اطبع هذه الصفحة


المجد بلا مجد

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 
الحمدلله الحميد المجيد والصلاة والسلام من جاء بالكتاب المجيد ؛ وبعد
فليست لذة المجد في الوقوف على القمة ؛ بل لذة المجد هي مراحل الصعود للوصول إلى القمة ؛ فمن وصل للقمة تذكر كل ما مر به وما عمله متلذذا بذلك غاية التلذذ حامدا لله بكل المحامد مقرا بأن كل قمم النجاح في الدنيا إن لم تكن زادا للآخرة فإنما هي فرح مؤقت وهوان دائم والعياذ بالله .
ولو تأملت قول الله سبحانه وتعالى لعباده الصالحين الذين وصلوا للقمة الحقيقية :(ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )
وقال تعالى :(وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ).
لعلمت أن تلذذ العامل بتذكر عمله الذي أوصله بعد رحمة الله من أسباب سعادته وفرحه وسروره .
بل حتى المصاعب والعوائق يجلب تذكرها الغبطة والسرور .
لذلك من يُصعد به للقمة بغير كده ولا عرق جبينه لا يسعد بها ولا يصلح لها ...
فمن كان رصيده في سلم المجد فعل آبائه
ومفاخر أجداده فقط فليس أهلا لقمم المجد ولا أدل على ذلك من حال أمتنا الإسلامية
فهل حررت جيوش الأجداد السالفة مسجدنا الأقصى اليوم ؟!
مفاخر أجدادنا وأسلافنا كانت لهم ؛ وأنعم بهم قاموا بما عليهم وأدوا رسالتهم وتفرغنا نحن واشتغلنا بالحديث عنهم .
ومن كان رصيده في المجد معرفة العظماء ومخالطتهم فقط بدون أن يكون له قدم صدق وقول حق فليس لهم في قمة المجد مكان ولا يغره ثناء الناس ومحاولتهم التعرف عليه والاحتكاك به فإنما الهدف أن يكون وسيلة يبلغ بها الناس العظماء .
فهو لا يظهر في الصورة إلا بظهورهم ولو كانت صورته لوحده لما نظر لها أحد أبدا .
وأسوأ حالا وأكثر وبالا من ظن أن قمة المجد يُصعد إليها على لحوم العظماء وتتبع عورات الفضلاء ؛ فما كان المجد هدم أبدا وإنما المجد بناء وبناء وبناء .
عذرا يا طالب المجد بلا مجد ولا بذل فما لك وللمجد ؛ فالمجد بذل وعطاء وكد وتعب وعمل بالليل والنهار .
سئمنا شباب بلا مجد ، وغاية آماله وجد على وجد ومصرف أوقاته أخذ ورد .
ياشباب الأمة لا مجد بدون عمل ولا أمل بدون ألم .
لا يرتبط المجد بعمر تقول فاتني فلا أستطيع أن أفعل شيئا ؛ بل تستطيع فقط ابدا من الآن .
وقتك هو رأس مالك ؛لا تفرط في أقل القليل منه وأعمره بما ينفعك في دينك ودنياك.
وعندها سيكون لك مجدا بمجد حقيقي.
ياشباب الأمة أي مجد حققه ريال مدريد لنا حتى ننام ونستيقظ ونحن نتحدث عنه.
أم أي مجد حققه ستار أكاديمي لأمتن.
أن نعلم أننا مقصرين في بلوغ المجد ونحن نعرف المجد الحقيقي خير من أن نطلق المجد على ماليس بمجد بل الطامة التي لن ينساها لنا تاريخ أمتنا أن نظن الخزي مجدا وأن نظن الذل عزاً .


مصلح بن زويد العتيبي
ليلة الثالث من شعبان من عام ١٤٣٥هـ .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية