اطبع هذه الصفحة


الأمر جد والإحصاء دقيق !

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله لا يرفع قدره كثرة الذاكرين له ولا يُنقص قدره غفلة الغافلين عنه ؛ والصلاة والسلام على السراج المنير وإمام المتيقظين العابدين وحجة الله على الناس أجمعين وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد
فأشعر أني وغيري كثير نعيش في غفلة عارمة عما أريد بنا وعن ما خُلقنا من أجله !
وحتى في الأوقات التي نظن أننا فيها على يقظة نعيش للأسف تفاصيل غفلات كثيرة ٠
اليوم الآخر جد لا شك فيه وأمر واقع لا ريب فيه وقبله موت لا تنقضي ساعات يوم ما حتى يذهب بالكثيرين منا معه إلى حياة البرزخ ٠
والإحصاء دقيق جدا لدرجة أن ذرات الأعمال تعرض وتوزن :( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )٠
ولا زلنا نعيش الغفلة ولازلنا نتناسى دقة الإحصاء والإحصاء الدقيق ٠
مجرد احتمال ورود العبد النار مذهب لجميع اللذات ومميت لكل أنواع السرور في النفس !
كيف وورود النار حق ثابت :( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا )٠
ويبقى الصدور بعد الورود ليس لكل أحد وليس لكل داخل ؛ بل لفئة مخصوصة قال الله عنها :( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )٠
تفاصيل غفلاتنا عن أمر ربنا سبحانه كثيرة لا حصر لها وهي أظهر من أن يُستشهد لها ٠
ومما يبين حالنا وغفلاتنا إلا من رحم الله هذه الأسئلة المختصرة :
متى آخر مرة دمعت عين أحدنا من خشية الله ؟
ومتى آخر مرة حاسب أحدنا نفسه على أعماله ماذا أراد بها ؟ وكيف قام بها ؟
هل خشي أحدنا أن تحبط أعماله ؟
هل خشي أحدنا على نفسه من النفاق ؟
هل توقف أحدنا عن الكلام خشية أن تكون كلماته مسجلة عليه لا له ؟
ثم هل لأحدنا خبيئة من أعمال صالحة وآثار باقية ؟
لا أريد أن أطيل في عرض أسئلة مؤلمة على واقع محزن يبحر بالكثيرين منا في بحور الغفلات !
حياة القلب هي علامة البعد عن الغفلة ؛ والقلب الحي تظهر أنواره على أعمال صاحبه وأفكاره بل وحتى على آماله وآلامه ٠
تأمل في حياة قلب زكريا عليه السلام حين نادى ربه نداء خفيا ٠
كم أبكى هذا النداء من قلب وكم حرك من شجن وكم كان سبب في إعادة الحسابات ٠
نداء خفي : لا يسمعه أحد ؛ ولا يراه حين النداء أحد ولم يخبر به أحد ؛ فقط بينه وبين ربه٠
كم أحتاج وتحتاج لنداء خفي يحمل تلك المواصفات يكون في ثنايا ذلك النداء دعاء بأن يحيي الله قلوبنا من غفلاتها ويجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة٠
والله المستعان ٠

مصلح بن زويد العتيبي
١٤٣٧/٢/١٠هـ ٠


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية