اطبع هذه الصفحة


الأمل في الإيمان والعمل

نزار محمد عثمان


بعد يومين فقط سيصبح الغد هو الأمس!
ما أقصرها من مدة!، وما أقلها من فترة!.. وما أحوجنا - وبلادنا تحدق بها الشرور من الشرق والغرب، وتتهددها المخاطر في الداخل والخارج؛ وتكاد تصبح (مستخربة؛ ولا أقول مستعمرة) أمريكية - لأن ندرك أن الأيام تمضي، وأننا إن لم نعمل للغد بكينا بعد يومين فقط على تفريطنا فيه عندما يصبح أمسا!.
أعداء عقيدتنا عرفوا هذه الحقيقة؛ وخططوا لما يفعلونه بنا في غدهم، وأعداد مقّدرة من أحزابنا وجماعاتنا الدينية لا تعرف ماذا تفعل في بقية يومها؟ دعك من غدها!؛ مع أن جميعهم يقر بأن بلادنا تمر بأيام عصيبة، وتواجه تحديات عظيمة؛ تتطلب سرعةً في الحركة، وإحساناً في التخطيط، وقوة في التنفيذ.
ما أحوجنا أن نستمسك بديننا وعقيدتنا؛ ونشمر عن ساعد الجد؛ ونوقظ الجميع ليقوموا بدورهم!؛ حتى نحقق الطموح الذي انطلق في ستينات القرن الماضي؛ ووعد بصياغة الدنيا، وتركيب الحياة القادمة، وإيجاد جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة، المستميت على المبادئ مؤمنا، المشرئب إلى النجوم لينتقي صدر السماء لشعبنا!.
إن عِظم التحديات التي نراها في حاضرنا، ونتوقعها في غدنا لا تبعث على الانزواء والاستسلام؛ لأنها تعني - فيما تعنيه - أننا بوجودنا غير الفاعل هذا نقلق الأعداء، ونهدد مصالحهم؛ فكيف بنا إذا عدنا لديننا؟!، ثم إنها لا تبعث على الانزواء؛ لأننا إن استمسكنا بديننا ندخل في معية الله التي تبارك الجهود وتضاعف الثمار!!.. انظر إلى البتول (مريم بنت عمران) - وهي في شدة الضعف بعد ولادة المسيح عليه السلام - كيف خاطبها ربها قائلاً: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً)!!.. يقول العارفون: (ما كان لمريم - وهي في كامل قوتها - أن تؤثر في جذع نخلة؛ لأن أشداء الرجال يرهقهم ذلك؛ فكيف بمريم - وهي تعاني الضعف، والوهن - بعد آلام الطلق والولادة؟!.
كما يقولون إن هز الجذع ليس هو طريقة جني الرطب؛ لأن الرطب ليس يابساً حتى يقع بأقل مجهود كما في سائر الثمار، بل سقوطه بالهز من أبعد الأشياء وأصعبها، وطريقة جنيه هي أن يتسلق أحد النخلة، ويقطعه قطعاً أو يقطفه قطفاً.
ليس صعباً أن نستنتج أن الله جل وعلا أراد من مريم فقط أن تسعى وتتحرك ولا تتجاهل الأسباب، كما أراد للعباد أن يعلموا أنه جل وعلا يقدم عونه وبركته لعبادة المؤمنين بعد أن يبذلوا الوسع في السعي والعمل؛ عندها فقط يُقوي ضعفهم، ويكمل نقصهم، ويحقق مرادهم.
فلنسع، ولنتحرك، وبإذن الله نردد بعد يومين عندما يصبح الغد أمسا (ما أعظم قدرة الله!).

 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية