اطبع هذه الصفحة


نادي لصوص الكلمة

نزار محمد عثمان


كثر الكلام في الأيام الماضية عن السرقات الصحفية، وثبت بالدليل القاطع تورط بعض الأقلام (الكبيرة) في هذه السرقات، أقول كبيرة بحسب مسؤولياتها الصحفية، ومناصبها الإدارية، وبحسب الصحف (الكبيرة) التي يعملون بها، ولم يعد هناك شك في أن هذه الأقلام نقلت فقرات عديدة كتبها آخرون ونسبتها إلى نفسها، بل بعضهم لم يغير شيء ولم يصوب حتى الأخطاء الواردة في المقال الأصل، والبعض الآخر اكتفى بتقطيع المقال (المنقول) إلى أجزاء حتى يتمكن من أنزاله في عموده في حلقات، ولم يكلف نفسه حتى مشقة الربط بين الحلقات التي كانت أصلاً مقالاً واحدا.
قديماً قيل إن لصوص الكلمة يحبون الكلمة الجميلة ويقدرونها لدرجة يجتهدون معها أن تكون الكلمة الجميلة منسوبة إليهم، وليس ذلك بدافع من الأنانية، بل بسبب أنهم يريدون أن يحبوها ويقدروها أكثر، وذلك يتحقق بنسبتها إليهم، وهذا تبرير فيه من الاستخفاف والسخرية بلصوص الكلمة الكثير، لكنهم يستحقونه، وظني أنهم لا يحبون الكلمة الجميلة، لأن من أحب الكلمة الجملية يقدر مصدرها ولا يسعى إلى محوه ونسبتها لنفسه، فهؤلاء يحبون أنفسهم ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وحتما مصيرهم كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :(من ادعى دعوة كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة)، ( والمتشبع كلابس ثوبي زور)، إذ ليس هناك إفلاس أكثر من أن تنقل نصاً طويلاً كما هو ولا تنسبه إلى قائله، فيفهم الناس أنه لك وهو ليس كذلك، وقد يعتذر بعضهم أن العمود الصحفي ليس بحثا علميا حتى يذكر فيه الكاتب المصدر والتفاصيل المتعلقة به، وهذا حق، لكن ليس المطلوب في الزاوية الصحفية ذكر تفاصيل المرجع مثل سنة الطبع والدار الطابعة ورقم الصفحة، ونحو ذلك، ولكن تعارف الناس أن ينسبوا القول لقائله دون الخوض في تفاصيل المصدر، وهذا مطلوب في كل وقت وحين، لأنه يحفظ الحقوق الفكرية. ثم إن عمود الرأي يعتبر نافذة صحفية شخصية، يباح فيها ما لا يباح في الكتابات الصحفية الأخرى من التعرض للحديث عن النفس والتجارب الشخصية بعبارة صريحة لا تعميم فيها ولا تضييق، فكيف بعد كل هذا يأتي شخص ليسرق تجربة آخر وفكره ورأيه، أليس هذا هو لابس ثوبي الزور بعينه الذي ورد في الحديث.
أزجي ثنائي لكل الذين ساهموا في كشف هذه السرقات، وأرجوهم أن يوثقوا لها في موقع إلكتروني مثل موقع (نادي لصوص الكلمة) الذي أسسه صحفي كويتي، باسم حركي، فضح فيه كثيرين، وجعل كل من أراد اختصار الطريق للكتابة الصحفية ـ عبر سرقتها من موقع مغمور أو كتاب مجهول ـ يفكر مائة مرة قبل أن يقدم على فعلته، خشية أن يجد سرقته وصورته في (نادي لصوص الكلمة) فقلّت السرقات الصحفية هناك بصورة ملحوظة.


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية