اطبع هذه الصفحة


الزوجة المثالية

نزار محمد عثمان


كتبت مرة مقالا عنوانه (فتاة الأحلام وكلب الكوابيس) تحدثت فيه عن خدعة فتاة الأحلام التي روجها لنا الإعلام حتى بات بعض شبابنا ينتظر اللحظة التي يرى فيها فتاة أحلامه ليصيح صيحة أرشميدس وجدتها وجدتها، وسخرت من هذا المفهوم وأنا أخاطب أحد الشباب إذ قلت له يائسا: ابحث عن فتاة أحلامك وعندما تجدها تأكد أنها ليست من يمتلك كلب كوابيسك.

تذكرت هذا المقال وقد جاءني أحد المتزوجين حديثا ـ نسبيا ـ يشكو أن زوجته ليست هي من كان يريد، وأنها قبل الزواج لم تكن هكذا، وأنها بعيدة عن الزوجة المثالية، قلت له: ألم تأخذ وقتا طويلا في اختيار زوجتك، قال: بلى، قلت: أولم تستخر وتستشر في الأمر، قال: لم يفتني ذلك، لقد استخرت واستشرت، قلت له: إذا ليس أمامك إلا حل واحد هو أن تتزوج مرة أخرى بعد أن تأخذ حظك من الاستخارة والاسشارة كما فعلت في المرة الأولى، إذا فعلت هذا أتوقع بعد فترة ليست بالطويلة أنك ستجد نفسك مع زوجتين ليستا مثاليتين ـ حسب رأيك ـ، وستزيد ضيقك وتبرمك، وستأتيني مرة أخرى وسأنصحك بالثالثة والرابعة (بعد الاستخارة والاستشارة طبعا) وستجد نفسك مع أربعة نساء ليس فيهن واحدة مثالية، هذا سيفيدك في أن تتأكد أن الزوجة المثالية التي في رأسك لا وجود لها، وان للتعدد أسبابا أخرى غير البحث عن الزوجة المثالية.

نظر إلي محتارا، قلت له: لا تندهش، الزوجة المثالية مثل فتاة الأحلام لا وجود لها إلا في الخيال، الواقع فيه الزوجة الحقيقية، ويمكنك أن تقارن زوجتك الحقيقية بالزوجة المثالية فقط لتسعى معها لتحقيق الكمال الحقيقي الممكن وليس المثالي المتخيل، تماما مثلما درسونا في الكيمياء الفيزيائية حدثونا عن الغاز المثالي (Ideal gas) ومعادلاته ثم أخبرونا أن الغاز المثالي لا وجود له في الطبيعة ولكن هناك الغاز الحقيقي (Real gas)، إن سنة الله في خلق المرأة أنها من ضلع أعوج، إن ذهبت تقيمه كسرته، ولا سبيل للاستمتاع به إلا بقبول هذا العوج، قلت له لا أرى هناك مشكلة في أن تعتقد أن زوجتك ليس هي التي تُريد، المشكلة أن لا تحاول أن ترتقي بها لما تريد، وأن لا تحاول مغالبة هذا الشعور بأن تنظر للجانب الحسن فيها لتستعيد ثقتك بها وحبك لها، تذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:( لا يفرك المؤمن المؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، واستعن بالحكمة القائلة: ( الزواج الناجح هو أن تقع في الحب مرة بعد مرة مع نفس الشخص)، وقبل ذلك وبعده حاسب نفسك وقيم أداءك كزوج وحاول أن تستكمل ما يمنعك من أن تكون زوجا مثاليا، عندها ستجد الزوجة المثالية، لأنه كما قيل: (الزوجة المثالية هي أي امرأة لها زوج مثالي).

ملحوظة: *كل من تشكو من زوجها عليها أن تستبدل المرأة المثالية هنا بالرجل المثالي حيث يسمح السياق.




 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية