اطبع هذه الصفحة


تأملات في اسم الله الوهَّاب

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله القائل : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأعراف: ١٨. .
والصلاة والسلام على نبيه القائل :(إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إلا وَاحِدًا من أَحْصَاهَا دخل الْجَنَّةَ ) صحيح البخاري ج2:ص981 . أما بعد
فقد استوقفني قوله سبحانه وتعالى :(أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ )ص؛٩ .

وحتى يكون التعبير دقيقاً فالذي استوقفني هو اسمه تبارك اسمه :(الوهَّابُ) ؛فقلت ذكر هذا الاسم عند ذكر خزائن الرحمة لابد أن يكون له معنى مهماً في هذين الاسمين بالذاتالعزيز الوهاب ؛لكن (العزيز) كثيراً ما أدعو الله به ،ونذكره في دعائنا ؛أما (الوهاب) فأني لا أذكر أني أدعو الله بهذا الاسم ؛ونادراً ما أسمع الأئمة يدعون به سواءً في دعاء خطبة الجمعة أو في صلاة التراويح .
فبحثت عن الآيات التي ذُكر فيها هذا الاسم
فوجدت أن هذا الاسم ذُكر في ثلاث آيات فقط ،آية في سورة آل عمران ،وآيتان في سورة ص .

وهذه الآيات هي :

(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران: ٨ .
(أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ )ص؛٩ .
{قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) ص: ٣٥
أما (أهب ،وهب،وهبنا ،وهبت ،ويهب،هبّ ) فذُكرت على النحو التالي :
(أهب) وردت في آية واحدة: (( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ))[مريم:19]؟
(وهب) وردت في آيتين :(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) إبراهيم: ٣٩ .
(فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ )﴿٢١ الشعراء﴾

ووهبنا وردت في تسع آيات :

الأولى :(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا) ﴿٨٤ الأنعام﴾
الثانية:(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) ﴿٤٩ مريم﴾
الثالثة:(وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) ﴿50 مريم﴾
الرابعة :(وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) ﴿٥٣ مريم﴾
الخامسة :(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ )﴿٧٢ الأنبياء﴾
السادسة :(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) ﴿90 الأنبياء﴾
السابعة :(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) ﴿٢٧ العنكبوت﴾
الثامنة :(وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ )﴿30 ص﴾
التاسعة :(وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا) ﴿٤٣ ص﴾
(ويهب) وردت مرتين في آية واحدة : (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ )الشورى: ٤٩ .
ووهبت وردت في آية واحدة :(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﴿50 الأحزاب﴾

وأما (هبّ) فوردت في آيات :

الأولى: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)
آل عمران: ٨
والثانية :(فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) ﴿٥ مريم﴾
والثالثة :(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان: ٧٤ .
والرابعة:( رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) الشعراء ٨٣ .
الخامسة :فقوله تعالى : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) الصافات: ١..
أما السادسة ؛فقوله تعالى : {قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) ص: ٣٥

ومن خلال الآيات السابقة ؛فإن الله سبحانه وتعالى ذكر اسمه الوهاب في مواضع معينة:

1- في سؤال الله الثبات وسؤاله الرحمة .
2- في سؤال سيدنا سليمان الله الملك العظيم الذي لا ينبغي لأحد من بعده .
3- في ذكر خزائن رحمته .

وذكر سبحانه (أهب) في هبة الغلام الزكي.
وذكر سبحانه (وهب) في شكر الخليل إبراهيم ربه على أن وهبه على الكبر إسماعيل وإسحاق ، وفي هبة الحكم.

وذكر سبحانه (وهبنا) في مواضع معينة :

١- هبة الذرية الصالحة العظيمة من الرسل.
٢- هبة الرحمة .
٣- هبة الأخ الصالح الرسول .
٤- هبة الأهل .

وذكر سبحانه (وهبت) في هبة المرأة نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم .
وذكر سبحانه (يهب) في بيان تصرفه التام في هبة الذكور والإناث .

وذكر سبحانه (هبّ) في مواضع معينة :

1- في سؤال الله الرحمة .
2- في سؤال الله الذرية الطيبة .
3- في سؤال الله قرة الأعين من الأزواج والذرية .
4- في سؤال الله الحكم واللحاق بالصالحين .
5- في سؤال الله من الصالحين ،وهو عائد على الذرية ؛وسؤاله الولي وهو عائد على الذرية أيضاً .
6- في سؤال سيدنا سليمان الله الملك العظيم الذي لا ينبغي لأحد من بعده .

وباختصار فإن اسم الله الوهاب وما تصرف منه ذُكر في:( سؤال الله الثبات والرحمة ،وسؤاله الذرية وصلاحها وصلاح الأزواج ،وسؤال الله الحكم والملك ، وسؤال الله اللحاق بالصالحين ).
ودائما ما يقرن اسم الله الوهاب في الهبات العظيمة ( من الرحمة والملك والحكم والذرية الصالحة من المرسلين وهبة الأهل والتأييد بالأخ الصالح النبي ).
هذا والله تعالى أجل وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فجر الخامس من رمضان من عام 1435هـ .
مصلح بن زويد العتيبي .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية