اطبع هذه الصفحة


ليس بالمرأة وحدها تروج الإعلانات

نزار محمد عثمان


قال خبير الإعلان الأمريكي ويليام بيرنباك قبل سنوات عديدة: (إن الإعلان الجذاب اليوم هو أسلوب حياة في الغد)!!.. وصدق في ذلك؛ فما أكثر ما تأثر الناس بالإعلانات التي توحي لهم أن الحياة أحلى مع هذا المشروب الغازي، ومستحيلة من غير ذلك السيراميك، وسلطة بدون تلك المرقة!!.. وحقيقة الأمر أن حياة الفرد لن تتأثر - إلا نحو الأحسن - إن اختفت من (حياته) هذه المنتجات.
ولا تتوقف خطورة الإعلانات عند قلب الحقائق فقط، بل تتعدى ذلك لتصبح نوعا من التعري المهيج للغرائز في بيئة الوفرة؛ فتبتذل المرأة وتهينها وسط صيحات استحسان منظمات حقوق الإنسان الغربية؛ ليصبح الإغراء الجنسي هو وسيلة الإعلان الأولى؛ التي يروج عبرها كل شيء حتى معجون الحلاقة للرجال!!..
وحتى وقت قريب لم يكن الإعلان في السودان أمرا ذا بال؛ لأنه لم تكن هناك وفرة.. ومع انتعاش السوق نشط الإعلان، ويشهد الناس الآن التنافس الشديد بين شركات الاتصالات في ميدان الإعلان؛ فتستخدم شركة ما صورة لفتاة تكشف شيئا من شعر رأسها، وتأتي الشركة الأخرى بصورة لفتاة تكشف شعر رأسها كله، ثم تعلن الشركة الأولى (موبيتل) عن خدمة تي في كول التي يستطيع المواطن السوداني عبرها إرسال رسالة لتظهر في واحدة من 15 قناة (ماجنة) مثل: ستار أكاديمي، روتانا سينما، روتانا موسيقى، وميوزيك بلس، وغيرها من القنوات التي لا يستطيع رب الأسرة الغيور أن يتركها دون تشفير!!..
إن شركة موبيتل بفعلها هذا لا تدعو الشباب لمشاهدة هذه القنوات فحسب، بل تغريهم بأن يتابعوها، ويشاركوا فيها، ويصبحوا جزءا منها!!.. وبالعربي الفصيح إن الشركة بفعلها هذا تساعد في نشر فساد هذه القنوات، ولا يعفيها أن تذيل إعلانها بأنها ستحجب كل رسالة مخلة بالأخلاق والآداب العامة؛ لأن ما تبثه هذه القنوات نفسه مخل بالأخلاق والآداب العامة؛ فلا داعي لذر الرماد في العيون.
إنه لمن المخجل أن تضيق عن الشركات أبواب التنافس على البر والتقوى؛ فتركب مركب التنافس على الإثم والعدوان، وتسعى لكسب المال على حساب أخلاق أبنائنا وبناتنا!!..
إن سلوك سبيل الإغراء قد يكون فعالا في المجتمعات الغربية أو المتغربة، لكن الأجدى منه هو إقناع الجمهور بأن خدمتك هي الأفضل والأنفع.. عندها فقط لا تحتاج الشركات لصور النساء، ولا لقنوات المجون.
وقبل أن تستفحل قضية ابتذال المرأة في الإعلان أود أن أسأل سؤالا: هل تعرف شركة الاتصالات التي لم تستخدم المرأة قط في إعلاناتها؟ والتي أقنعت الناس بأفضلية خدماتها؛ فتدافعوا نحوها؟.. لن أسميها حتى لا أكون مروجا لها.. فقط أريد أن أقول عبرها: ليس بالمرأة وحدها تروج الإعلانات!!..


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية