ويجعل روحك صافيه من كل شيء، وان يسقيك من رحمته ماءً زُلالاً يرْوي حياتك ويدمّل كُل جِراحها ويجعَل قلبك جنة ، ويرزقك الفردوس الأعلى ومادونها من الأفراح.
شكرًا. )
خاتمة : لا يشترط أن يكتب لك من استفاد منك فائدة ولو قلت ، وقد لا يخبرك وقد لا تعلم ولكن كن متأكدا أن هناك شخص سيستفيد ولن يذهب جهدك أدراج الرياح أبدا .
فلنتفق من الآن على إزالة هذا الحاجز عن طريق نجاحنا وإنجازاتنا وأن لا نتساهل في سؤال هذا السؤال لغيرنا إلا وفق ضوابط معينة ،وسيأتي يوم من الأيام من يستفيد من إنجازك وعملك حتى لو كان ذلك بعد فراقك للدنيا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


مصلح بن زويد العتيبي
١٤٣٦/٥/١٧هـ .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية