اطبع هذه الصفحة


صادق الوفاء

نزار محمد عثمان


عبر مسيرتي في العمل الأسلامي التي امتدت لما يقارب ثلاثة عقود بحمد الله يطيب لي أن أصرح وأنا مطمئن النفس أنني لم أر مثل الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد في الكرم والزهد والتواضع وحب الناس والحرص على نفعهم والوفاء للإخوان والأبناء في حقل الدعوة.
أما كرمه وحبه للناس فيكفي أن أقول إنني لم أزر الشيخ إلا ووجدت عنده ضيوفا، ليس ضيوفا طارئين فحسب ولكن ضيوفا مقيمين معه في البيت من طلاب الأقاليم يؤيهم ويكرمهم ويعلمهم بالقدوة والسلوك قبل الكلام، وعندما غادرت السودان للدراسة اشتقت للقاء الجمعة في بيت الشيخ صادق، حيث كان لا يتركنا نرجع لبيوتنا القريبة دون أن نمر عليه ونتغدى معه، كان يصطحب معه عددا كبيرا من المسجد لبيته ولا يترك أحدا إلا بعذر قوي، وعندما ضاقت علي الغربة واشتقت لأخوتي في السودان كتبت قصيدة طويلة منها:

هفت بقلبك ذكرى فهو منصدعُ *** في غربة ليس فيها الناصح الورعُ
نحو الأحبة في السودان إن له *** في قربهم عوضا عن كل ما يقعُ
دعه يهوم في أجواء صحبتهم *** لا تنتهيهِ وقل في الحب متسعُ
أخلاقهم أعيت من بات يشنؤهم *** كيف الملام ولا خبث ولا طمعُ
وإخاؤهم غدق بالدين مرتبط  *** ما للمصالح قول فيه أو سمعُ
الرفق سنتهم والحق غايتهم *** والجود عادتهم شهدت له الجمعُ ... الخ

وفي الهامش شرحت كلمة الجمع بقولي: غداء الجمعة في بيت الوالد المربي الشيخ صادق عبد الله.
لقد كانت تلك الذكريات زادا في الطريق، وريا في الهجير، ومعينا على الثبات، ودليلا إلى جميل الصفات، قدم لنا الشيخ صادق دروسا عملية في حب الناس، والحرص عليهم، وعفة اللسان، وبذل العفو والصفح، ولين الجانب .. ولم ندرك قيمة هذه الدروس إلا بعد أن باعدت الايام بيننا، وخالطنا غيره، فعرفنا أنها من نعم الله علينا التي نسأل الله أن يعيننا على شكرها.
لم يفعل الشيخ صادق هذا مع جيلنا فقط بل فعله مع أجيال عديدة قبلنا وبعدنا حدثني البروفسير محمد صالح محي الدين عن كرم الشيخ صادق وعفته وحبه الخير للناس وصفاء النفس .. ذكر لي من المواقف ما مررت بمثله من حسن التفقد والسؤال والبذل والندى ..وختم حديثه بكلمة قوية معبرة، قال : أنا دائما أقول إن الشيخ صادق رجل من جيل الصحابة لكنه تأخر عنهم وظهر في زماننا.
قبل العيد بنحو شهر زرت الشيخ وحدثني أنه في أحد خلواته ذكر إخوة له حبسهم المرض من قدامى الإخوان المسلمين، انقطعت أخبارهم عنه فعزم على زيارتهم وتفقدهم وبالفعل زارهم وتفقد حالهم وذكر لي أسماء عديدة أذكر منهم الأستاذ الشاعر إمام علي الشيخ[1]، والأستاذ عيسى مكي أزرق، وأخرين حبسهم المرض.. نسأل الله أن يحفظ شيخنا صادق عبد الله وأن يرزقنا الحب لأهل الإيمان .. والوفاء للإخوان .. أمين.

------------------------------
[1]   كان هذا قبل وفاة الشاعر إمام علي الشيخ نسأل الله له الرحمة والمغفرة.


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية