اطبع هذه الصفحة


خواطر مذنب

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


أتوب وأعود ؛وأعود بعد أن أتوب
اندم على العودة ؛ وأسقي بالدموع بذور التوبة .
ثم لا ألبث أن أعود فلا يفرح الشيطان بالانتصار إلا وقد سكبت دموع الاعتذار وقرعت النفس بالاعتبار .
هكذا حالي الدهر كله لا تركت الذنوب وأعوذ بالله أن أكون مصرا عليها .
فإن كنت مثلي فلا تحزن ولا تيأس ولا تستسلم ؛ فما أنا وأنت ببشر غير البشر ولا من ناس غير الناس .
الندم على الذنب علامة من علامات حياة القلب .
قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم :( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون الله فيغفر الله لهم ).
بالتوبة من الذنوب يظهر أثر أسماء الله الحسنى كالغفور والرحيم والتواب .
وقال أيضاً :( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
هذه النصوص العظيمة ليست تسهيلا لأمر الذنوب وإنما هي ترغيب في التوبة
وقطعا للطريق على الشيطان حتى لا يقنط الناس من رحمة الله .
فالبشر أهل للذنوب والخطايا ؛ قال تعالى :( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)
لكن أهل التوفيق منهم هم أهل التوبة والرجوع .
نحن أبناء من أكل من الشجرة ؛ونحن أبناء التائب من معصيته ؛ (وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى).
فهل نكون أبناء المعصية ولا نكون أبناء التوبة ؟!
لماذا لا يتردد أحدنا أن يذنب ويتردد أن يقلع ويستغفر ؟!
أين نحن من قوله تعالى في الحديث القدسي: يابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ).
فها نحن ذا ندعوك ونرجوك إلهي أن تغفر ذنوبنا فاغفرها ...
أم أين نحن من قوله تعالى في نفس الحديث :(يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني ، غفرت لك ).
نعم نحن مقرون بذنوبنا كلها لا ننكر منها شيئا ولا نجحد منها شيئا وهي كثيرة لا نحصيها ومتكررة لا ننفيها ؛ لكنا نستغفرك منها كلها فأغفرها يا أرحم الراحمين ).
ولم ينته الحديث بعد حتى جاء ببشارة عظيمة للمذنبين أمثالنا يوم القيامة ؛ فقال تعالى في الحديث القدسي نفسه :( يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة ).
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك شيئا ونحن نعلم ونعوذ بك من الشرك الذي لا نعلم.
فلنجدد التوبة ؛ لنستقبل كل يوم من أيام حياتنا بتوبة ولنختمه بتوبة .
فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له ...
فلا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ...
وكن كثير البكاء على خطيئتك ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت .
ولا تظن أن ضعفك في ذنب من الذنوب يمنعك من التوبة من غيره ؛بل تب مما استطعت مباشرة ؛ واعلم أن توبتك من ذنب من الذنوب هي وقود توبتك من ذنب آخر ، ولا تخفى عليك شروط التوبة فاستكمل شروطها تكن تائبا كريما في الأرض محبوبا في السماء ؛ وتدعوا لك حملة عرش الرحمن فأكرم بها من منزلة وأعظم بها من منقبة وقد خاب من حُرم!


مصلح زويد العتيبي
مع طلوع الفجر الصادق من الجمعة المباركة ١٧/رجب/ ١٤٣٥هـ .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية