اطبع هذه الصفحة


مسلسل : الخَوَر اللعين ، والنيل من الدِّين !؟

د. سعد بن مطر العتيبي

 
مدخل :
سألت إحداهنّ مرّة - في بلد غربي - : لِمَ يجوز للولد أن يتخذ صديقة ، ولا يجوز للبنت أن تتخذ صديقا ؟! قلت : ومن قال لك أنّه يجوز للولد أن يتخذ صديقة ؟! قالت : أهلي ينكرون علي ، ولا ينكرون على أخي ! ثم أخبرني بعض أصحابنا هناك أن ما ذكرته هذه الأخت أمر واقع ..

وأقول : هذا اللبس لا يُستغرب ممن يتعلم في مدارس عامّة لا تدين بالإسلام ، ويعيش في كنف أسرة تعيش في دوامة من الذوبان ..

و من عجيب ما هناك : أنَّ الفسّاق من طلاب المدارس - في تلك البلد - يعتذرون إلى صديقاتهم من الخواجات مدّة شهر رمضان المبارك ، و هنّ يتقبلن الفكرة احتراما لمشاعر أولئك الأصدقاء واحتراما لدينهم ! .

قلت : هم بهذا أفقه من مراهقي الطيش الإعلامي في بلاد المسلمين ، الذين لا تحلو لهم المجاهرة بالمعاصي إلا في الشهر المبارك ..

كما أنّ أولئك الصديقات أكثر تفهما للحرية التي تربَين عليها من المفخفخين ( الفخفخة : الافتخار بغير حق ) باللبرالية في بلاد الإسلام ! الذين يتعمدون إيذاء الله وإيذاء المؤمنين ، في أفضل الشهور ، وأعظم الليالي ..

1) يقول أحد كبار علماء الفلسفة السلفيين حقيقة ، المتابعين لمخرجاتِ الفكر الغربي بمختلف مدارسه : لاحظت أن المفكرين الغربيين ولا سيما اليمينيين الأمريكيين ، قد اتخذوا في الآونة الأخيرة مساراً جديدا في حرب المسلمين .. ذلك أنهم كانوا فيما مضى يوجهون طعناتهم للمسلمين محاوليين تغيير المسلمين ، بينما اتجهوا في السنوات الأخيرة - وبعد أحداث سبتمبر على نحو جلي - اتجاهاً آخر ، هو باختصار : محاولة تغيير الإسلام ذاته !.

وهذه الملاحظة - ذاتها- بدأت تنتشر في الأوساط الشرعية والثقافية ، بل صرنا نسمعها حتى في المجالس العامّة ..

2) وهناك بعض الحراك التغريبي و النداءات والوثائق والمقالات الأجنبية التي تؤيد صحة هذا الرأي الذي يُسنِده صاحبُه إلى التتبع الاستقرائي ..

ونظرة حرّة في المشهد الإعلامي في بلاد المسلمين تكشف هذا الأمر دون عناء .

و من هذا الحراك التغريبي المطروح- على سبيل المثال - : قضية تجديد الخطاب الديني ، التي انساق معها بعضنا بحسن نية .. وقضية دعم الفكر الصوفي المذموم ، الذي يعرض الإسلام في صورة فن وطرب ، وينتقص مسلماته ، من مثل : الجهاد ( الشرعي ) في سبيل الله .. والضغوط لتغيير المناهج التعليمية في العالم الإسلامي ، ولو تحت دعاوى تطويرها .. وترويج فتاوى معينة تخدم الفكر الذي يراد فرضه تحت مسمى الإسلام .. والسخرية بالمسلمات الشرعية .. وتنقّص أهل السنة والجماعة — جمهور المسلمين المقدسين للكتاب والسنة - من بين أهل القبلة .. وتقديم الكتّاب — السطحيين - على أنَّهم محللون سياسيون ، أو خبراء بالفكر الإسلامي أو الحركات الإسلامية ! وأزِّهم حتى في نقد المنهج الإسلامي الوسطي ، تحت دعاوى مختلفة ولو مختلَقة أو متوهمة .. فلا تفرق بين كاتب — من هذا النوع - في صحيفة ، ومهرّج في مسرحية .. لضحالة الفكر ، وسوء الأدب مع الله عز وجل ، بلّه أهل العلم والفضل .

وأمَّا الوثائق التي تؤكِّد فكرة استهداف الإسلام ذاته بالتغيير ، فمنها : التقرير الصادر عن مؤسسة ( رند ) إحدى المؤسسات المعنية بالدراسات المستقبلية والخطط الاستراتيجية ، ومقرها في الولايات المتحدة الأمريكية ، والتقرير ممول من مؤسسة (سميث ريتشاردسون) المحافظة ، وهي مؤسسة تمويلية تقدم ما يزيد على مائة مليون دولار للمنظمات البحثية والجامعات .

وعنوان هذا التقرير : ( الإسلام الديمقراطي المدني : الشركاء والمصادر والاستراتيجياّت ) .

وقالت المشرفة عليه : " إنَّ تحويل ديانة عَالَم بكامله ليس بالأمر السهل . إذا كانت عملية بناء أمّة مهمّة خطيرة ، فإنَّ بناء الدِّين مسألة أكثر خطورة وتعقيدا منها " .

و لنا أن نتساءل : هل هناك غرور واستبداد أشدّ من هذه الأفكار التي لا تقرأ التاريخ ولا تدرك السنن ؟! .. وإذا كان ( مارتن لوثر ) لم يستطع تغيير دين قومه - المحرّف — وكانت النتيجة النهائية لجهوده الضخمة وجهود المساندين والمؤيدين له سراً وجهراً ، ليس سوى زيادة مذهب جديد في ديانته ، ساعد في انتشاره — مع بطلانه - قربُه من العقل والفطرة بالنسبة إلى ما كان موجودا ؛ فكيف تحلم هذه الكاتبة ومن وراءها ومن دونهم بتغيير دين تكفّل الله عز وجل بحفظه ؟! .

إنَّ من أهم الفروق بين علم الاستشراف الإسلامي ، وغيره ، هو الإيمان بأخبار الوحي المنزل ، واعتبار السنن الكونية المشهودة .

وقد أشار الله عز وجل إلى جهل القوم بهذه الحقيقة وغيرها ، في قوله جل وعلا : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال36 . 3) .

وما يهمنا من هذا التقرير - هنا - ما جاء بشأن وظيفة تغيير الدين المرجوة من فئتين من بني جلدتنا : إحداهما : فئة المنقادين للفكر الأجنبي ، من إعلاميين ، وكتّاب و روائيين ، وممثلين و غيرهم ، سواء كان ولاؤهم قديما قبل سقوط الشيوعية ، أو بعد سقوطها ، وسواء كانوا مهاجرين من الشيوعية إلى اللبرالية ، أو من الفكر الضال إلى الفكر المُضِل ، أو مستقطبين جدد في مهب الريح . وهذه الفئة جعلها التقرير في مجموعتين :

- ( حداثيين ) ، وهم — بحسب التقرير — الذين " يريدون من العالم الإسلامي أن يكون جزءاً من التقدم الذي يسود العالم " مهما كان ماضيهم و ( علمانيين ) ، وهم — بحسب التقرير — الذين " يريدون من العالم الإسلامي أن يتقبل فكرة فصل الدين عن الدولة " . " ويقترح التقرير استرتيجية لدعم أنصار الحداثة والعلمانيين ، وذلك عن طريق طباعة كتاباتهم مقابل تكاليف مدعومة ، وذلك لتشجيعهم للكتابة للعديد من القراء ، وطرح وجهات نظرهم في مناهج المدارس الإسلامية ، ومساعدتهم في عالم الإعلام الجديد " .

ومما يلفت الانتباه أنَّ هذا التقرير أورد حادثة حريق مدرسة البنات في مكة وأشاد بالإعلاميين الذين وظّفوها في الهجوم على ما أسماه " الشرطة الدينية " .

كما يقترح مواجهة المتشددين ، وهم بحسب التقرير الذين " يرفضون قيم الديمقراطية والحضارة الغربية المعاصرة " ، ومعارضتهم من خلال تحدي تفسيرهم للإسلام ! ومن خلال فضح ارتباطهم بمجموعات وأنشطة غير قانونية .

- والثانيه : فئة الصوفية الخرافية الغالية المذمومة ، بوصفها النموذج الخامل الضعيف ( لاستبعادها الجهاد بالسنان ) ، ولأنها تقدم تفسيرا للإسلام أكثر خمولاً وضعفا ، مما يسهِّل اختراق الثقافة الإٌسلامية ويجعلها عجينة صالحة للخَبز الإفرنجي .
وحديثنا هنا عن الفئة الأولى .

أمَّا الثانية فقد نصّ التقرير على : " تقوية مكانة الصوفية ، وتشجيع الدول التي لديها تقاليد صوفية قوية للتركيز على ذلك الجزء من تاريخها ، وإدراجه في مناهجها التعليمية " .

وربما كان من إرهاصات ذلك : الإصرار على الحضور الإعلامي لبعض أنشطتها ورموزها ، وما زيارة حمزة يوسف لمرابع بني سعد عنا ببعيد .

4) وتجد لهذه الشنشنة الأجنبية - غير النزيهة - صدى مقيتا في فئة من بني جلدتنا ، وكأنَّهم ظنوا أنَّ الحياة الدنيا نهاية الخَلق والكون والتاريخ ! فلم يقيموا للغيبيات وزنا يتطلبه الإيمان بها ، وهو الذي يتجه له معنى الإيمان بداية ، ويوصف به المؤمنون على سبيل التفريق بينهم وبين غيرهم ( هدى للمتقين . الذين يؤمنون بالغيب ..) .

ففي عنوان المسلسل المسمى زوراً ( الحور العين ) ، وفي عدد من الأعمال المماثلة ، تظهر استجابة ما ! لهذا التقرير ، ربما كانت مباشرة ، وربما كانت على طريقة استجابة أتباع الفكر التكفيري للتناغم الأجنبي في إثارة القلاقل في عالمنا الإسلامي ، يؤدّون الدّور لمصلحة الغير! وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

لقد كفانا الأستاذ د.محمد بن سعود البشر الحديث عن خطأ الوسيلة - في هذه المسرحية - لو صدق الهدف ! في قوله : " ومدار الخطأ الجسيم هو الخلط الواضح والبيّن بين الفكرة الأساس وآليات تقديمها للجمهور ؛ إذ فيه تجاوز للثابت الديني ، وتوظيف لمظاهر الالتزام الديني لمحاربة فكر منحرف ، وتشويه جد خطير للمعاني الإسلامية تشترك فيه القناة مع من تتصدى لمحاربتهم سيتضح أثره التراكمي على الناشئة بعد حين " .

يقول مخرج المسلسل : " قمنا بتكليف ورشة لكتابة العمل معتمدة على ما كتب وما نشر في الإنترنت ، وما قاله الإرهابيون وما نشر من قصص عنهم من قبل دوائر الأمن العربية والعالمية ... حيث يصور العمل بمراجعة عدة مراجع دينية " .

لن نسأل : ما هي دوائر الأمن العالمية التي حظيت بمصداقية المخرج وحظي بمصداقيتها ؟ هل هي موالية للأمة أم معادية لها ؟.

ولكن نتساءل : من هي المراجع الدينية ، وهل لكلمة ( مراجع ) دلالة ما !فأُخفيت أسماؤهم لأجلها ؟! من هي يا ترى ؟! فما عهدنا علماءنا يعملون في الخفاء ، ولا عهدناهم يوصفون بـ ( مراجع ) !ولِمَ يصرّ المخرج على التكتم عنهم بقوله : " لن أُفصح عن من كتب الخط الديني في المسلسل " !؟ وإن اكتفى بالإفصاح عن من أشرف على الخط الديني ، وصرح بأنّ دور من وصفه بالمشرف الديني كان تقديم معلومات ! بحكم تجربته وخبرته الطويلة مع الجماعات الإرهابية ، وأنها معلومات جسدت التفاصيل الدقيقة لتصرفات المجموعة الإرهابية وطريقة معيشتهم وطريقة حديثهم مع بعضهم البعض ! ؛ قلت : كيف توصف التجربة التكفيرية الضالّة لشخص ما ، بأنَّها إشراف على الخط — هكذا بالتعريف - الديني ! هل الدين الذي جاءنا بمفهوم ( الحور العين ) هو التجربة التكفيرية لمن وصفوه بالمشرف ! .

و من تحكّم هذا المخرج أنَّه حصر معارضة عمله هذا في فئتين لا ثالث لهما : جهات اقتصادية قد تعتقد أن هذا المسلسل يؤذي مصالحها مثل أي جهة منتجة أخرى .. وجهات ذات خلفيات أيدلوجية متطرفة ، تشعر أن العمل يضر مصالحها وفكرها ! قلت : فمن أي الفئتين يكون المعارضون له من علماء الأمة ؟ كسماحة مفتي السعودية حفظه الله ورعاه ، في إحدى خطبه ؟ .

5) إن الحلم بتغيير الدِّين وهم ، وإن السخرية بالمسلمات الشرعية يؤتي ثماراً عكسية ، وإنَّ محاولات التقليل من شأن الجهاد المشروع خيانة ، وسيبقى الجهاد أصلا أصيلا في حماية الأمة من الغزاة ، شاء من شاء وأبى من أبى ، فـ( الجهاد ماض إلى يوم القيامة ) ، والجهاد الذي نعنيه هو الجهاد الشرعي الذي يقرّه العلماء الربانيون في الأمّة ، وليس الذي يتبناه التكفيريون من الفئة الضالة ، ومن نحى نحوهم .

و ( الحور العين ) بعض نعيم الجنة ، الذي يرسِّخ العقيدة القتالية الإسلامية التي تنظر إلى ما بعد الموت ، غير ملتفتة إلى حطام الدنيا الزائل .. بل حتى ( الخمر ) التي لا يصدّعون عنها ولا ينزفون ، هي من نعيم الجنّة الذي ورد ذكره في القرآن الكريم تكرارا ومرارا .. ولا أظن القوم سيعرِّجون عليه .

وكما في مقال د.محمد البشر المشار إليه : " (الحور العين) حقيقة لأهل الجنة جاءت بها نصوص القرآن وصحيح السنة ، وتشويه هذه الحقيقة بربطها بممارسات أهل الفكر المنحرف ، فيه تجن خطير على حقائق الدين ، وترسيخ المعاني المصاحبة للملتحين وربطها بالسمات الظاهرية لتلك الفئة في العقل الباطن من خلال مثل هذه البرامج التلفزيونية يمثل "حرباً غير مباشرة" للمتدينين وأهل الالتزام في الأمة ، ويساهم في تكوين أو تعزيز صورة مشوهة في ذهن المشاهد عن أهل الصلاح المتبعين للسنة ... عندما يتلبّس الفني بالشرعي لكسب الجماهير فإنَّ من حق المشاهد الذي تتوجه له الرسالة الإعلامية أن يرفض مثل هذا العمل ، وأن يوسّع دائرة الرفض ليوقف عرضه ، فالغاية لا تبرر الوسيلة " .

6) إنَّ الأعمال التي تصنّف ضمن الحراك الأدبي أو الفني أو الصحفي ، لم تعد سوى سلسلة من الاستفزازات التي أدركها المسلمون المحافظون في البداية مع ما اتصفت به من حذر ، ثم وصل الأمر إلى مرحلة الهجمة على الشعائر الإسلامية والتهكم بالمصطلحات والمدلولات الشرعية ، حتى بدأ عامة الناس من غير المحافظين يدركون أنَّ وراء الأكمة ما وراءها ، وهذا ما لم يكن من السهل الإقناع به في مدة مضت ولو في شكل فتاوى ، بسبب تلبيس الأمر بالكوميديا التي يستمتع بها الغوغاء ، والحذر المصاحب لتلك الأعمال في البداية كما أسلفت .. تماما كما كان بعض الناس يشكك في الأعمال الحداثية المتستِّرة بالأدب ، ثم لم نلبث أن تكشّف الأمر .

نعم كثيرون يشاهدون هذه المسلسلات ، ولكن ليس كلّهم يؤيدها ، فبعضهم يشاهدها بسذاجة ، ليقهقه ترفا ، أو سلوة .. كما يستمتع أطفال أفريقيا بحلوى المنصّرين ، ولا يدركون مراميهم .

وبعضهم يشاهدها ليرى إلى أي حدٍّ سيصل الأمر ، على طريقة التجمهر على الحوادث الذي تعرفه مجتمعاتنا ! وآخرون يشاهدونه للرصد وتسجيل الملاحظات ، لله ثم للتاريخ .
وهكذا .

وها هي الأغلبية الصامتة ! تراهم في القنوات ، وتؤمِّن عليهم في القنوت ، وذلك عند الدعاء المجمل على الحداثيين و الساخرين بالدِّين .. على نحو : ( ألا لعنة الله الكاذبين ) .. وهذا ما اعترفت به منتديات الفكر المنحرف المضلِّل ، فهي لا تخفي تألّمها — هذه الأيام - من سماع الأغلبية الصامتة وهي تؤمِّن بحرارة على الدعاء على العلمانيين واللبراليين ، بصراحة أو على طريقة : كاد المريب أن يقول خذوني ! .

ويطالبون بمنع الدعاء العام الذي لم يخصِّص اسماً أو يذكر شخصاً ! وكأنَّ الأغلبية الصامتة ستغيِّر قناعاتها بمجرد سكوت القانتين عن الدعاء على مروجي الفكر المنبوذ .

7) في ظل ما سبق تتوارد على الذهن سلسة من مشاهد ( الخَوَر اللعين ) ، تعمّدتْ التسميات الإسلامية رمزاً لأعمال تفتقد الشرعية ؛ فمن رواية : ( ريح الجنّة ) ، إلى مسلسل : ( الحور العين ) .. إلى السخرية برموز العدالة ( قضاة الشريعة ) و رموز الأمانة العلمية ( أهل العلم والفتوى ) .. إلى الرواية القذرة المسمّاة زوراً : ( بنات الرياض ) ، وما نعرفه عن بنات الرياض بهذا الإطلاق هو أنَّ أكثر من مائة ألف منهن تحتضنهن حلقات تحفيظ القران الكريم ومحاضرات الجمعيات الخيرية على اختلاف مناشطها .. والأمر صار أشبه بالموضة !.

حتى إنَّ مقدماً إذاعياً ، وصف نفسه بأنَّه ليس سوى : " مراقب ، وصحافي ، أبدي ملاحظات عابرة " ، تحدّث في مقال له ذكر فيه بنات أندونيسيا ، وعنون له بـ ( الحور العين ) ! تساءلت : هل رواية (ريح الجنة) و مسلسل (الحور العين) .. وجهان لعملة واحدة ؟!.

وعجيب أن يطلب منا الانتظار حتى تكتمل المسلسلات ثم نحكم ، وكأننا ننتظر طرحا من مفكرين أو مخرجين جدد ، لا نعرف من ماضيهم جزءاً من سطر ؟! .

تساءلت : هل خرجت هذه ( العناوين ) من خلفية واحدة ذات واجهات متعددة ! صالحة للترويج ! وهل لدى أصحابها ما يجعلنا نقرأ ما بين سطورها وفق قاعدة حسن الظن ؟!.

أم أن القاعدة المناسبة لقراءة هذه ( العنونة ) هي القاعدة المروية عن عمر رضي الله عنه : ( اتقوا الناس بسوء الظن ) ! .

ولا شك أن لكل قاعدة مقاما ، فالذي وجَّه إلى القاعدة الأولى هو - حسب الروايات - الذي طالب المسلم بالتماس العذر للإخوان ، وهو هو الذي وجه للقاعدة الثانية ، فسجل التاريخ لنا كيف تعامل مع صبيغ ! .

وتساءل كثيرون : لم يتحدث المتهمون في الدين - من الصحفيين مثلاً - في أمور الدين ؟.

حتى إنّ أحدهم سألني عن كاتب صحفي وصفه — متعجباً - بأنَّه ذو لحية ويتهجّم على أهل العلم حتى نال من الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله .. فاكتفيت بجوابه بأنّ اللحية واجب ديني ، لكنها ليست معيار الدِّيانة والورع ، ولا أظن صاحبك أكبر لحية من حاخامات يهود و لا من البابا شنودة ! والباطل مردود على صاحبه مهما كان مظهره .. ردّ هذا الرجل ، ووجه يتغير كالمستقذر : والله إنّ مئات الحليقين من أهل الخير أحبّ إليّ من هذا المسكين .

8) أتمنى أن يقرأ المفخفخون باللبرالية من كتّاب وممثلين — بضمير حي - القرآنَ الكريم ، قراءةَ باحث عن النجاة فيما بعد الموت .. من أجل تأمين مستقبل نؤمن به عقلاً وشرعاً ، و لا يملكون دليلا على إنكاره .

وإذا لم ترق لهم هذه الإحالة الغالية ، فلا أقل من أن يقرؤوا لباتريك جيه بوكانن ، الكاتب الأمريكي المتشبع بالوطنية ، والذي اتتقد أفكار التقرير — سابق الذكر — في عدد من كتبه ومقالاته ، قبل صياغة التقرير وبعده ! ،أو من جور فايدال أو مايكل مور ، ليتعلموا منه معنى الوطنية الحقيقية ، وكيف يمارسها الأحرار في كل الأمم ! .

بل يمكنهم أن يتعلموها حتى من تشومسكي الذي يحتفل به بعضهم ، فهو من الأمريكيين الوطنيين - وإن كان يتبعج حقدا على الإسلام وأهله ، لأنه نزعه عرق صهيوني - ، وليقرؤوا للأستاذ جون أسبيزيتو ، ليتعلموا منه الأمانة العلمية والاتزان الثقافي واحترام المتلقي .

وكم هم الكتّاب الغربيون الذين نتمنى أن نجد في بني جلدتنا المهزومين من يحظى ببعض ما لديهم من الاعتزاز بأمتهم ! .
و هذه درجة لا يبلغها إلا الأحرار ! .

اللهم اهد ضال المسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله ومن اقتفى أثره واتبع سنته إلى يوم الدين .
 

كتبه / سعد بن مطر العتيبي

 

د.سعد العتيبي
  • مقالات فكرية
  • مقالات علمية
  • أجوبة شرعية
  • الصفحة الرئيسية