كيف أخدم أمتي ؟!

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
فهذا السؤال :
كيف أخدم أمتي ؟
يؤرق الكثيرين يطاردهم في كل مكان ويهاجمهم في كل لحظة !
يجعل البعض يتخبطون يسرعون ويستعجلون ؛ هم يسعون للبناء ولا يرون
أثر لبناءهم !
النية سليمة والجهد مبذول والعطاء مستمر !
فلماذا لم يخدم أمته كما ينبغي ؟
تعال معي أخي القارئ لنقف على بناء حسي من الأبنية التي نعيش فيها !
هل يُتصور أن ترى الدور الثاني قائما ولا وجود للدور الأول ؟
لا يمكن ذلك أبدا .
هذا بالضبط ما يقع فيه الكثيرون منا !
يتركون العمل الأساس وينتقلون لغيره.
تأكد أن أفضل شيء تخدم به أمتك وأعظم عمل تقدمه لرقيها وتقدمها أن تقوم بالعمل الذي لو لم تقم به لم يقم به غيرك .
وبمعنى آخر أن تقوم بالعمل المعني به أنت أولا قبل غيرك .
فإذا أديت هذا العمل على الوجه المطلوب فانطلق لغيره من الأعمال .
أما أن يحصل العكس فهذا هو أساس الخلل الذي نشاهد بعض آثاره على حياة بعضنا وجهده .
وحتى تتضح الصورة تأمل هذا الحديث ثم تأمل الأمثلة التي تليه :
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الجهاد ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أحي والداك ؟ قال : نعم .
قال : ففيهما فجاهد .
فرده النبي صلى الله عليه وسلم من العمل الذي ممكن أن يقوم به غيره إلى العمل الذي لن يقوم به غيره ؛ وإلى العمل المعني به هو أولا .
رجل يريد البذل في سبيل الله ينفق في كل اتجاه لكنه يجعل يده مغلولة إلى عنقه عند الإنفاق على أهله وولده .
فهذا أيضاً ترك العمل المعني به أساسا إلى عمل قد يقوم به غيره .
الإنفاق في سبيل الله من أفضل القربات لكن لا تبني الدور الثاني وأنت لم تقم ببناء الدور الأول .
إمام مسجد يسعى للدعوة إلى الله لكنه لا يكاد يرى في مسجده .
فهذا أيضاً ترك العمل المعني به أساسا إلى عمل قد يقوم به غيره .
معلم في فصله يغرد بالدعوة وتذكير الناس في مواقع التواصل الاجتماعي
ولا يكاد يعطي طلابه من وقته إلا أقل القليل .
فهذا أيضاً ترك العمل المعني به أساسا إلى عمل قد يقوم به غيره .
امرأة تمارس الدعوة إلى الله في المجتمعات النسائية وفي دور التحفيظ
لكن زوجها يشتكي عدم إعطاءه أبسط
حقوقه وأولادها يجلسون مع الخادمة غالب وقتهم .
فهذه أيضاً تركت العمل المعنية به أساسا إلى عمل قد يقوم به غيرها .
طالب يقرأ في كل مجال ؛ لكنه لا يكاد يُمسك كتابا من كتب منهجه الدراسي .
فهذا أيضاً ترك العمل المعني به أساسا إلى عمل قد يقوم به غيره .
خاتمة : من كيد الشيطان الخفي صرف العبد عن العمل المعني به أساسا إلى غيره من الأعمال .
فقف مع نفسك أخي الكريم وأنتِ أختي الفاضلة وتأكدا أنكما لن تخدمان أمتكما
بمثل أن تقوما بالعمل الذي لن يقوم به غيركما .
اسأل نفسك ما هو العمل المعني به أنا أساسا ؟
قد يكون أكثر من عمل ؛ انطلق نحوها وابذل جهدك في إتقانها وتذكر أن الله لا يقبل نافلة ما لم تود فريضة .
اللهم وفقنا ومن نحب لما تحب برحمتك يا أرحم الراحمين .
والسلام عليكم .

مصلح بن زويد العتيبي.
١٤٣٥/10/٢٥ هـ .