اطبع هذه الصفحة


احذروا أن تتصل بكم!

نزار محمد عثمان


قبل أكثر من عامين (بتاريخ 12 سبتمبر 2008) نشر أحد السعوديين في الانترنت ما يلي: (تنتشر مؤخرا شائعة مفادها أن هنالك رقما ً دوليا ً بدايتة اما 00988 - 00931 - 00987 - مجهول المصدر يقوم بالاتصال عشوائيا على أرقام ببعض الدول بداية كانت دولة الباكستان ومن بعدها الأمارات العربية المتحدة والان السعودية قيل أن الرقم يأتي في شاشة الجوال بلون أحمر ولست متأكدا ا ً من هذة النقطة . .قبل حوالي 10 أيام قال لي أحد العمالة من الجالية الباكستانية وفاة أحد أقربائة بعد ردة على مكالمة دولية مجهولة وهنالك أنباء افادني بها عن وفاة حوالي 7 أشخاص في انحاء متفرقة في باكستان . . كما قرأت باحد الرسائل ب( شات) بأحد القنوات اليوم عن وفاة ثلاثة أشخاص في دولة الامارات العربية المتحدة بنفس الطريقة والان بالرياض موضوعها منتشر بين الناس مفادة وفاة شخصين بنفس هذة الطريقة وسبب الوفاة أن هذا الرقم يقوم بارسال ذبذبات عاليه جدا ً لا يستطيع الانسان تحملها ولا يمكنه سماعها قد تؤدي الى اتلاف دماغة مما يؤدي الى اصابته بسكتة دماغية وقيل ان هذة الذبذبة تصيب قلب الشخص الذي يقوم باستخدام الجوال) أهـ
وملا حظاتي على هذه القصة القديمة نسبيا وما انتشر حديثا في الخرطوم في اليومين الماضيين هي كما يلي:
أولا: يبدو أننا بعيدون جدا عن محيطنا، وغير مواكبين حتى في مجال الشائعات، فشائعة كهذه تأخذ أكثر من سنتين لتصل إلينا، مع وجود الانترنت والفضائيات بل والجوالات االمفترى عليها هذه المرة... فكيف بالانتاج العالمي المفيد من أبحاث علميه، وكتابات فكرية ونحوه مما لا إثارة فيه ولا تخويف كم يأخذ من الوقت حتى يصل إلينا؟
ثانيا: يبدو أننا كذلك لا نستفيد من التجارب السابقة، قصة المعيسلانة، وشائعة فقدان بعض الأعضاء عند مصافحة بعض السحرة، وغيره، لذلك فمن يعش رجبا موعود بأن يرى عجبا.
ثالثا: يبدو أننا كمجتمع لا زلنا نغلب الخوف على العقل، ونمييل إلى تصديق الخرافة، ونعطل في مقابلها الشهادة، وإلا فقل لي كيف يمكن أن تخرج من الجوال شحنة كهربائية تصعق الإنسان وتقتله، وكل الكهرباء التي فيه لا تكفي لشعور الإنسان باللسع دعك من الصعق والقتل! هل تراه أصبح الهواء موصلا حيدا للكهرباء؟ لوكان الأمر كذلك لماذا لم يمت الجميع؟ ثم هل تمر هذه الأجهزة دون اختبارات سلامة وتدقيق وتمحيص.
رابعا: يبدو كذلك أننا فقدنا المهنية في جانب كبير من صحفنا، وإلا فلماذا يأت مثل هذا الخبر الذي لا خطام له ولا زمام في صدر الصفحة الأولى، بل و(مينشيت) في بعض الصحف، أليس من ابجديات العمل الصحفي أن الأخبار التي تؤدي لإثارة البلبلة في المجتمع لا تنشر إلا بعد التمحيص والتأكد من المصادر وتحري الكلمات والعبارات، هل يكفي أن نعزو مثل هذا الخبر لشهود عيان لم نرهم أولا نعرف صدقهم، أين قوله تعالى:(قل هاتو برهانكم إن كنتم صادقين).
خامسا: يبدو كذلك أن كثيرين منا يأخذون كل ما يرد في الصحف، وأشرطة الرسائل في الفضائيات على أنه تصريح صحفي من الصحيفة أو القناة، وليس الأمر كذلك، بل العاقل لا يقبل خبرا بغير شاهدي عدل: سند صحيح، ومتن سليم. وعلماء الحديث يعلون الحديث الذي يرد بسند صحيح ومحتوى يخالف حديثا صحيحا أخر، ولا يمكن الجمع بينهما،
كيف نصدق كلاما يخالف العقل ولا يثبت عند تمحيص النقل؟
نهاية الكلام: احذروا أن تتصل بكم .. أعني الخرافة.

 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية