اطبع هذه الصفحة


الزواج من الكتابية بلا ولي

د. سعد بن مطر العتيبي

 
السؤال  :
كثير من الأئمة هنا في أوروبا يعقدون عقد النكاح بالكتابيات، وهذا دون وقوع الإذن من أبيها، بل ربما دون علمه أيضا، ويتم هذا الأمر فقط بخطبة الحاجة، وشيء من إيضاح الإسلام للكتابية المنوي الزواج بها وسؤال الطرفين إن كانا راضيين ببعضهما البعض، وكذلك ذكر المهر وحضور شاهدين، ويكون الإمام هو من يتولى أمر الطرفين، هل يكون هذا النوع من العقد صحيحاً في الإسلام؟

الجواب  :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد ..
فإذا كان للمرأة الكتابية ولي ، فإنَّ له الولاية في تزويجها ؛ لأنَّ الولاية في النكاح تثبت لغير المسلم على غير المسلمة ، سواء أرادت الزواج بمسلم أو غيره ؛ فإذا تزوج المسلم كتابية فوليها غير المسلم هو وليها في تزويج المسلم . وهذا رأي أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة والظاهرية .
والعقد بالصورة التي ذكرت قال بها بعض الفقهاء في المرأة البالغة العاقلة مع عدم استحبابهم لذلك ، ومع حق الولي في الاعتراض والتفريق بينهما إن عقدت مع غير كفء في رواية عند الحنفية ؛ لكن الدليل الشرعي على خلاف ما قالوا ، ولذلك رأى جمهور الفقهاء اشتراط الولي في النكاح ، ومما احتج به الجمهور الآيات الواردة في مخاطبة الأولياء بتزويج مولياتهم ، من مثل قول الله _عز وجل_ : "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ " (البقرة232) ؛ وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " لا نكاح إلا بولي " رواه أحمد وغيره ، وقوله _صلى الله عليه وسلم_ : " لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها " رواه ابن ماجه وغيره . وقوله _صلى الله عليه وسلم_ من حديث عائشة _رضي الله عنها_ : "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل " ثلاث مرات . رواه أبو داود وغيره وصححه جمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين.
ولكن هذا لا يعني التعجل في إبطال ما وقع من ذلك دون معرفة بالحال والآثار المترتبة بعد العقد من دخول وحمل وذرية ، ففي آخر حديث عائشة _رضي الله عنها_ ، تتمة جاء فيها : " فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها ، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " والسلطان في ديار الغرب في مثل هذه الأحوال لقادة المراكز الإسلامية . كما أن من أهل العلم من صحح العقد بعد معرفة إذن الولي ولو لم يكن حاضراً حين العقد . فالأمر في معالجة هذه المسائل إلى الموثوقين من أهل العلم في تلك الديار ؛ و ينبغي تصحيح العقد وفق الأصول الشرعية ومنها استيفاء شرط الولاية تحقيقاً لشرعية العقد من جهة ، وخروجاً من الخلاف من جهة أخرى ، ولا سيما أن الأصل في الأبضاع التحريم .
ونصيحتي لشبابنا في ديار الغرب ألا يتزوجوا بالكتابيات ما لم يجدوا منهن ميلاً أكيداً إلى الإسلام ، وذلك لما في الزواج منهن في تلك الديار من المخاطر على الدين والذرية والوطن الإسلامي ، وهو أمر يطول المقام بشرحه لو أردنا ؛ ولكثرة الأيامى من المسلمات الصالحات ، وهو شرط عند بعض الفقهاء في مشروعية الزواج بالكتابيات .
ومن أجود ما كتب في هذه الموضوعات – إضافة إلى الكتب التراثية - :
1- أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب ، للدكتور / سالم بن عبد الغني الرافعي ، وهي رسالة دكتوراه ، طبعتها دار الوطن بالرياض عام 1422هـ 2001م.
2- المفصّل في أحكام المرأة ، للشيخ العلامة د. عبد الكريم زيدان – المجلد السابع . طبعته مؤسسة الرسالة بيروت ، عام 1413هـ 1993م .
هذا والله _تعالى_ أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

 

د.سعد العتيبي
  • مقالات فكرية
  • مقالات علمية
  • أجوبة شرعية
  • الصفحة الرئيسية