اطبع هذه الصفحة


بلاغ ضد مجهول

نزار محمد عثمان


لم يتوان ممثلو الحركة الشعبية ـ في مفوضية الدستور ـ في توجيه أصابع الاتهام لحكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني وتحميلهم مسؤولية التعدي على أرواح مواطنين جنوبيين، الأمر الذي أحدث هرجاً ومرجاً في اجتماع المفوضية، تم على إثره تعليق الاجتماع لفترة 40 دقيقة، ثم رُفع الاجتماع نهائياً بعدها.
وهرعت أجهزة الإعلام إلى المنطقة وجاءت بالحقيقة السافرة، قتل 14 شرطياً بينهم ضابط برتبة نقيب، و3 مواطنين وجرح آخرين، وحرق سبع عربات وركشة وخمسة مواتر، وتهديم سور قسم (الأزهري) وبعض جدرانه، ثم حرقه.
إذاً الأمر ليس فيه تعدٍ على أرواح جنوبيين كما قالت الحركة في استجابتها الأولى للحدث. فالمتضرر الأكبر هو الحكومة ممثلة في قسم شرطة الأزهري، والذين ارتكبوا جرائم القتل هم مواطنون.
الحركة الشعبية وقفت بقوة لمجرد ظنها أن مواطنين جنوبيين تعرضوا للخطر، وعلقت اجتماعات مفوضية الدستور وفي المقابل لم تجرؤ الحكومة ممثلة في والي الخرطوم على التصريح باسم الحزب الذي ترى أنه وقف حول هذه الأحداث، قال والي الخرطوم في مؤتمره الصحفي الذي عقده عقب الأحداث: (تدخلت جهات سياسية بعينها وحزب سياسي كبير وعضويته هي التي ساهمت في تأجيج مشاعر المواطنين البسطاء)، ولم تفلح أسئلة الصحفيين المتكررة في جعل الوالي يصرح باسم هذا الحزب السياسي الكبير، وإن أفلحوا في جعله يصرح بتبرئة متمردي دارفور والحركة الشعبية!
ولعل المرء يتساءل ما الذي يجعل الحكومة تخفي اسم الحزب السياسي الكبير، ولا توجه له اتهاماً صريحاً واضحاً، وتجعل الأمر يبدو كبلاغ ضد مجهول فالأمر ليس بسيطاً إذ أن أرواحاً عديدة أزهقت، وممتلكات عديدة خرّبت، أم أن حمزة لا بواكي له، ثم ما الضرر المتوقع إن أعلنت الحكومة عن اسم الحزب. إن كانت الحكومة تملك ما يدين ذلك الحزب فالحزم يقتضي أن تكشف للرأي العام ما تملكه، وإن كانت لا تملك دليلاً فالاتهامات المغلفة تفسد أكثر مما تصلح.
ولنا أن نتساءل إذا كانت الحركة الشعبية في مكان الحكومة هل كان يتوقع أن تلمح ولا تصرح، أو تكني ولا تشير؟

 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية