اطبع هذه الصفحة


الشيخ عبدالوهاب وشارع الشانزلزيه

سعد بن ضيدان السبيعي


بسم الله الرحمن الرحيم


عيدكم مبارك ,وتقبل الله منا ومنكم ,وكل عام وأنتم بخير,في شهر رمضان المبارك لعام 1432هـ, وتحديداً يوم الاثنين الخامس عشر منه, قدر لي زيارة (باريز) باريس عاصمة فرنسا وكان في استقبلنا في محطة القطارات الأخ عبدالوهاب ,وأحمد الفرنسيين .
عبدالوهاب الفرنسي شاب في الثلاثين من عمره من مواليد فرنسا وهو من أصول إفريقية يتكلم اللغة العربية بطلاقة أكثر وأحسن حالاً من كثير من العرب أنفسهم!
وكان يفتخر بزيه ولباسه فيلبس الثوب ويضع على رأسه طاقية مزركشة,وأما صاحبه أحمد الفرنسي فعمره لا يتجاوز الثالثة والعشرون ربيعاً ,وهو كصاحبة من مواليد فرنسا ومن أصول إفريقية ولا تكاد تستبين منه كلمة عربية.
وبعد أخذ ورد وتجاذب لأطراف الحديث أخبرني عبدالوهاب أو (عبده كما يحلو لصاحبه أحمد الفرنسي أن يسميه) أنه إمام مسجد في فرنسا وأنه يصلي بالناس صلاة التراويح وأنه يقرأ بهم كل يوم جزءاً من القرآن يقرأ حزباً وإمام أخر يقرأ حزباً,فهو في تلك الليلة في (منتصف رمضان) سيقرأ سورة الإسراء,وطلب مني أن أصلي بهم الشفع والوتر فعتذرت منه بأنه لا ثوب معي, فوعدني بثوب يهبه لي كي أصلي بهم!
وإن تعجب فعجب أن عبدالوهاب كان حافظاً متقناً لا يراجع ولا ينظر في المصحف قبل صلاة التراويح ولا يكاد يفتح عليه من خلفه من المصلين!
وليس هذا فحسب بل عنده ثلاثة إجازات في ثلاثة قراءات ولازال في الرابعة,فهو يقرأ برواية (حفص عن عاصم) ,ويقرأ برواية (قالون عن نافع), ويقرأ برواية (ورش), ولازال في القراءة الرابعة برواية( الدوري عن أبي عمرو) ,فهو مجاز في هذا بل ويجيز غيره ممن قرأ عليه,وقد اطلعت على شيء من ذلك بنفسي.
حدثني الشيخ عبدالوهاب أنه لا يرغب بالبقاء في فرنسا فهو يريد بلداً إسلامياً يعيش فيه, وأنه سعى في القبول في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية إلا أن الحظ لم يحالفه,غير أنه مازال يطمح لذاك ولم يفقد الأمل.
وأسر إلي أن بعض المعالم السياحية في (باريز) ,والتي يقيم لها السواح من العرب والعجم وزناً, ويحرصون على زيارتها وأخذ الصور التذكارية فيها, والتفاخر برؤيتها وإخبار الغادي والرائح بذاك عند رجوعهم لأهليهم, لاتستهويه ولا يرفع بها رأساً!
فهو مثلاً ومنذ ولد بفرنسا يسكن في ضواحي (باريز) ومنذ ثلاثين سنة لم يأت شارع (الشانزلزيه)الشهير, فضلاً أن يحتسي فنجان من القهوة على رصيفه,هكذا حدثني!
أما صاحبه أحمد الفرنسي فهو يحفظ الكثير من القرآن وقرأ علي من أول سورة المائدة, لقد وجدت من الشيخ المقريء عبدالوهاب الفرنسي الحياء وحسن الخلق, وصدق الديانة, وكرم الضيافة.
هناك وفي (باريز) لمست ووجدت إن الإسلام اجتاحها وسرى فيها وانتشر بين أهلها, وذاك مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم لن يبقى بيت وبر ولامدر إلا دخله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل,وبوجود رجال أمثال عبدالوهاب وأحمد .
هناك وفي (باريز) رأيت المساجد مشيدة والمواعظ تلقى على المصلين دبر الصلوات المكتوبات ورأيت كتب السنة والحديث والتوحيد والتفسير تباع في الأسواق ورأيت أشرطة الكاسيت من محاضرات وقرآن ,هناك وجدت نساء مسلمات يعتززن بحجابهن, يوم أن ضيعت بعض الفتيات حجابها وهي تعيش في بلد إسلامي!
بل اليوم وفي قناة الجزيرة خبر بأن في فرنسا وحدها أكثر من ألفي مسجد ومصلى..ولن تعدم الأمة خيراً مادام فيها أمثال الشيخ عبدالوهاب النقي التقي وصاحبة أحمد الزكي وأمثالهما ممن جسدوا الإسلام واقعاً ملموساً في حياتهم.
فسلام عليك ياعبدالوهاب وعلى أمثالك من الرجال وطبت حياً وميتاً ونضر الله وجهك وثبتك الله في دنياك وآخرتك, وإلى لقاء قريب بإذن الله...
 

وكتب
سعد بن ضيدان السبيعي
الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية
2/10/1432هـ
s-subaei@hotmail.com



 

سعد السبيعي
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • دراسات حديثية
  • دراسات في الفقه
  • دراسات في العقيدة
  • الفوائد العلمية
  • التاريخ والتراجم
  • الصفحة الرئيسية