اطبع هذه الصفحة


يظن الناس شيئا والواقع شيء آخر

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله كفى بحمده لمن يحمده شرفاً وفضلا وحامده سبحانه له الفضل والشرف
والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام الحامدين وسيد المحمودين من ربه وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد
فهذه ومضات كافية ولمحات راقية من الصدر الأول للإسلام ؛ أقف بك أخي الكريم على أنوارها والتمس لك من نفحاتها .
فتعال معي ثم بعد ذلك نقتبس درسا مهما لعلنا نستفيد منه في حياتنا .
جاء بعض الصحابة رضوان الله عليهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألون مستنكرين فعل أحد الصحابة رضوان الله عليه .
تأملوا هذا الحديث :عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «سَلُوهُ لأيِّ شيء يَصْنَعُ ذَلِكَ»؟ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ؛ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ» رواه البخاري ومسلم.
فما هو ظن الناس : أنه قد يكون مخطئ بهذا الفعل .
وما هو الواقع : أن الله يحبه بسبب هذا الفعل .
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَجْنِي لَهُمْ نَخْلَةً ، فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهِ . قَالَ : فَضَحِكُوا مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَضْحَكُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ " .
فما ظن الناس : أن دقة ساقي ابن مسعود رضي الله سبب مضحك !
وما هو الواقع : أن ساقيه رضي الله عنه أثقل في الميزان من جبل أحد .
ولما استُخلف أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه أصبح غاديًا إلى السُّوق، وكان يحلب للحي أغنامهم قبل الخلافة، فلمَّا بُويَع قالت جارية مِن الحي: الآن لا يحلب لنا. فقال: بلى لأحلبنَّها لكم، وإنِّي لأرجو ألَّا يغيِّرني ما دخلت فيه) .
فقد ظنت هذه الجارية أن الخلافة ستغير أبا بكر رضي الله عنه .
والواقع : أنه أكبر من أن تغيره الخلافة .
وخرج عمر -رضي الله عنه- في سواد الليل، فرآه طلحة -رضي الله عنه-، فذهب عمر فدخل بيتًا ثمَّ دخل بيتًا آخر، فلمَّا أصبح طلحة ذهب إلى هذا البيت، وإذا بعجوز عمياء مقعدة. فقال لها: ما بال هذا الرَّجل يأتيك؟ قالت: إنَّه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني، ويخرج عنِّي الأذى. فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، أعثرات عمر تتبع؟
فطلحة رضي الله عنه لم يكن يظن أن يكون هذا فعل عمر رضي الله عند هذه العجوز فلهذا لام نفسه وقال : ثكلتك أمك يا طلحة
أعثرات عمر تتبع .

فخلاصة الخلاصة :

أولا :لا تهمك ظنون الناس ولا تشغل نفسك بها ولن يحاسب منهم أحد على فعلك ولن يطلع منهم أحد على قلبك.
واجعل اهتمامك بقلبك يفوق كل اهتمام فالقلب محل نظر الرب سبحانه.
ثانيا :إياك وسوء الظن بالآخرين ؛ فإن كنت ظانا ولا بد فظن ظنا حسنا تؤجر عليه وتسعد نفسك به ؛ فلم تبعث على الناس رقيبا ولست لهم حسيبا فما لك ولهم .
وفقك الله لمرضاته وصرف عنك أسباب سخطه وعقابه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مصلح بن زويد العتيبي
١٤٣٥/10/٢٩هـ .

 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية