اطبع هذه الصفحة


الاتفاقات الدولية وأثرها على المجتمعات

نزار محمد عثمان

 
مدخل: أهمية الدراسة
يتم التصديق في كل عام على عدد من الاتفاقات الدولية، الأمر الذي يعطي المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة سيطرة مباشرة على الأنظمة القطرية والإقليمية بل حتى على مستوى الأفراد؛ ولا شك أن تنامي قوة المنظمات الدولية سيؤثر تأثيرا بليغا على المجتمعات، بل وعلى كل فرد في المعمورة، الأمر الذي يستوجب أن نتساءل ماهو أثر هذه الاتفاقات الدولية على المجتمعات وخاصة الإسلامي منها؟

أولاً : تعريف الاتفاقات الدولية: التعريف والأنواع
(أ‌) تعريف الاتفاقات الدولية: الاتفاقات الدولية هي كل اتفاق استراتيجي سياسي أو عسكري أو اجتماعي أو ثقافي يعقد بالتراضي بين عدد من دول العالم.

(ب‌) أنواع الاتفاقات الدولية: يشكل مصطلح الاتفاقات الدولية عدة مصطلحات قانونية منها :
(1) المعاهدة : Treaty
وعادة تطلق على الاتفاقات ذات الأهمية السياسية ، كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف مثل معاهدة الدفاع العربي المشترك ومعاهدة حلف " الناتو" الحلف الأطلسي.
(2) إتفاقية : Convention
وعادة تطلق على الاتفاقات التي تتناول نواحي فنية تنتج عن مؤثر فني مهني وهو عرف وتقليد دولي، وهي أقل أهمية من المعاهدة، على الرغم من أن بعض الوثائق الدولية لم تميز بينهما، ومثالها اتفاقيات : سيداو، وجنيف ولاهاي وغيرها.
(3) الاتفاق Agreement
وهو تفاهم أو تعاقد دولي لتنظيم العلاقات بين الأطراف المعنية في مسألة ما أو مسائل محددة يرتب على تلك الأطراف التزامات وحقوقا في ميادين السياسة والاقتصاد والثقافة والشئوون الفكرية. وقد يتخذ الاتفاق طابعا سريا أو شفهيا أو صفة عابرة فيكون اتفاقا مؤقتا أو طويل الأجل أو ثنائيا أو متعددا أو يكون محددا كأن يكون اتفاقا تجاريا أو بحريا أو ثقافيا..الخ والاتفاق أقل شانا من المعاهدة والاتفاقية.
(4) البروتوكول Protocol
وهو مجموعة من القرارات والوسائل والمذكرات الحكومية صادرة عن مؤتمر أو جمعية ما. كما يستعمل أيضاً للدلالة على مجموع الإجراءات والاستعدادات المتخذة على أثر التوقيع على معاهدة ما تمهيدا للتصديق عليها دون استبعاد بعض التعديلات المتعلقة عادة بالخطوات الإجرائية. وقد يتم البروتوكول بمعنى تعديل لاتفاقية قائمة ومعقودة بين دولتين أو أكثر وتأتي في الدرجة الرابعة بعد المعاهدة والاتفاقية والاتفاق.
(5) الميثاق: Charter
اتفاق دولي لإنشاء منظمة دولية مثل ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي.

(ج) مراحل عقد المعاهدة أو الاتفاقية : يمر عقد المعاهدة أو الاتفاقية بعدة مراحل هي:
1- مرحلة المفاوضات ويشترك فيها ممثلون عن الدول المتعاقدة مفوضون بذلك من جميع التخصصات ومن جميع الجهات المعنية .
2- مرحلة التوقيع على المعاهدة أو الاتفاقية بالنيابة عن الحكومات.
3- مرحلة التصديق على المعاهدة الاتفاقية المفعول، رؤساء الدول بعد أخذ موافقة السلطة التشريعية أو (السلطة التنفيذية) بحسب أحكام الدساتير والأنظمة الوطنية المختلفة. وعندما يتم التصديق تصبح المعاهدة نافذة المفعول، غير أن ضروريات العلاقات الدولية قد تقتضي أحيانا تنشيط إجراءات عقد المعاهدات أو الاستغناء عن شروط التصديق.

ثانياً: الاتفاقات الدولية والسيطرة على العالم

إن نظرة عجلى لكثير من الاتفاقات الدولية تكشف بوضوح أن هناك سعياً حثيثاً لإنشاء نظام فكري عقدي عالمي جديد، وقد تجاوزهذا النظام طور العمل في الخفاء وبلغ طور العمل المعلن وتعددت تصريحات بعض مسئولي الأمم المتحدة بشأنه، يقول روبرت مولر (Robert Muller) الذي عمل في الأمم المتحدة لمدة 38 عاماً، تدرج خلالها في مناصب عديدة، وكان مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة وعاصر ثلاثة من أهم أمناء الأمم المتحدة هم: يوثانت ، كورت فالدهايم، جافير بريز ديكويلار، ولُقِّب " بالفيلسوف" و"رسول الأمل" يقول : ( لقد أعتقدت جازماً أن مستقبل سلامنا وعدالتنا وتجانسنا في هذا الكوكب لن يكون رهناً بحكومة عالمية بل بوحي كوني وحكومة كونية بمعنى أننا نحتاج إلى تطبيق قوانين طبيعية تطورية استلهامية كونية، إن معظم هذه القوانين موجودة في الديانات الكبيرة والنبؤات العظيمة وسيعاد اكتشافها رويداً رويداً عبر المنظمات العالمية) ، ويقول : ( لن تستطيع قوة بشرية أن تقضي على الأمم المتحدة، لأن الأمم المتحدة ليست مجرد مباني أو أفكار ، ليست مخلوقاً من صنع البشر، إن الأمم المتحدة هي نور الهداية القادم من العالي المطلق... إن العالي المطلق سيقرع أجراس انتصاره في الأرض عبر القلب المحب المعوان للأمم المتحدة) وفي برلمان الأديان العالمية الذي عقد في مدينة شيكاغو الأمريكية في الفترة من 28/8 ألى 5/9/1993م ، قدم هانز كنج Hans Kung ورقة بعنوان ( نحو عقيدة عالمية: إعلان مبدئي) ، استخلصت هذه الورقة من كتاب صدر عام 1991م بعنوان (المسؤوليات الكونية: البحث عن عقيدة عالمية)، ذكر فيه هانز أن التحول نحو هذه العقيدة لن يكون اختيارياً، قال: (دعونا نقولها بصراحة: لابقاء لأي عقيدة رجعية كبتية- سواء كانت المسيحية أو الإسلام أو اليهودية أو نحوها- في المستقبل، إذا كان المقصود من العقائد هو ازدهار الجميع فيجب أن لا تُقسَّم ، إن رجل مابعد الحداثة وامرأة مابعد الحداثة يحتاجان إلى قيم وأهداف وقدوات وتصورات مشتركة والسؤال مثار الخلاف هو ألا تفرض هذه الأشياء عقيدة جديدة، إن ما نحتاجه نحن هو نظام عقدي عالمي) .
إن الأمم المتحدة تسعى جاهدة لإقرار هذا النظام العقدي الجديد، الذي ترى أنه ضرورة حتمية إكمال مسيرة التطور البشري ، ورسالة سيباركها الأنبياء لو عادوا للحياة، يقول روبرت مولر: (إذا عاد المسيح مرة أخرى إلى الأرض، ستكون زيارته الأولى للأمم المتحدة، ليرى أن حلمه بوحدة الإنسانية وأخوتها قد تحقق، سيكون سعيداً بمشاهدة ممثلين لكل الأمم: الشمال والجنوب، الشرق والغرب، الغني والفقير، المؤمن والكافر، الصغير والكبير ، المحتاج و المسعِف ، جميعهم يحاولون أن يجدوا أجوبة على الأسئلة المستديمة عن وجهة الإنسانية واحتياجاتها ) . ويقول: ( هناك رسم مشهور يبين المسيح يقرع باب مبنى الأمم المتحدة الضخم العالي يريد أن يدخله، كثيراً ما أتصور في ذهني رسماً أخر ، رسماً أدق وهو أن مبنى الأمم المتحدة هو جسم المسيح نفسه) ، ويقول: ( إن الأمر الذي لا مناص منه أن الأمم المتحدة عاجلاً أم آجلاً ستأخذ بعداً روحياً) .
في سبيل إقامة النظام العقدي الجديد قامت مؤسسات عديدة لتهيئة الشعوب لهذا التحول؛ من هذه المؤسسات: برلمان الأديان العالمي الذي يضم ممثلين للديانات العالمية المختلفة ، من المؤمنين بفكرة أن الأديان جميعها ليست إلا طرقامختلفة توصل إلى نهاية واحدة يسميها المسلمون الله ، بينما يسميها المسيحيون الرب، ويسميها الهندوس كريشنا، ويسميها دعاة النظام العقدي الجديد تفادياً للانحياز لدين بالقوة السامية المطلقة.
إن برلمان الأديان العالمي يجتمع سنوياً لأيام متصلة تبلغ التسعة أو العشرة، ويقدم جائزة قيمتها 1,2 مليون دولار تعرف باسم جائزة تمبلتون (Templeton Prize) للتطور في الديانات، وتمبلتون الذي سميت عليه هذه الجائزة ولد في عام 1912 في مدينة تنيسي، تحصل على منحة روديس وتخرج من أكسفورد، نجح في مجال الاستثمار حتى أصبح من المستثمرين العالمين المعدودين ، في عام 1972 أنشأ جائزة تمبلتون للتقدم في مجال الأديان ( تعادل الآن 700000 جنية إسترليني ، ويتم تعديلها سنوياً بحيث تكون أعلى من جائزة نوبل) وذكر سبب تأسيس هذه الجائزة فقال: ( الخطوة التالية في التقدم الإنساني المقدس في مقياس التطور هي عبقرية الروح، التي تضىء الدرب للبقية لتتبع، ولتشجيع التقدم في هذا الصدد أسسنا جائزة مؤسسة تمبلتون للتقدم في العقيدة، نريد أبحاثاً جديدة تركز على تنمية الحقيقة الروحية التي يكتب لها القبول في كل العالم بغض النظر عن الثقافة أو العقيدة الخاصة بأي منطقة جغرافية أو عرقية، أنا أتمنى أن ننشىء جسماً معرفياً عن الرب، جسماً لا يستند على الكتب السماوية القديمة، جسماً علميا، لا يختلف عليه بسبب اختلاف الأديان أو الكنائس أو الكتب السماوية أو الطقوس الدينية، إن الغرض الرئيس من قيام مؤسسة تمبلتون هو التشجيع المتحمس للإسراع في الاكتشافات العقدية والتقدم في مجال العقيدة )، ويقول ( لا يمكن لأحد أن يزعم أن الرب يمكن الوصول إليه بطريق واحدة ، إن هذه النظرة المحددة ينقصها التواضع، لأجل أن يتمكن العقل البشري والخيال الذي وهبنا الرب إياه من المساعدة في بناء مملكة السماء) ، وقال: ( إن المبادىء الأساسية لقيادة حياة متسامية يمكن أن تستخرج من أي عقيدة تقليدية : اليهودية ، الإسلام ، الهندية، البوذية وغيرها كما المسيحية أيضا) وقال: ( إن المعادلة العقدية في المسيحية تغيرت وستواصل التغيير من عصر لعصر، المسيحيون يعتقدون أن الرب ظهر في عيسى الناصري قبل ألفي عام لأجل خلاصنا وتعليمنا، لكننا يجب أن لا نأخذ أن معنى ذلك أن تقدمنا سيتوقف، وأن عيسى هو نهاية التغيير، إن القول بأن الرب لا يمكن أن يجلي نفسه مرة أخرى في صورة حاسمة (عبر مسيح آخر) يبدو انتهاكاً للمقدسات) . أما عن الجنة والنار فيقول تمبلتون : ( لقد سافر رجال الفضاء للفضاء الخارجي، ولم يحضروا معهم دليل على وجود الجنة، الحفارات اخترقت الأرض ووجدت البترول وليس جهنم، التعريفات الوصفية عن ما بعد الحياة التي تلقيناها ونحن أطفال تحتاج إلى مراجعة على ضوء الاكتشافات العلمية في العصر الحديث، إننا عبر اختيارنا الشخصي ومواقفنا نخلق جنتنا ونارنا هنا في الأرض) ، إن أمر خطورة هذه المؤسسة لا يتوقف على تمبلتون فحسب بل إن الأشخاص الذين يقفون خلف هذا المشروع ويختارون من يستحق هذه الجائزة كلهم من شاكلته، يناصرون العقيدة العالمية الموحدة، وقد نالها في عام 1988م أحد المنتسبين للإسلام واسمه إنعام الله خان الذي يشغل منصب الأمين العام لمؤتمر المسلم العالمي المعاصر، ونائب رئيس اتحاد الدساتير والبرلمانات العالمي. إن مؤسسة برلمان الأديان العالمي ترعى التقارب بين الأديان، ولها الآن أكثر من 150 نشاطاً موزعاً بين تنفيذ مشروعات التقارب، وإعداد دراساته، وتوزيع جوائز لأصحاب الأثر الكبير في تحقيق أهداف المؤسسة.

ثالثاً: أمثلة لأهم المنظمات الدولية والاتفاقيات التي صدرت عنها:

(أ) أهم المنظمات الدولية:
أ- لجنة مركز المرأة ، التابعة للأمم المتحدة.
ب- صندوق الأمم المتحدة للسكان.
ج- صندوق الأمم المتحدة الإنمائية للمرأة.
د- برنامج الأمم المتحدة الإنمائية.
ه- المعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة.
و- جامعة الأمم المتحدة.
ز- معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية .
ح- اللجنة الاقتصادية ل( أفريقيا- أوروبا- أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي) واللجان الاقتصادية والاجتماعية ل( آسيا والمحيط الهادي- غربي آسيا) التابعة للأمم المتحدة.
ي- منظمة الأمم المتحدة للطفولة.
ك- مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية والتجارة.
ل- مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية( الموئل).
م- مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ن- منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
س- منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
ع-منظمة العمل الدولية.
ف- منظمة الصحة العالمية.
ث- البنك الدولي.
ض- صندوق النقد الدولي.
ظ-الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.
غ-المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
ش- لجنة الصليب الأحمر الدولية.

(ب) أمثلة لأهم الاتفاقات الدولية:
دستور هيئة الأمم المتحدة 1945م.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م
( اتفاقية المساواة في الأجور بين العمال و العاملات) اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية عام 1951م
(الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة) أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 1952م.
(اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، سيداو) أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 1979م.

رابعاً: أثر الاتفاقيات الدولية على المجتمعات:

إن النظام العقدي الجديد يمكن استجلاء جوانبه من خلال مطالعة التوصيات الختامية لمؤتمرات الأمم المتحدة المختلفة، وأهم مرتكزاته تتمثل في:
1/ وحدة الأديان: فعقيدة الأمم المتحدة تقرر أن الأديان ليست إلا طرقاً مختلفة توصل إلى نهاية واحدة، لذلك لا فرق بين المسلم والمسيحي، أو المسلم والهندوسي، كلهم يحكمهم قانون واحد هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي وردت فيه المواد التالية:
المادة (2) : لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر ، أو الأصل الوطني أو الإجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
المادة (16) 1 للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
المادة(18): لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.

2/ تمييع قضية الإيمان
إن عقيدة وحدة الوجود واضحة في تصريحات عدد من مسئولي الأمم المتحدة خاصة الذين لهم اهتمام بالبيئة، يقول تمبلتون متحدثاً عن مفهوم الرب عنده: ( الرب هو بلاين النجمات في الطريق اللبني، بل أكثر من ذلك، الزمن والفراغ والطاقة كلهم جزء من الرب، الرب هو خمسة بلايين شخص في الأرض ، الرب هو بلاين المخلوقات في هذا الكوكب، ملايين النجمات ، الرب هو الحقيقة الوحيدة، لقد بدأ الرب يخلق كونه، وسمح لكل أبنائه بالمشاركة بطرق بسيطة لخلق التطور، إن الرب منك، وأنت جزء صغير منه).
في 1992م أقامت الأمم المتحدة ما عرف بمنبر الأرض والذي كانت أجندته الروحية أوضح من قمة ريوديجانيرو ، ذلك أن جلساته افتتحها الدلاي لاما: أكبر القادة الروحيين البوذيين، وحتى يضمن نجاحه عُقدت صلوات لمدة ثلاثة أسابيع نفذها حراس الحكمة وهي مجموعة من مستحضري الأرواح كانوا يتحلقون حول نار مقدسة ويقرعون الطبل ويتأملون ويستحضرون الأرواح على مدار الساعة كذلك أسس الأمين العام السابق للأمم المتحدة ذاق همرشولد، غرفة التأمل والاتصال الروحي بالأمم المتحدة، وهي غرفة مبنية على شكل هرم مقطوع الرأس، في وسطها يوجد مذبح قرابين altar مصنوع من قطعة ماغنتايت طبيعية ضخمة (لعلها أضخم قطعة ماغنتيت أخرجتها المناجم عبر العصور) هذه الغرفة مناسبة جداً لأغراض الاتصال الروحي لأن قطعة الماغنتايت تتصل من أسفلها بقاع الأرض نفسها مما يساعد العباد على سهولة الاتصال الروحي والدخول في حالة التخاطب)، قال روبرت مولر في كتابه New Genesis Shaping a Global Spirituality عن هذه الغرفة :( عندنا غرفة التأمل و الاتصال الروحي بالأمم المتحدة التي يزورها مئات الألوف من الزوار في السنة الواحدة) كذلك عينت الأمم المتحدة وثنياً هندياً اسمه سري شينموي Sri Chinmoy يبلغ من العمر سبعين عاماً في وظيفة المستشار الروحي الرسمي للأمم المتحدة ، وقد أقام خلال ال23 عاماً الماضية صلوات وجلسات اتصال روحي منظمة في أيام الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع لكل الراغبين بمبنى الأمم المتحدة بنيويورك ، هذا الهندي يؤمن بتناسخ الأرواح ويدعي أنه كان توماس جيفرسون في حياة سابقة، كما يزعم أنه واحد من قلة تعد على أصابع اليد من المستضيئين في هذا الكوكب. لقد ذكر روبرت مولر عقيدته عن الأرض من قبل لقد قال: (الهندوس يسمون الأرض براهما أو الإله، لقد أصابوا في نظرتهم أنه لا فرق بين الأرض والمقدس ، هذه الحقيقة البسيطة تشرق في شمس الإنسانية في بطء، ونحن ندخل عصرنا الكوني، نريد لكوكبنا ما أردناه دوماً أن يكون كوكب الإله)

3/ الإباحية الجنسية:
إن مؤتمرات الأمم المتحدة استفاضت في طرق قضايا الحرية الجنسية وأسرفت في الدعوة إلى الإباحية الجنسية، وتفننت في تسميتها بغير أسمها، فظهرت مصطلحات مثل : الجندر، النتعايشين، حقوق المثليين، الثقافة الجنسية ، الصحة الإنجابية، ونحو ذلك ومن المصطلحات التي تدعو بسفور إلى قبول الشذوذ الجنسي كممارسة مشروعة، تدخل ضمن حقوق الإنسان ، وتُوفَّر لممارسيها العناية الطبية والحماية القانونية، تقول الباحثة صباح عبده : ( أكدت- على لسان المفوضة العامة للمرأة- السيدة "روبنسون" في كلمة لها أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م هو وثيقة حية وقد اكتشفت أن هذه الوثيقة- وهذه مفاجأة المفاجآت – تضمنت في ثناياها حماية " حق التوجه الجنسي" أي الحياة المثلية. وقد التقت هذه المفوضة ( ماري روبنسون رئيس جمهورية ايرلندا السابقة) بالحلف الدولي للشواذ وتعهدت خلاله بإعطاء كل تأييدها ودعمها لجهود هذا الحلف الذي يتمتع بالصفة الاستشارية لدى اللجنة الاجتماعية والاقتصادية في الأمم المتحدة ويُعرف باسم (The Economic and Social council Ecosoc Article 7 Paragraph H) وأعلنت ماري روبنسون عن عزمها تعيين مراقب خاص لمتابعة المسائل المتعلقة بحقوق الشواذ ومنها حق الزواج من نفس الجنس، ومكافحة القوانين المضادة للشذوذ الجنسي، وأكدت تصميمها على حث لجنة حقوق الإنسان للإعلان عن أن كل تفرقة على أساس السلوك الجنسي هي غير قانونية) ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل في مؤتمر روما لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ؛ والذي عقد في عام 1998 م ، حاول المؤتمرون إصدار توصيات مُلزمة على المستوى الدولي بتجريم القوانين التي تعاقب على الشذوذ الجنسي فورد ما معناه أن كل تفرقة أو عقاب على أساس " الجندر" تشكل جريمة ضد الإنسانية. وقد عملت الأمم المتحدة عبر مؤتمراتها المتعاقبة في قضايا السكان والبيئة ونحوه، وعبر اتفاقاتها الدولية كاتفاقية سيداو: القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية الطفل، ونحوها، دأبت على:
• مطالبة الحكومات بدعم وسائل منع الحمل للشباب والشابات من المراهقين دون تقيد بشرعية العلاقة (الزواج) أو مخالفتها للفطرة (الشذوذ الجنسي)
• مطالبة الحكومات بإدخال الصحة اإنجابية في المقررات الدراسية وتدريسها في الفصول اليومية لتكون المرجع الأساسي لدول العالم، ولعل القارئ لهذه الكلمات لا يرى بأساً بإدخال الثقافة الجنسية ضمن المقررات الدراسية، لكنه إن علم أن بعض ما يدرس في هذه الثقافة الجنسية في الولايات المتحدة الأمريكية هو :( المعاشرة بين الجنسين، العادة السرية، الإجهاض ، كيفية ممارسة الجنس دون خطر الحمل، مساعدة المراهق على تحديد اتجاهه الجنسي (أي تحديد أي الجنسين يفضل أن يعاشر) العادة السرية كوسيلة للإشباع الجنسي بعد البلوغ، العلاقات الشاذة كبديل مُرضٍ للعلاقات العادية، أما من سن15-18 فيضاف لهم المواضيع التالية: من حق النساء أن يقررن إجراء الإجهاض ، من حق الناس احترام تعاليم دينهم وتقاليدهم، ولكن لا علاقة له بحقوق المرء الشخصية، عدم وجود دليل على أن الصور الفاضحة تسبب أي إثارة جنسية ، خدمة التواصل مع الشريك الجنسي بشأن الاحتياطيات اللازمة لكليهما ، تعليم المراهقين كيفية الحوار حول هذه العلاقات والحدود التي يجب التوقف عندها) .
• مطالبة الحكومات بنشر مراكز المعلومات بين الشباب والشابات في المدارس والمجتمعات والقرى للنهوض بعبء التوعية ببرامج منظمات الأمم المتحدة.
• لقد نشطت الأمم المتحدة في تفعيل آليات نشر العقيدة الجديدة التي تريد أن تجعل منها السند الروحي للنظام العالمي الجديد، عبر المؤتمرات والاتفاقيات الدولية التي توقع عليها دول عديدة اضطراراً ، غير أن هذا الاضطرار عبر المتابعة الدولية، والحملات الإعلامية المصاحبة، والتهديد بالعقوبات الاقتصادية حال مخالفته؛ يضمن له مرتعاً خصباً ينفذ من خلاله إلى أذهان الناشئة وقلوبهم.

4/ تقنين الكفر ونشره عبر السلم التعليم الجوهري العالمي
لقد أنشأ د. روبرت موللر نظام التعليم المعروف باسم " السلم التعليمي الجوهري العالمي" World Core Curriculum وعرف موللر عبر العالم باسم : أب التعليم الكوني father of global education هذا السلم التعليمي يعد تجسيداً للعقيدة الجديدة وترويجاً لفكر حركة الانموذج الجديد ، وحتى عام 1999م كانت هناك 29 مدرسة في العالم تحمل اسم روبرت موللر، وتدرس منهجه ويزداد عددها عاماً بعد عام، وقد أقرت منظمة اليونسيكو (أحد المنظمات التابعة للأمم المتحدة) هذا المنهج وتعمل على نشره وتطبيقة، وقد منحت واضعه د. روبرت موللر جائزة تعليم السلام عن العام 1989م.
ويهتم هذا السلم التعليمي كثيراً بترسيخ المفاهيم التالية:
أ‌- قضية الإيمان قضية نسبية الكل فيها مصيب مهما عبد.
ب‌- تشجيع التعليم المختلط.
ت‌- الدعوة إلى المساواة في منهج التعليم.
ث‌- الدعوة إلى التثقيف والتربية الجنسية.

خاتمة

إن المنظمات الدولية عبر الاتفاقات العديدة التي تبرمها ترمي إلى تعميم النسق الثقافي الأخلاقي للمحافظين الجدد ومناصريهم على المجتمعات، وذلك- كما قال قاري كاه في كتابه عقيدة العالم الجديد- لتهيئة المجتمعات لقبول أعظم فتنة تمر بها البشرية؛ فتنة المسيح الدجال.

 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية