اطبع هذه الصفحة


كموسى أم كإخوة يوسف .

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله بكل حمد يرضيه والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه صلاة تنفع من قالها وتنجيه ؛ أما بعد
ذكر الله أمثلة عظيمة للأخوة في كنابه منها:
الأول: مثل ابني آدم ؛ قال تعالى :( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ) فأي ألم يقع في النفس عندما تنتهي علاقة الأخوة بالقتل
والثاني :مثل حسد وبغي وهو حال إخوة يوسف مع يوسف حتى كادوا أن يقتلوه
قال تعالى عنهم :( أقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم...)
والمثال الثالث : لموسى كليم الرحمن الذي لما أكرمه الله بالرسالة ذكر أخوه وطمع له في الوزارة فسأل الله فأعطاه سؤله وجعل أخاه وزيرا لها ورسولا نبيا ؛ قال تعالى عن موسى :( وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ...) .
أكتب هذا المقال لأني قابلت شخصا أعرفه فسألته عن أخيه فلان قال والله ما قابلته منذ ستة أشهر .
كان وقع الجواب علي كوقع الصاعقة .
صغرت الدنيا كلها في عيني !
لماذا كل هذا الجفاء ؟
ومن أجل ماذا هذا التقاطع والتهاجر ؟
وهل تظن أن كل منهما يعيش في مدينة أخرى ؛ بل لا يبعد بيت أحدهما عن الآخر عشرة كيلو مترات !
بدأت أتفكر في حاله وفي حال كثيرين من الإخوة الذين يعيشون مثل حال هؤلاء وإن لم يصلوا إلى مرحلة التقاطع والتهاجر .
علاقة أخوية بدون روح وبدون نكهة ، فتور
قاتل ومميت ورحم مقطوعة من الود والصدق وإن لم تقطع من الوصل والمداهنة.
بدأت استعرض الأسباب التي قد تقطع روح الأخوة .
فقلت هل ابتعد الأخ عن أخيه لأنه مقصر في دينه مضيع لصلاته آكل للحرام ؟
نعم يوجد من ابتعدوا لهذه الأسباب لكنهم نسبة بسيطة لا تكاد تُذكر ؛ ويدخل ضمنهم من ابتعد عن أخيه لترويجه للمخدرات أو تعاطيه لها !

أما الغالبية العظمى فتقاطعهم وتهاجرهم لأسباب أربعة لا خامس لها :


١- الحسد :
وذلك بأن يُفضل الله أحدهما على الآخر بنعم معينة فيشعل الشيطان نار الحسد في قلب الآخر حتى يصل إلى مرحلة يكره فيها مجرد سماع اسم أخيه.
بل وصل للقتل كما في قصة ابني آدم وكاد يصل إليه كما في قصة إخوة يوسف.
وللحسد وجه آخر وذلك عندما يُحسد الإخوة من الناس على إجتماعهم وترابطهم وهذا يدفع بالدعاء والتحصن بالأذكار الشرعية.

٢- الأموال :
وذلك غالبا في أموال الميراث أو الشراكات بين الإخوة ؛وعلاج هذا الأمر بتقوى الله وتحري الحق والابتعاد عن ماليس لك ؛ والعلم بأن ظلم ذوي القربى أعظم ذنبا وأشد إثماً،والعلم بأن الدنيا فانية لا تبقى لأحد ولا يبقى لها أحد.

٣- الزوجات : زوجات الإخوة إلا من رحم الله يكون لهن دور في إشعال فتيل الحرب بين الإخوة مستخدمات سلاح قالوا لأولادك أو فعلوا بأولادك أو هذا لنا وهذا لهم .
والتعامل مع الزوجة في هذا الجانب ليس صعبا ؛ بل على الزوج أن يُبين لها عدم تدخلها فيما بينه وبين إخوانه بتاتا إلا بخير .
وعلى الزوجة أن تلزم حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع الحرج :( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ).
ثم أنت أيها الزوج ألا ترى حرص زوجتك على أن تجعلك تكرم إخوانها ؛ فهل هي أكرم منك ؛ أم هل إخوانها أغلى عندك من إخوانك .
أكرم إخوان زوجتك فهذا من شيم الرجال ولكن كن لإخوانك أكثر إكرام.
ورحم الله زوجة تحث زوجها على وصل إخوانه وهن كثر والحمدلله .
ولزوجات الأب أمهات الإخوة عندما يكن للرجل أكثر من زوجة سبب لا يخفى في خلاف الأولاد ؛ فعليهن أن يتقين الله ويراقبنه في أفعالهن وأقوالهن .

٤- الأولاد :
وفي هذا السبب نوع تنافس خفي بأن يريد كل منهما أن يكون أولاده هم الأفضل .
أو يغضب لأولاده سواء من أخيه أو من أولاده .
والرجل العاقل يتمنى أن يكون أولاده وأولاد أخيه كلهم متميز فما الحرج في ذلك
ويقف موقف الأب من جميع الأولاد فلا يحابي أولاده على حساب أولاد أخيه ؛بل
يعاملهم كلهم بالعدل .
وأنت عندما تختلف مع أخيك من أجل أولادك كيف تظن أن يكون أولادك غد.
تأكد أنهم سيختلفون مثلكما تماماً أو أشد
فهم يفعلون غداً ما تفعله أنت اليوم .

خاتمة :
علاقة الإخوة علاقة عظيمة تقوم على المودة ويحفظها الاحترام والتقدير .
فإذا ذهب الاحترام والتقدير ماتت المودة
فكونوا لإخوانكم كموسى لأخيه .
ومن كان بينه وبين أخيه شيء فرمضان فرصة لتبدأ صفحة جديدة مع إخوانك ولتكن صفحة بينة الحدود واضحة المعالم
تقوم على الصراحة والصدق .
ولا تحول أي أختلاف في وجهة النظر إلى خلاف .فكل شخص له رأيه وعقله وتفكيره وقد اختلف العلماء وهم أرجح الناس عقولا وأكثرهم حكمة ؛ لكنهم لم يحولوا اختلافاتهم إلى خلافات .
وفق الله الجميع والسلام عليكم .

بقلم / مصلح بن زويد العتيبي
١٤٣٥/٩/١٦هـ .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية