اطبع هذه الصفحة


النسر الأصلع والمسيح الدجال

نزار محمد عثمان


يمثل (الختم العظيم) للولايات المتحدة الشعار المعتمد الذي تختم به كل الخطابات الرسمية والمستندات الحكومية، وقد أُريد له أن يجسد عوامل الوحدة الثقافية وعناصر الرابطة الوطنية التي تشكل القاسم المشترك بين القوميات الأمريكية، لذلك استغرقت فترة إعداده ست سنوات، بدأت بعد الانتصار الكبير في حرب التحرير ضد البريطانيين في الرابع من أغسطس عام 1776م، وانتهت في العشرين من يونيو عام 1782م، وحتى يكون ماثلاً أمام أعين الامريكيين صغاراً وكباراً ـ وأعين العالم كله ـ تقرر وضعه في العملة الورقية (فئة دولار واحد) في عهد الرئيس فرانكلين د. روزفلت في عام 1935م. دلالات رموز الختم العظيم يكتنفها غموض كبير، يتطلب السعي لسبر أغواره و استجلاء أسراره.
 


الختم العظيم وجه


الختم العظيم خلف


 

رموز (الختم العظيم) وعباراته:
يتكون (الختم العظيم) من وجه وظهر:
في الوجه يوجد النسر الأصلع فارداً جناحيه، وفي صدره درع به ثلاثة عشر خطاً، ويحمل في قدمه اليمنى غصن زيتون، وفي قدمه اليسرى حزمة سهام، ويحمل في منقاره لافتة عليها العبارة اللاتينية E Pluribus Unum، وفوق رأسه هالة من النجوم موزعة على شكل نجمة داؤود.
في الظهر يوجد هرم فُصِل جزؤه الأعلى عن بقيته، وفي الجزء الأعلى عين حولها هالة ضياء وفوقها عبارة Annuit Coeptis، وفي قاعدة الهرم يوجد الرقم الروماني MDCCLXXVI، وأسفل الهرم توجد عبارة Novus Ordo Seclorum.

معاني الرموز والعبارات:


الوجه:

النسر الأصلع يرمز للقوة والسمو، وغصن الزيتون يرمز للسلام، والسهام ترمز للحرب، كما أن الدرع يرمز للحماية والوقاية، أما عبارة E Pluribus Unum فتعني "من العديد واحد"، ويرى بعضهم أنها ترمز لتوحد المستعمرات ـ وعددها ثلاث عشرة ـ في دولة واحدة، ويرى آخرون أنها تعني ماهو أبعد من ذلك بكثير.. تعني توحد العالم تحت حكومة واحدة، ويرجع أصل العبارة إلى مجلة الجنتلمان الشهرية (1731-1922م) التي اعتادت أن تصدّر عددها السنوي الذي يحوي 12 عدداً في مجلد واحد بهذه العبارة (من العديد واحد).
ذهبت بعض التفسيرات إلى ربط عدد الريش في الجناح الأيمن (32ريشة) بدرجات العضوية في المحفل الماسوني الأسكتلندي، و في الجناح الأيسر(33ريشة) بزيادة درجة واحدة مخصصة للخدمة المتميزة للماسونية، وفي الذيل (9 ريشات) بدرجات المجلس في المحفل الأمريكي (1)، هذا الربط يبدو متكلفاً ـ و إن لم يكن مستبعداً ـ، وعموماً تبدو المعاني التي تسوقها الجهات الرسمية لرموز الوجه ـ إذا استثنيت نجمة داؤود ـ مقبولة، عكس تلك التي تسوقها لرموز الظهر.

الظهر:

إن عبارة Annuit Coeptis التي تعلو الهرم تعني: إنه يبارك التزاماتنا أو "تعهداتنا"، وهذه العبارة مأخوذة من شعر (فيرجل) الشاعر الروماني القديم فقد قال: في كتابه التاسع السطر 625: إن جيوبتر القوي يؤيد التزاماتي الجريئة، كذلك تكررت العبارة مختصرة "بارك التزاماتي" في شعره الجورجي الكتاب الأول السطر 40، قام شارلس طومسون بتغير الفاعل من جيوبتر إلى ضمير الغائب "هو"، حتى تكون العبارة أوسع دلالة، كما غير التزاماتي إلى التزاماتنا، فأصبحت تعني: إنه يبارك التزاماتنا أو "تعهداتنا". إن ضمير الغائب في العبارة السابقة يحمل تفسيرات عديدة، فقد يكون جيوبتر كما صرح فيرجل، وقد يكون صاحب العين الواحدة التي ترى كل شيء، كما قال طومسون الذي أعاد صياغة ما كتبه فيرجل (2)، ومما يؤيد التفسير الأخير أن العبارة السابقة تظهر مباشرة فوق العين.
أما الهرم فهو رمز يتكرر كثيراً في أدبيات الماسونيين لارتباطهم بالكابالا الفرعونية. وقد ذكر اليهودي هيرام أويسس أن الهرم بحساب الكابالا يقابل الرقم 273، وبحساب الجُمَل في اللغة العبرية يتبين أن هذا الرقم يقابل الاسم HIRAM ABIFF وهو في زعم اليهود والماسونيين اسم المهندس الذي بنى هيكل سليمان (3)، وانفصال قمة الهرم عن باقيه تذكر الماسونيين بهيكل سليمان وواجبهم في إعادة بنائه، ولعل ذلك هو سبب تسميتهم بالبنائين الأحرار.
الرقم الروماني الموجود في أسفل الهرم MDCCLXXVI يقابل الرقم 1776 وهو العام الذي تحررت فيه أمريكا وتوحدت فيه ولاياتها تحت قيادة واحدة.
أما عبارة Novus Ordo Seclorum التي تظهر تحت الهرم فتعني "النظام العالمي الجديد" ولعل القارئ يتعجب من أن الختم الرسمي للولايات المتحدة يحوي هذه العبارة منذ عام 1782م، وقد كان النظام العالمي الجديد في ذلك الوقت فكرة في أذهان أفراد معدودين، لم يفصح عنها إلا بعد 209 عاماً في خطاب الرئيس بوش الأب في عام 1991م، ويرى Gary Kah أن الهرم الذي فُصِل رأسه عن بقيته إشارة إلى أن النظام لم يكتمل بعد، وعند اكتمال النظام العالمي الجديد وقيام الحكومة العالمية الواحدة سيلتصق الرأس ببقية الهرم وسيجلس عدو المسيح صاحب العين الواحدة علي كرسي القوة في قمة الهرم"(4),ولا يخفى أن اليهود هم أعوان الدّجال آخر الزمان.

العدد ثلاثة عشر:

إن العدد ثلاثة عشر تكرر في (الختم العظيم) للولايات المتحدة كثيراً:
فعدد النجوم التي فوق النسر والتي تشكل نجمة داؤود يساوي 13.
وعدد الخطوط الحمراء والبيضاء في الدرع يساوي 13.
وعدد أوراق غصن الزيتون الذي يحمله النسر في قدمه اليمنى يساوي 13.
وعدد ثمار الزيتون بذات الغصن يساوي 13.
وعدد الأسهم التي يحملها النسر في قدمه اليسرى يساوي 13.
وعدد أحرف Annuit Coeptis يساوي 13.
وعدد أحرف E Pluribus Unum يساوي 13.
وعدد طبقات الهرم الذي به العين يساوي 13، فما السر في ذلك؟
تعلل الجهات الرسمية هذا التكرار بأنه يمثل عدد المستعمرات التي قاومت البريطانيين وأجلتهم وكونت الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هناك من يرى أن هذا العدد يمثل قبيلة بني إسرائيل الثالثة عشرة، ذلك أن بني اسرائيل (أولاد يعقوب) كان عددهم اثني عشر كما أخبر القرآن، غير أن اليهود بعد موت يعقوب جعلوا يوسف مكان أبيه ـ عليهما السلام ـ وأدخلوا ولديه إفرايم Ephraim وماناسه Manasseh ضمن القبائل فإذا استبدلنا يوسف عليه السلام بولديه صار العدد ثلاثة عشر، والقبيلة الثالثة عشرة (5) هي قبيلة ماناسه والتي يرى كثير من المؤرخين أن يهود الولايات المتحدة ينحدرون منها ويستدلون على ذلك بأن الرمز الأول لهذه القبيلة كان غصن الزيتون بينما الرمز الثاني لها كان حزمة سهام وكلا الرمزين ماثل في (الختم العظيم) للولايات المتحدة.
ختاماً: هل يمكن أن تصنف كل هذه التحليلات تحت مظلة جنوح الخيال الناتج عن عقدة المؤامرة كما يمكن أن يتبادر إلى بعض الأذهان؟ الإنصاف يقتضي أن يكون الجواب لا، فإذا سلمنا بصحة هذا الاتهام في حق بعض التحليلات فلا يُسلّم في أكثرها، خاصة إذ عُلِم أن الرموز في القرن الثامن عشر كان لها من الأهمية والرواج أضعاف ما لها في يومنا هذا، وأن لجان تصميم (الختم العظيم) ضمت ماسونيين معروفين من أمثال بنجامين فرانكلين وتوماس جفرسون وويليام تشرشل هوستون وويليام بارتون.

----------
(1) انظر Hiram Ooasis Masonic files
(2) راجع الموقع الرسمي للختم العظيم في العنوان :http://greatseal.com
(3) Hiram Ooasis Masonic files
(4) انظر كتاب En Rout to Global Occupation لمؤلفه Gary H. Kah، ص 34.
(5) لمزيد من التفصيل راجع كتابThe Thirteenth tribe لمؤلفه: Arther Koestler ومن قبله كتاب اليهود أنثربولوجياً للعلامة: جمال حمدان، والكتابان يبينان أن اليهود الحاليين لا علاقة لهم باليهود القدامي، وإنما ينحدرون من قبيلة الخزر التتارية التي اعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي.


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية