اطبع هذه الصفحة


عملية تجميل للجسم

د. سعد بن مطر العتيبي

 
السؤال  :
أنا فتاة وأريد إجراء عملية تجميل للجسم؛ لأن الجسم فيه كثير من الترهلات بسبب نقص شديد بالوزن،فما حكم ذلك، وما الحكم أن يجريها دكتور بسبب عدم توافر طبيبة خاصة في قسم الجراحة؟

الجواب  :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .. أما بعد ..

فحكم عمليات التجميل يختلف باختلاف نوع العملية ؛ فإن كانت على وجه التداوي و العلاج ، للتخلص من آثار مرض ، أو ضرر كآثار الحروق ، أو إزالة تغير في الخلقة عن المعتاد كزيادة أصبع ، فلا بأس به ، إن لم توجد وسيلة علاجية أخرى ، وغلب على الظن نجاحها ، مع عدم ترتب ضرر أكبر ؛ لأنها أنواع من التداوي المشروع لإزالة ما يؤلم من ضرر حقيقي بدني أو معنوي .

وأما إن كانت على سبيل التجميل والتحسين الذي لا حاجة إليه ولا ضرورة ، أو تضمن تغييراً للخلقة المعهودة ، أو تشبهاً بأهل الكفر أو الفجور ، أو كان القصد منها التدليس والخداع والتغرير ؛ كتجميل الثديين بتكبير أو تصغير ، أو تغيير الجنس ، أو شد تجاعيد الشيخوخة ، ونحو ذلك فإنه لا يجوز . ومن أدلة منعه وتحريمه قول الله _عز وجل_ حكاية عن إبليس _لعنه الله_ : " وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً" [النساء119] . وللعن النبي _صلى الله عليه وسلم_ في الصحيحين وغيرهما من يغيرن الخلقة طلباً للحسن والجمال ، ويغيرن خلق الله .

وقد ذكرتِ في سؤالكِ أنَّ بك ترهلاً سببه النقص الشديد في الوزن ؛ فإن أمكن معالجته باستعادة الوزن المعتاد بالتغذية أو بنوع من العقاقير المأمونة ، عولج بذلك ، دون حاجة لعملية تجميل ؛ وإن لم يمكن ذلك وكان هذا الترهل يسبب لك ضرراً حقيقياً بدنياً كان أو نفسياً ، فلا بأس بإجراء تلك العملية ، بشرط أن لا يترتب على إجرائها ضرر أكبر .

وأما إجراء هذه العملية بواسطة طبيب ، إن لم يوجد - حقيقة - من يقوم بهذا النوع من العمليات من الطبيبات ، فجائز إذا كان الغرض علاجياً ، وكان فيما تدعوا إليه الضرورة ، بقول الله _عز وجل_ : "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" [الأنعام119] على أن تقدر الضرورة بقدرها دون توسع ، مع حضور المحرم المناسب ما أمكن .

وقد سئل سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله – عن قضية المرأة والطبيب التي عمت بها البلوى، فقال : " لا ريب أن قضية المرأة والطبيب قضية مهمة ، وفي الحقيقة أنها متعبة كثيراً ، ولكن إذا رزق الله المرأة التقوى والبصيرة فإنها تحتاط لنفسها وتعتني بهذا الأمر ، فليس لها أن تخلو بالطبيب وليس للطبيب أن يخلو بها ، وقد صدرت الأوامر والتعليمات في منع ذلك من ولاة الأمور ، فعلى المرأة أن تعتني بهذا الأمر وأن تتحرى التماس الطبيبات الكافيات ، فإذا وجدن فالحمد لله ولا حاجة إلى الطبيب .
فإذا دعت الحاجة إلى الطبيب لعدم وجود الطبيبات فلا مانع عند الحاجة إلى الكشف والعلاج ، وهذه من الأمور التي تباح عند الحاجة لكن لا يكون الكشف مع الخلوة، بل يكون من وجود محرمها أو زوجها إن كان الكشف في أمر ظاهر ؛ كالرأس واليد والرجل أو نحو ذلك، وإن كان الكشف في عورات فيكون معها زوجها إن كان لها زوج أو امرأة ، وهذا أحسن وأحوط ، أو ممرضة أو ممرضتان تحضران، ولكن إذا وجد غير الممرضة امرأة تكون معها يكون ذلك أولى وأحوط وأبعد عن الريبة ، وأما الخلوة فلا تجوز " (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ، لشيخنا _رحمه الله_ : 5/392 )
.
هذا والله _تعالى_ أعلم .

 

د.سعد العتيبي
  • مقالات فكرية
  • مقالات علمية
  • أجوبة شرعية
  • الصفحة الرئيسية