اطبع هذه الصفحة


حدث استوقفني في معرض الكتاب الدولي بالرياض!

سعد بن ضيدان السبيعي


بسم الله الرحمن الرحيم


من أول يوم من أيامه وفي الصباح الباكر حرصت على زيارة معرض الكتاب وشراء وجلب الكثير من الكتب أخذاً بوصية أبي الطيب المتنبي (خير جليس في الزمان كتاب*تسلو به إن خانك الأصحاب)وما أكثر في وقتنا الأصحاب الذين غيروا وبدلوا،وقلبوا لصاحبهم ظهر المجن!
فبادرت وسارعت بزيارته وشراء الجديد منه حتى لا ينطبق علي لا سمح الله مقولة (أمة اقرأ لا تقرأ)على ما في هذه الجملة من حيف،وتكذيب مني لما نسب إلى وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان في ما يسمى بنكسة 1967 :(العرب أمة لا تقرأ)!
وبينا أنا أصول وأجول بين دور النشر والكتب، إذ بعيني تقع على كتاب حرص بائعه وعارضه على إبرازه وإظهاره فجعله في متناول يد كل غاد ورائح!
قرأت اسم راقمه فلم يكن هذا الاسم غريباً علي فقد ألفته وطرق مسامعي قبل،فأعدت قراءة اسمه مرات وكرات وما هي إلا لحظات حتى أسعفتني ذاكرتي بصورته آآآآه أجل إنه هو!
إنه صاحبي وزميلي لقد كنا قبل سنيات معدودات ندرس معاً في الجامعة قبل أن تنقطع عني أخباره ،وتفرقنا صوادف الدهر ومشاغله، ويذهب كل منا إلى حال سبيله!
نعم إنه هو بشحمه ولحمه زارني وزرته في بيته ومكتبته، قرأنا على المشايخ سوياً، وعلمني كيف أخرج حديثاً من (المعجم المفهرس)،نعم إنه هو كأني أراه الآن وهو جاثياً على ركبتيه يقرأ على شيخنا من (صحيح البخاري)!
كلمات قالها لنا –مازلت كأني أسمعها منه الساعة-عندما غاب المحاضر فما كان منه إلا أن أغلق باب القاعة وبدأ يذكرنا ويعظنا وينقل لنا مقولة الإمام أحمد:(من داوم على ترك صلاة الوتر رجل سوء).
لقد ارتسم اسم صاحبي بل وصورته على غلاف كتابه المزركش الذي كان يتحدث فيه عن المرأة فسرعت بشرائه فماذا عساه يقول ويكتب في هذا إلا كل خير فهو من دعاة الخير والفضيلة،عهدي به طالب علم ،وخطيب مصقع مفوه؟!
وبمجرد قراءتي للصفحات الأولى من كتابه لا أكتمكم سراً أحسست بخيبة أمل انعقد لساني وأنا أحوقل وأتمتم باسمه!
وسرح خيالي بعيداً ورجع بي إلى الوراء إلى تلك الأيام الخوالي التي جمعتني به في طلب علم أو دعوة لخير،فياليتني ما دريت بكتابه، ولا قرأته واقتنيته!
فقمت مرة أخرى بتقليب صفحات الكتاب عجلاً على غير هدى- الذي لم يخلو من حق مع كثرة باطل ودساً للسم بالعسل- فرجع البصر حسيراً!
أحقاً هذا ما سطرته يد صاحبي، ما لذي دهاه لقد تغير أم الزمان هو الذي تغير؟!فما كان يراه ممنوعاً بالأمس يستهجنه وينكر على من وقع فيه ويرشده ،أصبح اليوم مباحاً بل حقاً مشروعاً،يدعو إليه وينافح عنه!
اليوم هو زوراً وبهتاناًً من دعاة الخلوة البريئة،والاختلاط المباح ،والتثقيف الجنسي ،وتعليم الرومانسية!
فباليته أغمد قلمه،ووسعه بيته ، ولأن يكون مغموراً في سبيل الدعوة إلى الخير والفضيلة،خيراً له من أن يكون رأساً في الشر أو داعياً إليه غير أن له عقلاً- إن شاء الله- لا يسلمه إلا إلى خير،عجل الله فيئته.
في معرض الكتاب الدولي وبكثرة رأيت كتباً ورويات-وما خفي أعظم- لم تكن أحسن حالاً من كتابي صاحبي،تدعو للرذيلة،وتحارب الفضيلة ،بل وتسخر بالذات الإلهية ،فماذا يريد أصحابها من تسطيرها ورسمها؟!وما لذي جنوه؟!وهم من بني جلدتنا وملتنا، ويتكلمون بألسنتنا!
هل هي حملات مغرضة،وأقلام مأجورة؟!أصحابها من (زوار السفارات)!
أم من باب طلب الشهرة والأضواء ومن باب (خالف تعرف) ؟! أو على حد قول المثل (بل في زمزم تشتهر)و(بين رأسك ولو بخزية)؟!
أم شبهة عرضت ،ووسوسة شيطان حصلت ؟! لا تنقشع إلا ببيان تهافتها و وهائها، أو (بدِرة عمر)رضي الله عن عمر!
ألا شاهت تلك الوجوه،وكسرت تلك الأقلام التي كتبت الباطل وروجت له،ومحيت تلك الصحف والطروُس والرويات التي سُودت بالفساد والفسق وصفق لها،وزالت تلك الدور والكتب التي طبع فيها الشر ونشرته،فقد تطاولت على أمر الله وشرعه،فلا عجب إذا غار المصلحون،حتى لا تغرف سفينة النجاة،فإن الأخذ على أيدي هؤلاء وأطرهم على الحق ،واجب ينجو به الجميع،ومتى ما تُركوا وما أرادوا غرقت السفينة بمن فيها.


كتبه/
الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية
سعد بن ضيدان السبيعي
1/4/1432هـ

 

سعد السبيعي
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • دراسات حديثية
  • دراسات في الفقه
  • دراسات في العقيدة
  • الفوائد العلمية
  • التاريخ والتراجم
  • الصفحة الرئيسية