التعلق بالواحد الصمد عند فقد الولد

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدلله الذي جعل ثواب الوالد الصابر على فقد الولد بيت الحمد والجنة دار الأبرار ؛ والصلاة والسلام على أكرم من فقد الولد فقال كلاما كلما قرأناه شعرنا بمقدار ألم الحبيب صلى الله عليه وسلم على إبراهيم الصغير سنا الكبير قدرا
سمي إبراهيم الخليل ؛ قال فداه أبي وأمي وكل حبيب عندي وفدى فرحي حزنه
وعمري كله لحظة من عمره :(تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ).
بل حدثنا الله سبحانه عن ألم فراق الولد ووجد الوالد في سورة كاملة هي من أحسن القصص ذهب بصر يعقوب عليه السلام حزنا وكمدا على فراق يوسف ( وتولى عنهم وقال يا آسفى على يوسف وأبيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ).
وعاد البصر وأشرق نور الدنيا في عيني الشيخ الكبير بشم القميص :( أذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأتي بصيرا ).
فحدثني بربك كيف يكون فرح اللقاء إذا كان الفرح بشم القميص أعاد الله به البصر كان سائدا في عهد الصحابة مفهوم عن الرقوب بأنه الرجل الذي لم يولد له ولد
فصحح نبينا صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم فعن ابن مسعودٍ - رضي اللَّه عنْه - قال: قال رسولُ اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم -: ((ما تعدُّون الرَّقوب فيكم؟)) قال: قُلنا: الَّذي لا يولد له، قال: ((ليس ذاك بالرَّقوب، ولكنَّه الرَّجل الَّذي لم يقدِّم من ولدِه شيئًا)).
كم تألمنا لفقد الشيخ محمد صالح المنجد ابنه أنس ؛ وتألم لذلك كل من يعرف الشيخ
الفاضل .
ووالله ياشيخنا ولست بحانث إن شاء الله إن من أبناء المسلمين من يحبك كحب أنس لك .
ومثلك ياشيخنا ليس أولاده أولاد صلبه فقط !
بل لا تخلو مدينة أو قرية في المملكة
وفي غيرها من بلاد المسلمين من شباب وشيب يرونك الشيخ الوالد والشيخ المربي والشيخ الناصح .
وهم كثير لا تعرفه ولا يعرف بعضهم بعضا يجمعهم حبك في الله ؛ ويصلهم علمك ونصحك ،وحرصك وتوجيهك .
أتت الجموع الغفيرة تعزيك فعزيتهم وحملوا هم مواساتك فكنت أنت الذي واسيتهم .
لم يهن عليك أن تعود الجموع الغفيرة من حيث أتت من دون عطايا وهبات وذلك هم الكرام فقمت توزع عليهم وتقسم فيه من ميراث محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يورث ديناراً ولا درهم وإنما ورث العلم النافع .
والله إن الكتابة عنك ولا أزكي على الله أحد شرف لي وأي شرف .
فبعض الناس يشرف بأن يكتب عنه وبعضهم يشرف من كتب عنه وهذا حالي معك في هذه الأسطر .
ياشيخنا إن مات أنس فكلنا أنس ...
ياشيخنا كلنا أنس لك في البر إن شاء الله وكلنا أنس في الاستفادة من تربيتك وعلمك ، وكلنا أنس في الدعاء لك دائما .
اللهم أجبر كسر شيخنا وأهله في أنس وأربط على قلوبهم .
اللهم اجعل أنس أكثر أُنسا في البرزخ
وأكثر أُنسا يوم يلقاك .
والحمدلله على كل حال وصدق الصادق المصدوق حين قال عن المؤمنين في توادهم وتراحمهم ( مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مصلح بن زويد العتيبي .