اطبع هذه الصفحة


ظاهرة الأستاذ مجاهد

نزار محمد عثمان


الأستاذ مجاهد (من الدعاة إلى الله)، أمضى في الدعوة أعواماً، لا يدري كم من الاجتماعات حضر، ولا في كم من اللقاءات شارك، مقدّم في قومه: يحِلُّ ويعقد، ويُدني ويُبعد، كثير الحركة، واسع النشاط، دائم التَجوال، متصل الأشغال، لا تراه إلا متكلما في الجوال، لكنه مع ذلك يجد الوقت لمتابعة أخبار الفضائيات، ولا يجده لقراءة صفحة من آيات القرآن النديِّات.. حلو اللسان، يأسر من يستمع له قليلا، ويُضجر من يستمع له كثيرا..
يقوم الليل متتبعا أحوال العالم عبر شاشات التلفاز، لا يتعمد مشاهدة الأفلام الأجنبية، أو المسلسلات العربية، أو أغاني الفيديو كليب (معاذ الله)، لكنه لا يمانع إن عَرَضت له أثناء تنقله بين القنوات، وربما لا يتحول عنها إلا إذا انتهت، أو اقترب منه أحد.. ينام ويده ممسكة بـ (الريموت كنترول)، ويستيقظ ليصلي الفجر فرداً، وأحياناً كثيرة بعد شروق الشمس، ولا يشعر بحرج في ذلك؛ لعلمه أن القلم قد رفع عن ثلاثة.. يصعب عليه صيام التطوع؛ غير أنه لا يفرِّط في رمضان.. الصلاة بالمسجد عنده حسب (التساهيل)، والسنن الرواتب حسب (الجمهور المشاهد)، الصباح يتنفس وأذكاره لا تُجهر ولا تُهمس، والمساء يتمدد، وأذكاره لا تُتلى ولا تُردّد..
لم يعد يستهويه التنقيب في بطون الكتب بحثا عن المعاني الأبكار، ولا ضم الكلمات لتشييد مباني الأسفار، ولا ثني الركب في حلق المساجد بصحبة الأخيار..
يعلم عن نفسه أنها تحب الصدقات؛ غير أنه يتحاشى أن يساعد من لا يعرفه؛ حتى لا يقع ضحية المحتالين، إضافة إلى يقينه القوي أن الصدقة تضر المتبطلين، والكسالى، وأولي الأرحام الذين لا يساعدون أنفسهم.. لا يدعم الجهاد في فلسطين، أو العراق، أو غيره؛ ليقينه أن الجهاد لا يحتاج للمال؛ بل المال يحتاج للجهاد: جهاد النفس حتى يُصرفَ في وجهه الصحيح!!.. إن تعلق الأمر بنفسه فهو يصرف بغير حساب، وإن تعلق بغيره فهو يحسب بغير صرف، والدال على الخير كفاعله.
علاقته بالأهل والجيران ومن حوله ضعيفة، في الوقت الذي يرى فيه أن همه لا تحده حدود، أو تقيده قيود، وحسبه أنه يتابع أخبار المسلمين في القنوات؛ فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
يحنّ ـ أحياناً ـ إلى صفاء أيامه الأولى، لكن كلمات الثناء التي يسمعها، وحرارة الترحيب التي يلقاها تجعله يشعر أنه على خير، وتمنحه الحق في أن يتساءل مع المتسائلين: لم ابتعد (الناس) عن الدين؟!.
الأستاذ مجاهد ليس مجرد شخص؛ بل هو ظاهرة.. انظر (داخلك)، ثم انظر حولك، ومتى وجدته يمشي على قدمين فاتق الله فيه، وكن طبيبه.. والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية