اطبع هذه الصفحة


مُعينة أم مُعيقة ؟!

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله القائل :( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن إليها).
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد
فللمرأة والزوجة خصوصا تأثير كبير في حياة الرجل ؛ ولا أظن أن أحدا ينكر هذا التأثير .
فالمرأة في حياة زوجها إما أن تكون معينة له على الخير وعلى النجاح وعلى تحقيق أهدافه السامية ؛ بل قد تصنع له تلك الأهداف وتسير معه وإن صح القول به أيضاً لمعالي الأمور .
المرأة الصالحة هي خط الدفاع الأول الذي إذا إنهار أو تزعزع أثر ذلك في حياة الزوج.
وقد تكون المرأة معيقة لزوجها عن الخير وعن النجاح والتقدم.
وكون المرأة مُعينة أو مُعيقة ليس بدعا من القول بل تاريخ البشرية حافل بالنماذج الكثيرة والعظيمة على الصورتين .
دعونا نسأل أنفسنا ما هو الأثر الذي تركته كلمات هاجر أم إسماعيل في نفس الخليل إبراهيم عليهما السلام عندما ترك زوجه وولده في مكة وذهب ؛ فنادته هاجر لمن تتركنا في هذا الوادي ؛ فلم يجب ، ثم قالت
آلله أمرك بهذا ؟
قال :نعم .
قالت : إذا لا يضيعنا !
لا شك أن هذه الكلمات تحدث في أنفسنا نحن اليوم أكبر أثر ؛ فكيف كان أثرها على قلب خليل الرحمن في اللحظة التي قيلت فيها !
وخليل الرحمن يعلم تأثير المرأة في حياة زوجها ؛ فلما زار ابنه في المرة الأولى ولم يعجبه ما قالت زوجه ؛ قال لها موصيا لإسماعيل ( غيِّر عتبة بابك ).
فلما عاد الابن وسأل زوجه فأخبرته ؛ قال هذا أبي وقد أمرني بفراقك !
فلما رجع إبراهيم الخليل في الزيارة الثانية أوصى ابنه لكن بوصية مختلفة فقد أوصاه ( بتثبيت عتبة بابه ).
فقال اسماعيل لزوجه هذا أبي وقد أمرني بإمساكك .
وتأمل ذلك الأثر الذي تركته أمنا خديجة رضي الله عنها على نفس المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم عاد لبيته قائلا لها لقد خشيت على نفسي ؛ فنطقت في الوهلة الأولى بما يعجز عنه الخطباء والشعراء
والحكماء ؛بل وقفت كالجبل الأشم وصرخت كالأسد :( كَلا، أَبْشِرْ، فَوَالله لا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا، وَالله إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ)
وليس كون المرأة مُعينة خاص بزوجات الرسل فهذه أم الدحداح تبارك لزوجها أبا الدحداح وقد جعل حائطه ونخله صدقة لله تعالى ربح البيع أبا الدحداح .
لذلك قالوا :( وراء كل رجل عظيم امرأة).
وأما الزوجة المعيقة فمن زوجات الرسل زوج نوح ولوط ومن الناس زوج أبي لهب
وغيرهن كثير .
ولا نزال حتى يومنا هذا نسمع أخبار الزوجات المعينات والمعيقات .
فلا تظن الزوجة أنها تعيش على هامش حياة زوجها ؛ بل إن لها أكبر التأثير عليه وإن لم تشعر بذلك .
فوصيتي للزوجة أن تكون مُعينة لزوجها لا مُعيقة له، لتجسد حياتها من أجل زوجها وهي بذلك مأجورة مشكورة ؛ففي الحديث :(هو جنتك ونارك).
الزوج ليس بحاجة لزيادة منغصات في هذا الزمان بقدر ما يحتاج لزوجة تعرف متى تتكلم معه ومتى تصمت ولا تتكلم تعرف سرور زوجها من غضبه وما يريده مما لا يريده .
لذلك كان التوجيه النبوي لمن أراد الزواج أن يظفر بالمُعينة فقال صلى الله عليه وسلم
(تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما .
والسلام عليكم .


مصلح بن زويد العتيبي
١٤٣٥/٨/١١ هـ .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية